ماذا ينتظر تركيا في أفغانستان؟

ماذا ينتظر تركيا في أفغانستان؟


09/08/2021

تشير التطورات العسكرية وموجة العنف التي تعصف بأفغانستان على وقع الانسحاب العسكري الأمريكي والأجنبي الذي من المتوقع أن ينتهي بنهاية شهر آب (أغسطس) الجاري، تشير إلى ما ينتظر القوات التركية من تحديات، وهي التي تكفلت بحماية مطار كابول الدولي بعد تفاهمات بين الرئيسين الأمريكي جو بادن والتركي رجب طيب أردوغان في صفقة لإرضاء الحليف الأمريكي.

وقد سيطرت طالبان منذ يوم الجمعة على 5 عواصم ولاية في أفغانستان، في وقت تحاول فيه القوات الحكومية جاهدة حماية سلسلة مدن أخرى من السقوط في أيدي الحركة، وفق وكالة "فرانس برس"، لتقترب من المطار الذي تكفلت تركيا بحمايته.

اقرأ أيضاً: طالبان تواصل تقدمها في أفغانستان .. تفاصيل

 وسيطرت طالبان على أجزاء واسعة من الأرياف منذ أطلقت سلسلة هجمات في أيار (مايو) الماضي، تزامنت مع بدء آخر مراحل انسحاب القوات الأجنبية.

 وتسعى أنقرة للعب دور محوري في الملف الأفغاني، لاعتقادها أنها قريبة من المنطقة وقادرة على تحقيق ما عجزت عنه القوات الغربية، وقد تمسكت بفكرة تولي قواتها حراسة مطار كابول الدولي، رغم رفض حركة طالبان.

 وبات في حكم المؤكد أنّ عرض تركيا حماية مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة الأفغانية كابول في طريقه إلى التنفيذ، بعد أن صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عدة مناسبات نية بلاده تحمل المزيد من المسؤوليات تحت مظلة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، عندما يكتمل انسحاب القوات الأمريكية والأوروبية بحلول شهر أيلول (سبتمبر) المقبل.

 

حركة طالبان تعتبر أنّ الخطوة التركية مقيتة ومتهورة وتمثل انتهاكاً لسيادتها ووحدة أراضيها وضد مصالحها الوطنية

 

 وكانت حركة طالبان قد وصفت، في بيان لها، الخطوة التركية بـ"المقيتة والمتهورة، وتمثل انتهاكاً لسيادتها ووحدة أراضيها وضد مصالحها الوطنية"، وفق ما نقلت شبكة "بي بي سي" منتصف تموز (يوليو) الماضي.

واعتُبرت تصريحات طالبان بمثابة رسالة تحذير مباشرة إلى أنقرة فحواها: "نحن السادة هنا".

 ولم تكشف تركيا تفاصيل حمايتها لمطار كابول حتى اللحظة، وتعتقد حكومة العدالة والتنمية الحاكمة بأنه يمكن حل أي إشكال مع حركة طالبان بالمفاوضات، وأنّ مهمة تركيا الرئيسية ستكون فقط ضمان أمن المطار وليس مواجهة طالبان أو محاربتها.

 

إذا انزلقت أفغانستان إلى حرب أهلية، فسوف تجد القوات التركية نفسها عالقة في أتون حرب، وأنّ حسابات أردوغان الشخصية أوقعتها في ورطة

 

 وتعتمد تركيا في هذا الشأن على علاقاتها الجيدة مع الأطراف المؤثرة على طالبان مثل باكستان وقطر.

 وفي الوقت الراهن، تقتصر مهمة تركيا على إدارة الجزء العسكري من المطار، إذ يُعد هذا المطار حيوياً لربط البلاد بالعالم الخارجي، ويوجد حالياً ما يزيد عن 500 جندي تركي في البلاد في إطار مهمة الناتو.

وحول التواجد التركي في أفغانستان قال أمس ريان كروكر سفير الولايات المتحدة سابقاً لدى أفغانستان في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما: إنه من المحتمل أن تنزلق أفغانستان إلى حرب أهلية طويلة مع انسحاب القوات البرية الأمريكية بحلول نهاية الشهر.

اقرأ أيضاً: سقوط أول عاصمة ولاية أفغانية في أيدي طالبان... تفاصيل

 وفي حال صدقت تقديرات كروكر ستجد القوات التركية نفسها عالقة في أتون حرب كان يفترض ألّا تكون طرفاً فيها، لكنّ إكراهات السياسة وحسابات أردوغان الشخصية أوقعتها في ورطة قد تكون نتائجها وخيمة، خاصة أنّ حركة طالبان التي تحقق انتصارات ميدانية كبيرة، سبق لها أن حذّرت تركيا من تلك المغامرة، ونبهتها إلى أنها لن تقبل بأي وجود عسكري أجنبي، حتى لو كان من دولة مسلمة، وفق تحليل أورده موقع "أحوال تركيا".

 

أتاك: قد تواجه تركيا نوعين من المشاكل اللوجستية: استمرار الأنشطة اللوجستية للمطار، ونقل البعثات الدبلوماسية

 

 وحذّرتها كذلك من أنها ستتعامل مع أي وجود، أياً كانت مسمياته، على أنه احتلال يستوجب المقاومة، ويجعل من القوات التركية في كابول هدفاً لهجماتها.

 وأضاف كروكر في تصريحات لشبكة "إيه بي سي" الأمريكية أنه لا يتوقع أي عودة للقوات الأمريكية بمجرد خروجها، وقال: إنّ "الرئيس جو بايدن أوضح ذلك... سنخرج ونبقى في الخارج"، وفق ما نقلته وكالة بلومبرغ للأنباء.

 وأوضح أنّ مقاتلي طالبان "يفعلون ما يفعلونه بشكل جزئي من أجل إشاعة مناخ من الخوف والذعر، وهم ينجحون في ذلك بشكل رائع".

 وفي السياق، صرح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مرسين التركية جان كوتلو أتاك لـ "بي بي سي" الخدمة التركية بأنه قد يواجه تركيا نوعان من المشاكل اللوجستية: أولهما استمرار الأنشطة اللوجستية لمطار حامد كرزاي الدولي، والآخر هو نقل البعثات الدبلوماسية من وإلى المطار.

وأضاف أتاك: "يتعرض مطار كرزاي لهجمات بقذائف الهاون من وقت إلى آخر منذ فترة، وبسبب الموقع الجغرافي للمطار، فإنّ احتمال وقوع هجمات أثناء هبوط الطائرات أو إقلاعها أمر وارد جداً، وعلى سبيل المثال بالنسبة إلى ضمان سير العمليات والأنشطة المتعلقة بالرحلات الجوية، ثمة أمور يجب التفكير فيها، مثل كيف سيتم توفير الذخائر العسكرية والكهرباء والماء والغذاء؟ وكيف سيتم توفير الأمن والاحتياجات اليومية لـ 500 جندي تركي هناك في حال محاصرة طالبان للمطار؟ عدا عن أنه ستكون هناك حاجة ماسة لبنية تحتية أمنية حول كيفية حماية وفتح الطرق بين المطار ومقرات البعثات الدبلوماسية".

اقرأ أيضاً: هل يقبل العالم عودة "طالبان"؟!

 من جهته، قال المستشار السابق لحلف شمال الأطلسي وخبير آسيا الوسطى أسد الله أوغوز: إنّ المطار يقع في وسط العاصمة، ولا يمكن ضمان أمنه ما لم يتم ضمان أمن العاصمة كابول بأكملها، مشيراً الى أنّ أفغانستان تختلف عن الدول الأخرى التي يوجد فيها جنود لتركيا، والقيام بهذه المهمة دون دعم ستكون خطرة جداً بالنسبة إلى تركيا".

 

أوغوز: المطار يقع في وسط العاصمة، ولا يمكن ضمان أمنه ما لم يتم ضمان أمن العاصمة بأكملها، وأفغانستان تختلف عن الدول الأخرى التي يوجد فيها جنود لتركيا

 

وبحسب أوغوز، المشكلة الأخرى التي قد تشكل مصدر خطر بالنسبة إلى تركيا هي تعاونها مع باكستان في هذه المهمة، الدولة التي يكنُّ لها الأفغان كراهية كبيرة لاعتقادهم بأنّ باكستان هي التي تغذي حركة طالبان وتجعلها مصدر القلاقل في البلاد".

 ولتجنب سيناريوهات هجوم طالبان على المطار تسعى أنقرة إلى التواصل مع حركة طالبان التي يبدو أنها في طريقها إلى السيطرة على مزيد من الأراضي والمدن قريباً؛ الأمر الذي يجعل مهمة تركيا بالغة الأهمية، خاصة أنّ استثماراتها ومدارسها التي تعمل من خلال وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) في عدة مناطق أفغانية ستكون في مرمى نيران طالبان.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية