خطوة أخرى لتجاوز مخلفات حكم الإخوان... تونس تتحرك للحد من نفوذ الاقتصاد التركي

خطوة أخرى لتجاوز مخلفات حكم الإخوان... تونس تتحرك للحد من نفوذ الاقتصاد التركي

خطوة أخرى لتجاوز مخلفات حكم الإخوان... تونس تتحرك للحد من نفوذ الاقتصاد التركي


05/12/2023

في خطوة جديدة لتجاوز مخلفات حكم حركة النهضة الإخوانية في الأعوام الـ (10) الماضية، الذي فتح الباب أمام تركيا لتغرق البلاد ببضائعها كمكافأة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وقوفه في صف حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، أعلنت الحكومة التونسية أنّها ستفرض ضرائب جمركية على بعض المنتجات الصناعية التركية ضمن مراجعة لاتفاقية التجارة مع تركيا.

وهو أوّل إجراء فعلي بعد الجدل الذي أثاره إغراق السوق التونسية بالعديد من البضائع التركية بتسهيلات من منظومة الحكم السابقة بقيادة حركة النهضة، ممّا أضرّ بالاقتصاد التونسي، فيما يشكل العجز التجاري إحدى المشاكل الرئيسية للبلاد التي تواجه أزمة مالية واقتصادية.

وتأتي هذه الخطوة استجابة لمطالب متكررة أطلقها اقتصاديون ومنظمات وطنية لمراجعة هذه الاتفاقية، التي يرون أنّها "مجحفة"، وأضرّت بالإنتاج التونسي المحلي، واستنزفت احتياطي البلاد من العملة الصعبة.

تونس تتحرك للحدّ من نفوذ الاقتصاد التركي

ويشمل قرار فرض الضرائب على البضائع التركية قائمة من المنتوجات الصناعية التي لها مثيل مصنّع محليّاً، موجهة للاستهلاك في قطاعات مواد التنظيف والمواد البلاستيكية والعجلات المطاطية والملابس الجاهزة، من خلال إخضاعها لمعاليم ديوانية، على أن يتم تجسيم ذلك في إطار قانون المالية لعام 2024، وفق ما ذكرت وكالة (تونس أفريقيا) للأنباء.

حُكم حركة النهضة الإخوانية في الأعوام الـ (10) الماضية فتح الباب أمام تركيا لتغرق البلاد ببضائعها، كمكافأة للرئيس التركي أردوغان على وقوفه في صف الحركة 

وقد صادقت جلسة عمل وزارية انعقدت الجمعة بقصر الحكومة بالقصبة، بإشراف رئيس الحكومة أحمد الحناشي، على مقترحات لجنة الشراكة بين البلدين الخاصة بتطوير الاتفاقية التجارية بين تونس وتركيا، وهو ما مثل وفق خبراء اقتصاديين خطوة على الطريق الصحيحة لإصلاح الاقتصاد الوطني، ووقف نزيف العملة الصعبة، ومواجهة العجز التجاري الذي يُعتبر من بين أبرز مشاكل الاقتصاد التونسي.

أضر الإخوان في فترة حكمهم بالاقتصاد من خلال إغراق السوق التونسية بالبضائع التركية على حساب المحلية

واقترحت اللجنة الحصول على امتيازات للصادرات التونسية في عدد من المنتوجات الفلاحية والصناعات الغذائية نحو تركيا في شكل حصص سنوية معفاة تماماً من المعاليم الديوانية، بالإضافة إلى تنظيم منتدى اقتصادي للاستثمار خلال الثلاثية الأولى من العام 2024 لدعم الاستثمار التركي في تونس في المجالات ذات الاهتمام المشترك، ودعت الحكومة التونسية كل الوزارات المعنية لتفعيل بقية مجالات التعاون الثنائي بما يخدم مصالح البلاد.

خلفيات سياسية

وأثار إغراق الأسواق التونسية بالسلع التركية خلال العشرية السابقة جدلاً واسعاً، وذهب بعض المنتجين والصناعيين إلى حدّ اتهام المنظومة الحاكمة حينها بتخريب الاقتصاد التونسي.

ومنذ وصول الإسلاميين إلى الحكم في تونس بعد ثورة الياسمين في 2011، انفتحت أبواب السوق التونسية على مصراعيها أمام السلع التركية، فيما تتمتع جماعات الإسلام السياسي بدعم تركي، لكن بعد اتخاذ الرئيس قيس سعيّد الإجراءات الاستثنائية في تموز (يوليو) 2021 بدأت السلطات تتخذ سياسة لحماية السيادة الوطنية وتحصين الاقتصاد من خلال مراجعة العديد من الاتفاقيات.

منذ وصول الإسلاميين إلى الحكم في تونس في 2011، انفتحت أبواب السوق التونسية على مصراعيها أمام السلع التركية

وأطلق نشطاء تونسيون في مناسبات سابقة دعوات لمقاطعة السلع التركية بهدف تحصين اقتصاد بلادهم، لكنّها لم تُعطِ نتائج ملموسة، في ظل تواصل الاستيراد الذي شمل الكماليات والأساسيات، ولم يستثن العديد من المواد التي تنتجها البلاد، مقابل نسبة تصدير ضئيلة للسلع التونسية إلى تركيا.

أضرت بالاقتصاد التونسي

وشهدت المبادلات التجارية عجزاً غير مسبوق لصالح الاقتصاد التركي، وفتحت الأسواق التونسية أمام البضائع التركية خاصة في مجال الصناعات الغذائية والاستهلاكية وقطاع النسيج والأدوات المنزلية ومواد أخرى يتم تصنيعها في تونس بجودة أفضل، وكذلك أمام الشركات التركية للاستئثار بالحصة الكبرى من الصفقات الضخمة، وهو ما تسبّب في إنهاك الاقتصاد التونسي، وضرب الإنتاج المحلي، وإفلاس شركات تونسية.

وبحسب بيانات أعلن عنها المعهد الوطني للإحصاء (مؤسسة رسمية)، فإنّ أنقرة تسهم بنحو (3.9) مليارات دينار (نحو 1.2 مليار دولار) من مجموع العجز في الميزان التجاري، الذي تعمق إلى مستوى (25.2) مليار دينار (نحو 8.1 مليارات دولار) في 2022.

وتؤكد إحصائيات رسميّة أنّ نسق العجز التجاري مع تركيا في تصاعد مستمر خلال الأعوام الأخيرة، وكشف المرصد التونسي للاقتصاد عن ارتفاعه إلى نحو (919) مليون دولار في العام 2021، مقابل (836) مليون دولار في العام في 2019، في حين لم تكن تونس تسجلّ عجزاً في مبادلاتها مع أنقرة قبل 2011. 

وعام 2018 رفعت تونس التعريفة الجمركية لعدد من المنتجات المستوردة من تركيا، لكنّ ذلك لم يسفر عن تقليص ملموس في حجم العجز التجاري المتفاقم.

وارتفع عجز الميزان التجاري التونسي بنسبة 60% في الأشهر الـ (10) الأولى من العام 2022 مقارنة بالعام السابق، إلى مستوى قياسي بلغ (21.322) مليار دينار (6.63 مليارات دولار).

أطلق نشطاء تونسيون في مناسبات سابقة دعوات لمقاطعة السلع التركية بهدف تحصين اقتصاد بلادهم، لكنّها لم تُعطِ نتائج ملموسة

وأظهرت أرقام المعهد الوطني للإحصاء التونسي أنّ العجز التجاري بلغ (13.31) مليار دينار في الفترة نفسها من 2021.

وفي 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2004 وقّعت تونس مع تركيا اتفاقية للتبادل الحر تسمح بإعفاء جميع المنتجات الصناعية من الرسوم الجمركية، وتفسح المجال في بند من بنودها لكل طرف بالترفيع التدريجي في المعاليم الجمركية لتعديل الميزان التجاري.

غزو تركي للسوق التونسية

وتُغرق السلع التركية أسواق تونس، وتنافس سلعها المحليّة، بما في ذلك تلك المصنفة على أنّها كماليات، في مقابل محدودية صادراتها نحو هذا البلد، وهي بالأساس منتجات فلاحية وكميات من الفوسفات.

وازدادت تجارة "الشنطة" في حضور السلع التركية في أسواق تونس، وتُستورد غالبيتها عبر هذه المسالك غير المنظّمة بعيداً عن الرقابة الجمركية.

أضرّت اتفاقية التبادل الحر مع تركيا بقطاعات عديدة في تونس

ويقول خبراء اقتصاد: إنّ السلع التركية تدخل تونس بحرية تامّة دون رقابة جمركية، وإنّ جزءاً كبيراً من هذه السلع موجّهة للاستهلاك؛ مثل الشوكولا والبسكويت القادمة من تركيا، التي تُعرض في الفضاءات التجارية الكبرى وفي المحال الصغيرة على حدّ سواء، وتنافس السلع المحليّة.

وقد أضرّت اتفاقية التبادل الحر مع تركيا بقطاعات عديدة في تونس، لكنّ أبرز القطاعات التي سجلت خسائر بسبب المنافسة غير المتوازنة هي قطاعات الجلود والأحذية والنسيج، إذ يتم سنوياً استيراد ما قيمته (1.3) مليار دينار (464 مليون دولار) من النسيج من تركيا، ويبلغ العجز في هذا القطاع مليار دينار (357 مليون دولار).

مواضيع ذات صلة:

- الانتخابات المحلية على الأبواب... تونس تستعد للتخلص نهائياً من الإخوان

- كيف ينظر الأتراك إلى العرب؟

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية