رهانات قطر الخاسرة ومصير العزلة.. ماذا تغير في المشهد؟

رهانات قطر الخاسرة ومصير العزلة.. ماذا تغير في المشهد؟


10/12/2020

طالما راهنت قطر على علاقاتها بدول اتسمت سياستها بالعداء تجاه المنطقة العربية، وسعت على مدار عدة عقود لخلق مساحات للصراع مع محيطها العربي والإقليمي لصالح أجندات ومصالح تلك الدول في المنطقة، وأعلنت عن ذلك جهاراً، وتفننت في دعم التطرف متعدد المسميات في أفريقيا والشرق الأوسط، ووفرت حواضن وملاذات آمنة لقادته الفارين من بلادهم، والمتهمين بتنفيذ عمليات قتل وتخريب، ورفضت كافة المبادارات العربية والخليجية التي تمت خلال السنوات الماضية للتوقف عن دعم جماعات متشددة وفي القلب منها جماعة الإخوان، وعدم الاستمرار في سياسات تُعرض أمن الخليج للخطر مما دفع الرباعي العربي ممثلاً في (مصر والإمارات والسعودية والبحرين) إلى إعلان مقاطعتها في حزيران (يونيو) 2017، وترافق قطع العلاقات مع إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي.

وفي ظل الأخبار عن تحركات كويتية لمحاولة حلحلة الأزمة بين الدوحة والرباعي العربي، يبقى السؤال المُلحّ مطروحاً وبقوة: "ماذا تغير في السياسات القطرية؟ وما الاعتبارات التي يمكن أن تجري وفقاً لها أي مصالحة معها؟ وهل توقفت الدوحة عن دعم التطرف؟ باعتباره النقطة المحورية في حلقة الصراع المحتدم منذ سنوات؟

دعم التطرف.. لا جديد

كل هذه الأسئلة أجاب عليها مراقبون خلال الأيام الماضية، بأنّ شيئاً لم يتغير، بالعكس لا يحتاج الأمر إلى تدقيق للكشف عن أنّ الدوحة لم تُغير من سياساتها وسلوكها على مدار نحو ثلاثة عقود، وأنها واصلت، وربما بوتيرة أعمق وأسرع، كل ما تعهدت بأنها ستتوقف عنه، وقد شهدت الفترة الأخيرة تصعيداً كبيراً من جانب الدوحة في التفاعل مع كل من تركيا وإيران، وزيادة التمويلات للمرتزقة في ليبيا واليمن، وكذلك دعم جماعة الإخوان، وكلها أمور تجعل الحديث عن مصالحة حقيقية أمراً غير واقعي، على الأرجح، إذا لم تعلن قطر خريطة واضحة للتراجع عن تلك السياسات وتقويمها خلال الفترة المقبلة.

لا يحتاج الأمر إلى تدقيق للكشف عن أنّ الدوحة لم تُغير من سياساتها على مدار ثلاثة عقود

ويرى مراقبون أنّ الدوحة قد خسرت بشكل كبير خاصة اقتصادياً بسبب المقاطعة العربية على مدار  ثلاث سنوات، وطالت الخسائر معظم قطاعتها الحيوية بما فيها الطيران والسياحة والقطاع المصرفي، كما عانت تعثراً للعديد من المشروعات نتيجة أزمة سيولة واستنزاف للمالية العامة بسبب نفقات منشآت مونديال 2022، وحملة علاقات عامة مكلفة للغاية لتلميع صورتها في الخارج التي لطختها الارتباطات بجماعات متشددة، ولكنها في الوقت ذاته لم تتخلَّ عن سياستها المُعرقلة لأمن واستقرار المنطقة، وظلت تكابر حتى لا تتراجع عن سياساتها السابقة.

"جرائم لا تغتفر"

يقول البرلماني طارق الخولي، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري، إنّ "قطر ارتكبت جرائم لا تغتفر بحق العرب من خلال إصراراها وتمسكها بدعم التطرف وإيواء المتطرفين، وتوفير الدعم المالي واللوجيستي لهم، فضلاً عن توجيه إعلامها ومنصاتها لاستهداف أمن واستقرار الدول العربية، وبث الشائعات بالداخل لإثارة مشاعر الشعوب، كما لعبت دوراً تخريبياً واضحاً خلال السنوات الماضية من خلال عملائها بالوكالة من تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر، لكن الدولة المصرية نجحت في التصدي له وإفشاله".

 البرلماني طارق الخولي، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري

ويتابع البرلماني المصري، في تصريحه لـ"حفريات"، أنّ "قطر هي من وضعت نفسها خارج محيطها الإقليمي وفضلت التعاون مع دول تشهر العداء والكراهية للعرب، لخدمة مصالحها الضيقة، كما دعمت تنظيمات متطرفة وفي القلب منها جماعة الإخوان لتنفيذ هذا السيناريو في عدة دول، وما تزال كل هذه السياسات قائمة، حتى أنه بالتزامن مع إجراء المحاولات الكويتية لتبريد الأزمة بينها وبين دول الرباعي العربي، لاتزال القنوات القطرية تبث سمومها، وتشن هجوماً غير مبرر على الدول العربية، وبشكل خاص قناة الجزيرة والمواقع الصحفية الممولة قطرياً".

اقرأ أيضاً: "أزمة قطر": ما مصير مصالحة لم تتوافر عوامل نجاحها؟

ويرى الخولي، أنّ "قطر هي من دفعت بنفسها إلى العزلة وبالغت في سياسات دعم التطرف وأصبحت تمثل خطراً مباشراً على أمن واستقرار دول الجوار العربي، كما أسهمت في إثارة القلاقل في المنطقة، وتحدت كافة القوانين والأعراف، وخرجت من مظلة الاتفاقات العربية وانتهجت نهجاً معادياً لها، وهي اليوم مضطرة لتقبل كافة الشروط التي وضعها الرباعي العربي، وأهمها وقف تمويل التطرف، إذا كانت ترغب حقاً في الخروج من عزلتها".

اقرأ أيضاً: كيف ردت مصر على جهود المصالحة مع قطر؟

واتساقاً مع هذا الرأي، يقول الكاتب الصحفي، وعضو مجلس الشيوخ المصري، عماد الدين حسين، إنه "حينما قررت كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين قطع العلاقات مع قطر في ٥ حزيران (يونيو) ٢٠١٧، وضعت ١٣ شرطاً منها ٤ شروط أساسية، للتراجع عن قرارها، فما الذي تغير الآن، حتى نسمع هذه التصريحات المتفائلة من العديد من عواصم المنطقة والعالم بقرب نهاية المشكلة بين الدول الأربع أو حتى دولة واحدة، وقطر، وهل تراجعت بعض الأطراف عن مطالبها الأساسية، ولماذا حدث ذلك؟!".

طارق الخولي: قطر وضعت نفسها خارج محيطها الإقليمي وفضلت التعاون مع دول تشهر العداء والكراهية للعرب

ويتابع في مقاله المنشور بجريدة "الشروق" تحت عنوان "قطر والرباعي العربي.. ما الذي تغير؟": "كما نعلم فإنّ سبب الخلاف الأساسي هو أنّ قطر ترعى جماعة الإخوان وتدعمها بكل الوسائل، ووفرت لها المال، لكي تؤثر في الأمن القومي للدول الأربع، كما وفرت لها منصات إعلامية تنفق عليها المليارات، لا همّ لها إلا بثّ الفتنة والإشاعات والأكاذيب".

دعاوى قضائية ضد قطر

وبالتوازي مع الجدل المتجدد حول قطر، شهدت المحاكم الدولية على مدار الشهور الماضية تزايداً ملحوظاً في عدد الدعاوى القضائية التي تتهم الدوحة بدعم التطرف.

وكشف الخبير الاستراتيجي المعني بالشؤون الخليجية الأمريكية، محمد جهاد السمان، أنّ محاكم الولايات المتحدة تعج بـ215 دعوى قضائية مرفوعة من أفراد ومؤسسات ضد قطر وقناة الجزيرة.

وأكد السمان، في تصريحات صحفية، أن ّهذه الدعاوى القضائية متنوعة؛ حيث تواجه قطر فضائح قانونية في المحاكم الأمريكية، منها الضغط غير القانوني وانتهاكات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، والتجسس على منظمات والإعلام وتهديد الأمن القومي.

اقرأ أيضاً: الحسابات القطرية الوهمية على الواقع الافتراضي ضد الإمارات

وتشمل قائمة الدعاوى لقطر، وفق السمان، تهماً بالفساد السياسي والتهرب الضريبي والقرصنة وانتهاك حقوق النشر والخداع، والابتزاز والغش والاحتيال والسرقات الكبرى والاختلاس وغسل الأموال وتمويل التطرف وإيواء تنظيم الإخوان والتشهير والسب والقذف والإضرار بالغير والتآمر وشن الحملات.

وتواجه قناة الجزيرة اتهامات في 40 قضية ومنتسبيها 15 قضية، كما تواجه وزارة الداخلية القطرية 25 قضية، إضافة إلى 26 دعوى ضد وزارة الخارجية القطرية، أما السفارة القطرية في واشنطن فهي متهمة في 6 قضايا، بينما تواجه بنوك الدوحة 6 قضايا، و5 قضايا ضد الاستثمار القطري والخطوط الجوية تواجه 60 قضية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية