كيف يخدم بقاء الميليشيات الإيرانية إسرائيل؟ محلل سياسي يجيب

كيف يخدم بقاء الميليشيات الإيرانية إسرائيل؟ محلل سياسي يجيب

كيف يخدم بقاء الميليشيات الإيرانية إسرائيل؟ محلل سياسي يجيب


21/12/2022

يرى محلل سياسي في تصريحات لـ"حفريات" بأنّ بقاء الميليشيات الإيرانية يخدم تل أبيب، ويحقق أهداف اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو.

ويأتي هذا التصور في ظل تزايد وتيرة التصعيد المحموم بين إسرائيل وإيران، مؤخراً، بما يعكس حجم التوترات والمخاوف بين الطرفين؛ إذ إنّ الاستهدافات العسكرية، التي تتخذ أشكالاً انتقامية، بين طهران وتل أبيب، تكاد لا تتوقف، وقد عمدت الأخيرة إلى شنّ ضربات بطائرات مسيرة على الحدود العراقية السورية، خلال الشهر الحالي كانون الأول (ديسمبر)، ضد حوالي خمس عشرة شاحنة. فيما ترجح مصادر صحفية أجنبية أنّ هذه الشحنات بها قطع غيار لطائرات مسيّرة، أرسلها الحرس الثوري إلى وكلائه في سوريا أو لبنان أو العراق.

الطائرات المجهولة.. ما القصة؟

ومع جملة المتغيرات الإقليمية والدولية، ومنها التراجع في مفاوضات فيينا، وكذا التصعيد النووي الإيراني، ناهيك عن انخراط طهران في الحرب الروسية الأوكرانية بما يؤشر إلى احتمالية الذهاب لتحالف إستراتيجي مع موسكو، تسعى الميليشيات الإيرانية، تحديداً، في سوريا، إلى إعادة التموضع من جديد في نقاط جغرافية عسكرية بالعاصمة السورية دمشق وبادية حمص الشرقية، لجهة تفادي تعرضها لضربات من إسرائيل.

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، فإنّ ميليشيات حزب الله عمدت لنقل أسلحة وذخائر من مواقع عسكرية بجنوب العاصمة السورية إلى مواقع أخرى تقع جنوب غربي دمشق في محيط الكسوة. وقبل أيام، تمّ توزيع الأسلحة على أكثر من مستودع بأوامر من قيادات الحزب اللبناني المدعوم من إيران.

المحلل السياسي ميار شحادة: إيران تحركها روسيا

ويتابع: "في البادية الحمصية، وتحديداً، بمنطقة تدمر بريف حمص الشرقي، قامت ميليشيات حزب الله اللبناني بتبديل مواقع تابعة له ونقل سلاح وذخائر من محيط المدينة إلى مواقع أخرى ليست ببعيدة عنها. وجرى نقل السلاح والذخائر إلى مستودعات جرى تحصينها بشكل أكبر هناك".

ولمّح المرصد السوري إلى أنّ هذه الخطوات الأمنية التكتيكية تبدو "كعمليات تمويه" تنفذها ميليشيات حزب الله تخوفاً من استهدافات إسرائيلية محتملة أو استهدافات جوية من قبل "الطائرات المجهولة".

وفي ما يبدو أنّ هذه التحركات ليست بجديدة أو مباغتة؛ إذ إنّ ميليشيات حزب الله قامت بعملية مماثلة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حيث قامت بنقل قواتها للمواقع والنقاط العسكرية القريبة من الحدود السورية اللبنانية بريف دمشق. بل إنّ "دوريات عسكرية حينها قامت برفع العلم السوري على ثلاثة مواقع ونقاط تابعة لحزب الله قرب منطقة الديماس، على مسافة نحو 4 كلم من الشريط الحدودي".

وبحسب تقرير المرصد، فقد "ارتدى عناصر تلك المواقع والنقاط الزي العسكري الخاص بالجيش السوري، ورفعوا العلم السوري على سياراتهم أيضاً مع وضع صور الرئيس السوري بشار الأسد عليها، وسط تشديد أمني كبير".

الحوثي لا يشعل أي جبهة داخل اليمن

وتابع: "استقدمت ميليشيات حزب الله تعزيزات عسكرية إلى مواقعها في ريف دمشق قرب الحدود السورية-اللبنانية، منتصف الشهر الماضي، حيث وصل نحو 30 عنصراً يتبعون الميليشيات برفقة ذخائر وسلاح عبر معبر غير شرعي بالقرب من منطقة رأس العين الحدودية بريف دمشق، وتوجهوا فور وصولهم إلى أحد المقرات العسكرية المتواجدة في المنطقة والمحصنة بشكل كبير جداً، وذلك بحماية من سيارات عسكرية تابعة للفرقة الرابعة".

وفي حديثه لـ"حفريات"، يرى المحلل السياسي المختص بالشؤون السياسية والإقليمية، المقيم في ألمانيا، ميار شحادة، أنّ إيران، حالياً، تحركها روسيا في ظل تبعيتها المباشرة لها، موضحاً أنّ موسكو طلبت التهدئة من إيران "على أمل كسب ود دول المنطقة، وتحديداً المملكة العربية السعودية".

إسرائيل التي باتت تدرك أنّ إيران تلامس العتبة النووية لا تسعى إلى الوصول إلى حرب مباشرة مع طهران، وهو ما لا تتحمله الجبهة الداخلية لإسرائيل

ولذلك؛ نجد أنّ الحوثي "لا يشعل أيّ جبهة داخل اليمن"، بالرغم من التقارير الدولية التي كشفت عن إرسال إيران اليورانيوم المخصب للحوثيين واستيلاء تنظيم القاعدة الإرهابي عليه، يقول شحادة.

ويردف: "روسيا هددت إيران بأنّ أيّ لعبة غير محسوبة ستكون نتيجتها طرد إيران من سوريا وتهديد مصالحها بشكل مباشر".

وفي ما يتصل بالموقف الإسرائيلي، يشير المحلل السياسي المتخص بالشؤون السياسية والإقليمية، المقيم في ألمانيا، إلى تغريدة نتنياهو التي أكد فيها على تطبيق سياسات اليمين الإسرائيلي.

وإيران، في نظر اليمين الإسرائيلي، والحديث للمصدر ذاته، تعد "الطرف الوحيد الذي يرفع شعارات معارضة من خلال العمل المسلح والميليشيات غير المنضبطة التي تعتمد الفوضى".

ويختم: "نتنياهو يسعى لاستدامة وبقاء الميليشيات الإيرانية، وكذا النظام الإيراني لأكبر فترة ممكنة؛ لأنّ الدعاية السياسية لطهران في جزء كبير منها تخدم اليمين الإسرائيلي. من هنا؛ أرجح أنّ إسرائيل ستحاول استفزاز واستهلاك القوة الإيرانية أكثر فأكثر، ولكن ليس بالقدر الذي يظهر إيران هزيلة تماماً. ما زالت تل أبيب تريد استخدام إيران كـورقة مساومة سواء في ملفات التطبيع أو غيرها".

مناورات جوية

وتتزامن هذه التطورات، على وجه الخصوص، مع التعقيدات المرتبطة بالملف النووي الإيراني، الأمر الذي بدأ مع إعلان طهران تدشين محطة نووية جديدة، ثم تصريحات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بخصوص توسع طهران في قدراتها النووية، وتحديداً في منشآتها الموجودة تحت الأرض في موقعي نطنز وفوردو.

وأوضح مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، أنّ لا أحد يتوقع إحراز نقلة كبيرة في المشاورات المرتقبة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران.

القصاص: هناك حالة قائمة بين طهران وتل أبيب، منذ بدء مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، مفادها وجود أجواء حرب بين البلدي

ووفق مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، فإنّه كان من المقرر عقد المشاورات بين الوكالة وطهران في النصف الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إلا أنّ قراراً قدمته أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا في جلسة لمجلس محافظي الوكالة جاء في "وقت غير مناسب وكانت له نتائج عكسية" على المحادثات، على حد تعبيره.

وفي حديثه لـ"حفريات"، يوضح الباحث المصري في العلوم السياسية، الدكتور عبد السلام القصاص، أنّ عدم تقديم إيران تفسيرات بشأن آثار اليورانيوم في ثلاثة مواقع نووية سرية، تسبب في انتقادات جمّة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لافتاً إلى أنّ هذا الموقف دفع التوترات إلى مرحلة قصوى، لا سيما أنّ الحكومة الإيرانية اعتبرت الوكالة تتبنى الموقف الرسمي لإسرائيل.

المحلل السياسي ميار شحادة لـ"حفريات": نتنياهو يسعى لاستدامة وبقاء الميليشيات الإيرانية لأكبر فترة ممكنة؛ لأنّ الدعاية السياسية لطهران في جزء كبير منها تخدم اليمين الإسرائيلي

وهناك حالة قائمة بين طهران وتل أبيب، منذ بدء مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، مفادها وجود أجواء حرب بين البلدين، وفق القصاص، حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بتدريبات مكثفة لبوارج حربية حاملة صواريخ وغواصات في البحر الأحمر، فضلاً عن تدريبات مشتركة مع الجيش الأمريكي، ومنها تدريبات على مناورات جوية تحاكي تنفيذ هجمات على أهداف إيرانية.

غير أنّ هذه التدريبات المكثفة، قد تعكس المخاوف الإسرائيلية من تحول إيران إلى دولة نووية، وفق الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية، مع الأخذ في الاعتبار أنّ إسرائيل (التي باتت تدرك أنّ إيران تلامس العتبة النووية) لا تسعى إلى توتير الأوضاع لدرجة الوصول إلى حرب مباشرة مع طهران، الأمر الذي لا تتحمله الجبهة الداخلية لإسرائيل، وفق ما تشير إليه تقارير رسمية وصحفية محلية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية