لماذا اختفت صراعات الإخوان عن أعين الإعلام فجأة؟

لماذا اختفت صراعات الإخوان عن أعين الإعلام فجأة؟


12/05/2022

بشكل مفاجئ اختفت صراعات الإخوان عن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وخفتت البيانات الإعلامية التي ظلّت متواترة بين طرفي الأزمة لمدة تجاوزت الثلاثة أشهر، ما أثار تساؤلات حول حقيقة ما يجري داخل التنظيم، وهل جرت عملية مصالحة بين جبهتي لندن واسطنبول؟ أو حتى التوصّل إلى هدنة فيما بينهما؟ وما السيناريوهات القريبة للأزمة التي تؤكد معظم الشواهد أنها ما تزال قائمة؟

وبحسب مصادر مطلعة على تطورات الصراع داخل التنظيم، فإنّ جذوة الخلاف لم تهدأ بعد، ولم تنجح أية محاولات لإبرام مصالحة أو هدنة بين طرفي الأزمة حتى الآن، فيما يحتفظ كل منهما بمكتسباته الراهنة والأدوات التي يسيطر عليها داخل التنظيم خاصة مصادر التمويل أو وسائل الإعلام وغيرهما.

وتقول المصادر لـ"حفريات" إنّ الخلاف بلغ ذروته خلال الفترة الماضية وبات هناك شبه استقرار داخل التنظيم حول انفصال كل مجموعة بأتباعها، وتحكمها في إدارة جزء من أملاك التنظيم، مشيرة إلى أنّ جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير تخطط في الوقت الراهن لتدشين منظومة إعلامية بديلة عن "الإعلام الرسمي" للجماعة والذي تسيطر عليه جبهة اسطنبول بقيادة محمود حسين بشكل كامل وترفض التنازل عنه أو تسليمه لإدارة القائم بأعمال المرشد.

 جذوة الخلاف لم تهدأ بعد

ووفق المصادر، ما تزال قيادات الجبهتين تسعيان لحسم الصراع المركزي، بينما تحتدم الخلافات في الداخل؛ بسبب الصراع حول منظومة الإعلام، لا سيما أنّ إعلام الجماعة يشهد في الوقت الراهن تحولاً تكتيكياً بعيداً عن تركيا إلى دول أخرى في أوروبا، ومرشح استضافتها في لندن بديلاً عن اسطنبول، لكنّ إخوان مصر يرفضون منح مكتب بريطانيا، محل إقامة القائم بأعمال المرشد العام، أي أدوات إضافية تمثل قدراً جديداً من الثقل التنظيمي يساعده ربما في حسم الصراع لصالحه.

محاولة للتماسك

 الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب، منير أديب، يرى أنّ الحديث عن فكرة انتهاء الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين في الوقت الراهن أمر "أقرب إلى  المستحيل"، مؤكداً أنّ الصراع "ما يزال قائماً ومحتدماً للغاية، وسيتسبب بلا شك في كتابة الفصل الأخير من عمر الجماعة".

 وينوّه أديب إلى أنّ الفترة الماضية شهدت تطورات في المشهد السياسي المصري ربما أغرت الجماعة قليلاً بإمكانية العودة إلى الساحة السياسية في مصر، في فهم خاطئ لرسائل ودلالات الدعوة للحوار السياسي التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل نحو أسبوعين.

 

منير أديب: الدعوة للحوار السياسي في مصر أغرت الجماعة لتقديم نفسها كتنظيم متماسك وتخفيف الصراع إعلامياً

 

ويتابع أديب في تصريح لـ "حفريات" أنّ الجماعة رأت بالدعوة للحوار السياسي في مصر "إغراء سياسياً لها يتعلق بمحاولات التسلل إلى الحياة السياسية مجدداً، ولذلك سعت إلى تقديم نفسها للحوار، من خلال بيان رسمي، وكذلك الدعوة التي جاءت على لسان القيادي الإخواني يوسف ندا، قدمها كتنظيم واحد متماسك، دون التطرق إلى الخلافات المحتدمة داخله".

ويمكن القول، وفق أديب، أنّ الجماعة تحاول في الوقت الراهن التغطية على حالة الانقسام والتشظي التنظيمي وإبعاد حلقة الصراع عن العلن، أملاً في أن تحظى بأي تمثيل في عملية الحوار السياسي في مصر.

غير أنّ فكرة المشاركة في الحوار مع الإخوان "مستحيلة"، بحسب أديب، كون الجماعة مصنّفة على قوائم الإرهاب نتيجة أحكام قضائية أثبتت تورطهم في الإرهاب والعنف، ومسؤوليتهم عن دماء العشرات من أبناء الشعب المصري.

هل انتهى الصراع حقاً؟

يقول أديب إنّ الصراع بين جبهتي؛ لندن بقيادة إبراهيم منير واسطنبول بقيادة محمود حسين ومعه مجموعة من إخوان مصر قد تجاوز ذروته بالفعل ولم يتبقّ أمامهم سوى مرحلة "الانهيار الكامل للجماعة التي شاخت أفكارها، وانهار هيكلها وتفتت تماماً خلال الفترة الماضية، وانقسمت فعلياً إلى جماعتين على مستوى القيادة المركزية، و4 تنظيمات مختلفة على مستوى القواعد، وبالتالي فإنّ الجماعة غير موجودة إذا ما تحدثنا عن الهيكل التنظيمي".

جماعة الإخوان وصلت، برأي أديب، إلى مرحلة "موت سريري وشلل تام وعدم قدرة على إحداث أي تأثير أو تغييرات سواء داخل التنظيم المتشظي أو في علاقته مع السلطات في أي دولة يتواجد بها"، مشيراً إلى أنّ "المواجهة الفكرية ضد التنظيم لم تصل حتى الآن لقوة المواجهة الأمنية التي نجحت في تقليص نشاطه الإرهابي ومحاصرة مصادر تمويله وقطع أذرعه، وربما هذا السبب قد أجّل مسألة الحسم النهائي للتنظيم، لكنها نتيجة حتمية في ضوء التصدعات التي مرت بها الجماعة والأزمات المتعاقبة عليها، وانهيار قدرتها على التفاعل".

عودة الصراع للواجهة قريباً

ويتوقع الباحث في الإسلام السياسي أن تشهد الأيام المقبلة عودة الصراع مجدداً على الساحة الإعلامية ومن خلال المنصات التابعة للإخوان، وأن تعود الجبهتان لتبادل الاتهامات والبيانات مرة أخرى، في ضوء التطورات التي يشهدها التنظيم من الداخل، واستمرار أسباب الخلاف، ورغبة كلا طرفي الصراع في حسمه لصالحه.

ويرى أنّ هذا الصراع لن ينتهي قريباً وسيترك الجماعة في مرحلة النهاية والتلاشي التنظيمي النهائي.

اقرأ أيضاً: 

مدارس الإخوان في أوروبا بين تكريس خطاب الكراهية وغسيل الأموال

 - الإخوان وتركيا: من الإعجاب بالنموذج إلى التذيُّل السياسي

الارتباط البنّاء: قصة دوران الإخوان في فلك واشنطن



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية