فرقاء ليبيا.. لقاءات هادئة وتفاؤل حذر: هل تنجح هذه المرة؟

فرقاء ليبيا.. لقاءات هادئة وتفاؤل حذر: هل تنجح هذه المرة؟


25/10/2020

بين حافة الحرب ومشارف السلام تتأرجح الأزمة الليبية من مصر إلى المغرب ثم إلى جنيف، في ظل توقعات متفاوتة بشأن نتائج الاتفاقات التي جرت على المستويين السياسي والعسكري، ومدى نجاحها في إقرار حل جذري للصراع المحتدم بين طرفيه شرقاً وغرباً.

متابعون: حلحلة الميليشيات وعدم التزام تركيا بتنفيذ بنود السلام على الأرض تخفض احتمالات تحقيق سلام في ليبيا

ومساء الأربعاء الماضي، انتهت المفاوضات التي استمرت في جنيف على مدار يومين متتابعين، وعقبت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى ليبيا بالوكالة ستيفاني وليامز، أنها "متفائلة إلى حد ما" بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في البلاد، لكنّ خبراء ومتابعين شككوا في إمكانية تحقيق سلام في ليبيا بناءً على نتائج المناقشات التي جرت مؤخراً بين الفرقاء لعدة أسباب، أبرزها؛ صعوبة حلحلة المليشيات وعدم التزام تركيا بتنفيذ بنود السلام على الأرض.

اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن عمر التربي مهندس الفوضى في ليبيا؟

وتوصلت مفاوضات فرقاء ليبيا التي عقدت في جنيف على مدار ثلاثة أيام، إلى اتفاق يقضي بخروج القوات الأجنبية في غضون 90 يوماً تحت إشراف الأمم المتحدة، وإعادة فتح المعابر، وخطوط الرحلات الجوية الداخلية وهيكلة حرس المنشآت النفطية.

وفي أيلول (سبتمبر) الماضي انتهت جلسة مناقشات بين الفرقاء في مدينة الغردقة المصرية، باتفاق حول الإفراج الفوري عن كل من هو محتجز على الهوية من دون أية شروط أو قيود، واتخاذ التدابير العاجلة لتبادل المحتجزين بسبب العمليات العسكرية قبل نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) عبر تشكيل لجان مختصة من الأطراف المعنية، وبالتزامن عقد مسؤولون أمنيون ممثلون عن الطوائف الليبية جلسات مناقشات في مدينة بوزنيقة المغربية لكن الاجتماع الأخير أثار موجة غاضبة من الرفض بسبب حضور ممثلين عن مجلس الدولة الليبي الذي يسيطر عليه الإخوان، ورفض مجموعة من السياسيين الليبيين الاعتراف بنتائجه.

اقرأ أيضاً: تركيا ممتعضة من مفاوضات جنيف ومحاولات لعرقلة المسار السياسي في ليبيا

وفي تصريحات عدة اعتبر نواب البرلمان الليبي نتائج المناقشات مجرد "كلام" غير قابل للتنفيذ ولن يُحدث جديداً يُذكر في مسارات الأزمة.

إعادة تدوير مخرجات برلين

يقول السياسي البرقاوي محمد الكزة إنّ "مؤتمر جنيف يمثل إعادة حوار بين أطراف النزاع حول مخرجات مؤتمر برلين التي اعتمدت على مجموعة من المرتكزات، لم تتحقق حتى الآن، أهمها؛ إنهاء الأنشطة العسكرية ووقف التدخل الخارجي، والعودة إلى المسار السياسي لحل النزاع، والالتزام بقرار حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وإنهاء المرحلة الحالية بانتخابات شاملة وعادلة، ودعم تأسيس منظومة أمن وطنية موحدة في ليبيا، وتوزيع عادل وشفاف لعائدات النفط، إلا أنها جميعاً تم تقويضها ولم يتم تفعيلها نتيجة توغل الأطراف الخارجية في دعم الصراع بين أطراف النزاع كالتدخل التركي والإيراني عسكرياً مما زاد الأزمة تعقيداً".

 في تصريحات عدة اعتبر نواب البرلمان الليبي نتائج المناقشات مجرد "كلام" غير قابل للتنفيذ

ويذهب الكزة في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ "مبادرة القاهرة التي تم توقيعها بين الفرقاء ودعت إلى وقف إطلاق النار اعتباراً من حزيران (يونيو) 2020 كانت خطوة لبناء الثقة وإظهار الانفتاح على التسوية السلمية للأزمة، خاصة ﻣﻊ ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ‏( 5 + 5‏) ﺑـﺟﻨﻴﻒ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ" .

وأوضح أنّ "مبادرة القاهرة كانت ركيزة انطلاق حقيقية بناءً على مخرجات جنيف وبرلين حيث تم إحلال السلام وفق هدنة حقيقية تمهيداً لحوار بوزنيقة الذي عُقد فيما بعد ويأمل الليبيون أن يجد طرفا النزاع من خلاله حلاً فيه متنفس للجميع".

وعبّر الكزة عن اعتقاده أنّ ﻣﺆﺗﻤﺮ حوار بوزنيقة ربما يكون المحطة الأخيرة للحوار، وإن كان ﺍﻟﺘﻔﺎﺅﻝ ﺑﻘﺮﺏ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ إلى ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻣﺤﻔﻮﻓﺎً ﺑﺎﻟﺤﺬﺭ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺗﻴﺎﺭ ﺍلإﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺣﻠﻔﺎﺋﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﻗﻄﺮ وإيران، إﺟﻬﺎﺽ ﺟﻬﻮﺩ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﺔ لحل النزاع".

رضا شعبان: تركيا اعتادت عدم الاعتداد بأي قرارات دولية تخالف أطماعها في ليبيا

ويرى أنّ مخرجات مؤتمر برلين وحوار ﺟﻨﻴﻒ ومبادرة القاهرة "ستظل رهينة ﻗﺪﺭﺓ الأطراف الليبية ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻻﺕ، ﻭﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ التزاماته لتصبح ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻨﺠﺎﺡ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭﺍﺕ ‏ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ"‏.

اقرأ أيضاً: قاعدة عقبة بن نافع.. "شوكة تركية" في قلب ليبيا

ويتفق معه في الرأي الكاتب المصري المتخصص بالشأن الليبي، رضا شعبان، الذي يطرح رؤية غير متفائلة بشأن مخرجات مؤتمر بوزنيقة، مشككاً في تصريحه لـ"حفريات" بمدى التزام تيارات الإسلام السياسي والميليشيات المدعومة تركياً وقطرياً بأي التزام يستهدف إقرار السلامة والتنمية في الداخل الليبي، "لأنه يتعارض مع مصالحها القائمة على احتدام النزاع وتصاعد الأزمة للإبقاء على التواجد التركي وتسخير مقدرات الدولة لخدمته".

حبر على ورق

يتابع شعبان، أنّ جميع الاتفاقات المحلية والإقليمية والدولية التي تتعلق بالأزمة، تظل "حبراً على ورق إلى أن تتوافر الرغبة الدولية لوضع آلية حقيقية لمراقبة تنفيذها، وإلزام الطرف المخالف للقرارات الدولية باحترامها، وأقصد هنا تركيا التي اعتادت إظهار عدم اعتدادها بأي قرارات دولية تخالف أطماعها في ليبيا، فكان الرئيس التركي المتدخل عسكرياً في ليبيا مشاركاً في مؤتمر برلين عام 2020 بينما كانت سفنه وطائراته تضخ السلاح والمرتزقة إلى الميليشيات غرب ليبيا".

نبيل فهمي: من المبكر التفاؤل بأنّ ليبيا تراجعت عن حافة الهاوية العسكرية

 ويقول شعبان: من جانب آخر فإنّ المجتمع الدولي ما زال يمنح غطاءً شرعياً لحكومة السراج ومازالت الأخيرة تشكل الجناح السياسي للميليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تستعين بها في السطو على مقدرات ليبيا، حتى شكلت هذه الميليشيات واقعاً شديد الخطورة والتعقيد، ويبقى الحل مرهوناً بمدى جدية تركيا ومدى قدرة حكومة السراج على إلزام المليشيات والتنظيمات الإرهابية على تنفيذ ما ينتج عن هذه المسارات، إذ كانت مسارات دولية وإقليمية سابقة قد وضعت خرائط طريق للحل لكن عجز السراج عن إلزام الميليشيات بها.

ويرى شعبان أنّ "الحل للأزمة الليبية المعقدة يكمُن في ترتيب الأولويات، بخروج المرتزقة والقوات العسكرية التركية، بالتزامن مع تفكيك الميليشيات بشكل جاد ونزع سلاحها، ثم دعم المؤسسات الشرعية المتمثلة في الجيش الليبي والبرلمان، كل ذلك كخطوة أولى في سبيل الحل الجاد والشامل".

الكزة: ﺍﻟﺘﻔﺎﺅﻝ ﺑﻘﺮﺏ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺤﻔﻮف ﺑﺎﻟﺤﺬﺭ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺗﻴﺎﺭ ﺍلإﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺣﻠﻔﺎﺋﻪ إﺟﻬﺎﺽ ﺟﻬﻮﺩ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﺔ

وفي مقاله المنشور تحت عنوان "القضية الليبية بين حافة الحرب ومشارف السلام"، يقول وزير الخارجية المصري السابق، نبيل فهمي، إنّ "الساحة الليبية قد تراجعت عن حافة الصدام العسكري الإقليمي مرحلياً، ونشطت سياسياً ودبلوماسياً، وهو ‏تطور مهم وإيجابي، ‏فمن السابق لأوانه الانتهاء إلى أننا قد تجاوزنا مرحلة الخطر، وأن الحل السياسي أصبح في متناول اليد، مؤكداً أن احتمالات إحراز التقدم قائمة، إنما من المبكر التفاؤل بأن ليبيا تراجعت عن حافة الهاوية العسكرية، وانتقلت بثبات نحو مسار تفاوضي مستقر؛ فالساحة الليبية لا تزال مباحة للتدويل الجيو استراتيجي والانهيار السياسي الداخلي، ولا توجد قيادة سياسية دولية أو محلية قادرة على ضبط الدفة وتأمين استقرارها وتوجيه المسارين السياسي والدبلوماسي.

اقرأ أيضاً: كيف نهبت تركيا أموال ليبيا وتحويلات مالية ضخمة مقابل سلع وهمية أو تالفة؟

كما يستبعد الدبلوماسي المصري "إطلاق حوار مصري تركي، من خلال أو تحت إشراف دولي عن طريق روسيا أو الولايات المتحدة، ليس بغرض المصالحة والتعاون، فهذا مستبعد في الوقت الحالي، وإنما لتجنب الصدامات كخطوة أولى لبناء الثقة"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية