حاجز نتساريم الإسرائيلي وسط غزة كمين لاعتقال وقتل الغزيين

حاجز نتساريم الإسرائيلي وسط غزة كمين لاعتقال وقتل الغزيين

حاجز نتساريم الإسرائيلي وسط غزة كمين لاعتقال وقتل الغزيين


كاتب ومترجم فلسطيني‎
18/04/2024

 

تعرض المئات من الغزيين رجالاً ونساء وأطفالاً للاعتقال والموت على حاجز نتساريم الذي نصبه الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الدائرة على غزة، وذلك مع تعمد الجيش المتمركز على الحاجز وسط قطاع غزة اعتقال المدنيين وقتلهم والتنكيل بجثثهم، في ظل العجز الإسرائيلي عن تحقيق أيّ هدف من أهداف الحرب التي دخلت شهرها السابع على التوالي.

ويعتبر حاجز نتساريم الذي يفصل شمال غزة عن جنوبها مشكلة كبيرة بالنسبة إلى الغزيين الذين تخلصوا من معاناتهم سابقاً من هذا الحاجز إبان الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، وقد شكل الحاجز الجديد الذي يعمل عليه لواء ناحال الإسرائيلي معاناة جديدة وصعبة للغزيين، حيث يعيق حركة تنقلهم بحرية، لا سيّما أنّ أكثر من مليون ونصف المليون نازح هجروا قسراً من الشمال إلى الجنوب، ويرفض الجيش إعادتهم بعد نصب الحاجز، وترفض إسرائيل انسحاب قواتها المتواجدة على الحاجز الممتد من شرق القطاع إلى غربه، وتعتبر هذا التواجد للحاجز ضمن خطتها لفرض سيطرتها الأمنية على غزة بعد الحرب، في المقابل ترفض حركة حماس التوصل إلى تهدئة وإبرام صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل بشرط انسحاب كامل الجيش من قطاع غزة ووقف إطلاق النار بشكل دائم، وسط تعنت إسرائيلي لمطالب حماس. 

وترفض دول عربية وأوروبية من بينها الولايات المتحدة محاولات إسرائيل احتلال أجزاء من قطاع غزة، وقد صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مقابلات صحافية خلال الزيارة الأخيرة للمنطقة بعمل الولايات المتحدة على الدفع نحو وقف إطلاق النار في غزة وعدم دعم خطة إسرائيل في احتلال أيّ أجزاء من قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة، لأنّ ذلك يهدد بتصاعد الصراع ويعيق جهود حل الدولتين. 

تعرض المئات من الغزيين رجالاً ونساء وأطفالاً للاعتقال والموت على حاجز نتساريم

وقال المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان: إنّ الحديث من قبل الجيش عن ممر آمن لخروج النازحين هو جزء من تكتيكاته العسكرية التي يستخدمها للنيل من المدنيين الفلسطينيين، مشيراً إلى أنّ المركز تلقى العديد من الشهادات من نازحين تفيد بأنّ إسرائيل تحول الممر كمصيدة للقتل، فضلاً عن عمليات تنكيل ممنهجة وواسعة الأشكال، وقد جمع المركز شهادات تحدث فيها عن إفادات صادمة حول حوادث قتل وتعذيب متعمدة، كما أفاد نازحون بوجود عشرات الجثث المتقطعة ملقاة على الأرض وأخرى داخل سيارات مدنية تم استهدافها بالقذائف على مقربة من الحاجز العسكري، كما أوضح المركز أنّ إسرائيل أنذرت أكثر من مليون شخص بمغادرة مدينة غزة في الأيام الأولى من الحرب على غزة، ودفعهم للنزوح نحو جنوب القطاع.  

وفي أحاديث منفصلة لـ (حفريات) عبّر عدد من المواطنين عن بالغ استيائهم من الواقع الإنساني والكارثة التي يمر بها سكان القطاع، من جراء فصل غزة إلى جزأين، وهو ما شكل كارثة حقيقية للمواطنين الذين يجدون صعوبة في الخروج من الشمال نحو الجنوب عبر الحاجز خوفاً من الاعتقال والقتل، في مقابل ذلك يمنع الجيش المواطنين من العودة إلى الشمال، ومن يحاول يتم قتله. 

يقول المواطن إياد حسين إنّه "تعرض للاعتقال لعدة ساعات بعد أن تنقل من شمال قطاع غزة باتجاه الجنوب عبر حاجز نتساريم، حيث طلب منه أحد الجنود بالتوجه إلى غرفة احتجاز على مقربة من الحاجز واستجوابه في ظروف صعبة، وقد تعرّض للتعذيب النفسي والجسدي قبل أن يسمح له الجيش بالتحرك".

وأشار في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّه "شاهد عشرات الشبان ممّن تم اعتقالهم عبر الحاجز مكبلي الأرجل والأيدي وتحت أشعة الشمس الحارقة، إلى جانب رؤيته جثثاً متحللة على مقربة من الحاجز تعود لمواطنين تم إعدامهم ميدانياً على الحاجز، وتركت جثثهم تنهشها الطيور والكلاب دون السماح لطواقم الإسعاف بالوصول إليها".

ولفت إلى أنّ "الحاجز هو بالفعل مصيدة اعتقال وقتل للمارة المدنيين العزل، وليس كما يدّعي الجيش أنّ هذا الحاجز أقيم لمنع تنقل المسلحين وكل من له علاقة بالمقاومة، ويستخدم الجيش أيضاً الحاجز في التحكم بلقمة عيش سكان الشمال، فهذا الحاجز هو الوحيد الذي يدخل من خلاله الطعام والشراب من معبر رفح وكرم أبو سالم التجاري إلى سكان مدينة غزة وشمالها".

وخلال ساعات صباح الأحد الماضي حاول المئات من المدنيين استغلال حالة الاضطراب التي أصابت الجيش الإسرائيلي على إثر الهجمة الصاروخية من قبل إيران على إسرائيل، وانشغال الجيش في غزة بتطورات الأحداث والدخول عبر الحاجز نحو شمال غزة، لكنّ دبابات الجيش والزوارق البحرية والطائرات المسيّرة قامت بإطلاق وابل من الرصاص على المواطنين، الأمر الذي أدى إلى سقوط قتلى وإصابات في صفوف المدنيين. 

ويقول المواطن زياد فايز، وهو من الشبان الذين نجوا من مجزرة الحاجز صباح الأحد: إنّ "هناك العشرات من المواطنين تمكنوا من الوصول إلى غزة خلال ساعات الليل مستغلين انشغال الجيش بالضربة الإيرانية، ومع ساعات الظهر تدفق المئات من المواطنين ظناً أنّ الجيش قد انسحب، لكن باغتت الطائرات والمدفعية المواطنين الذين حاولوا العبور بإطلاق النار والقذائف عليهم وإيقاعهم ما بين جرحى وقتلى".  

وبين في حديثه لـ (حفريات) أنّ "حاجز نتساريم فرق أوصال السكان في غزة، فغالبية أفراد عائلته يتواجدون في شمال غزة ويتشوق لرؤيتهم منذ أشهر، لكنّ خوفه من الاعتقال والقتل هو ما يمنعه من محاولة التسلل في ظل الرفض الإسرائيلي لعودة سكان الشمال من الجنوب، وربط ذلك بمشاورات الهدنة وصفقة تبادل الأسرى".

ولفت إلى أنّ "قطاع غزة لم يعد يحتمل أيّ احتلال جديد من إسرائيل، كون أنّ المساحة الجغرافية صغيرة جداً والسكان لا يطيقون أيّ تواجد للجيش الذي عاث فساداً وخراباً غير مسبوق في قطاع غزة، وأيّ محاولة جديدة لاحتلال أجزاء من القطاع ستزيد من معاناة السكان بشكل أوسع، وستزيد من حدة المواجهات المسلحة مع عناصر الجيش، ممّا يخلق عدم استقرار أمني داخل القطاع".

بدوره، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أنّ "عجز الجيش الإسرائيلي عن الوصول إلى عناصر المقاومة، هو ما دفعه لنصب الحاجز من أجل تقييد حرية تنقل العناصر من الشمال إلى الوسط والجنوب، لكن مع الشهادات التي يتم الإدلاء بها من على الحاجز تثبت أنّ الجيش لا يفرق بين مدني وعسكري".

وأوضح في حديثه لـ (حفريات) أنّ "إسرائيل لن تفلح في سياسة احتلال أجزاء من قطاع غزة، وهذا الحاجز فقط هو للضغط على المقاومة في ملف مفاوضات الأسرى لكسب تنازلات، في ظل عدم تحقيق الجيش أيّ هدف من الأهداف التي وضعها بداية الحرب، والانسحاب الكامل قادم لأنّ ضربات المقاومة المتواصلة للجنود تجعل إسرائيل قلقة من غرق جنودها في غزة".  

ولفت إلى أنّ "عجز إسرائيل عن تحقيق أيّ تقدم بعد مرور (6) أشهر على الحرب، هو ما يدفع الجيش لأخذ الأوامر بارتكاب المجازر البشعة بحق المدنيين وقتلهم بدم بارد، بالإضافة إلى اعتقال المدنيين والتنكيل بهم أملاً في الحصول على معلومات حول عناصر المقاومة وأماكن احتجاز الأسرى الإسرائيليين".

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية