حصار عسكري ومالي: كيف انفرد المتطرفون في حكومة نتنياهو بالضفة الغربية؟

حصار عسكري ومالي: كيف انفرد المتطرفون في حكومة نتنياهو بالضفة الغربية؟

حصار عسكري ومالي: كيف انفرد المتطرفون في حكومة نتنياهو بالضفة الغربية؟


22/01/2024

مثّلت الحرب في قطاع غزة فرصة مثلى للمتطرفين في الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسهم زعيما تحالف "الصهيونية الدينية"؛ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لتنفيذ مخططاتهما الرامية إلى القضاء على الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية. 

سجلت الضفة في اليوم الـ (100) منذ انطلاق الحرب في قطاع غزة نحو (354) شهيداً، و(6) آلاف معتقل، من بينهم (200) امرأة وأكثر من (355) طفلاً. بشكل عام، فإنّ وضع الضفة الغربية لن يكون كما كان قبل الحرب، بل سيتجه نحو الأسوأ بالنسبة إلى الفلسطينيين.

غليان الضفة

تشهد مدن ومخيمات وقرى الضفة اقتحامات شبه يومية من قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، أدت إلى تسجيل حصيلة كبيرة من الشهداء والمصابين والمعتقلين، فضلاً عن الحصار المالي والاقتصادي بسبب منع تسليم أموال المقاصة إلى السلطة الوطنية، ومنع العمال من الدخول إلى أراضي الخط الأخضر. 

لم يبدأ ذلك العدوان مع حرب 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، فمنذ (3) أعوام على الأقل باتت الضفة مركز العمليات الرئيسية لقوات جيش الاحتلال، وكانت السبب في اندلاع حربين في غزة، تم استهداف حركة الجهاد الإسلامي فيهما دون حركة حماس، الأولى في آب (أغسطس) 2022، والثانية في أيار (مايو) 2023.

إيهاب جبارين: بنك الأهداف الإسرائيلي يتضمن ترسيخ وجود الاحتلال والحصار الاقتصادي

ولم يتمكن أكثر من (150) ألف عامل من الضفة من دخول إسرائيل للعمل منذ الحرب. وقد تسبب ذلك في خسائر شهرية للاقتصاد الإسرائيلي، قُدرت بنحو (3) مليارات شيكل، (830) مليون دولار، ممّا دفع مسؤولين في وزارة المالية إلى المطالبة بإعادة السماح بدخول العمال الفلسطينيين لتجنب الشلل شبه التام في الاقتصاد، الذي يعاني من سحب العمال والموظفين بعد استدعاء الاحتياط.

 

الناشط عبد القادر وتد لـ (حفريات): تسليح المستوطنين لم يقتصر على السلاح فقط، بل تم منحهم أزياء عسكرية مثل الجيش، ليصبح بيدهم توقيف وتفتيش واعتقال من يريدون من الفلسطينيين

 

يرى الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أنّ الضفة الغربية قبيل الحرب كانت على صفيح ساخن، وفي ظل كل ذلك تعمدت إسرائيل إشعالها، وزيادة الوتيرة فيها في حال اضطرت للنزول من على شجرة القطاع، وتسويق صورة نجاح كهذه أو أخرى. مضيفاً لـ (حفريات) أنّه في المقام الثاني هناك استهداف للكل الفلسطيني وليس غزة فقط، والخوف أن يكون هنالك في ظل هذه الظروف ما يُسمّى بوحدة الساحات، ولهذا السبب تم الاستفراد بالضفة لتكون ضربة مسبقة.

أشار جبارين إلى وجود بنك أهداف إسرائيلي يتضمن ترسيخ وجود الاحتلال والحصار الاقتصادي، بما يمكن وصفه بسياسة "العصا والجزرة"، لافتاً إلى أنّ إسرائيل ستضطر إلى الجزرة بعد العصا، من خلال إعادة شيء من الوضع السابق على الحرب في الضفة، عبر السماح بدخول العمال بأعداد محدودة وتحويل الأموال إلى السلطة الوطنية.

بحسب تقرير لموقع (تايمز أوف إسرائيل) لم تتمكن السلطة الفلسطينية من دفع رواتب موظفيها، بما في ذلك أعضاء أجهزتها الأمنية، بالكامل لعدة أشهر. ونقل التقرير تحذيرات عن وثيقة الشاباك التي نشرتها القناة (13) تقول: إنّ هذا الوضع قد يؤدي إلى قيام قوات السلطة الفلسطينية بتحويل أسلحتها إلى القوات الإسرائيلية "بعد عقود من التعاون الذي يقول الجيش الإسرائيلي إنّه يعود إليه الفضل في كبح الهجمات والحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية".

تحالف الصهيونية الدينية

يقف وراء توتير الأوضاع في الضفة كلٌّ من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش. يُعتبر الأول مسؤولاً عن تسليح وحماية المستوطنين الذين يستهدفون الوجود الفلسطيني في الضفة، كما أنّه ساند الثاني داخل الحكومة لمنع تحويل أموال السلطة الفلسطينية كاملةً. وحتى مع استجابة سموتريتش للضغوط الأمنية لتحويل الأموال إلى السلطة، وفق خطة تتضمن تحويل الأموال إلى طرف ثالث، مع ضمانة الولايات المتحدة، وضع إيتمار بن غفير عراقيل جديدة، مطالباً بمزيد من الوقت لفحص الخطة.

عبد القادر وتد: إيتمار بن غفير حقق ما كان يطالب به لتسليح جميع المستوطنين في الضفة

يقول الناشط الفلسطيني من الداخل عبد القادر وتد لـ (حفريات): إنّ أهداف عمليات جيش الاحتلال هي اكتشاف وتصفية أيّ خلايا مقاومة تتبع أيّ فصيل من المقاومة. متابعاً أنّه في ظل أزمة أموال السلطة، ينشط جيش الاحتلال لمنع تحول الأزمة إلى احتجاجات عامة، قد تتحول إلى ما يشبه الانتفاضة إذا ما وُجدت خلايا نائمة قادرة على قيادة دفتها.

جدير بالذكر أنّ إيتمار بن غفير يتولى صلاحيات أمنية كبيرة في الضفة الغربية، وفق اتفاقه مع نتنياهو إبّان مفاوضات تشكيل الحكومة، ولهذا تمّ تغيير مُسمّى الوزارة من "الأمن الداخلي" إلى "الأمن القومي". 

 

مقترح تحويل أموال السلطة عبر دولة ثالثة قد تكون (النرويج)، مع توافر ضمانات أمريكية بألّا تُحول أيّ أموال إلى قطاع غزة.

 

بدوره يلفت جبارين إلى أنّ سياسة نتنياهو قامت على استمرار التوتر في الضفة الغربية مع الحرص على عدم انفجار الأوضاع، لكنّ إيتمار بن غفير يرى أنّ المواجهة والصدام هما الحل مع الفلسطينيين. وأشار إلى أنّ الأجهزة الأمنية بدورها لا تفضل السياسات الشعبوية التي يتبعهما بن غفير، لكن لا مناص أمام نتنياهو من الموازنة بين مطالب بن غفير ورؤية الأجهزة الأمنية. 

في السياق ذاته، يذهب الناشط عبد القادر وتد إلى أنّ إيتمار بن غفير حقق ما كان يطالب به لتسليح جميع المستوطنين في الضفة، مستغلاً الحرب دون أنّ يقدم أيّ تنازلات سياسية لنتنياهو، لافتاً إلى أنّ تسليح المستوطنين لم يقتصر على السلاح فقط، بل تم منحهم أزياء عسكرية مثل الجيش، ليصبح بيدهم توقيف وتفتيش واعتقال من يريدون من الفلسطينيين.

هل تنفجر الضفة؟

إزاء العدوان الممتد لأعوام ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، والذي تسارعت وتيرته منذ حرب غزة، يُطرح سؤال حول انفجار الضفة في انتفاضة شعبية ضد الاحتلال. يجيب الناشط وتد بأنّ الحراك المتوقع سيكون على شاكلة "ثورات الجياع" إذا لم تُحلّ أزمة رواتب موظفي السلطة الفلسطينية ودخول العمال إلى أراضي الخط الأخضر، مستبعداً أن تشهد الضفة انتفاضة شعبية موجهة ضد الاحتلال، إلا إذا كانت الدوافع عقدية لا اقتصادية.

وزّع إيتمار بن غفير السلاح على المستوطنين

تلك الاحتمالات تدركها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي تعارض سياسة الوزيرين بن غفير وسموتريتش في الضفة، وتطالب بتحويل أموال السلطة الوطنية، والسماح بدخول العمال. في سياق ذلك، جاء مقترح تحويل أموال السلطة عبر دولة ثالثة، قد تكون (النرويج)، مع توافر ضمانات أمريكية بألّا تُحوّل أيّ أموال إلى قطاع غزة بأيّ شكل. ويُذكر أنّ السلطة تدفع رواتب آلاف الموظفين في القطاع، وتأتي مطالبة إسرائيل بضمانات أمريكية كون واشنطن تمارس ضغوطاً كبيرة لتحويل أموال السلطة، كما تدفع نحو تعزيز دورها وتقويتها.

في السياق ذاته، قبلت الحكومة الإسرائيلية بإدخال (10) آلاف عامل من الضفة الغربية إلى داخل الخط الأخضر لإنقاذ الاقتصاد من الشلل التامّ، خصوصاً بعد مغادرة نحو (10) آلاف عامل أجنبي البلاد منذ الحرب، ومن المحتمل أن تزيد إسرائيل عدد العمال بشكل تدريجي.

مواضيع ذات صلة:

ما سيناريوهات الحكم في غزة ما بعد الحرب؟

هل تستطيع السلطة الفلسطينية أن تحكم غزة؟

هكذا ترد إيران على حرب غزة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية