غوتيريش يستغيث محمد بن زايد رائد التسامح لإنقاذ اتفاق البحر الأسود

غوتيريش يستغيث محمد بن زايد رائد التسامح لإنقاذ اتفاق البحر الأسود

غوتيريش يستغيث محمد بن زايد رائد التسامح لإنقاذ اتفاق البحر الأسود


13/07/2023

سليم ضيف الله

منذ أقل من شهر زار رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، روسيا، والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مدينة سانت بطرسبرغ العاصمة القديمة لروسيا، وتحادث معه بالمناسبة عن الأزمة الأوكرانية المعقدة، وحرصه الشخصي ورسميا على حرص الإمارات الثابت، على "خفض التصعيد، والحوار، والدبلوماسية، وبأهمية تكثيف الجهود لتخفيف التداعيات الإنسانية للأزمة، ودعم مبادرات تبادل الأسرى للطرفين"، وفق ما نقلت يومها وكالة الأنباء وام.

ومساء أمس الأربعاء، عادت الوكالة ونقلت خبر المكالمة الهاتفية بين رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمين العام للأمم المتحدة
أنطونيو غوتيريش، الذي أعرب "خلال الاتصال عن تقديره لإسهامات دولة الإمارات الفاعلة في تحقيق التقدم في القضايا الرئيسية ذات الأولوية الإقليمية والعالمية، وشدد رئيس الدولة وأمين عام الأمم المتحدة على أهمية مبادرة حبوب البحر الأسود، واستعرضا الجهود الجارية من أجل تمديدها".

واليوم على تويتر، تحدث أنطونيو غوتيريش عن الحلم الذي يُمثلة "عالم خالٍ" من الجهد، الحلم الذي يبدو أنه يبتعد في هذا الوقت العصيب الذي يمر به العالم، حسب الأمين العام للأمم المتحدة، بعد أن ارتفع عدد الجياع حول العالم في 2023، إلى ما يتراوح بين  بين 691 و783 مليون جائع، فضلاً عن 2.4 مليار حول العالم لا يحصلون على ما يكفيهم من الغذاء يومياً، و 900 مليون آخرين مهددين بالجوع أو بانعدام الأمن الغذائي.

وفي تقرير للأمم المتحدة اليوم أيضاً، يبدو أن الحرب الأوكرانية، إلى جانب عوامل أخرى مناخية واقتصادية، تسببت وحدها في 2022 في تعرض 122 مليوناً إلى الجوع. ويبدو ولا شك في ذلك أن دور الحرب كان حاسماً في هذه النتائج المرعبة، بعد تعطل طرق الإمداد والتجارة لتأمين تصدير الحبوب والأغذية، من أوكرانيا وروسيا إلى العالم لسد حاجة الملايين والمليارات، الذي وجدوا أنفسهم، بعد إطلاق رصاصة عرضة للجوع والفقر والحرمان.

ولمواجهة هذا المأزق، أو قل الفضيحة، فعالمنا الذي لم  يشهد وفرة في إنتاج الغذاء والطعام عبر تاريخه مثل ما يشهد اليوم، يعاني مئات الملايين من الجوع،  قصد الأمين العام للأمم المتحدة، التي يعاني أكثر من ربع أممها، الجوع والفقر، الفارس الشهم، الذي لم يتأخر في سانت بطرسبرغ، عن تأكيد استعداده لبذل كل جهد ممكن من أجل المساعدة على الخروج من المأزق الأوكراني، رداً على شكر الرئيس بوتين له على جهوده في تبادل الأسرى والمحتجزين، وفي دعم المحادثات الدبلوماسية حول الأزمة الإنسانية في أوكرانيا، فقال له يومها :" "كونوا على علم، أنه إذا تطلب الأمر أي دور آخر من الإمارات، لاستقرار الوضع، وفي الأمور الإنسانية، فنحن على استعداد للمساعدة في ذلك، بكل الطرق".

وفي الوقت الذي كان قادة دول العالم الكبرى، يجتمعون ليتوانيا في قمة حلف شمال الأطلسي، وما رافقها من تجهيز وإعداد لآلة الحرب والدمار، كان غوتيريش يتصل بباني الجسور والمعابر والقناطر بالمعنيين المجازي واللغوي، سواء بالحوار والدبلوماسية أو بالمشاريع والاستثمارات، ليبحث معه مشكلة جياع العالم، في ظل خطر وقف العمل بما يعرف بمبادرة حبوب البحر الأسود، حتى لا يُغرق ظلام الجوع العالم في مأساة إنسانية أكبر وأشد وطأة.

لم يخطئ غوتيريش العنوان، ولم يقصد سهواً أو عفواً أبوظبي، ولم يتحدث من باب البروتوكولات والتشريفات إلى رئيس دولة مهمة في المنطقة والعالم، ولكنه قصد زعيماً أثبت في أكثر من مناسبة، أن بإمكانه التقريب بين الأفرقاء، وإقناع المتنازعين بالتخلي عن التشدد الذي قد تفرضه بعض المواقف الآنية لتحقيق هذا المكسب أو ذاك، من أجل هدف أسمى وأنبل، وهو الذي أثبت ذلك مع روسيا وأوكرانيا أيضاً في ذات الوقت.

لم يتجه غوتيريش إلى مجلس الأمن، الذي ترأسه الإمارات أيضاً هذا الشهر، ولا إلى الكرملين، أو البيت الأبيض، لإنقاذ اتفاق البحر الأسود، ولكنه طرق باب محمد بن زايد آل نهيان، والطارق في اللغة هو الوافد ليلاً لطلب الإغاثة أو السكينة أو للمساعدة، لأنه يعرف وهو الذي خبر قادة العالم وزعمائه جميعاً، أنه القادر بفضل ثقله وعلاقاته بزعيمي البلدين المتحاربين، من جهة، وبفضل حياده في النزاع وفي الأزمة، أنه الأفضل للوساطة والمساعدة على تمديد الاتفاق الذي يهدده خطر التعثر والانهيار، ما يفتح المجال لمفاقمة مشكلة الجوع في العالم أكثر من ذي قبل، ويهدد أغلب دول العالم، من آسيا إلى إفريقيا، وصولاً إلى الأمريكيتين، بأزمة خانقة ربما تمتد عقوداً لحلها، في وقت بدأت فيه أزمات أخرى في أكثر من منطقة تهدد بالانفجاركما في  سوريا مثلاً بعد انهيار الاتفاق على توصيل المساعدات الإنسانية إلى شمال البلاد، أو في السودان بسبب الصراع بين الجيش والدعم السريع، أو في دول جنوب الصحراء في إفريقيا المجاورة للسودان، أو في دول أخرى في القارة بسبب الجفاف والحروب، مثل الصومال، وإثيوبيا، وحتى كينيا، وشرق القارة، فضلاً عن الأزمات الأخرى في أفغانستان، وباكستان، وغيرها الكثير من دول العالم وأقاليمه.
 ولذلك ولغيره من الأسباب لم يجد غوتيريش، لحماية اتفاق البحر الأسود، أفضل من ذي القلب الأبيض وربان سفينة الأخوة الإنسانية ورائد التسامح ، لإنقاذ سكان الكوكب الأزرق.. الأرض.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية