تصريحات متناقضة لمسؤولين أتراك.. هل تتسبب في إفشال مباحثات القاهرة؟

تصريحات متناقضة لمسؤولين أتراك.. هل تتسبب في إفشال مباحثات القاهرة؟


12/05/2021

بالرغم من الحرص الشديد الذي أبدته تركيا في التقارب مع مصر على مدار الأسابيع الماضية من خلال تصريحات لمسؤولين وتحركات على الأرض مهدت الطريق لبداية المناقشات التي تمت في القاهرة يومي 5 و6 أيار (مايو) الماضي، إلا أنّ التصريحات الرسمية التي أعقبت اللقاء الدبلوماسي لم تعكس تقدماً في المفاوضات، فيما وصفها مراقبون بأنّها "عودة لسياسيات الماضي" من جانب تركيا.

اقرأ أيضاً: أمير قطر يزور السعودية... هل لتركيا علاقة؟

وكان التصريح الأبرز تعليقاً على اللقاء من نصيب الرئيس التركي، الذي قال في تصريحات صحفية أعقبت صلاة الجمعة نقلتها وكالة الأناضول التركية الرسمية: "نسعى لاستعادة الوحدة ذات الجذور التاريخية مع شعب مصر ومواصلتها مجدداً"، وأضاف أردوغان: "تركيا دولة صامدة بكل شموخ وليست دولة يحدد الآخرون ما تفعله في السياسة الخارجية"، على حد تعبيره.

تصريح الرئيس التركي جاء بعد ساعات من انتهاء المناقشات الدبلوماسية التي جرت مع مصر، وسبقه هجوم حاد من مستشاره ياسين أقطاي على القاهرة، بسبب تنفيذ أحكام الإعدام بحق المدانين بقضية اقتحام قسم كرداسة وقتل الضباط، والمعروفة إعلامياً باسم "مذبحة كرداسة".

وحول مباحثات القاهرة، قال مصدر مطلع، لـ"حفريات" إنها كانت مناقشات أولية لاستكشاف إمكانية التعاون المشترك بين البلدين، في ضوء التعاون الإقليمي، وكذلك بحث الإجراءات المتعلقة بمدى التزام تركيا بالتوقف عن دعم جماعة الإخوان وتسليم المطلوبين من قياداتها إلى الجهات المختصة في بلدهم.

 

طارق أبو السعد:  تركيا ستضطر خلال الفترة المقبلة لتشديد إجراءات التعامل مع جماعة الإخوان في إطار مشروع التفاهم مع القاهرة

 

وأوضح المصدر أنّ المناقشات لم تحقق تقدماً في الملفات التي عرضت للمناقشة، مؤكداً أنّ النتائج ستظل معلقة على القرار التركي، مشيراً إلى أنّ بلاده متمسكة بشروطها خاصة فيما يتعلق بسحب كافة المرتزقة ووقف التدخل التركي في الأراضي الليبية أو ما يتعلق بملف الدعم التركي لجماعة الإخوان.

ووفق ما نقلته وسائل إعلام عربية عن مصادر قريبة من دوائر صنع القرار التركي، فإنّ أنقرة مترددة بشأن تسليم قيادات الإخوان المطلوبين لدى القاهرة ولا يزال القرار مرهوناً بالمواءمات التي تجري مع القاهرة.

اقرأ أيضاً: هل يفر الإخوان المسلمون من تركيا؟ وأين ستكون وجهتهم؟

وفي المقابل أعرب وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عقب مأدبة إفطار مع قيادات وجنود القوات التركية الخاصة مساء الأحد، عن ثقته بأنّ صداقة وعلاقة بلاده مع مصر ستعود إلى مستويات رفيعة قريباً، قائلاً إنّ ذلك يرعب البعض ويخيفهم. واعتبر أنّ تطور العلاقات بين بلاده ومصر سيكون مفيداً وضرورياً للغاية لكل من تركيا ومصر وليبيا.

في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنّ هناك إمكانية لعقد لقاء مع نظيره المصري سامح شكري في المرحلة القادمة، مشيراً إلى أنّ الوفدين؛ المصري والتركي، اللذين التقيا في القاهرة الأربعاء والخميس الماضيين، بحثا مصلحة البلدين، فضلاً على ملفات إقليمية. وأكد أنّ أيّاً من الوفدين؛ التركي أو المصري لم يفرض أي شروط لتحسين العلاقات.

ولم تبد أي مصادر رسمية مصرية بتصريحات حول اللقاء، واكتفت وزارة الخارجية بإصدار بيان رسمي عقب انتهاء المناقشات أكدت فيه أنّ المناقشات كانت  صريحة ومعمقة، حيث تطرقت إلى القضايا الثنائية، فضلاً عن عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا وسوريا والعراق، وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط.

 

طارق فهمي: تبدو القضايا الإقليمية بين مصر وتركيا معقدة، خصوصاً أنّ أي تقارب محسوب بينهما سيكون له تأثيرات ممتدة وفعالة ومباشرة على حدود العمل العسكري والاستراتيجي التركي

 

ويرى الباحث المختص في شؤون التنظيمات الإرهابية، طارق أبو السعد، أنّ تركيا تستخدم الإخوان كورقة في المفاوضات مع مصر، مشيراً إلى أنها شرعت بخطوات استباقية على الحوار بوقف بعض البرامج السياسية المعادية على المنصات التابعة للتنظيم، وأيضاً التضييق الأمني والسياسي على بعض القيادات.

وأوضح أبو السعد في تصريح لـ"حفريات" أنّ تركيا ستضطر خلال الفترة المقبلة لتشديد إجراءات التعامل مع جماعة الإخوان في إطار مشروع التفاهم مع القاهرة، موضحاً أنّ مصر متمسكة بشروطها في إطار المصالحة والتفاهم الاستراتيجي بين البلدين مشيراً إلى أنّ المناقشات تعمقت بشكل أكبر في بحث القضايا الإقليمية ذات التفاهم المشترك خاصة الملف الليبي وغاز شرق المتوسط.

وأكد أبو السعد أنّ الرئيس التركي لم يعد حليفاً للجماعة، وسوف يضحي بهم في إطار مصالحه الهامة في التعامل مع مصر والتنسيق بشأن الملفات الإقليمية، موضحاً أنّ أردوغان سيقدم الإخوان كقربان للتفاهم مع مصر. 

ومن جانبه يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، تبدو القضايا الإقليمية بين مصر وتركيا معقدة، ولا تتوقف عند حدود ملف بعينه، خصوصاً أنّ أي تقارب محسوب بينهما سيكون له تأثيرات ممتدة وفعالة ومباشرة على حدود العمل العسكري والاستراتيجي التركي، وقد وصل الجيش المصري في مناوراته في إقليم شرق المتوسط إلى البحر الأسود أمام السواحل التركية. والسؤال، هل يمكن تصور رد الفعل المقابل من الأطراف الدولية على ما يجري؟ فروسيا على مقربة من تطورات الأوضاع في شرق المتوسط.

اقرأ أيضاً: مصالحات من اليمن وليبيا إلى تركيا

ويضيف في مقاله المنشور بعنوان "إلى أين تتجه العلاقات المصرية التركية" أنه سبق أن أجرت مناورات مع مصر، كما فعلت فرنسا أيضاً، وكانت رسائل القاهرة واضحة، وفي سياق من الحسابات السياسية والاستراتيجية، بالتالي فإنّ الحركة المصرية التركية ستعيد ترتيب الحسابات الكبرى للجانبين، وما يمكن للقاهرة أن تقدمه لأنقرة في إطار مصالحها التي تسعى إليها.

وساد الخلاف بين مصر وتركيا منذ 2013 خاصة بعد إسقاط حكم جماعة الإخوان إثر الثورة، وتقديم أنقرة دعماً مالياً ولوجسيتاً للجماعة التي نفذت عمليات إرهابية استهدفت مؤسسات الدولة المصرية.

في الآونة الأخيرة، أشار كبار المسؤولين الأتراك إلى تحسن العلاقات مع مصر، في تحول عن نهجهم النقدي الحاد السابق تجاه حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الثاني عشر من آذار (مارس) الماضي إنّ البلدين أجريا اتصالات "استخباراتية ودبلوماسية واقتصادية"، مضيفاً أنه يأمل في علاقات "قوية" بين البلدين.

بعد أسبوع من تصريحات أردوغان، طلبت حكومته من ثلاث قنوات تلفزيونية مصرية مقرها إسطنبول، مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، تخفيف تغطيتها السياسية الانتقادية للحكومة المصرية، وتوقفت القنوات التلفزيونية على الفور عن بث بعض البرامج السياسية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية