رسالة لباحث مصري تضع "الإخوان المسلمين" في مأزق باستوكهولم.. ما القصة؟

رسالة لباحث مصري تضع "الإخوان المسلمين" في مأزق باستوكهولم

رسالة لباحث مصري تضع "الإخوان المسلمين" في مأزق باستوكهولم.. ما القصة؟


27/02/2023

جدل واسع فجّرته رسالة دكتوراه للباحث المصري سامح إيجيبتسون داخل الدولة السويدية على امتداد الأيام الماضية، لما طرحته للتوثيق عن مشروع الإسلام السياسي، والاختراق الممنهج من قبل جماعة "الإخوان" للمؤسسات والمراكز الدينية والتعليمية في استوكهولم.

الرسالة البحثية، التي تم تسريب جزء كبير منها على صفحات الصحف السويدية قبل مناقشتها، أشعلت المعارك الكلامية، وأثارت فضول الكثير من الباحثين والمتابعين للمشاركة في حضور وقائع المناقشة البحثية في قاعة "Lux"، وهو ما دفع إدارة جامعة "Lund" إلى إغلاق أبوابها لدواعٍ أمنية، في ظل تخوفها من وقوع أعمال عنف أو صدام من قبل أتباع الإسلام الحركي، بحسب ما نقلته صحيفة "alkompis" السويدية.

أثارت المعارك الكلامية فضول الكثير من الباحثين والمتابعين للمشاركة في حضور وقائع المناقشة البحثية

وتتضمن الرسالة البحثية (740) صفحة، تمّت الموافقة عليها يوم الجمعة الماضي من قبل جامعة "Lund"، بعد مناقشة تجاوزت (4) ساعات متواصلة، تعرضت لحالة من الترهيب المتعمد، لا سيّما في ظل توثيقها للعلاقة السرية القائمة بين جماعة "الإخوان المسلمين"، وبين "اتحاد الجمعيات الإسلامية" (IFiS) ويضم (33) جمعية، و"اتحاد مسلمي السويد" (SMF) ويضم (23) جمعية، و"منظمة الشباب المسلم" (SUM) وتضم (45) جمعية إسلامية.

وتطرّقت الرسالة أيضاً إلى "هيئة الإغاثة الإسلامية"، و"جمعية ابن رشد التعليمية"، و"مكتب الإعلام الإسلامي"، و"المركز الإسلامي" الذي وصفته بأنّه مقر النشاط السري للتنظيم الدولي لـ "الإخوان"، و"المنتدى الإسلامي السياسي"، و"التجمع الإسلامي السياسي"، و"المجلس الإسلامي السويدي"، و"الكشافة الإسلامية السويدية"، و"جمعية الهلال الجديد الثقافية"، و"جمعية المرأة المسلمة"، و"اتحاد الطلبة المسلمين السويديين" ("الخوارزمي")، و"رابطة المدارس الإسلامية"، وفقاً لموقع "النهار العربي".

جدل واسع فجّرته رسالة دكتوراه للباحث المصري سامح إيجيبتسون داخل السويد

واعتبرت الرسالة البحثية أنّ عدداً من العناصر الأصولية اخترقوا الأحزاب السياسية والمدارس واتحادات الطلاب السويدية، ونجحوا في أن يصبحوا "ممثلين للمسلمين"، رغم أنّهم في الحقيقة لا يمثلون سوى "الإخوان المسلمين"، وفقاً لاعترافاتهم الصريحة بانتمائهم لجماعة "الإخوان".

اعتبرت الرسالة البحثية أنّ عدداً من العناصر الأصولية اخترقوا الأحزاب السياسية والمدارس واتحادات الطلاب السويدية، ونجحوا في أن يصبحوا "ممثلين للمسلمين"

كما وجهت انتقادات لاذعة للعديد من الأحزاب السياسية، والمؤسسات الرسمية السويدية، مثل "مجلس التعليم السويدي"، و"الوكالة السويدية للشباب والمجتمع المدني"، و"هيئة التنمية السويدية" (sida)، و"هيئة دعم الطوائف الدينية"، لأنّها قدمت دعماً بعشرات الملايين على مدار الأعوام الماضية لجمعيات ومدارس ومؤسسات تابعة أو خاضعة لـ"الرابطة الإسلامية" الموالية لجماعة "الإخوان".

يُذكر أنّ الباحث المصري سامح ولد في القاهرة عام 1966، وينتمي لأسرة مسيحية، ويعيش في السويد منذ ما يزيد على (30) عاماً، ويرتبط بأعمال بحثية مع جامعة "Lund"، وقد عمل على رسالته حول تموضع جماعة "الإخوان" في استوكهولم منذ أكثر من (20) عاماً بشكل متقطع، وفقاً لتصريحاته لصحيفة "DN".

وعن تمييزه بين المسلمين والجماعات الأصولية، يوضح الباحث المصري في حديثه: "أنا لا أعتبر المسلمين خطراً على السويد، هناك الكثير من المسلمين الطيبين الذين يحاربون "الإسلاميين"، وقد تلقيت عرضاً من الحزب الديموقراطي (SD) بتقاضي (150) ألف كرون سويدي، مقابل ترجمة كتابي عن جماعة "الإخوان المسلمين" في السويد "أكاذيب بيضاء مقدسة" إلى اللغة السويدية، ووضع شعارهم عليه، لكنّني رفضت لربط اسمي بحزب قومي له تصريحات معادية للمسلمين، ولا يفرق بين الدين الإسلامي، وبين حركات الإسلام السياسي".

هذا، وقد منحت لجنة المناقشة عدداً من الشخصيات الواردة أسماؤهم في مضمون الرسالة البحثية، فرصة الدفاع عن أنفسهم في كلمة مختصرة، لا سيّما العناصر المحسوبة على جماعة "الإخوان"، لتفنيد الباحث المصري حول علاقتهم بمشروع الإسلام السياسي، وارتباطهم بتوجهات التنظيم الدولي، معتبرين أنّ الباحث وقع في أخطاء تاريخية وواقعية، وهو بعيد من حقائق ومتغيرات عديدة طرأت على "الإخوان المسلمين" كمفهوم، أكثر من كونه "تنظيماً واحداً"، وله فروع وبرامج محددة.

وجّهت انتقادات لاذعة للعديد من الأحزاب السياسية والمؤسسات الرسمية السويدية، مثل "مجلس التعليم السويدي"، و"الوكالة السويدية للشباب والمجتمع المدني"

وتحفظت الرسالة البحثية على منطلقات الأجهزة الأمنية السويدية (Säpo)، في تعاملها مع المشروع الفكري والسياسي لجماعة "الإخوان"، من كون الحركة تعمل في العالم الغربي، وفق استراتيجية "الفصل والتحصين"، وتعني خلق مجتمعات موازية، وتحصينها ضد الاندماج، سعياً لتأسيس "خلافة عالمية قائمة على الشريعة"، تتعارض في مضمونها فقط مع الحريات والحقوق الأساسية السويدية، من دون التركيز على منهجيتها للتكفير والعنف والإقصاء، أو وصفها تنظيماً إرهابياً.

وتوقع فاكانغاس، المشرف على الرسالة البحثية، تعرضها لعاصفة من الاتهامات، قائلاً: "سأصبح حفّار قبر للحرية الأكاديمية، إذا تدخلت التوجيهات السياسية في منع العمل البحثي، ومستعد أن ينتهي الأمر في المحكمة، في ظل احتمالية رفع العديد من الدعاوى القضائية ضد الرسالة والقائمين عليها".

ورغم أنّ جامعة "Lund" لم تضع مشروع الرسالة البحثية في نطاق المخالفة للمراجعة الفكرية، يُعدّ ميكا فاكانغاس مسؤولاً قانونياً بصفته مشرفاً على الرسالة، في ظل تفعيل قانون "المراجعة الأخلاقية" منذ عام 2020 من قبل مجلس الاستئناف لمراجعة الأخلاقيات (Önep)، الذي يجبر أيّ باحث على خضوع رسالته الأكاديمية لمراقبة المعايير الأخلاقية والإنسانية والامتثال للقانون.

وبحسب دراسة صادرة عام 2019 عن "وكالة الطوارئ المدنية"، إحدى المؤسسات الاستخباراتية التابعة لوزارة الدفاع، فإنّ تموضع تيار الإسلام الحركي في استوكهولم  متجذر منذ ثمانينات القرن الماضي، وأتباع جماعة "الإخوان" يتمددون فكرياً في عمق المؤسسات المدنية والدينية، ويجندون عناصر جديدة.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية