حرق القرآن جريمة مكتملة الأركان

حرق القرآن جريمة مكتملة الأركان

حرق القرآن جريمة مكتملة الأركان


08/07/2023

لبنى الهاشمي

كانت الإمارات من أول الدول التي استدعت سفيرة السويد في البلاد، احتجاجاً على سماح حكومة بلادها لمتطرفين في ستوكهولم بحرق نسخة من القرآن الكريم، وأكدت أهمية احترام الرموز الدينية والمقدسات، مشددة على أهمية مراقبة خطاب الكراهية والعنصريّة.

هذه الحادثة تعتبر ضرباً من ضروب العصبية الموغلة في الكراهية، إذ أنها أتت بعد ترخيص الشرطة هناك لمظاهرة إحراق المصحف الشريف، في حدث ليس الأول من نوعه، فقد سبقته عدة حوادث لحرق نسخ من المصحف في الدنمارك، والسويد، وهولندا. وفي هذا الوضع المنحط جداً، حيث يمزق ويحرق ويدلس القرآن تحت الأقدام أمام المسجد الكبير في ستوكهولم أمام 200 مسلم، عدا ما سبق ذلك من الإساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كل هذا تحت مسمى حرية الرأي والتعبير، وتحت حماية القانون، ويغذي الصور النمطيَّة عن "الإسلاموفوبيا".

 ثمّة تساؤلات تطرح نفسها عند دراسة ظاهرة الكراهية في الغرب، منها، كيف يتمّ إظهار الكراهية بهذه المشاهد المسيئة باسم حرية التعبير، دون أن يقفوا على أي ضابط لمدلولاتها، ودون أن يعلموا أن حق حريّة التعبير ليس حقاًَ مطلقاً دون قيود.

ولا بد من قيود تحفظ السلم العام، بحيث لا يُسمح بالتشهير والتحريض والكراهية، أو نشر معلومات كاذبة، أو التأجيج.

إن هذه الممارسات تصدر عن شخصيات لديها انحرافات أخلاقية وخلفيات إجرامية، وهم الأكثر انخراطاً وتأثراً بأفكار التطرف بكل أنواعه الدينية، أو اللادينية، ويتمّ استغلالهم لأنهم يحملون الكراهية والنقمة على أوطانهم، وعلى أنفسهم، ولأنهم أقدر على ممارسة الأفعال البشعة بشراسة وتفنن ودون هوادة وبدم بارد.

إن الجماعات المتطرفة تعطي فرصاً مجانية لاستغلال هذه الحواضن المأهولة، رغم أن هذه الخطابات كانت سابقاً تلقى رواجاً في المجتمعات المنغلقة الرافضة للانفتاح، وبعد أن تخطت الأزمة عتبات أوروبا، ثبت لهم أن الإرهاب ليس له دين، ولا جنسيّة ولا عِرق، وأن الفكر المتعصب وليد الكراهية، وقد أصبح هذا العالم من الآن وصاعداً مدعواً  لوضع الأمور في نصابها، وتصحيح المفاهيم.

ما يؤسف له أن المجتمعات الحرة آثرت أن تتردى إلى الحضيض حينما اختارت الازدواجية والانتقائية والحسابات الخاصة في تطبيق القيم الإنسانية العادلة، لا سيما تجاوبها لدعوى الكراهية، والنعرات القومية والتمييز العنصري، وإن ما يُثير حفيظتنا الإنسانية، والدينيّة، والأخلاقيّة أن نرى العالم المتحضر بكل قيمه وأدبياته يلجأ إلى حماية الكراهية، والخطابات التصعيدية.

ربما لن نبالغ إذا قلنا إننا أمام رهان وتحدّ لحياة ومستقبل أكثر من عشرين مليون أوروبي مسلم، ولهذا فإن أهم درس في هذه الحادثة هو أن احترام الأديان هو احترام لكرامة الإنسان، وإذا اختلت المعادلة أضحى الجميع يعاني ويتهدد وجوده وحضوره الإنساني.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية