كيف يرى إخوان الجزائر أفق العالم عام 2050؟

كيف يرى إخوان الجزائر أفق العالم عام 2050؟

كيف يرى إخوان الجزائر أفق العالم عام 2050؟


14/05/2023

يتوقّع إخوان الجزائر أن يذهب العالم إلى أحد مستقبلين عام 2050؛ يرتسم الأول عبر تنصيب حكومة عالمية، وظهور عصر ما بعد الإنسانية، ويقوم الثاني على انتصار روسي يتزامن مع صعود إسلامي كقطب رابع.  

تبنّى ناصر حمدادوش، الرجل الثاني في حركة مجتمع السلم (أكبر واجهة محلية للإخوان)، طرح المفكر الروسي (ألكسندر دوغين) بشأن تواجد البشرية في مفترق طرق، وقال إنّ التاريخ مفتوحٌ الآن، ونحن بين مستقبلين:

-  المستقبل الأوّل: يشهد العام 2050 انتصاراً كاملاً لا رجعة فيه للعولمة الغربية وللأحادية القطبية، وتنصيباً لحكومة عالمية، وظهوراً لعصر ما بعد الإنسانية، وتدميراً للأنواع البشرية من جانب الأنواع ما بعد البشرية (الذكاء الاصطناعي، السيبرانية، الهندسة البيولوجية، التكوين الجيني الجديد، وجميع أنواع المخلوقات ما بعد البشرية، ومجتمع ما بعد الإنسان الموحد)، وذلك في تقديره عندما تخسر روسيا الحرب أمام الغرب في أوكرانيا.

- المستقبل الثاني: هو الذي تنتصر فيه روسيا على الغرب، بحيث يتم تأمين عالم متعدِّد الأقطاب، وذلك خارج دائرة الهيمنة الغربية، وسيظهر قطبان آخران، وهما: روسيا والصين، كما ستظهر الهند كقطب ثالث، والعالم الإسلامي كقطب رابع، وأمريكا اللاتينية كقطب خامس، وأفريقيا كقطب سادس، على أن تكون العلاقة الطبيعية بين هذه الأقطاب هي علاقة الاحترام والتعاون والتعايش بين الحضارات، وليست تلك العلاقة المبنية على أوهام "نهاية التاريخ" لفرانسيس فوكوياما، أو "صدام الحضارات" لصامويل هنتجنتون.

الإمبراطوريات والحقائق

في رؤيته الموسومة "الهندسة المستقبلية للعالم خارج الهيمنة الغربية"، قال حمدادوش: إنّ الحقائق التاريخية تثبت أنّه من أسباب سقوط الإمبراطوريات العظيمة، هو "الظُّلم والتعالي على الآخرين، وإنَّ الإمبراطوريات تدمِّر نفسها بنفسها في الغالب".

ناصر حمدادوش الرجل الثاني في حركة مجتمع السلم، أكبر واجهة محلية للإخوان في الجزائر

وقدّر أنَّ سرعة التدمير تعتمد على الآلية التي تستخدمها كلُّ إمبراطورية في الهيمنة، وأنَّ الآلية الأمريكية المعاصرة للهيمنة كانت ذكيةً إلّا أنّها كانت قصيرة، وهي استخدام الدولار الأمريكي في الهيمنة الاقتصادية والسياسية، وبعدها الهيمنة العسكرية على العالم.

وربط حمدادوش بين تشكّل الحضارة الغربية المعاصرة بقيادة أمريكا، وبسط هيمنتها على العالم بعد الانتصار في الحرب العالمية الثانية عام 1945، وبين تفكيك الاتحاد السُّوفياتي عام 1989، وهو ما عُدّ بمنظوره لحظة الغرور للأحادية القطبية في قيادة البشرية عبر التفوُّق العسكري والغطرسة المادية، وهي التي تنشر قواعدها العسكرية في أكثر من (70) دولة كشرطيٍّ للعالم، بالإضافة إلى الذراع الجماعية للهيمنة، وهو حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تشكَّل عام 1949م، والذي يضمُّ الآن (31) دولة، وكانت لأطماعه التوسُّعية شرقاً السَّبب المباشر للصدام الروسي - الغربي في أوكرانيا.

وأشار حمدادوش إلى أنّ الأمريكيين لم ينتبهوا إلى تحذيرات الرئيس (أيزنهاور) في خطاب الوداع عام1961 من "الصعود الكارثي للقوّة في غير محلّها" في أيدي "المجمع الصناعي العسكري"، وهو المجمَّع الذي يلعب دوراً رئيسيّاً في توجيه السياسات الخارجية لأمريكا نحو إشعال الحروب وإطالة أمد الصراعات، ويوظِّف لذلك شبكة علاقاته المتشعِّبة داخل البيت الأبيض ووزارة الدفاع والكونغرس الأمريكي، الأمر الذي يُدِرُّ على شركاته أرباحاً خيالية.

التحوُّلات الثورية ستحدِّد الواقع الجيوسياسي

يعتقد نائب عبد العالي حساني شريف أنّ ما سمّاه "الانسحاب الأمريكي الأحادي الفوضوي والمهين" من أفغانستان عام 2021 أدخل العالم في فترة من التحوُّلات الثورية التي ستحدِّد الواقع الجيوسياسي في المستقبل، عبر التغيُّرات الهائلة في الجغرافيا السياسية، وهياكل النظام العالمي القادم.

وعليه، يشير حمدادوش إلى أنّ الصين تبقى المنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة في القرن الـ (21)، وانتقل هذا التنافس الاستراتيجي من التنافس الاقتصادي إلى احتمالات الصدام العسكري، والتي تبدو ملامحُه صارخةً في (تايوان).

ويتوقع الوجه الإخواني أنّ الصراع الأمريكي مع الصين "سيكون كارثيّاً"، خصوصاً مع استعداد موسكو لتأمين كل ما يحتاجه الاقتصاد الصيني في مجال الطاقة، بما فيها الطاقة النووية والغاز الطبيعي، وزيادة معدلات الاستثمار مع الصين إلى حدود (200) مليار دولار خلال هذا العام، وإنجاز مشروع خط أنابيب الغاز الضخم "قوة سيبيريا 2" إلى الصين، وتسهيل عمل الشركات الصينية في روسيا بدلاً من الشركات الغربية، وتحديث وتطوير أهداف الشراكة الاستراتيجية الكاملة بينهما حتى عام 2030.

من أحد المهرجانات الشعبية لإخوان الجزائر

ويتصور حمدادوش أنَّ هذا البُعد الاقتصادي والتجاري في العلاقات الروسية الصينية لا يُخفي الأبعاد السياسية والاستراتيجية، فهما "يريدان تغيير القواعد" التي تحكم النظام الدولي، وتأكيد استراتيجية العلاقة بينهما، وأهمية تعاونهما من أجل ما وصفاه "إعادة التوازن للنظام العالمي، وحتمية الذهاب إلى عالم متعدِّد الأقطاب".

التخلُّص من "الدولرة" حتميةً مستقبلية

سجّل حمدادوش أنّ الدولار لا يُستخدم كمنفعة عامة للمجتمع الدولي، بل أصبح أداةً استراتيجية للهيمنة، بعد تسليح هذه العملة الاحتياطية في العالم، ممّا أدّى إلى بدايات ثورة عالمية ضدّ الدولار، وأنّ التخلُّص من "الدولرة" لا بدّ أن يكون حتميةً مستقبلية.

واتكأ القيادي الإخواني على وصف (عدي كوتاك) أغنى مصرفي في آسيا، وهو المدير التنفيذي لأكبر البنوك الهندية: "الدولار أكبر إرهاب مالي في العالم"، لذا دعا إلى البحث عن عملة احتياطية بديلة، وكشفت مجموعة من الأحداث الأخيرة بداية التفكير في التمرُّد على هيمنة الدولار، وفي مقدمتها تحالف البريكس، وهو الحدث الأكثر سخونةً في الجغرافيا السياسية، على حدّ تعبيره.

وجزم حمدادوش أنّ سياسة العقوبات الغربية أحادية الجانب على بعض الدول، مثل: إيران وروسيا هزّت مصداقية أمريكا والدولار، ممّا فتح آفاق التعاون الدولي بين: الصين والهند وروسيا وتركيا والبرازيل وإيران وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية خارج الهيمنة الغربية، وبدأ الدولار الأمريكي، ودكتاتورية النظام المالي الغربي، يفقد سيطرته على العالم، بحسب اعتقاده.

حرب أوكرانيا... تفاعلات تراكمية

أثارت الحرب في أوكرانيا ـ بنظر حمدادوش ـ تطوراً في تفكير مؤسسة الأمن القومي الأمريكي، وهو الاستعداد لتقليص التزامها تجاه أوروبا بشكل جذري، وأنّ السباق الرئيسي يقع في المحيطين الهندي والهادئ ضدّ الصين، وعليه يتعين على واشنطن تركيز كل مواردها هناك، وسط "قلق أوروبي" بدأ يظهر في جوهر سياسة "اللّامبالاة المهذّبة" لأمريكا تجاهها، ممّا أثار النقاش حول الحاجة إلى السيادة الأوروبية، والاستقلالية الاستراتيجية لها عن أمريكا.

ورأى حمدادوش أنّ الحرب الروسية ـ الغربية في أوكرانيا هي معركة وجودية، فهي ثورة روسية على الغرب، ورغم العقوبات الضخمة وحجم التحالف متعدِّد الأبعاد ضدّها إلا أنّها تقاتل حتى النهاية، ممّا أدخلها في مواجهة واسعة النطاق معه.

وانتهى إلى أنّ التحوّلات الكبرى لا تحدث طفرة، وإنّما هي تراكمية لمسارات طبيعية، تعزِّزها التطوُّرات الاستثنائية، ولا شكّ أنّ العالم يستعدّ للانتقال إلى واقع جيوسياسي جديد، متصوراً أنّه "رغم حالات الضعف التي يمرُّ بها العالم العربي والإسلامي إلّا أنّه يملك من عناصر القوّة ومقوّمات التأثير ما يجعله لاعباً محوريّاً في الهندسة المستقبلية للعالم".

مواضيع ذات صلة:

مؤتمر حركة البناء الجزائرية ... لم يتغيّر أي شيء!

كيف دعمت إيران جبهة الإنقاذ الجزائرية؟

الجزائر: إجماع على رفض عودة فلول الإنقاذ.. ما الجديد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية