تودد الطنطاوي للإخوان يحرج الحركة المدنية في مصر

تودد الطنطاوي للإخوان يحرج الحركة المدنية في مصر

تودد الطنطاوي للإخوان يحرج الحركة المدنية في مصر


13/06/2023

أحمد حافظ

تسبّبت تلميحات البرلماني السابق والمعارض أحمد الطنطاوي والمرشح المحتمل للرئاسة المصرية، بالموافقة على عودة جماعة الإخوان إلى المشهد مرة أخرى، في إحراج كبير للحركة المدنية التي تقود المعارضة.

وجلبت تصريحات الطنطاوي على المعارضة غضبا واسعا من دوائر سياسية وحزبية ومدنية إلى درجة أن البعض اتهمه بالعمل لحساب تيارات مناوئة تستهدف استقرار الدولة.

وكان النائب السابق أبدى خلال اجتماع مع أعضاء في الحركة المدنية عدم ممانعته التصالح مع الإخوان وعودتهم إلى المشهد بشكل قانوني من خلال تأسيس جمعية بدلا من الجماعة، وتخضع تحركاتهم لقوانين تحكم علاقة الدولة بالجمعيات الأهلية.

وقال حزب التجمع في بيان له السبت، إنه تابع بقلق بالغ اجتماع قادة الحركة المدنية مع الطنطاوي كمرشح محتمل للرئاسة، والذي كشف خلاله عن نيته (حال فوزه) إعادة جماعة الإخوان إلى المشهد السياسي، وأعرب الحزب اليساري عن استيائه من ردود الأفعال غير الواضحة لبعض قادة الحركة تجاه هذه التصريحات.

وتسابقت بعض أحزاب الحركة المدنية للتنصل من دعم الطنطاوي أو تأييده في خطة عودة الإخوان إلى المشهد، وأكد الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أن استقبال الطنطاوي لا يعني تأييده في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإجاباته حول موقفه من تنظيم الإخوان جاءت “ملتبسة وغير قاطعة”، وأعلن حزب العدل أن الطنطاوي “دعا إلى طي صفحة الماضي مع الجماعة، وهذا مرفوض كليّا”.

وأوضح معتز الشناوي القيادي والمتحدث باسم حزب العدل أنه عندما طرح على الطنطاوي سؤال حول موقفه من الإخوان خلال اجتماع الحركة المدنية، أجاب بأنه “من الأفضل طي صفحة الماضي والعمل من أجل بناء المستقبل، والجميع وجد غضاضة في سماع هذه الكلمات، لأن ماضي الإخوان لا يمكن طيه”.

وأفصح الشناوي عن كواليس اللقاء بقوله “عندما سألت الطنطاوي عن توضيح كلامه، أجاب ‘يمكن أن يقيم التنظيم جمعية أهلية طبقا للقانون الذي يعطي الحق لكل المصريين أن يدشنوا جمعيات أهلية، بحيث يكون القانون هو الفيصل، وليس من الضروري أن يرأس الجمعية المرشد، بل قد تؤسس من خلال مجلس إدارة'”.

ودعا حزب الجيل أحزاب الحركة المدنية إلى تحديد موقفها بوضوح من دعوة الطنطاوي إلى المصالحة مع الإخوان، لأن حسمها مهم على المستوى السياسي، والرد على اتهامات طالت الحركة المدنية من البعض بوجود اتصالات لها مع جماعة الإخوان، وسيحمل صمتها رسالة بخروجها عن الإجماع الوطني الرافض لعودة الجماعة.

وكشفت مصادر سياسية لـ”العرب” أن صمت الحركة المدنية ككيان يجمع تحت رايته عددا من الأحزاب عن إدانة تصريحات الطنطاوي فورا يثير علامات استفهام، وقد يورط الحركة في أزمة جديدة، وتضع نفسها في صدام مع نظام أكد قبوله بفتح حوار مع كل القوى باستثناء الإخوان ومن يروجون للجماعة سياسيا.

وقد يتسبب تلميح الطنطاوي بقبوله التصالح مع الإخوان في خسارته الكثير من رصيده، شعبيا وسياسيا، ولو تبرأ من تصريحاته الداعمة لعودة الإخوان إلى المشهد، ما ينعكس على منافسته في انتخابات الرئاسة المقبلة.

وأكد محمد سامي الرئيس السابق لحزب الكرامة، والذي كان يرأسه الطنطاوي قبل استقالته، أن الحركة المدنية ترفض مطلقا التفاهم مع جماعة الإخوان، وهذا إجماع وطني يصعب التبرؤ منه من أي فصيل سياسي، لأن إعلان تيار أو حزب أو شخص فتح الباب لعودة الإخوان يكون قد أقحم نفسه في صدام غير محسوب العواقب.

وأضاف سامي في تصريحات لـ”العرب”، وهو أيضا الرئيس الشرفي لحزب الكرامة المنضوي تحت لواء الحركة المدنية، أن صمت الحركة لا يعني قبولها بموقف الطنطاوي وطي صفحة الماضي مع الإخوان، ولا يمكن أن تصطف المعارضة مع شخص يتبني مبادرة تصالحية مع الجماعة، وقد يكون كلام الطنطاوي فهم بشكل خاطئ، لكن كان عليه الخروج سريعا لتوضيح موقفه بشكل حاسم.

ويبدو أن النظام المصري على قناعة بـ”رعونة” الطنطاوي وعدم استبعاد أن يورط نفسه في أزمة يصعب عليه الخروج منها، لذلك تركت له الأجهزة الأمنية مساحة واسعة من الحركة بلا قيود أو مضايقات في اللقاءات والتصريحات.

ويُدرك الطنطاوي خصومة النظام وشريحة كبيرة من المواطنين للإخوان، وكلاهما يضع خطا أحمر لعودة الجماعة إلى المشهد بأي صيغة سياسية، ولو كانت متسقة مع القانون، لكنه سلك طريقا أظهر به التحدي الواضح لكثير من الأطراف.

ويرى متابعون أن الطنطاوي الذي يحمل قناعات ناصرية والبعيد عن تيار الإخوان، قدم للنظام هدية سياسية مجانية بإزاحته مبكرا من المنافسة في انتخابات الرئاسة أو التشويش على تصوراته اللاحقة في الشارع.

وقال سامي إن عدم ممانعة الطنطاوي عودة الإخوان إلى المشهد يضعف حظوظه في انتخابات الرئاسة، وسوف يخسر دعم كيانات حزبية وطنية، مهما كانت مواقفها من النظام، وأي مبادرة تفتح الباب أمام الإخوان أشبه بـ”الانتحار السياسي”.

ما يثير علامات الاستفهام لدى البعض من المتابعين أن دعوة الطنطاوي إلى طي صفحة الماضي السيء للإخوان تتزامن مع ذكرى احتفالات ثورة الثلاثين من يونيو 2013 التي أطاحت بنظام الجماعة، ما جعل مبادرته محل رفض واسع وبدت كأن لها أغراضا مشبوهة.

ومن المتوقع أن تكون هناك تداعيات سلبية كبيرة على الحركة المدنية التي ينتمي إليها في الأصل الطنطاوي، وإذا أصرت على الحياد فقد تغذي شكوك النظام المصري في أهدافها وأجندتها السياسية في ظل التقاط منابر إعلامية تابعة للإخوان تصريحات الطنطاوي وتسويقها على أنها تعبر عن موقف موحد للمعارضة المصرية.

وتدرك جماعة الإخوان عدم القدرة على المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة بمرشح خفي وغير معروف بانتمائه إلى الجماعة، وبالتالي يعنيها أن يبادر أي مرشح محتمل بالتناغم معها أو مستعد للتعاون وعدم اعتبارها تنظيما إرهابيا، مقابل دعمه إعلاميا، الأمر الذي ترفضه قوى سياسية مختلفة خوفا من التوابع السياسية الخطيرة.

ومهما كانت نوايا الطنطاوي طيبة، لكن عدم خروجه سريعا لتوضيح علاقته بالإخوان وإعلان رفضه التصالح مع الجماعة يزيد من خسارته السياسية، ولن تكون السلطة في حاجة إلى مضايقته، لأنه سوف يخرج تلقائيا من المشهد بإقصاء شعبي.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية