تقارير أممية تكشف بالوثائق والشهادات انتهاكات إيران الواسعة لحقوق الإنسان

تقارير أممية تكشف بالوثائق والشهادات انتهاكات إيران الواسعة لحقوق الإنسان


19/06/2022

أعرب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، الأربعاء 15 حزيران (يونيو) الجاري، عن وجود مخاوف جدية؛ بشأن حملة القمع العنيفة التي ينتهجها النظام الإيراني ضد منظمات المجتمع المدني، والتي طالت أعضاء النقابات العمالية والمعلمين؛ الذين اعتقلوا بسبب احتجاجهم على تدني رواتبهم، وسوء ظروف عملهم؛ حيث كشف تقرير المفوضية السامية عن قيام سلطات التحقيق الإيرانية، باستخدام القوة المفرطة في المساءلة أثناء التحقيقات؛ لانتزاع الاعترافات من المعتقلين.

وقال خبراء تقصي الحقائق، التابعين للأمم المتحدة في تقريرهم: "نشعر بالقلق إزاء التصعيد الأخير للاعتقالات التعسفية في صفوف المعلمين والمدافعين عن حقوق العمال، والقادة النقابيين، والمحامين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وغيرهم من الفاعلين في المجتمع المدني".

تاريخ من القمع

في العام الماضي، وبحسب تقرير المفوضية الأممية، نظمت نقابة المعلمين الإيرانيين العديد من الاحتجاجات على مستوى البلاد؛ بسبب سوء ظروف العمل والأجور المنخفضة، وكذلك للاحتجاج على اعتقال المعلمين، والقيود المفروضة على التعليم العام.

وفي الأول من شهر أيّار (مايو) الماضي، وبمناسبة عيد العمال، الذي وافق يوم المعلم في إيران، نظم المعلمون احتجاجات واسعة في عدد من المدن في جميع أنحاء البلاد، وانضمت إليها النقابات العمالية، بما في ذلك نقابة عمال طهران، وشركة حافلات الضواحي.

حملة قمع عنيفة ينتهجها النظام الإيراني ضد منظمات المجتمع المدني

وفي هذا السياق، قامت قوات الأمن الإيرانية بمداهمة منازل خمسة معلمين من أعضاء نقابة المعلمين، في العاصمة طهران، وقامت باعتقال أربعة منهم على الأقل، وكشف المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين والتربويين الإيرانيين، عن قيام الشرطة باعتقال: علي أكبر باغاني، ورسول بداقي، ومحمد حبيبي، وجعفر إبراهيمي، كما داهمت الشرطة منزل الناشط التربوي شهرام حيدري، وصادروا جهاز الحاسب الآلي الخاص به.

وتزامن ذلك مع دخول عمال النفط والغاز في إضراب مفتوح؛ بسبب تدهور أوضاعهم، في ظل تراجع الوضع الاقتصادي، وتردي الأجور.

قبل احتجاجات الأول من أيّار (مايو) الماضي، وحتى الرابع والعشرين من الشهر نفسه، تم اعتقال واستدعاء أكثر من 80 مدرساً، من قبل قوات الأمن والقضاء الإيرانيين، كما تمت مداهمة منازل العديد من النقابيين والمدرسين، ولم يُسمح لأيّ من المعلمين بالاتصال بمحاميهم. وأصدرت السلطات بيانات، زعمت فيها أنّ الاعتقالات جاءت بسبب "تسلل عناصر تابعة للخارج، إلى صفوف المعلمين والعمال"، ما يهدد النظام والأمن في البلاد، وبث التلفزيون الحكومي لقطات للعديد من المدرسين والمدافعين عن حقوق العمال المعتقلين، متهماً إياهم بالتعامل مع "أعداء معادون"، ووصف نقاباتهم بأنّها غير شرعية.

في الأول من أيّار الماضي، وبمناسبة عيد العمال، الذي وافق يوم المعلم في إيران، نظم المعلمون احتجاجات واسعة في عدد من المدن في جميع أنحاء البلاد، وانضمت إليها النقابات العمالية

عودة إلى خبراء الأمم المتحدة، الذين قالوا بحسب تقرير المفوضية، الذي اطلعت عليه "حفريات": "أصبحت المساحة المتاحة للمجتمع المدني والجمعيات المستقلة، للقيام بعملها وأنشطتها المشروعة؛ ضيقة بشكل مستحيل، ويتجلى ذلك في الاعتقالات واسعة النطاق، للشخصيات الفاعلة في المجتمع المدني، خاصّة في ظل قرار محكمة الاستئناف الأخير، بحل جمعية الإمام علي الشعبية لإغاثة الطلاب".

وكانت محكمة الاستئناف الإيرانية، قد أيدت يوم 26 أيّار (مايو) الماضي، قرار حل أكبر منظمة غير حكومية في البلاد، وهي جمعية الإمام علي لإغاثة الطلاب، والتي قامت بعمل مكثف في التخفيف من حدة الفقر في أوساط الطلاب؛ إثر طلب تقدمت به وزارة الداخلية؛ لحل المنظمة غير الحكومية، وشملت الحملة أيضاً، استدعاء العديد من المحامين الحقوقيين البارزين، وواجه بعضهم تهماً تتعلق بتهديد الأمن القومي.

استمرار الاحتجاجات الواسعة

على الرغم من القمع الأمني، استمرت الاحتجاجات وانتشرت في عدة مدن ومناطق مختلفة في إيران، منذ بداية أيّار (مايو) الماضي، بعد قرار الحكومة بقطع الدعم عن المواد الغذائية، ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، قُتل ما لا يقل عن خمسة متظاهرين؛ نتيجة للاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن الإيرانية.

أصبحت المساحة المتاحة للمجتمع المدني والجمعيات المستقلة، للقيام بعملها وأنشطتها المشروعة؛ ضيقة بشكل مستحيل

وبشكل منفصل، اندلعت الاحتجاجات في خوزستان، بعد انهيار مبنى مكون من 10 طوابق في عبادان، في 23 أيّار (مايو) الماضي، ما أدى إلى مقتل أكثر من 40 شخصاً، وفقدان العديد من الأشخاص، وانتقد المتظاهرون السلطات المحلية؛ بسبب الإهمال والفساد، فيما يتعلق بالسماح ببناء المبنى، على الرغم من تقييمات الخبراء التي نصحت بعدم القيام بذلك.

وأكد خبراء الأمم المتحدة أنّه "في ظل غياب قنوات مشاركة ذات تأثير في إيران، فإنّ الاحتجاجات السلمية حتى الآن، هي الوسيلة الوحيدة المتبقية للأفراد والجماعات؛ للتعبير عن أنفسهم وإعلان غضبهم من الظلم في وجه السلطات".

 

الأمين العام للأمم المتحدة: بموجب الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، التي تعد إيران طرفاً فيها، لا يجوز فرض عقوبة الإعدام في الجرائم، التي يرتكبها أشخاص دون سن 18 عاماً

 

تقرير الخبراء أعرب عن القلق البالغ من رد فعل السلطات الإيرانية، والتي تلجأ إلى استخدام الأساليب الأمنية، "بما في ذلك الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، مع اتباع ما يبدو أنّه سياسة متفق عليها؛ لحماية الجناة ومنع المساءلة". وذكّر التقرير الحكومة الإيرانية، أنّها هي المسؤول الأول عن حماية وتعزيز حقوق الإنسان، بما في ذلك العمل على التخفيف من آثار العقوبات، ودعا السلطات إلى "معالجة الأسباب الكامنة وراء الاحتجاجات، والتأكد من أنّ كل فرد يمكنه ممارسة حقوقه في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع السلمي".

تقرير الأمين العام يدين السلطات الإيرانية

وفي السياق نفسه، أعربت الأمم المتحدة في تقريرها الأخير عن حالة حقوق الإنسان في إيران، عن قلقها إزاء استخدام القوة المفرطة ضد المعارضين.

قدم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقريراً عن حالة حقوق إيران في 16 حزيران (يونيو) الجاري، يغطي الفترة من 11 حزيران (يونيو) 2021 إلى آذار (مارس) 2022، لعرضه على مجلس حقوق الإنسان، في دورته العادية رقم خمسين.

تقرير الأمين العام تلقى شهادات وتقارير من منظمات غير حكومية، وأفراد، وضحايا، وعائلاتهم "بشأن الانتهاكات المحتملة للحق في الحياة، من قبل الدولة، بما في ذلك عمليات الإعدام التعسفي، واستخدام القوة المميتة من قبل قوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين، وكذلك الحرمان التعسفي من الحياة في الحجز؛ نتيجة التعذيب، أو الحرمان من الحصول على الرعاية الطبية في الوقت المناسب ".

انتهاكات للحق في الحياة، من قبل الدولة، بما في ذلك عمليات الإعدام التعسفي

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، إنّ مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة استمر في تلقي تقارير عن التعذيب وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز الإيرانية، والتي أدت إلى الوفاة، مشيراً إلى أسماء العديد من الأشخاص، الذين ماتوا في الحجز مثل: شاهين ناصري، وأمير حسين حاتمي، وعادل كيانبور، وبكتاش أبتين.

وشجب الأمين العام في تقريره "العدد الكبير من أحكام الإعدام، وعمليات الإعدام"، و"تقارير الوفاة في السجن؛ بسبب الحرمان من الرعاية الطبية الكافية، أو تقديمها في الوقت المناسب". مضيفاً: "عدد عمليات الإعدام في إيران، ارتفع من 260 حالة على الأقل في العام 2020، إلى 310 أفراد في العام 2021، واستمر العدد في الارتفاع حتى العام 2022.. فبين 1 كانون الثاني (يناير) 2022 و20 آذار (مارس) 2022 ، تم إعدام ما لا يقل عن 105 أشخاص، وفي آذار (مارس) 2022، تم نقل 52 سجيناً أدينوا وحُكم عليهم بالإعدام؛ لإعدامهم إلى سجن شيراز المركزي، وبحلول منتصف آذار (مارس)، كان 16 منهم على الأقل قد أُعدموا".

محكمة الاستئناف الإيرانية أيدت يوم 26 أيّار الجاري قرار حل أكبر منظمة غير حكومية في البلاد، وهي جمعية الإمام علي والتي قامت بعمل مكثف في التخفيف من حدة الفقر في أوساط الطلاب

كما أدان الأمين العام "إعدام مذنبين أطفال" في إيران، مؤكداً أنّه: "بموجب الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، التي تعد جمهورية إيران الإسلامية طرفاً فيها، لا يجوز فرض عقوبة الإعدام في الجرائم، التي يرتكبها أشخاص دون سن 18 عاماً".

كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء "المزيد من الإجراءات التشريعية؛ التي تهدف إلى تقييد الفضاء الرقمي"، بما في ذلك قانون حماية المستخدم، الذي "يمنح الحكومة والجيش سيطرة واسعة على البنية التحتية، التي تربط إيران بالإنترنت العالمي".

كما ندد التقرير بالطريقة التي تستخدم بها الجمهورية الإسلامية، المادة 49 من الدستور "لمصادرة ثروات وممتلكات الأقليات".

مواضيع ذات صلة:

الاحتجاجات الإيرانية المتتالية بين انتهاكات وعقوبات حقوق الإنسان

تقرير دولي يسلط الضوء على انتهاكات النظام الإيراني لحقوق الإنسان

إيران تواصل انتهاك حقوق النساء... تقرير يشير إلى ارتفاع معدل قتل الإناث



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية