حقيقة فوبيا الإخوان المسلمين

حقيقة فوبيا الإخوان المسلمين

حقيقة فوبيا الإخوان المسلمين


16/01/2023

ناصر الحزيمي

من المسلمات المشهورة في إدارة أمن الدول أن الجهاز الموكل له هذه المهمة يجب أن يكون دائم اليقظة والمتابعة والاطلاع الإيجابي بجميع الطرق المتاحة هذا التوجه الأمني هو التوجه الطبيعي لهذا الجهاز، ولا يوجد هنا شذوذ أو مبالغة، وأنا هنا قدمت بهذه المقدمة، لكي نضع الأشياء في مكانها الطبيعي فحينما أعلنت المملكة العربية السعودية عن تجريم فكر تنظيم الإخوان المسلمين وتجريم العلاقة بهم من خلال هيئة كبار العلماء لم يكن هذا البيان وليد اللحظة، وإنما جاء بعد بحث ودراسات قام بها مختصون في عدة مجالات لها علاقة بكيان هذه الأمة.

كما أن ممارسات جماعات "الإسلام السياسي" عموما وممارسات "جماعة الإخوان المسلمين والسرورية" على وجه الخصوص قد بانت توجهاتهم ونواياهم تجاه الكيان الذي يعيشون فيه، وكما يعلم الجميع أن جماعات الإسلام السياسي لا يمكن أن تتصالح فكريا وحركيا مع مجتمعاتها ناهيك عن بثها روح العداء والخصومة مع من يخالفها في الفكر والتوجه؛ لهذا هي تمارس الغموض إمعانا في عدم الوضوح، وتحبذ دائما العمل السري ذا الطابع الانضباطي في التنظيم والحركة، حتى شابهوا جماعات نحلة الحشاشين أو سلوك الماسونية، ولا ننسى أن الشيخ محمد الغزالي السقا قد صرح بذلك علانية واتهمها في زمن حسن الهضيبي بالتوجه الماسوني في أحد كتبه.

من تكتيكات الإخوان والسرورية الحركية ممارسة الفعل الحركي بعدة وجوه قد تكون متخالفة أو متناقضة، إلا أنها تمارس عن قصد وبذكاء، حيث إنك تجد من يخالفك في نقدك لهم ويبرر أخطاءهم وفي نفس الوقت تجد منهم من ينتقد أخطاءهم.

وكأنه من خارج منظومتهم الحركية فيصنع أمل التغير السلوكي أو الدعوي عند الحالة المخاطبة، وهي حالة وهمية غير حقيقية مؤجلة الحقيقة والنتائج المتمثلة بمرحلة التمكين والسيطرة، وخير مثال على ذلك حالة مرحلة الدعوة التي كان يقوم بها الخميني ووعوده التي خدع بها أناسا كانوا يظنون أنهم قريبون جدا من الخميني وأفكاره الإصلاحية المستنيرة، واتضح بعد ذلك أن الخميني كان يدعو لتمكين رجال الدين المتطرفين؛ لهذا نجد أن الخميني في بدايات الثورة عزز من تمكين الراديكاليين من رجال الدين خصوصا وأبعد كل تيار يخالف أو يصادم حراك ثورة المعممين، وحول الصراع من صراع وطني شعبي مع الشاه إلى صراع بين المؤسسة الدينية المعممة خصوصا مع عموم شرائح الشعب، وأصبح سرقة الحراك الثوري واضحا وبينا من قبل معممي الثورة وكثرة الإعدامات والمطاردات لمن يخالف الخميني.

ودارت عجلة التطهير وغابت العقلانية وحضر الاستقواء بالعامة متمثلة بالحرس الثوري وهرب مهندس ترويج الخمينية في الغرب بني صدر، وهو يلعن اليوم الذي مارس فيه الدعاية للخميني وللمعممين.

وظهر أحمد الخميني نجل الولي الفقيه الخميني وهو يذم مسلك عوام معممي الثورة، مما وضعه في دائرة الارتياب والشك. إن مرحلة بدايات ثورة الخميني أو المعممين كانت دامية واستمرت الدماء حتى هذه الأيام بسبب أمور سطحية.

ونفس ما حصل ويحصل في إيران يتكرر في إمارة طالبان منذ مدة وأي دولة دينية لا يمكن أن تدار فيها الأمور إلا بالحديد والنار، وكان من الممكن أن يحدث ذلك في مصر المحروسة لكن الله سلم ولطف بعباده، كما أن من طبيعة الدولة الدينية أنها لا تقوم إلا بيد العوام لأن الإسلام السياسي يستغل العامة لصالح خطابه، لكنه لا يستطيع أن يسيطر عليهم دائما فهم في الآخر عبء ضاغط على كيان الدولة يتحول إلى التطرف والغرائبيات فالقسوة والجهل والسطحية هي ما يميزها.

وسواء كنا في طهران أو القاهرة أو الرياض أو دمشق أو تونس أو كابل أو الجزائر أو غيرها تبقى أساليب التمكين وما بعده واحدة فما نشاهده من قمع وإعدامات في إيران أو أفغانستان كان من الممكن أن نشاهده في أي دولة يسيطر عليها بتمكن التيار الديني.

عن "العربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية