دعوا إلى حوار شامل... ما الذي تسعى إليه رموز العشرية الماضية بتونس؟

دعوا إلى حوار شامل... ما الذي تسعى إليه رموز العشرية الماضية بتونس؟

دعوا إلى حوار شامل... ما الذي تسعى إليه رموز العشرية الماضية بتونس؟


27/10/2022

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بتونس الأيام القليلة الماضية بتدوينات حول الظهور الإعلامي للرئيسين التونسيين السابقين محمد الناصر وفؤاد المبزع، خصوصاً بعد فترة طويلة من الابتعاد عن الأضواء والتصريحات الإعلامية، وتداول النشطاء التونسيون تصريحاتهما، التي أكدا فيها أنّ "تونس بحاجة إلى الحوار بين جميع الأطراف لفضّ الخلافات والخروج من الأزمة الراهنة"، بكثير من السخرية والاستنكار.

 ويعتبر نشطاء التواصل الاجتماعي أنّ كل رموز "العشرية" الماضية، وفي مقدمتهم محمد الناصر وفؤاد المبزّع، هم من وضعوا تونس في هذه الأزمة، وخيبوا آمال الشعب، وأنّهما الآن يضحكان على الذقون بمحاولتهما التدخل لإخراج البلاد من هذه الأزمة.

 أبرز رموز "العشرية" الماضية يعودون

ويُعدّ فؤاد المبزع أول رئيس أمسك مقاليد الحكم في البلاد بعد أحداث 14 كانون الثاني  (يناير) قبل أن يحاول الغنوشي التسلّط عليه ليوم واحد، وهو أحد أبرز رموز العشرية السوداء كما يطلق عليها التونسيون، دون اعتبار مشاركته في الحكم قبل الثورة.

 وشغل محمد الناصر منصب الرئيس المؤقت للجمهورية التونسية خلال عام 2019 بعد وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي، وقد نُصّب سابقاً رئيساً لمجلس النواب التونسي خلال المدة النيابية 2014-2019، وشغل وزارة الشؤون الاجتماعية أكثر من مرة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وشغل المنصب نفسه في حكومة الباجي قائد السبسي في شباط (فبراير) 2011.

فؤاد المبزع أحد أبرز رموز العشرية السوداء كما يطلق عليها التونسيون

 عودة الناصر والمبزّع (أبرز وجوه المشهد السياسي خلال العشرية الماضية وما قبلها) إلى المشهد السياسي التونسي بعد غياب طويل، أثارت الجدل مجدّداً في تونس، حول النوايا التي عادا بها، ومدى نجاعة تدخلهما في الوضع التونسي المتأزم.

 محاولات للارتماء في قلب الأحداث

الرئيس السابق المبزع دعا الثلاثاء في تصريحات صحافية على هامش محاضرة بعنوان "تونس كما عشتها 1940ـ 1970"، في إطار لقاء نظّمه المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، إلى وجوب عقد حوار وطني.

 وقال: إنّ الحوار وحده "كفيل بتجاوز الخلافات في تونس اليوم والخروج بها من أزمتها"، مستشهداً في ذلك بالحوار الوطني الذي أفضى إلى حكومة مهدي جمعة (2014) والخروج بالبلاد من أزمتها آنذاك.

نشطاء التواصل الاجتماعي يعتبرون أنّ كل رموز العشرية الماضية هم من وضعوا تونس في هذه الأزمة، ويحاولون الآن الضحك على الذقون

 

 وأشار إلى أنّ تونس اليوم في حاجة إلى الحوار والنقاش ووضع كافة المشاكل والخلافات على الطاولة لإيجاد حلول لها، على غرار مسألة التعليم وغيرها من المسائل التي تهمّ الشعب التونسي.

من جانبه، اعتبر الناصر، في الندوة ذاتها التي شارك فيها الرئيس السابق، أنّ "تونس اليوم في حاجة إلى الحوار بين جميع الأطراف لفضّ كافّة الخلافات والخروج من الأزمة الراهنة التي تعيشها البلاد".

 وشدد الناصر الذي تولى رئاسة البرلمان خلال عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي على ضرورة "التضامن الوطني بين الجميع والابتعاد عن المصالح الشخصية والجهوية الضيقة".

 ولفت إلى أهمية أن تتحلّى قيادات الدولة والأحزاب وكلّ من يتحمل مسؤولية في البلاد، بمثل هذه القيم وذلك بالابتعاد عن المصالح الشخصية، والتفكير في ما ينفع المجموعة "ليكون قادراً على كسب ثقتها".

 وقال الناصر: إنّ نُكران الذات هي "صفة يجب أن تتوفّر في كل قيادي متحمّل للمسؤولية، لكنّها للأسف ليست دائماً متوفّرة لدى القياديين في تونس، وكانت أحد الأسباب التي يعاني منها الشعب التونسي في الماضي وفي الحاضر".

 نشطاء التواصل الاجتماعي بين السخرية والغضب

ظهور الناصر والمبزّع أثار موجة من السخرية بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، فقد تداول عدد كبير منهم تدوينة "اخرجوا أنتم هنا توا تتحل" (اخرجوا أنتم من الأزمة لتُحل)، واعتبرهم آخرون من "نفايات عهد زين العابدين بن علي ورسكلتهما حركة النهضة"، داعين إيّاهما للعودة إلى المكان الذي كانا يختبئان فيه.

شغل محمد الناصر منصب الرئيس المؤقت للجمهورية التونسية خلال عام 2019 بعد وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي

 من جانبه، حذّر الناشط أحمد بسباس قائلاً: "أقول لقيس سعيّد ظهور هاتين الشخصيتين مع كمال العكروت ربما يحمل مؤشراً على ما يُدبّر من قيادات التجمع السابقة واللاحقة... فحذارِ"،   واستغرب الناشط حسني قائلاً: "الله الله، هل ما زالا يريدان التحاور؟ على ماذا سيتحاورون، وهم من فقّروا الشعب؟"، واعتبر منصف كشيش أنّ "همّ الأحزاب هو المناصب، ولا يهمهم الشعب ولا الوطن...، هم يسعون للمناصب وما وراءها، لذلك سوف يتكالبون على الحوار". وقال فيصل الزواري: "مع من الحوار؟ هل مع من باعوا البلاد وسرقوها أم مع المهربين وتجار الدين؟".

عودة الناصر والمبزّع إلى المشهد السياسي التونسي بعد غياب طويل، أثار الجدل مجدّداً في تونس حول النوايا التي عادا بها

 

 نشطاء التواصل الاجتماعي دعوا الرئيسين السابقين إلى ترك الاهتمام بالبلد الذي ساهما في تأزمه، والعودة إلى حياتهما الشخصية، مع جراية تقاعدهما، وترك الشعب مع أزماته الاجتماعية والاقتصادية.

 هذا، ويتمسك الرئيس قيس سعيّد برفض الحوار مع القوى التي استفادت من الحكم طيلة العشرية الماضية، وعلى رأسها حركة النهضة الإسلامية، ويحمّل سعيّد هذه القوى المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تتخبط فيها البلاد اليوم، ويتهمها بالاستقواء بالخارج للإجهاز على المسار الانتقالي الحالي.

 هل هي خطة النهضة؟

وتذهب أغلب القراءات الصحافية والتحليلية إلى أنّ حركة النهضة راهنت في الفترة الماضية على أن تلعب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد دوراً في تأليب الحاضنة الشعبية للرئيس، لكن مع المؤشرات عن انفراجة، خصوصاً بعد توصل الحكومة إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، بات هذا الرهان ضعيفاً، وهو ما جعلها تبحث عن طريقة أخرى تعود بها إلى المشهد السياسي الذي لفظها منذ 25 تموز (يوليو) 2021.

 هذه القراءات ترى أنّ ظهور محمد الناصر وفؤاد المبزّع ليس ببريء، وأنّ أطرافاً دفعتهما إلى الحديث عن حوار، مع فشل كل محاولات المشاركة في العملية السياسية الجديدة، أو ما يُعرف بمشهد ما بعد 25 تموز (يوليو)، وأنّ أبرز الأطراف المستفيدة من ذلك هي حركة النهضة.

 ولم يعد أمام الحركة متسع من الوقت للعودة إلى المشهد السياسي، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقرّرة في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل (تاريخ الثورة)، خصوصاً أنّها قررت عدم المشاركة فيها، وحشدت أحزاباً للمقاطعة، بالتالي لم تعد أمامها فرصة للتراجع، وهو ما سيؤدي إلى برلمان جديد دون حركة النهضة (لا الحكم ولا المعارضة).

 يُذكر أنّ الحركة الإخوانية وعلى مدار الأشهر الماضية سعت إلى جانب القوى الحليفة لها ضمن جبهة الإنقاذ للضغط على سعيّد، من خلال شنّ حملات ضده في الخارج، وأيضاً من خلال حشد أنصارها في الشارع لكنّ جميع جهودها باءت حتى الآن بالفشل.

مواضيع ذات صلة:

الأحزاب التونسية المقاطعة للانتخابات... هل تخترق البرلمان عبر مستقلين؟

لن تشارك فيها النهضة لأول مرّة منذ 2011... مؤشرات إيجابية للانتخابات البرلمانية التونسية

قرض النقد الدولي.. هل يُخرج تونس من أزمتها المالية؟.. خبراء يجيبون



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية