تعديلات مُرتقبة على دستور تركيا... ما الأهداف والتداعيات؟

تعديلات مرتقبة على دستور تركيا... ما الأهداف والتداعيات؟

تعديلات مُرتقبة على دستور تركيا... ما الأهداف والتداعيات؟


14/06/2023

وسط حالة من الغموض، تقترب الحكومة التركية من طرح تعديلات مرتقبة على الدستور، يتوقع أن تشهد مبادئ عامة لترسيخ نظام الحكم الرئاسي في البلاد، وتمديد مدة الحكم، بما يسمح للرئيس الحالي أردوغان بالبقاء في الرئاسة لفترتين إضافيتين.  

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن يوم 6 حزيران (يونيو) الماضي أنّه يعتزم طرح مقترحه لتعديل الدستور على التصويت في البرلمان.

وقال أردوغان في كلمة موجهة إلى الشعب، في أعقاب أول اجتماع للحكومة الجديدة: "سنطرح على البرلمان مجدداً مقترحنا بشأن إدخال التعديلات على الدستور، الذي تحدثنا عن أهميته قبل الانتخابات"، وفق شبكة "روسيا اليوم".

وأضاف أنّ "الدستور الجديد المرتقب سيكون من صنع الشعب بشكل مباشر، وسيُعدّ بالإجماع، وسيُطرح حتماً لتصديق الشعب عليه. ودعا أردوغان جميع الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية للمشاركة في إعداد الدستور الجديد، بمعزل عن التوجهات والإيديولوجيات، قائلاً: "الأسرة والتعليم والثقافة، ستشكل أساس رؤية تركيا المنشودة".

وكان أردوغان قد صرح في وقت سابق بأنّ تركيا بحاجة إلى دستور جديد يضمن تنمية البلاد لاحقاً، وأنّ إعداد التعديلات الدستورية مستمر، معتبراً أنّ الدستور التركي الحالي الذي تم تبنّيه عام 1982 "لا يتجاوب مع تحديات العصر"، على الرغم من إدخال عدد من التعديلات عليه.

تعديلات مرتقبة

وتوقع المحلل السياسي التركي إسلام أوزجان أن تشمل التعديلات المرتقبة تعديل مواد تتعلق بترسيخ نظام الحكم الرئاسي الذي يجمع الصلاحيات في يدٍ واحدة، وفرض الأمر الواقع على المعارضة للقبول به، وفق شبكة "سكاي نيوز".

أردوغان: سنطرح على البرلمان مجدداً مقترحنا بشأن إدخال التعديلات على الدستور، الذي تحدثنا عن أهميته قبل الانتخابات

ويرجح أوزجان أن يخطط أردوغان لإضافة فقرة تسمح له بالبقاء في الرئاسة لأكثر من فترتين، مشيراً إلى أنّ خطوات الرئيس تهدف دائماً لتعزيز موقعه، ولا أشك أنّه، حتى لو قبل بمشروع قانون يقلل من صلاحياته في بعض المجالات، سيتوازن وسيكون له تعويض كافٍ بزيادة صلاحياته في مجالات أخرى.

وبحسب أوزجان، تهدف التعديلات أيضاً إلى تحسين العلاقات مع الغرب، وأن يحظى أردوغان بشرعية أكثر كفاعل في النظام العالمي، وربما تشمل التغييرات موادَّ تسبِّب مشكلات في الاقتصاد.

المعارضة التركية: نحذّر من تحييد الرقابة القضائية والتشريعية للمحكمة الدستورية والبرلمان التركي تماماً بموجب التعديلات الدستورية التي يسعى أردوغان لطرحها على الشعب التركي في استفتاء عام

ويتوقع المحلل السياسي التركي أن تحمل التعديلات المرتقبة بعض الامتيازات للإسلاميين المحافظين داخل تركيا، خاصة فيما يتعلق بالحجاب أو بعض الامتيازات الأخرى.

وكان أردوغان قد اقترح في وقت سابق إجراء استفتاء لوضع ضمانة دستورية للحق في ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة والمدارس والجامعات.

وقال أردوغان في كلمة متلفزة مخاطباً زعيم حزب المعارضة الرئيسي كمال كيليجدار أوغلو الذي اقترح وضع قانون لضمان حق ارتداء الحجاب: "إذا كانت لديك الشجاعة، تعال، فلنخضع ذلك للاستفتاء، دع الأمّة تتخذ القرار".

ما موقف المعارضة؟ 

تعليقاً على دعوة أردوغان لتعديل الدستور، قالت المعارضة التركية إنّها مستعدة للتعاون، شريطة جدية المناقشات حول البنود التي يمكن أن تقدم خدمات جديدة للمواطنين، لكنّها حذرت أيضاً من استغلال الفرص لفرض بنود جديدة هدفها تعزيز السلطات الفردية. 

وفي تصريحات صحافية نقلها موقع (يني سولوق) التركي، حذّر نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، أردوغان توبراك، من تحييد الرقابة القضائية والتشريعية للمحكمة الدستورية والبرلمان التركي تماماً بموجب التعديلات الدستورية التي يسعى أردوغان لطرحها على الشعب التركي في استفتاء عام، وذلك خلال عرضه لأبرز التعديلات المتوقع إجراؤها على الدستور الحالي.

وقال توبراك: إنّ أردوغان طرح اقتراحه لدستور جديد بشكل مفاجئ، دون أن يشير في خطابه إلى الإصلاحات الاقتصادية الديمقراطية، التي كررها مراراً وتكراراً لمدة (3) أشهر.

 أزوجان: التعديلات الدستورية المرتقبة في تركيا قد تشمل بعض مواد تتعلق بترسيخ نظام الحكم الرئاسي الذي يجمع الصلاحيات في يد واحدة

وتوقع مستشار زعيم المعارضة أن تشمل التغييرات المتوقع إجراؤها تحييداً كاملاً للرقابة القضائية والتشريعية متمثلة في المحكمة الدستورية والبرلمان التركي، وسحب الالتزام بقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من الدستور، واختيار أعضاء الإدارات المحلية والبلديات والحكومة المركزية بالتعيين وليس بالانتخاب.

تعكس أجندة عمل الحكومة المقبلة، بحسب مراقبين، أهمية تعديل الدستور أوّلاً من أجل تنفيذ إجراءات من شأنها توسيع نفوذ أردوغان بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بأهمية السيطرة على المحليات والمناصب البلدية في الانتخابات المزمع إجراؤها في 2024

أيضاً تقييد المنظمات غير الحكومية أو إلغاؤها بالكامل، وإلغاء الضمانات الدستورية والقانونية للحقوق والحريات الأساسية، وإلغاء حق الانتخاب والترشح للأقليات العرقية، واشتراط موافقة الرئيس على الترشح لعضوية البرلمان، وإتاحة الفرصة للترشح لمنصب الرئيس مرات غير محدودة، وإزالة شرط الانتخاب بنسبة 50 + 1 وجولتين.

حكومة جديدة... ما دورها في تغيير سياسات الدولة؟ 

في 8 حزيران (يونيو) الجاري، أقسمت حكومة تركيا الجديدة اليمين الدستورية أمام أردوغان، بتشكيل جديد تماماً، وفيما تشير التوقعات إلى العديد من الملفات الثقيلة التي تنتظر جدول أعمال الحكومة، إلا أنّ الأولويات بحسب المعلن عنه، ستكون من نصيب الإصلاح الاقتصادي والتعديلات الدستورية. 

وتعكس أجندة عمل الحكومة المقبلة، بحسب مراقبين، أهمية تعديل الدستور أوّلاً من أجل تنفيذ إجراءات من شأنها توسيع نفوذ أردوغان بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بأهمية السيطرة على المحليات والمناصب البلدية في الانتخابات المزمع إجراؤها في 2024.

وبحسب تحليل نشره موقع (إنترريجورنال) للتحليلات الاستراتيجة، ستعمل الحكومة التركية الجديدة ضمن أولوياتها على محاولة الربط بين الحكومة ومشروع القرن التركي، حيث حاول الرئيس التركي أردوغان إضفاء الطابع الإيجابي على صورة الحكومة الجديدة، واعتبارها جزءاً من مشروع القرن التركي الجديد الذي يستهدف تعزيز مكانة تركيا عالميّاً، وفي الوقت ذاته التكريس لرؤية أردوغان للنظام التركي، وخصوصاً فيما يتعلق بوضع دستور جديد للبلاد. 

ويشير التحليل إلى تصريح الرئيس التركي، في هذا الصدد، قبل الإعلان عن تشكيل الحكومة التركية أنّه "سيكون لدينا حكومة تليق بالقرن الثاني من جمهوريتنا، سنواصل السير على الطريق بكوادر مكرسة لمثلنا من أجل تركيا عظيمة وقوية"، مضيفاً أنّه "لن نتوقف أبداً عن تجديد طاقمنا، ولن نتوقف مرة أخرى، واصلنا طريقنا مع فرق ديناميكية. لدينا العديد من الأسماء القيّمة، ستكون هناك أسماء في حكومتنا ستواكب رؤية قرن تركيا".

دراسة: ستعمل الحكومة التركية الجديدة ضمن أولوياتها على محاولة الربط بين الحكومة ومشروع القرن التركي، حيث حاول الرئيس التركي أردوغان إضفاء الطابع الإيجابي على صورة الحكومة الجديدة

ويرجح التحليل أن تعمل الحكومة الجديدة، خلال الفترة المقبلة، على تعزيز سياسات السيطرة الداخلية، والتعامل مع الملفات التي تشكل محوراً مهمّاً في خطاب المعارضة الناقد للرئيس التركي، كما أنّ هذه القضايا تمثل عاملاً مهمّاً بالنسبة إلى أردوغان لاستقطاب بعض الأصوات، مثل تلك الأصوات المحسوبة على المرشح الخاسر في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة (سنان أوغان) الذي أعلن عن دعمه الرئيس التركي في جولة الإعادة. وفي هذا السياق، تعهد وزير الداخلية التركي الجديد (علي يرلي قايا) أنّه سيكمل مسيرة وزير الداخلية التركي السابق (سليمان صويلو) في معارك تركيا ضد الإرهاب والهجرة غير النظامية والجرائم.

مواضيع ذات صلة:

حاول استغلال فوز أردوغان... تركيا ترفض منح جنسيتها للإخواني وجدي غنيم

تركيا تدير ظهرها للإخوان.. رفض الإقامات يثير الذعر في صفوف التنظيم

انتخابات تركيا.. لا جديد أم قرن جديد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية