حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل ستغير المنطقة إلى الأبد

حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل ستغير المنطقة إلى الأبد

حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل ستغير المنطقة إلى الأبد


23/10/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

وفقاً للصّحافيّ الإسرائيليّ باراك رافيد، أبلغت إيران إسرائيل أنّها ستضطّر إلى التّدخّل بشكل غير مباشر إذا استمرّت العمليّة العسكريّة الإسرائيليّة في غزّة. وقد يعني هذا أنّ حزب الله سوف يصعّد هجماته ضدّ إسرائيل في محاولة لمنع انتصار إسرائيل على حماس، وهو ما قد يؤدّي في ظلّ ظروف معيّنة إلى تدمير لبنان.

ومع ذلك، هناك العديد من الأشياء المجهولة. إنّ فتح الجبهات كافّة ضدّ إسرائيل ،من لبنان، وسوريا، وغزّة، من شأنه أن يجتذب الأمريكيّين على الأرجح. ونشرت واشنطن مجموعتين قتاليتين من حاملات الطّائرات في شرق البحر الأبيض المتوسّط لإظهار الدّعم لإسرائيل، إلى جانب العديد من المدمّرات التي لديها القدرة على إسقاط الصّواريخ. وتنتشر القوّات الأمريكيّة، أيضاً، على طول الحدود السّوريّة العراقيّة، ويمكن أن تحاول منع الميليشيّات الموالية لإيران في العراق من دخول المعركة، إذا لزم الأمر.

من المؤكّد أن هذا السّيناريو الكابوسيّ لا يريده أيّ طرف من الأطراف الرّئيسة، الولايات المتّحدة، وإيران، وإسرائيل، وحزب الله، ولكن المواقف التي حبسوا أنفسهم فيها لا تؤدّي إلّا إلى زيادة احتمالات التّوصّل إلى مثل هذه النّتيجة. ربما يُمارس الجميع ألعاباً سياسيّة تنطوي على مجازفة، ولكن من المعقول، أيضاً، أن تندلع حرب إقليميّة.

من المؤكّد أن هذا السّيناريو الكابوسيّ لا يريده أيّ طرف من الأطراف الرّئيسة

ما تم تجاهله إلى حدّ كبير في كلّ التّكهّنات هو كيف يمكن أن تؤثّر هذه الدّيناميكيّات على لبنان داخليّاً. وكثيراً ما أشار المسؤولون الإسرائيليّون إلى أنّهم في أيّ صراع جديد مع حزب الله سوف يدمّرون البلاد، وهو ما يعني أهدافها الاستراتيجيّة، مثل المطار، والموانئ، وغير ذلك من أشكال البنى التّحتيّة، فضلاً عن القرى والمناطق الحضريّة، خاصّة المناطق الشّيعيّة. وتقف غزّة كشاهد على ما يمكن للإسرائيليّين أن يفعلوه.

أمر لا مفرّ منه؟

ومع ذلك، هل الصّراع الشّامل بين حزب الله وإسرائيل أمر لا مفرّ منه؟ بينما لا يوجد أيّ شيء آخر قد يُشتّت انتباه إسرائيل بعيداً عن سحق حماس، فمن الممكن أن يمتنع حزب الله والإسرائيليون عن خوض صراع شامل لتجنّب وقوع خسائر فادحة ودمار كبير. والسّؤال المركزيّ، إذاً، هو: هل سيستهدف حزب الله مواقع ومدن استراتيجيّة في إسرائيل، والعكس؟

إذا ظلّ الصّراع بين حزب الله وإسرائيل محصوراً في مناطقهما الحدوديّة، فسوف ينظر إليه الطّرفان على أنّه يجري ضمن قواعد اللعبة المقبولة. وهذا ما حدث في الأيّام العشرة الماضية عندما استوعب حزب الله وإسرائيل الخسائر من دون التّصعيد إلى المزيد من القصف المتعمّق في كلّ بلد.

بينما لا يوجد أي شيء آخر قد يُشتّت انتباه إسرائيل بعيداً عن سحق حماس، فمن الممكن أن يمتنع حزب الله والإسرائيليون عن خوض صراع شامل

قد يمثّل هذا إطاراً لحرب واسعة النّطاق. والسّبب هو أنّ حزب الله يجب أن يدرك أنّ ردّ الفعل في لبنان على مثل هذا الصّراع يمكن أن يكون شديداً بالنّسبة إلى الحزب. من الصّعب تصوّر أنّ الطّوائف الدّينيّة اللبنانيّة ستتّفق على إعادة بناء الدّولة كما فعلت بعد الحرب الأهليّة المدمّرة. وفي الوقت الذي يشير فيه المسيحيّون بالفعل إلى أنّهم يفضّلون الطّلاق من الأغلبيّة المسلمة في البلاد، فإنّ مثل هذا الصّراع قد يدفعهم إلى اتّخاذ خطوات لتعزيز استقلالهم الذّاتيّ.

لكن هل سيكون المسيحيون وحدهم في الرّدّ بغضب على الحرب المفروضة؟ السّنّة والدروز معادون بالقدر نفسه لتصرّفات حزب الله في هذا الصّدد. أمّا بالنّسبة إلى الطّائفة الشّيعيّة، فمن المؤكّد أنّها ستتحمّل العبء الأكبر من الانتقام الإسرائيليّ. وخلافاً لما حدث في عام 2006، قد لا يكون هناك أيّ استعداد من جانب الدّول الإقليميّة، أو حتّى إيران، لتمويل إعادة بناء القرى الشّيعيّة والضّواحي الجنوبيّة لبيروت. إنّ غضب الشّيعة من حزب الله يمكن أن يشلّ إلى أجل غير مسمّى قدرة الحزب على إعادة تشكيل نفسه كقوّة فعّالة.

 وقوع لبنان في حالة من الفوضى قد يمهّد الطّريق لنزاع داخلي بين الطّوائف

والأسوأ من ذلك أنّ وقوع لبنان في حالة من الفوضى قد يمهّد الطّريق لنزاع داخلي بين الطّوائف يتورّط فيه حزب الله لفترة طويلة. يدرك الحزب ذلك ويعلم أنّ صراعاً مدنيّاً لبنانيّاً سيكون الخيار الأفضل بالنّسبة إلى إسرائيل، بالطّريقة نفسها التي أثبتت بها الحرب الأهليّة في البلاد أنّها كادت أن تكون قاتلة لمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة.

الفكرة المجنونة: توحيد الجبهات

منذ اللحظة التي بدأ فيها حزب الله بطرح الفكرة المجنونة المتمثّلة في «توحيد الجبهات» - وهي فكرة أنّ هجوماً إسرائيليّاً على إحدى الجبهات اللبنانيّة، أو السّوريّة، أو الفلسطينيّة، أو على أماكن دينيّة مثل المسجد الأقصى، من شأنه أن يُثير حالة ردّ من الجبهات الأخرى – كان واضحاً أنّ الحزب، مع راعيته إيران، يربط مصير لبنان بالقضيّة الفلسطينيّة.

بالنّسبة إلى العديد من اللبنانيّين، خاصّة الشّيعة، لابُدّ أنّ ذلك قد أعادهم عقوداً إلى الوراء، عندما جلب الوجود الفلسطينيّ المسلّح نكبات متتالية على لبنان. ابتداءً من السّتينيّات من القرن العشرين، أدّى القتال بين الفلسطينيّين وإسرائيل إلى تدمير القرى الشّيعيّة. وفي وقت لاحق، بعد أن بدأت الحرب الأهليّة في عام 1975، غزت إسرائيل لبنان مرّتين لمحاربة الفلسطينيّين، ودمّرت مرّة أخرى قرى شيعيّة.

في ظل اصطفاف إسرائيل والولايات المتّحدة ضد إيران وحلفائها، قد يسعى حزب الله إلى تجنّب حرب شاملة، وإلا فإنّ هذا قد يؤدي إلى شرق أوسط جديد

فكيف سيحافظ حزب الله على قوّته في لبنان إذا كانت النتيجة استياءً وطنيّاً ضدّ الحزب وسط وضع اقتصادي كارثيّ؟ فضلاً عن ذلك فإنّ المؤسّسة اللبنانيّة الوحيدة التي تظل عاملة هي الجيش، ولا يريد حزب الله أن يتحوّل الجيش إلى نقطة تجمّع لمجتمعٍ لبنانيّ مذهول ومدمّر.

ولهذا السّبب، في ظلّ اصطفاف إسرائيل والولايات المتّحدة ضدّ إيران وحلفائها، قد يسعى حزب الله إلى تجنّب حرب شاملة، وإلّا فإنّ هذا قد يؤدّي إلى شرق أوسط جديد ينقلب فيه ميزان القوى ضدّ إيران. يبدو أنّ الوضع الدّاخلي اللبنانيّ لا يثير اهتمام سوى قِلّة من المحلّلين، ولكنّه قد يكون نقطة الضّعف الحقيقيّة التي يواجهها حزب الله.

المصدر:

مايكل يونغ، ذي ناشونال نيوز، 18 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية