طالبان تتمدد بوتيرة سريعة... ما أبرز تبعات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان؟

طالبان تتمدد بوتيرة سريعة... ما أبرز تبعات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان؟


11/08/2021

صدقت تحليلات وتقارير الاستخبارات الأمريكية حول مخططات طالبان وتوسعها بشكل كبير في حال انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان.

ورغم إشارة تقارير استخباراتية إلى تقديرات حول احتمال سقوط حكومة كابول في غضون 6 أشهر بعد انسحاب القوات الدولية ومؤشرات حول احتمال اندلاع حرب أهلية، إلا أنّ إدارة بايدن واصلت عملية سحب قواتها من أفغانستان، والتي ستنتهي مع مطلع شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، معلنة عدم عودتها، وفق رويترز.

فإلى أين تمضي أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي وتوسع طالبان؟

بوتيرة متسارعة تتمدد طالبان في كافة الأقاليم الأفغانية، وقد أفاد نائب أفغاني لوكالة "فرانس برس" اليوم أنّ حركة طالبان استولت على مدينة فايز أباد في شمال أفغانستان، وهي تاسع عاصمة ولاية يسيطر عليها المتمردون المتطرفون في أقل من أسبوع.

يأتي تقدم طالبان في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الخارجية الأمريكية أنّ مستويات العنف في أفغانستان مرتفعة بشكل غير مقبول، ولا تتماشى مع اتفاقية السلام التي عقدتها واشنطن مع الحركة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس خلال مؤتمر صحفي له أمس: "بالطبع لا يبدو أنّ مستويات العنف تتماشى مع ما تعهدت به "طالبان" في تلك الاتفاقية"، في إشارة إلى اتفاقية إحلال السلام في أفغانستان المبرمة في 2020.

ورغم إعلان بايدن أنّ قواته لن تعود إلى أفغانستان، أمر الرئيس الأمريكي قبل أيام بإرسال قاذفات بي 52 العملاقة وطائرات سبيكتر الحربية لعرقلة تقدم عناصر طالبان في أفغانستان.

 

استولت حركة طالبان على مدينة فايز أباد في شمال أفغانستان، وهي تاسع عاصمة ولاية يسيطر عليها المتطرفون في أقل من أسبوع

ووفقاً لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قالت مصادر عسكرية أمريكية إنّ القاذفة الاستراتيجية انطلقت إلى أفغانستان من قاعدة جوية في قطر، لشن ضربات لاستهداف مواقع لطالبان حول قندهار، وهرات، ولاشكر جاه في ولاية هلمند.

وذكرت الصحيفة أنّ القوات الجوية الأمريكية تواصل مساعدة نظيرتها الأفغانية في قصف أهداف طالبان في ولايتي هلمند وقندهار، في الوقت الذي تحاول فيه قوات الأمن الأفغانية منع سيطرة الحركة المتطرفة.

اقرأ أيضاً: هل يمكن لتركيا والهند أن تتقابلا وجهاً لوجه في أفغانستان؟

ويُعد نشر القاذفات والطائرات الحربية الأمريكية مؤشراً على مدى حاجة القوات الأفغانية إلى دعم الولايات المتحدة، لا سيّما بعد تعثرها في الفترة الأخيرة أمام ضربات حركة طالبان.

 

رغم إعلان بايدن أنّ قواته لن تعود إلى أفغانستان، أمر الرئيس الأمريكي بإرسال قاذفات بي 52 العملاقة وطائرات سبيكتر الحربية لعرقلة تقدم طالبان

وأشارت الصحيفة إلى أنّ القوات الجوية الأفغانية ما تزال تعتمد على الطائرات التي زودتها بها الولايات المتحدة، لكنّ هذه الطائرات تواجه مشكلات مثل نفاد قطع الغيار والمدربين الفنيين، بعد رحيل المتعاقدين الأمريكيين.

وحوّلت أمريكا اهتمامها بالشأن الأفغاني إلى النواحي الإنسانية، وقد وسعت جهودها لإجلاء المواطنين الأفغان المعرضين للخطر من أفغانستان مع تصاعد عنف طالبان هناك قبل انسحاب الجيش الأمريكي.

وقالت وزارة الخارجية إنها تعمل على توسيع نطاق الأفغان المؤهلين للحصول على وضع اللاجئ في الولايات المتحدة، ليشمل الموظفين الحاليين والسابقين في المنظمات الإخبارية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، ووكالات المساعدة والتنمية ومجموعات الإغاثة الأخرى التي تتلقى تمويلاً أمريكياً.

يتم أيضاً تغطية الموظفين الحاليين والسابقين في حكومة الولايات المتحدة والعملية العسكرية لحلف الناتو الذين لا يستوفون معايير برنامج مخصص لهؤلاء العمال.

وقالت وزارة الخارجية، بحسب ما أوردته قناة فوكس نيوز: إنّ هذه الخطوة ستعني أنّ عدة آلاف من الأفغان وأسرهم المباشرة ستتاح لهم الآن فرصة إعادة توطينهم بشكل دائم في الولايات المتحدة كلاجئين.

 

أمريكا حولت اهتمامها بالشأن الأفغاني إلى النواحي الإنسانية، وقد وسعت جهودها لإجلاء المواطنين الأفغان المعرضين للخطر 

ووصلت المجموعة الأولى من المتقدمين للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة الأفغانية ـ ومعظمهم عملوا مترجمين أو قاموا بأعمال أخرى لصالح القوات أو الدبلوماسيين الأمريكيين ـ الذين وافقوا على الفحص الأمني، إلى الولايات المتحدة الجمعة الماضية. 

هذه المجموعة المكونة من 221 شخصاً هم من بين 2500 شخص سيتم إحضارهم إلى الولايات المتحدة في الأيام المقبلة.

ومن المتوقع أن يتم نقل 4000 متقدم آخر من SIV، إضافة إلى عائلاتهم، الذين لم يتم مسحهم بعد الفحص الأمني إلى دول ثالثة قبل استكمال الانسحاب الأمريكي، وقد أعرب ما يقرب من 20 ألف أفغاني عن اهتمامهم بالبرنامج.

أبعاد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

من المهم إدراك تداعيات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لوضع استراتيجيات لمواجهة هذه الاحتمالات، إن حدثت.

أوّلاً: انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان يشير إلى إقرار واضح بأنّ الحرب على الإرهاب لا يمكن أن تكون فقط على الصعيد العسكري، بل لا بدّ أن يصاحبها حرب إيديولوجية ضد إيديولوجية الجماعات المتطرفة. 

اقرأ أيضاً: عاصمة ولاية أفغانية جديدة تقع في يد طالبان... تفاصيل

فها هي ذي منظمة طالبان بإيديولوجيتها البشعة تعود الآن لتحاول السيطرة مرة أخرى على أفغانستان، وليس هناك شك في قدرتها على ذلك نظراً لاستخدامها وسائل مرعبة لإرعاب الناس وإخضاعهم، فمسلحو طالبان لا يترددون في ذبح من يخالفهم وقتلهم علناً في الشوارع وتعليق جثثهم على الأعمدة لكي يخاف الآخرون من إبداء أي مقاومة لهم، بالإضافة إلى إحراق وجوه بعض الفتيات بماء النار، لكي يجبروا نساء أفغانستان على ارتداء النقاب مرة أخرى.

يمولون عملياتهم من خلال إنتاج الأفيون وتهريب الهيروين

أمّا الأمر الثاني، وفق تحليل نقلته شبكة الحرة، فإنّ سيطرة طالبان على مناطق عديدة من أفغانستان قد تعيد مرة أخرى تجارة الأفيون والحشيش إلى ذروتها، وتصبح أفغانستان مرة أخرى مصدراً وبؤرة لتجارة وتصدير المخدرات المحرمة للعالم أجمع.

وبالإضافة إلى هذا، فإنّ سيطرة طالبان مرة أخرى على أفغانستان ستتيح لها دعم قوى التطرف الأخرى في الشرق الأوسط، ولذا وجب التنويه إلى أنّ دول الشرق الأوسط، ولا سيّما الدول الإسلامية، عليها أن تُعدّ نفسها لهذا الاحتمال بدعم الفكر التنويري بكل الوسائل من الآن، حتى لا تعطي فرصة أخرى للفكر المتشدد لينمو ويترعرع على أراضيها.

اقرأ أيضاً: ماذا ينتظر تركيا في أفغانستان؟

وبالإضافة إلى ما سبق، فإنّ سيطرة طالبان مرة أخرى على أفغانستان قد تكون هي قبلة الحياة لمشروع مد أنابيب الغاز من روسيا عبر البحر الأسود ليصل إلى الهند من خلال أراضي تركمانستان ثم أفغانستان، وهذا المشروع العملاق قد يغير من خريطة الطاقة في العالم، ممّا قد يؤثر وبشدة على أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم. والخطورة هنا تكمن في قدرة طالبان، إن مرّت الأنابيب عبر أراضيها، أن تتحكم في أسعار الطاقة العالمية إلى درجة ما، وأن تستغل ذلك من خلال التلاعب ببورصات النفط لصالحها ولمصلحة إيديولوجية التطرف التي تنتهجها.

مجلة لوبوان: انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان قد يتسبب في زعزعة الاستقرار عبر مختلف البلدان الآسيوية

من جهتها، ترى مجلة لوبوان أنّ انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان قد يتسبب في زعزعة الاستقرار عبر مختلف البلدان الآسيوية، مؤكدة أنّ أقوى جيش عرفه العالم يستسلم لعشرات الآلاف من المقاتلين المسلحين، مضيفة أنّ انسحاب الرئيس جو بايدن من أفغانستان هو ثاني إخفاق عسكري أمريكي في آسيا خلال نصف قرن.

في المقابل، لم تتنازل طالبان عن أي من إيديولوجيتها القتالية في المناطق الواقعة تحت حكمها، وما تزال الأقليات العرقية والدينية مضطهدة في البلاد، وهم يمولون عملياتهم من خلال إنتاج الأفيون وتهريب الهيروين.

اقرأ أيضاً: الوجود التركي في أفغانستان ومخاوف دول الجوار

وتتساءل المجلة: هل أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية حوالي تريليون دولار خلال العقدين الماضيين دون فائدة؟ وهل قُتل 2500 جندي أمريكي في أفغانستان إلى جانب عدة مئات من جنود الحلفاء من أجل لا شيء؟ وهل ستؤثر هذه الحقائق المؤلمة بشدة في الانتخابات البرلمانية النصفية العام المقبل، وفرص جو بايدن في إعادة انتخابه في عام 2024؟ 

من المفترض أن يُنجز انسحاب القوات الأجنبية بحلول 31 آب (أغسطس)، بعد 20 عاماً على غزو القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة أفغانستان، إثر هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية