رسائل حلمي الجزار... ما الذي تعكسه عن واقع جماعة الإخوان ومستقبلها؟

رسائل حلمي الجزار... ما الذي تعكسه عن واقع الجماعة ومستقبلها؟

رسائل حلمي الجزار... ما الذي تعكسه عن واقع جماعة الإخوان ومستقبلها؟


28/09/2023

لم يأتِ مجمل الرسائل التي حملها لقاء مسؤول المكتب السياسي لجماعة الإخوان حلمي الجزار مؤخراً بجديد يُذكر، في مجرد طرح مكرر لمشروع وأفكار قديمة سبق أن تحدث عنها تفصيلاً القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير قبل وفاته، حتى فيما يتعلق بموقف الإخوان لدعم مرشح رئاسي بمصر جاءت الرسالة مجرد تأكيد رسمي متوقع، وبالرغم من ذلك لا يمكن إنكار أهمية الرسائل ودلالتها في فهم السياق الذي تتحرك فيه الجماعة في الوقت الراهن وتفاعلاتها الداخلية، وأيضاً ما الذي ينتظرها في المستقبل.

طرحا الجزار متناقضان؛ فالجماعة التي تطلب المصالحة مقابل اعتزال السياسة، تدفع بالفعل بمرشح لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في مصر أملاً في العودة إلى المعترك السياسي

ويمكن تلخيص أبرز رسائل حلمي الجزار خلال اللقاء في (3) محاور رئيسية؛ الأول يتعلق بمحاولة الجماعة المتكررة التفاوض مع السلطات المصرية بشأن مصالحة قريبة مقابل اعتزال الإخوان للعمل السياسي لمدة (10) أعوام وإجراء مراجعات فكرية، والثاني يتعلق بالإعلان رسمياً عن دعم الإخوان للمرشح الرئاسي المحتمل أحمد طنطاوي، وعلى ما يبدو فإنّ الطرحين متناقضان؛ فالجماعة التي تطلب المصالحة مقابل اعتزال السياسة، تدفع بالفعل بمرشح لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في مصر أملاً في العودة إلى المعترك السياسي.

أمّا المحور الثالث، فيتعلق بسعي الإخوان نحو العودة إلى الشرق الأوسط ومحاولة مغازلة بعض الدول العربية من أجل التصالح، مثلاً حديث الجزار حول المملكة العربية السعودية، محاولاً استجداءها، ويقول: "حول علاقة الجماعة بالسعودية، أكد الجزار أنّها علاقة "تاريخية وطيبة"، مؤكداً أنّ الجماعة تمدّ يدها للمجتمع العربي بشكل عام، خاصة أنّها دعوة إسلامية تحاول الإصلاح وتريد الخير للأوطان.

ما الذي نفهمه من رسائل الجزار؟

لم تكشف رسائل الجزار الـ (3) عن جديد يذكر بشأن الإخوان، بيد أنّه تجاهل الحديث عن أزمات الانقسام الداخلي، أو لم يمنح لها الوقت الكافي للحديث عنها، وفضل الإشارة إليها بشكل مقتضب، محاولاً إظهارها باعتبارها خلافات داخل البيت الواحد وليست جوهرية، لكنّ الهجوم الذي تفجر لاحقاً على تصريحات الجزار عبّر بشكل واضح عن حقيقة الانقسام والشقاق داخل التنظيم.

وأعقب لقاء الجزار موجة غضب إخوانية، مثلت ردّ الفعل الأقوى حتى الآن، ورفضت قيادات العمل التنظيمي ما طرحه الجزار جملة وتفصيلاً، واعتبروه مجرد "رأي شخصي" غير متفق عليه داخل الإخوان.

لم تكشف رسائل الجزار الـ (3) عن جديد يذكر بشأن الإخوان

وكتب القيادي الإخواني أحمد عبد العزيز، رئيس ما يُسمّى بـ "رابطة الإعلاميين المصريين بالخارج"، عبر صفحته على (فيسبوك)، منتقداً تصريحات حلمي الجزار، يقول: "خطاب الدكتور الجزار، في مجمله، يجافي الفطرة الإنسانية ويصطدم بها، فالإنسان مجبول على الاستجابة للمؤثرات: يغضب للإهانة، ويذود عن العِرض والشرف، ويثأر للدم، ويردّ العدوان بمثله، ولا يتسامح مع سارقه... إلخ. ثم جاء الدين ليضع إطاراً حقوقياً وميزاناً اجتماعياً لكل ذلك، حتى لا يجور المظلوم على الظالم، فيأخذ أكثر من حقه، وحتى يردع الباغي، فلا يسلب ما ليس له".

أعقب لقاء الجزار موجة غضب إخوانية، مثلت ردّ الفعل الأقوى حتى الآن، وقد رفض قادة العمل التنظيمي ما طرحه الجزار جملة وتفصيلاً، واعتبروه مجرد "رأي شخصي" غير متفق عليه داخل الإخوان

ويتابع: "لن يصدقك هؤلاء إلّا إذا انتصرت عليهم، وملكت رقابهم، وكنت قادراً على الانتقام منهم، ساعتها فقط، سيصدقونك إذا قلت لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء، أمّا قبل ذلك، فستظل في نظرهم "الخبيث المغلوب"، صاحب "الابتسامة الصفراء" الذي ينتظر لحظة الانتقام، "المُتَحَرِّف لقتال"، الذي يتحين الفرصة للتنكيل بمن فعلوا به الأفاعيل، وهم أدرى بما فعلوا بك، كلّ هؤلاء لا يتوقعون منك سوى الانتقام، حتى لو أقسمت ألف ألف مرة أنك سامحتهم، وعفوت عنهم، وحتى لو ظلت هذه الابتسامة تعلو وجهك، حتى وأنت نائم".

ويضيف: "كلمة أخيرة، لست ضد انسحاب الإخوان من المشهد، وربما يكون هذا هو القرار الأصوب في هذه الظروف بالغة السوء، إلى أن تعيد الجماعة بناء نفسها، وتنضِج مشروعها، وتبلور رؤيتها، ولكنّي ضد "الانبطاح" أمام العدو، لا سيّما إذا كان عدواً معدوم الشرف".

هل ثمّة خطط للمستقبل؟

يرى الكاتب المصري حمدي رزق أنّ حديث حلمي الجزار ربما يرسم ملامح حول مستقبل قريب يخطط له الإخوان في الوقت الراهن، يستهدف العودة التدريجية إلى المعترك السياسي في مصر.

حمدي رزق: يتحدث الجزار عن مراجعات الجماعة، ويعترف بأنّه حدثت أخطاء يعتذر عنها، ينسلّ بنعومة الزواحف، جلده ناعم وعليه كرافته تردّ الروح، والسمّ ينساب من بين أنيابه الصفراء على شدقيه لزجاً

ويقول رزق في مقال نشره موقع المصري اليوم تحت عنوان: "حصان طروادة الإخواني!": "يشتمّ من حديث الإخوانجي حلمي الجزار أنّ حصاناً خشبياً ضخماً أجوف، أقصد مرشحاً أجوف ستمتطيه الجماعة لينسل الإرهابيون مجدداً إلى المشهد المصري في غمرة الانتخابات الرئاسية (راجعوا حديث حلمي الجزار عن المرشحين المحتملين على قناة أيمن نور).

ويضيف: حاذق الجزار، ظهور ناعم بابتسامة لزجة، يمرر الاسم خفية دون أن ينطق به، الحديث يدور حول مرشح بعينه ألقى بياضه مبكراً بوعد الإفراج عن الإرهابيين تحت مسمّى معتقلين، في مخاتلة سياسية مفضوحة، معلوم الإخوان لن يسمّوا مرشحهم الآن حتى لا يحترق بنيرانهم، معلوم من يقترب من نار الإخوان يحترق، وقطعياً لن يصرّحوا باسمه حتى يوم التصويت، كعادتهم سيوصون الصف الإخواني بالتصويت سراً للحصان (الأجوف).

ويتابع: "لهم في دعم الحصان (الأجوف) مآرب أخرى، وأوّلها الإفراج عن قيادات الجماعة الإرهابية، وإعادتها إلى المشهد المصري حتى في شكل "جماعة دعوية"، حديث الجزار المعسول مقصده وصل ما انقطع مع المعارضة الوطنية، وصولاً إلى التطبيع الشعبي مع الجماعة الإرهابية، أقصى آمالهم كسر الحاجز النفسي بين الشعب المصري والجماعة.

ويقول الكاتب المصري: "يتحدث الجزار عن مراجعات الجماعة، ويعترف بأنّه حدثت أخطاء يعتذر عنها، وينسل بنعومة الزواحف، جلده ناعم وعليه كرافته تردّ الروح، والسمّ ينساب من بين أنيابه الصفراء على شدقيه لزجاً".

ويشير رزق إلى أنّ "ظهور الجزار مبكراً، وقبل فتح باب الترشيح، رسالة إلى الإخوان داخلياً وخارجياً، بأنّ اللحظة مواتية للتسلل إلى الشارع المصري، وتنفيذ خطة حصان طروادة، وركوب ظهر حصان أجوف وعد بالإفراج عن الإرهابيين بوصفهم معتقلين، في خلط واضح بين الإرهابيين ومن يسمّونهم في الأدبيات الحقوقية (المعتقلين سياسياً)، ويشملهم قرار العفو الرئاسي".

مواضيع ذات صلة:

مراجعات الإخوان... هل تشفع لهم عند المصريين؟

كيف تسلّلت الإسلاموية إلى مصر؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية