"داعش".. تساؤلات الظهور والاختفاء

"داعش".. تساؤلات الظهور والاختفاء

"داعش".. تساؤلات الظهور والاختفاء


11/03/2023

عبدالله جمعة الحاج

منذ منتصف فبراير 2023 يتوالى ورود أنباء صحفية وتقارير إعلامية عن قيام تنظيم «داعش» الإرهابي بقتل مجموعة من المدنيين في سوريا إثر هجمات شنها، وتتصدى قوات التحالف الدولي له، ومقتل عدد من أفراده، من بينهم قيادي بارز فيه، وإصابة عدد من جنود التحالف.

وتأتي مثل هذه الأنباء حول نشاط هذا التنظيم الإرهابي رغم التصريحات الرسمية المتكررة بأنه تم القضاء على دولته التي أقامها، وجعل من الرقة السورية عاصمة لها.

إن الإنسان في كل مكان يقف حائراً أمام هذه الأنباء التي تصل إليه وتقلقه، فهل تم فعلاً القضاء على هذا التنظيم الوحشي وعلى دولته الإرهابية؟ أم أن المسألة مجرد إعلام يراد من ورائه إيهام البشر بتحقيق انتصارات وهمية ضد هذا التنظيم بالذات وضد الإرهاب في مجمله؟ ولماذا تغيب العمليات التي يقوم بتنفيذها إرهابيوه فترة ثم تعود إلى الخروج فجأة ومن دون سابق إنذار لكي يتم تنفيذها على الأراضي السورية بالذات؟

ما يدفع إلى طرح مثل هذا التساؤل حول حقيقة وجود التنظيم بعدما تم الإعلان عدة مرات، ومن جهات مختلفة، بأنه تم القضاء عليه وعلى «دولته»، هو أن العمليات الإرهابية تخالف الأيديولوجيا العقيدية التي ينطلق منها أساساً، وهي محاربة نوعين من الأعداء هما: العدو القريب والعدو البعيد، والأول قائم على أساس من منطلقات مذهبية يحارب من خلالها كل من هو ليس من أهل السُنة، والثاني هو العدو المتجسد في العالم الغربي.

ما يهمنا أن العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها مؤخراً في منطقة «السخنة» من ريف بادية حمص وراح ضحيتها 53 مواطناً سورياً كانوا يجمعون «الفقع» أو الكمأ هم من سكان المنطقة الأصليين الذين يعرف بأنهم من أهل السنة، فلماذا يقوم «الدواعش» بقتلهم وهم من ملته التي يفصح بأنه ينتمي إليها؟

لذلك، فإن ما وقع من قتل لهؤلاء الأعراب يثير الشك حول وجود فعلي للتنظيم وبأن من قاموا بتنفيذ العملية هم من «دواعش» التنظيم، كما تم تأسيسه في بادئ الأمر، وكان يقوده أبوبكر البغدادي الذي تقول قوات الولايات المتحدة الأميركية بأنها قامت بقتله في أكتوبر 2019، فسكان «السخنة» ليسوا ضمن العدو القريب وفقاً للتصنيف «الداعشي».

ما ينسب إلى «داعش» وما يشير إلى استمرار وجودها بهذا الثقل في سوريا لكي تستطيع تنفيذ عمليات بهذا الحجم وبهذه الشراسة، يتطلب وضع التنظيم ضمن محتوى أوسع وضمن ما يجري من أحداث دامية في سوريا منذ عام 2011، وحتى هذه اللحظة.

ويمكن أن يتأتى ذلك عن طريق تتبع أصول «داعش» الاجتماعية والسياسية ومقارنتها بموجات العنف والإرهاب، التي تضرب سوريا خلال الاثني عشر عاماً المنصرمة.

وعن طريق القيام بذلك، يمكننا قياس المدى الخاص بالاستمرارية والتغيير والتحول الأيديولوجي إذا كان التنظيم موجود حتى الآن بالفعل، ومن ثم تفسير ظواهر الاختفاء المفاجئ ثم الظهور المفاجئ التي يعلن عنها.

وقبل الإعلان عن القضاء على دولة «داعش» في العراق وسوريا كانت أسباب تطرفه الشديد غير المسيطر عليه تكمن في أصوله في «القاعدة» في العراق التي أسسها أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل على يد قوات الولايات المتحدة المشاركة في التحالف الدولي ضد الإرهاب في عام 2006م.

لقد أسس «داعش» لنفسه قوة عسكرية، لكنها كانت ولا زالت مصطبغة بممارسات فاسدة من القتل الجماعي الوحشي وقطع الرؤوس والتصفية العرقية ضد الأقليات والمذاهب الأخرى.

تلك الوحشية قد تبدو غير ذات معنى ومستغربة لدى أصحاب النفوس السوية، لكنها لدى لدى قيادات «داعش» ومنتسبيه هي ليست كذلك، حيث ينظر إليها من وجهة نظر أتباع التنظيم على أنها خيار عملي يهدف إلى إرهاب الأعداء وجذب الأتباع المحتملين لتجنيدهم في صفوف التنظيم الإرهابي.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية