بعد تزايد الضغوط عليه.. هل يفرّ حزب الله إلى إسرائيل؟

بعد تزايد الضغوط عليه.. هل يفرّ حزب الله إلى إسرائيل؟


06/10/2020

نجح الحليفان الشيعيان حزب الله وحركة أمل في عرقلة الحكومة اللبنانية برئاسة الدبلوماسي مصطفى أديب، وفيما يتأزم الموقف اللبناني أكثر مع تعطيل المنح الدولية التي ارتبط ضخها بتشكيل الحكومة، بحسب المبادرة الباريسية، فإنّ حزب الله وجد الوقت المواتي للقفز إلى إسرائيل، عبر إعلان رئيس البرلمان وزعيم حركة أمل نبيه بري عن ترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل.

اقرأ أيضاً: من هو عدو "حزب الله"؟

وعلى الرغم ممّا يمثله ترسيم الحدود من أهمية لدى لبنان، حيث يسمح لها بالتنقيب عن النفط في مياهها الإقليمية دون مناوشات مستمرة مع العدو، غير أنّ الجلوس إلى طاولة حوار واحدة مع ذلك "العدو" لم يكن ليمرّ بأقلّ ضرر ممكن على حزب الله وشعاراته بالمقاومة، دون موقف متأزم كهذا.

كما يضع غياب الحكومة المفاوضات التي تبدأ في 14 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري بقيادة الجيش اللبناني في مأزق؛ إذ يفترض أن يعود الجنرالات بما حملوه من تلك المفاوضات إلى الحكومة اللبنانية، التي يترأسها التيار السنّي وفق المحاصصة، وكذلك إلى البرلمان بزعامته الشيعية، وإلى رئيس الدولة المسيحي.

ومباشرة حكومة تسيير الأعمال، المغضوب عليها من الشارع والتيار السنّي، للاتفاقية، إنما يعكس اعوجاجاً في ميزان القوى، ما يعكس حلقة جديدة من صراع أو مراوغة الطوائف، والذي يتصدره حزب الله وحركة أمل، ففيما يعرقلان الحكومة تمسّكاً بحصتهما وهيئتها التاريخية من المحاصصة، ينقضّون عليها إبّان توقيع اتفاق حسّاس كهذا.

 

مباشرة حكومة تسيير الأعمال، المغضوب عليها من الشارع والتيار السنّي، للاتفاقية، إنما يعكس اعوجاجاً في ميزان القوى، ما يعكس حلقة جديدة من صراع أو مراوغة الطوائف

 

في المقابل، لا تأتي الرياح مواتية تماماً لحزب الله وحليفه حركة أمل، فهما يواجهان غضباً في الشارع، أعطت لمحة عنه تظاهرة في الجنوب قبل أيام، حيث مناطق سيطرة حزب الله، تطالب بسحب السلاح من الميليشيات وحصره بيد الدولة ممثلة بالجيش.

وكالعادة، لم يتورّع حزب الله عن التلويح بمواجهة طائفية وشعبية واسعة؛ إذ في مقابل من خرجوا للتنديد بموقف حزب الله، اصطف آخرون من عناصر الحزب أو مواليه، مهاجمين الجيش الذي وقف يحمي المتظاهرين، وملقين بتهم الخيانة والعمالة على من يطالبون بحصر السلاح بيد الدولة.

اقرأ أيضاً: تزامناً مع كلمة نصر الله.. لبنانيون يهاجمون حزب الله ويتهمونه بعرقلة الإصلاح

ويأتي ذلك المشهد عقب أيام فقط من تلويح زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بتكرار أحداث العنف في  أيار (مايو) 2008، حين سيطر الحزب على بيروت بالقوة، فيما حقن زعيم التيار السنّي سعد الحريري الدماء، إلى أن تدخلت قطر بمبادرة.

وقال نصر الله نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، بعد اعتذار دياب عن تشكيل الحكومة: "يجب أن نكون في الحكومة كي نحمي ظهر المقاومة، كي لا تتكرّر حكومة 5 أيار (مايو) 2008". 

وكان رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري قد علّق على ذلك قائلاً: من الملفت في رواية الأمين العام لحزب الله أنها تعمّدت افتعال اشتباك طائفي بين رئيس الجمهورية وبين رئيس الحكومة المكلف، بزعم التعدّي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية لمصلحة رئاسة الحكومة وما تمثل، وهو الأمر الذي لا أساس له من الصحة...".

 

كالعادة، لم يتورّع حزب الله عن التلويح بمواجهة طائفية وشعبية واسعة، إذ في مقابل من خرجوا للتنديد بموقف حزب الله، اصطف آخرون من عناصر الحزب أو مواليه لتأييده

 

وأضاف: لم يكن السيد نصر الله موفقاً في العودة إلى أحداث أيار للتذكير بالاعتداء الذي تعرّضت له بيروت، وهو ما قرأه اللبنانيون تهديداً غير مقبول، وتلويحاً باستخدام الفوضى والعنف والفلتان الأمني، وهي التي لا تستثني أحداً من مخاطرها.

التيار الوطني

وإلى جانب ضغط الشارع، يواجه التيار الوطني الحر، حليف حزب الله، ضغوطاً، ما قد يدفعه إلى فكّ ارتباطه، ولو مرحلياً، بحزب الله، عبر الدعم غير المشروط لحكومة تكنوقراط، والتي تمثلها المبادرة اللبنانية أو غيرها من الأساليب التي تعكس تراجع التيار خطوات عن الحزب، ومواقفه الصدامية.

اقرأ أيضاً: بدعم إيراني.. حزب الله يوسع شبكته الإرهابية في أوروبا

وتضرب تلك الضغوط التيار من جهات عدة، أوّلها داخلياً، ونشر موقع لبنان 24  أمس أنّ التيار "الوطني الحر" لم يحسم بعد خياره السياسي النهائي. فمن يراقب حراك التيار في الأسابيع الأخيرة يلاحظ حالة التوتر المسيطرة على قياداته وعلى المواقف التي يسعى إلى تظهيرها عبر وسائل الإعلام. ولعلّ هذا الضياع ناتج عن الإرباك الذي يقف أمامه التيار عاجزاً في القضايا الإشكالية البارزة على الساحة اللبنانية.

ونقل الموقع عن مصادر داخل التيار معاناته من الخلاف بين الأطر الحزبية والمتمثل بالانقسام الذي لم يخرج بعد إلى العلن، حول الخيارات الممكنة لـ"الوطني الحر"، إذ يبدو أنّ البعض يرى أنّ التحالف مع "حزب الله"، وخصوصاً بعد دعمه الأخير لحركة "أمل"، لا يصبّ في مصلحة التيار العوني، ومن الواجب فكّه، أو على الأقلّ التمايز عن الحليف في القضايا الداخلية الاقتصادية والسياسية، في حين يرى آخرون أنّ العكس هو المطلوب، وعلى التيار أن يحسم خياراته إلى جانب "حزب الله"، والسير معه في المواجهة، إن وقعت، معللاً ذلك بأنّه لا مكان لـ"الوطني الحر" بين باقي الأفرقاء في لبنان.

اقرأ أيضاً: ما قصة مافيا العائلات في ألمانيا... وما علاقة حزب الله؟

وفي غضون ذلك، تقف القوات اللبنانية، غريمة التيار الوطني، في الجهة المقابلة، حيث ترفض المحاصصة أو النزعات الطائفية في هذا التوقيت، ويزور قائدها سمير جعجع فرنسا حالياً.

وقد رفضت القوات اقتراحاً بعقد لقاء مسيحي من قبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لإعادة الوئام بين الحركتين المسيحيتين، وقالت القوات، بحسب لبنان 24: إنّ الأزمة التي تواجه لبنان اقتصادية وليست طائفية لتتمّ مواجهتها بلقاءات مسيحية ـ مسيحية أو سنّية، (...) البطريرك الراعي طرح موضوع الحياد، وقد لاقى تأييد معظم الطوائف والقوى السياسية اللبنانية، وهو طرح إنقاذي، ليس للموارنة ولا للمسيحيين، بل لكلّ اللبنانيين، فعندما طُبّق الحياد بين سنتي 43 و69 شهد لبنان ازدهاراً واستقراراً واستثماراً وكان سويسرا الشرق الأوسط، وبالتالي ما يطرحه البطريرك هو لجميع اللبنانيين من دون استثناء، فماذا يفيد بمكان ما دعم طرحه من قبل فئة واحدة؟ المطلوب أن يحتضن الجميع دعوته إلى الحياد، والدفع باتجاه ترجمتها على أرض الواقع، لأنّ الحياد هو إنقاذ لكلّ لبنان.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية