بعد لقاء السيسي وأردوغان... ما الخطوة المقبلة في مسار التطبيع بين البلدين؟

بعد لقاء السيسي وأردوغان... ما الخطوة المقبلة في مسار التطبيع بين البلدين؟

بعد لقاء السيسي وأردوغان... ما الخطوة المقبلة في مسار التطبيع بين البلدين؟


14/09/2023

للمرة الثانية التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الأحد الماضي، على هامش اجتماعات قمة الـ (20) في الهند، بعد المصافحة التاريخية التي جمعتهما في قطر إبّان احتفالات كأس العام في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، في لقاء اعتبره مراقبون خطوة جديدة على مسار التطبيع بين البلدين بعد أعوام من الخلاف والمشاحنات السياسية.

ويعكس مستوى التقارب بين مصر وتركيا العديد من المؤشرات حول طبيعة التفاهمات التي جرت خلال الفترة الماضية، فيما يتعلق بالملفات التي مثلت محور الخلاف بين القاهرة وأنقرة لما يزيد عن عقد، وفي مقدمتها ملف الدعم التركي لجماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن الخلافات الإقليمية حول الملف الليبي ومياه شرق المتوسط.

ماذا دار في الاجتماع؟

قال السفير التركي في مصر (صالح موتلو شن) الإثنين: إنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصف اللقاء مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، الذي عُقد على هامش قمة الـ (20) التي أقيمت في الهند، بأنّه كان "إيجابياً للغاية".

التقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش اجتماعات قمة الـ (20) في الهند.

وأوضح السفير التركي عبر منصة (إكس) أنّ "أردوغان أثناء عودته من زيارته للهند، وأثناء تلقيه أسئلة الصحفيين في طائرة العودة، تمّ تذكيره بلقائه مع الرئيس المصري، وتوجيه هذا السؤال إليه: "لقد التقيتم في قطر عام 2022، لكنّه الآن أصبح اجتماعاً رسمياً، كيف كان هذا اللقاء؟ وهل برزت زياراتكم المتبادلة في هذا اللقاء؟".

قال السفير التركي في مصر صالح موتلو شن: وصف الرئيس التركي اللقاء مع نظيره المصري، والذي عُقد على هامش قمة الـ (20) التي أقيمت في الهند، بأنّه كان "إيجابياً للغاية"

وتابع: "ردّاً على السؤال، ذكر الرئيس (التركي) أنّ اللقاء كان إيجابياً للغاية، وتمّ طرح مسألة الدعوة للزيارة أيضاً".

وبحسب السفير، قال الرئيس التركي: "قمنا بتكليف وزراء خارجيتنا ورؤساء استخباراتنا، وسيعقدون محادثات متبادلة مع بعضهم البعض، بالطبع، إنّهم ينتظرون زيارتنا أوّلاً، لكنني قلت: نحن في انتظاركم، ولم يتم تحديد موعد".

وأضاف: "أصدقاؤنا من الوزراء ورئيس الاستخبارات سيناقشون التاريخ المرتقب للزيارة، وسنتخذ خطواتنا على هذا الأساس، وقلت لهم إنني سأقبل قريباً أوراق الاعتماد التي سيقدمها السفير الذي تم تعيينه بأنقرة، وسنقوم بتقارب العلاقات بين تركيا ومصر على الوجه الذي يجب أن تكون عليه، وفي أقرب وقت ممكن".

يأتي ملف الإخوان باعتباره الملف الأصعب في العلاقات التركية المصرية

وقال: "يتمتع كلا البلدين بإمكانات اقتصادية وتجارية كبيرة، وسنعمل على مضاعفة حجم التجارة الثنائية، كما تعلمون، لقد قمنا بإنشاء مجلس تعاون استراتيجي، وسنعمل على إحيائه، والارتقاء بعلاقاتنا إلى أكثر من ذي قبل، وسنتمكن من تحقيق نتائج إيجابية في العديد من مجالات المشاكل الإقليمية، وخاصة في القضية السورية".

أولويات مصر

ومن جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمي، في بيان نشره عبر صفحته على (فيسبوك) الأحد: إنّ الرئيسين، السيسي وأردوغان، "أكدا أهمية العمل من أجل دفع مسار العلاقات بين البلدين، والبناء على التقدم الملموس في سبيل استئناف مختلف آليات التعاون الثنائي".

وأضاف المتحدث أنّ السيسي وأردوغان "أعربا عن الحرص على تعزيز التعاون الإقليمي، كنهج استراتيجي راسخ، وذلك في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والنوايا الصادقة، وبما يسهم في صون الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط".

وأردف فهمي أنّ "اللقاء تناول تبادل الرؤى بشأن تطورات الأوضاع الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن سبل تكثيف التشاور والتنسيق بين البلدين لتعزيز مجمل جوانب العلاقات الثنائية، بما يصب في صالح الدولتين والشعبين".

مؤشرات التقارب

يقول الكاتب المصري المختص بالشأن السياسي حسين القاضي لـ (حفريات): إنّ اللقاء الثنائي بين الرئيسين، فضلاً عن المفاوضات المستمرة، والتصريحات التي تعكس تطوراً إيجابياً في القضايا الخلافية، يؤشر إلى أنّ المنطقة تشهد إعادة تشكيل بين دولها، وقد أسهمت في ظهور تحالفات جديدة بين الدول بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية، وخصوصاً تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا.

التقارب بين تركيا ومصر من ناحية، وكذلك تركيا ودول الخليج من ناحية أخرى، يأتي مدفوعاً بالعديد من الضغوطات التي تواجهها أنقرة، وفي مقدمتها أزمة الاقتصاد والضغوط التي يواجهها حزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بضعف وانهيار السياسيات الخارجية التركية إبّان الأعوام الأخيرة من حكم أردوغان؛ نتيجة انتهاج سياسات العداء مع دول الجوار، وتقديم الدعم للجماعات المتطرفة، بحسب القاضي.

 

حسين القاضي: اللقاء الثنائي بين الرئيسين، فضلاً عن المفاوضات المستمرة، والتصريحات التي تعكس تطوراً إيجابياً في القضايا الخلافية، يؤشر إلى أنّ المنطقة تشهد ظهور تحالفات جديدة بين الدول بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية، وخصوصاً تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا

ويتوقع القاضي أن تكون الخطوة المقبلة على مستوى العلاقات بعد تعيين سفراء للبلدين، هي تبادل الزيارات الرئاسية وتوسيع التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين.

وبحسب القاضي، يأتي ملف الإخوان المسلمين باعتباره الملف الأصعب في العلاقات التركية المصرية، حيث تعتبر تركيا مناصرة لهم، ووفرت لهم منصة كانت تنطلق منها قنوات تلفزيونية معارضة للنظام المصري، وهو ما زاد من التعقيدات السياسية بين البلدين.

كيف ينعكس التقارب على جماعة الإخوان؟

يقول القاضي: إنّ التقارب المصري التركي يؤكد أنّ جماعة الإخوان مجرد أداة وظيفية في أيدي بعض الأنظمة يتم الاستغناء عنها بمجرد انتهاء وظيفتها، كما تجد الجماعة نفسها اليوم،  الخاسر الأكبر من هذا التقارب، لأنّه لن تستطيع أن تنقلب على تركيا وتصف أردوغان بأبشع الاتهامات التي وصفت بها غيره ممّن تعاون مع مصر، ممّا ينتج عن هذا التصرف اضطراب نفسي وفكري كبير في صفوف الجماعة، يهز عقل الجماعة، لا سيّما أنّ التقارب بين الدولتين لم يحقق ما تمنته الجماعة من "أنّ التقارب يحقق الخير للإخوان بوساطة تركية"، كما تمنّى إبراهيم منير ـ قبل وفاته ـ في تصريح لقناة (الجزيرة).

في حين ينتظر البلدان تبادل الزيارات على مستوى رئاسي، إلّا أنّ موقف تركيا تجاه الإخوان ما يزال يتسم بالغموض الشديد

وبحسب القاضي، تعيش جماعة الإخوان في الوقت الراهن أزمة مركّبة، ففي حين تستمر الخلافات الداخلية بين قادتها على قيادة التنظيم، وتنعكس بشكل كبير على هشاشة بنيته وانهيار هيكله، تأتي خطوات التقارب المصري التركي سريعة وثابتة، ممّا يؤثر بالسلب تماماً في قدرتها على الحركة والتأثير، فيما يبدو التنظيم في الوقت الراهن مُنهاراً تماماً، ولا يملك أيّ قدرة على تحقيق حراك حقيقي، فيما عدا الدعاية والشائعات عبر المنصات الإلكترونية وبعض الفضائيات التابعة له.

من المتوقع أن تكون الخطوة المقبلة على مستوى العلاقات بعد تعيين سفراء للبلدين، هي تبادل الزيارات الرئاسية، وتوسيع التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين

ويشير القاضي إلى أنّ تركيا، ورغم تطور تفاهماتها مع مصر، وفي حين ينتظر البلدان تبادل الزيارات على مستوى رئاسي، إلّا أنّ موقفها تجاه الإخوان ما يزال يتسم بالغموض الشديد، وحتى اليوم لم تتحدث أيّ جهة رسمية من داخل تركيا عن ملف تسليم المطلوبين من عناصر التنظيم، ويبدو أنّ أنقرة قد اكتفت بالتضييق على النشاط الإعلامي للتنظيم على أراضيها، ولا ترغب في القيام بإجراءات أخرى في هذا الصدد.

مواضيع ذات صلة:

لقاء أردوغان والسيسي مؤشر على نهاية عصر الدعم التركي للإخوان

مصافحة السيسي وأردوغان.. خبراء: هدف حاسم في مونديال قطر

تركيا تدعم تقاربها مع مصر بضربات للإخوان... هذه تفاصيلها

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية