كيف يُدمر حزب الله لبنان

كيف يُدمر حزب الله لبنان


كاتب ومترجم جزائري
31/08/2021

ترجمة: مدني قصري

ي الماضي، كان لبنان يلقَّب بـ "سويسرا الشرق الأوسط"، أو "باريس الشرق الأوسط"، فتلك الأيام ولّت منذ زمن بعيد.

يمرّ لبنان حالياً بأزمة مالية وسياسية عميقة، وشعبه يموت من الجوع، إنّهم يعيشون فقط (بالكاد)، بفضل الدعم الخارجي من الأقارب أو الجمعيات الخيرية، لم يعد هناك عمل للمواطنين من غير حزب الله، رغم الأزمة، يرى حزب الله ضرورة مهاجمة إسرائيل (مباشرة أو بالوكالة) وتهديدها، ويضيف التهديد بالحرب بالمواطنين اللبنانيين الذين تمّ اختطافُهم أكثر من مرّة بسبب حزب الله.

اقرأ أيضاً: إيران تتحدى الولايات المتحدة... ما علاقة حزب الله ولبنان؟

كيف وصل لبنان إلى هذا الوضع؟ إذا طرحتَ هذا السؤال على أيّ لبناني، فستسمُع على الأرجح أنّ السياسيين اللبنانيين الفاسدين هم الذين أوصلوا لبنان إلى هذه الحالة، هذه إجابة قياسية بالفعل، الغالبية العظمى من السياسيين اللبنانيين فاسدون، أو حتى على الأرجح، كلّ شخص فاسد إلى حدّ ما، يعتمد الاقتصاد اللبناني بشكل كبير على رعاية ومساهمات فرنسا والولايات المتحدة، أما الشعوب المسلمة في جميع أنحاء العالم فلن يسعفوه حقاً في أوقات الحاجة.

حزب الله حزبٌ ومنظمة إرهابية لبنانية، أنشأتها إيران في أوائل الثمانينيات، رداً على الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان، والذي بدأ في حزيران (يونيو) 1982، بسبب انتشار أعشاش الإرهاب في جنوب لبنان، وانتهى في حزيران (يونيو) 1985.

لكن بعد انسحاب إسرائيل، أصبح حزب الله أقوى، واستمر في استخدام إسرائيل كمبرّر لوجوده. في تموز (يوليو) 2006، أشعل حرباً أخرى مع إسرائيل، ممّا أسفر عن مقتل مئات المدنيين اللبنانيين وإلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد اللبناني وصناعة السياحة، منذ ذلك الحين، استمرّ في تهديد إسرائيل في كلّ فرصة، وفي الآونة الأخيرة، بينما كان لبنان يتضور جوعاً، أطلق حزب الله الصواريخ على إسرائيل، مما أثار غضب بعض سكان القرية اللبنانية (الدروز).

يُعرَّف حزبُ الله الآن على أنّه منظمة عسكرية إرهابية، وهو منظمة ضخمة وقوة إقليمية قوية تتنشط في جميع أنحاء العالم بمساعدة الأمّ إيران

يُعرَّف حزبُ الله الآن على أنّه منظمة عسكرية إرهابية، وهو منظمة ضخمة وقوة إقليمية قوية تتنشط في جميع أنحاء العالم بمساعدة الأمّ إيران.

حزب الله منظّمةٌ إجرامية دولية بدأت أنشطتها الإجرامية في الثمانينيات، وهي متورطة بشدة في تهريب المخدرات والاتجار بالبشر وغسيل الأموال والجرائم الإلكترونية وأنشطة إجرامية أخرى، بما في ذلك التعاون مع عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية، ومع مجرمين آخرين حول العالم، تمّت مصادرة الأدوية المحظورة التي يسوّقها حزبُ الله في مصر واليونان والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا.

اقرأ أيضاً: "حزب الله" والمواجهة المباشرة مع الأمريكيين... التجربة المرعبة

تهريبُ المخدرات يؤتي ثماره لحزب الله؛ لأنّ تجارته مستمرة على أيّ حال، وقد صارت أكثر فأكثر تطوراً، كما وصل النشاط الإجرامي الدولي لحزب الله إلى كندا، التي استخدمها حزب الله في السابق كقاعدة نشاط ضدّ الولايات المتحدة، كما تتضمن الأنشطة الإجرامية لحزب الله تهديدات وألواناً من العنف ضدّ اللبنانيين المقيمين في الخارج لابتزاز أموالهم.

سلسلة اغتيالات

يُعتقد أنّ حزب الله مسؤول عن سلسلة اغتيالات (لا تشمل هذه القائمة محاولات اغتيال):

شباط (فبراير) 2005: رفيق الحريري (رئيس وزراء لبنان).

حزيران (يونيو) 2005: سمير قصير (صحفي له عمود مؤثر في صحيفة "النهار" اللبنانية).

كانون الأول (ديسمبر) 2005: جبران تويني (صحفي ونائب لبناني).

تشرين الثاني (نوفمبر) 2006: بيار أمين الجميل (وزير مجلس الوزراء).

حزيران (يونيو) 2007: وليد عيدو (عضو مجلس النواب اللبناني).

أيلول (سبتمبر) 2007: أنطوان غانم (عضو مجلس النواب اللبناني).

كانون الأول (ديسمبر) 2007: ميشال سليمان (قائد الجيش اللبناني).

كانون الثاني (يناير) 2008: وسام عيد (مهندس كمبيوتر وباحث أوّل في الإرهاب في قوى الأمن الداخلي).

تشرين الأول (أكتوبر) 2012: وسام الحسن (رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي).

كانون الأول (ديسمبر) 2013: محمد شطح (مسؤول سابق في الحكومة اللبنانية).

2017: جوزيف سكاف (عقيد في الجيش اللبناني).

آذار (مارس) 2020: أنطوان الحايك (عنصر متقاعد من قوى الأمن اللبنانية).

تموز (يوليو) 2020: هشام الهاشمي (مستشار رئيس الوزراء العراقي لمكافحة الإرهاب).

كانون الأول (ديسمبر) 2020: جوزيف بجاني (مصوّر سابق للجيش اللبناني).

كانون الأول (ديسمبر) 2020: منير أبو رجيلي (ضابط جمارك لبناني).

شباط (فبراير) 2021: لقمان سليم (صحفي لبناني بارز).

يعرِّف حزب الله نفسَه بالادعاء أنّه عدوّ الفساد في السياسة اللبنانية، لكنّه يمتلك الحزب الأكثر فساداً في لبنان، في ظلّ نظام الفساد اللبناني، يُعتبَر حزبُ الله مسؤولاً أيضاَ عن الانهيار الاقتصادي في لبنان، لكنّ تأثيره في هذا الانهيار أكثر وضوحاً من تأثير الأحزاب السياسية الأخرى، لأنّ حزب الله، على عكس الأحزاب السياسية الأخرى، يمتلك جيشه الخاص، بالتالي، له تأثير كبير على السياسة اللبنانية، فساد حزب الله مرتبط بالنظام المالي اللبناني، والنقل والصحة، التي يختلس منها الأموال، لا شيء يحدث في السياسة اللبنانية دون موافقة حزب الله، وحزب الله يعارض أيّ إصلاح يمكن أن يساعد لبنان على التعافي.

كان ينبغي ألا يفاجئ انهيارُ لبنان كلَّ أولئك الذين شاهدوا سلوكَ حزب الله على مدى العقود الأربعة الماضية، كانت هناك تحذيرات كثيرة، وعلى رأسها الانفجار الهائل في مرفأ بيروت، في آب (أغسطس) 2020.

 انفجار بيروت: فتش عن حزب الله

وفي هذا السياق، كتب جون دانيال ديفيدسون: إذا كانت هناك جماعة تتحمّل المسؤولية الأساسية عن الوضع في لبنان الذي أدّى إلى الانفجار في بيروت، فهي حزب الله.

كتبت باريا علم الدين، الصحفية والمذيعة الحائزة على جوائز في الشرق الأوسط وبريطانيا، في كانون الأول (ديسمبر) 2020: "لطالما كنتُ فخورة بكوني لبنانية، لكن اليوم، أصبح كلّ هذا مصدر عارٍ شديد، فيما العالم يرى أمتنا الجميلة وهي تُختطَف بسبب فساد حزب الله، والجريمة والإرهاب."

انهيار البلد يبدو أقرب من أيّ وقت مضى، مع نقص الغذاء والإمدادات الطبية، والمياه والكهرباء والوقود، وصفة تدمير لبنان أعدّها حزب الله وبدأ في تنفيذها

لكن انهيار لبنان ليس خطأ من حزب الله فحسب، بل كان هدفَه أيضاَ، كما كتب آفي إيساخاروف: "كلما ضعُف البلد، كان من الأسهل التأثير والسيطرة على ما يحدث"، يستطيع حزب الله، بمساعدة إيران وأرباحه الهائلة من الأنشطة الإجرامية، السيطرةَ على لبنان أكثر من أيّ وقت مضى، وتقديم خدماته الاجتماعية ومرافقه الصحية لكسب ثقة ودعم السكان اللبنانيين المنهكين والخائفين.

فمِثل السرطان الذي يُضعِف وينتهي بقتل الجسد، دمّر حزب الله لبنان ببطء، وجعل مؤسساته بلا معنى، ما يزال الملياردير اللبناني نجيب ميقاتي يُحاول تشكيل حكومة بعد شهر من تكليفه بالمهمة، من قَبلِه حاول سعد الحريري، على مدى تسعة أشهر، إنجاز المهمة نفسها، لكنّه فشل.

مع تنازله، وصف الحريري هذه اللحظة بـ "لحظة الحقيقة"، لكن أيّة حقيقة؟ هل الحقيقة أنّ تشكيل الحكومة لم يعد مُهِمّاً لأنّ السلطة ما تزال في يد حزب الله؟ ربما كان الحريري سيقول الحقيقة لو لم يكن خائفاً من تلقي مصير والده.

اِنهيار البلد يبدو أقرب من أيّ وقت مضى، مع نقص الغذاء والإمدادات الطبية، والمياه والكهرباء والوقود، وصفة تدمير لبنان أعدّها حزب الله وبدأ في تنفيذها.

ليس من قبيل الصدفة أن صرّح الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في الأيام الماضية؛ أنّه سيستورد الوقود من إيران، وحذارِ إنْ فعلت الولايات المتحدة وإسرائيل أيّ شيء ضدّ ناقلة النفط.

السرطان الإيراني جلب سرطان حزب الله الذي ينشره هذا الأخير أينما حلّ، إنّ الحدّ من اِنبثاثات الورم الخبيث أمرٌ جيّد، لكنّه لا يقتلع جذورَ المرض نفسه.

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

www.jforum.fr



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية