طاجيكستان.. جبهة أخرى في مسار الحرب على جماعة الإخوان

طاجيكستان.. جبهة أخرى في مسار الحرب على جماعة الإخوان


30/01/2020

قال المدعي العام في طاجيكستان يوسف رحمون الثلاثاء 28 يناير الجاري، إن السلطات اعتقلت 113 شخصا لاتهامهم بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة. وأضاف في إفادة صحافية أن من بين المعتقلين الذين احتجزوا على مدى هذا الشهر، يوجد أجنبيان ومسؤول محلي وأكثر من 20 أستاذا جامعيا.

وتشن الحكومة حربا في جبهات مختلفة، ضد تيارات إسلامية متباينة، سواء ضد حزب النهضة الإخواني، أو ضد عناصر تعلن انتماءها إلى تنظيم داعش. حيث ألقت طاجيكستان المسؤولية على متشددين إسلاميين، في شن سلسلة من الهجمات الدامية على سياح أجانب وعاملين في سجن محلي وحرس الحدود.

يشار إلى أن اهتمام العالم بدأ يتركز في السنوات الأخيرة على تنامي نشاط التيارات والمجموعات الإسلامية في منطقة آسيا الوسطى. وقد ساهمت عوامل متداخلة في تعزيز هذا التنامي، وهي أولا؛ الضربات القاصمة التي تلقتها كبرى التنظيمات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي، إضافة إلى البنية المجتمعية والثقافية التي تميز منطقة آسيا الوسطى، باعتبارها منطقة تتميز بعمق التدين الشعبي الذي يقوم في أغلب تكويناته على المذهب السني الحنفي الأوسع انتشارا في هذه المناطق منذ دخول الإسلام إليها في القرن الثامن الميلادي، إضافة إلى الصحوة الدينية التي عرفتها منطقة آسيا الوسطى بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وما ترتب عنها من حروب وتوترات من قبيل الحرب الأهلية في طاجيكستان، بين 1992 و1997، بين نظام الرئيس الطاجيكي الشيوعي، رحمن نابييف، والمعارضة الإسلامية بزعامة حزب النهضة.

تأسس حزب النهضة الإسلامي الطاجيكي عام 1973 وأعلن أن مبادئه تقوم على أفكار ومبادئ تنظيم جماعة الإخوان المسلمين وأنه يستوحي منهجه من كتب حسن البنا وسيد قطب ومحمد الغزالي وأبوالأعلى المودودي. وترأس الحزب منذ تأسيسه، عبدالله نوري الذي توفي في العام 2006، ثم خلفه محيي الدين كبيري الذي يعيش حاليا خارج البلاد.

ظل التوتر يطبع العلاقة بين الحزب الإسلامي الإخواني وبين النظام الطاجيكي، مع الإشارة إلى أن غالبية السكان في طاجيكستان هم من المسلمين، بنسبة تناهز 98 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان الذي يبلغ حوالي 10 ملايين نسمة. وتتبنى الدولة نظاما علمانيا اعتمادا على دستور يسمح بحرية الديانة.

وكانت المحكمة العليا في طاجيكستان، قضت في 29 سبتمبر 2015، بحل حزب النهضة الإسلامي، واعتباره “تنظيما إرهابيا”. وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها إن جميع أنشطة الحزب باتت محظورة، بما فيها صحيفته “النجاة” الناطقة بلسانه وموقعه الإلكتروني.

وحمّلت المحكمة الحزب الإسلامي مسؤولية الأحداث التي شهدتها العاصمة دوشنبه وضواحيها، واتهمته بـ”تأسيس جماعات ترتكب ممارسات خارجة على القانون، والدعوة إلى الانقلاب على السلطة، وإثارة النزاع الديني بهدف زعزعة استقرار البلاد”.

وسبق أن أعلنت وسائل إعلام رسمية، أن اشتباكات اندلعت في 4 سبتمبر 2015 بين القوات الحكومية ومجموعة انقلابية تتبع الجنرال عبدالحليم نظرزاده، نائب وزير الدفاع، على خلفية اتهام السلطات للأخير بـ”السعي لتشكيل مجموعات تهدف إلى زعزعة الاستقرار ومناهضة السلطة”. وكانت تلك الاشتباكات قد استمرت 12 يوما، وأسفرت عن مقتل نظرزاده و25 من رجاله، فيما قتل 15 عنصرا من القوات الحكومية.

وإثر ذلك اتهمت الحكومة الطاجيكية حزب النهضة ورئيسه محيي الدين كبيري، بالتواطؤ مع “التمرد”، حيث أكدت وثائق المخابرات الطاجيكية أن روح الله تيلوزاده -نجل محيي الدين كبيري- سلم عبدالحليم نظرزاده، الذي حاول تنفيذ الانقلاب المسلح، 1.2 مليون دولار لتمويل الانقلاب، وذلك بتكليف من والده المقيم في الخارج.

الثابت أن التوتر سيظل حاكما للعلاقة بين النظام الطاجيكي والحركة الإخوانية، المسنودة من بعض الحركات الإسلامية الأخرى مثل حزب التحرير وحزب إحياء الإسلام فضلا عن عمليات إرهابية من تنفيذ تنظيم داعش، ولن يتوقف بحظر الحركة أو تصنيفها إرهابية أو بإيقاف قادتها ورموزها. والواضح أن منطقة آسيا الوسطى تحولت إلى رهان جديد للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، بعد الضربات التي تلقتها فروع الجماعة في أكثر من بلد عربي، وبعد بدء انتباه العديد من الأقطار الأوروبية للخطر الذي تمثله تلك الجماعات. والواضح أيضا أن الرهان الإخواني قرأ بعناية البنية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لمنطقة آسيا الوسطى، وتوصل إلى أنها بكل ما تحتويه من مقومات، يمكن أن تمثل ملاذا صالحا للمرحلة المقبلة.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية