لماذا المصالحة بين السلطة في مصر والإخوان مستحيلة؟.. كتاب حديث يجيب

لماذا المصالحة بين السلطة في مصر والإخوان مستحيلة؟.. كتاب حديث يجيب

لماذا المصالحة بين السلطة في مصر والإخوان مستحيلة؟.. كتاب حديث يجيب


02/07/2023

لم تستفد جماعة الإخوان أبداً من دروس الماضي، والمتتبع لتاريخها يجد أنّه سيناريو مكرر من الفشل، وتكرار الأخطاء ذاتها منذ التأسيس الأول في العام 1928 حتى الوقت الراهن، ولعل الملمح الأبرز في فشل المنظومة الإخوانية يتجلى في علاقتها بالنظم العربية على مدار أكثر من (9) عقود، شهدت مراحل متفاوتة من التقارب والتنافر بين التنظيم والسلطة، انتهت جميعها بسبب براجماتية الإخوان، وتمسكها بأهداف تتعارض مع أمن الدول لصالح ولاءات خارجية.

بشكل معمّق، ركّز الكاتب الصحفي المصري حمادة إمام في كتابه الصادر حديثاً تحت عنوان: "المصالحة المستحيلة بين السلطة والإخوان"، عن دار "كنوز" للنشر، على كواليس العلاقة بين الإخوان والسلطة، ولماذا ظلت فكرة المصالحة مستحيلة على مدار تاريخ التنظيم.

ما أهمّ ما يكشف عنه الكتاب؟

وفي تصريح لـ "حفريات"، يقول إمام: إنّ أهم ما كشف عنه كتابه الصادر حديثاً يتعلق بالإجابة عن التساؤل الدائم: "لماذا المصالحة بين تنظيم الإخوان والسلطة مستحيلة؟، ليس اليوم فقط، ولكنّها ظلت كذلك على مدار أعوام طويلة.

ويرى إمام أنّ المصالحة مع التنظيم، المدرج على قوائم الإرهاب، ظلت مستحيلة لجملة من الأسباب؛ أهمها هو سوء تصرف قيادات تنظيم الإخوان على مدار التاريخ، والنظر إلى كافة القضايا من جانب واحد، يخدم مصالح التنظيم دون النظر لأيّ اعتبارات وطنية، إضافة إلى تعارض أجندة التنظيم دائماً مع أهداف الدولة الوطنية؛ ممّا جعل أمر التفاهم مستحيلاً.

وبحسب إمام، يكشف الكتاب حقيقة ادّعاء ظلت الجماعة تردده أعواماً طويلة، يتعلق بمدى إيمانها بالديمقراطية والمشاركة، لكنّها في حقيقة الأمر تنظيم متطرف قائم على سلطة الفرد الواحد، لا يؤمن بأيّ تعددية، ولا يسمح باندماج الأفكار أو المشاركة من أجل تحقيق الصالح العام.

غلاف الكتاب

يتطرق الكاتب أيضاً، حسبما أوضح لـ "حفريات"، إلى مسألة الحكم عند جماعة الإخوان، ومحاولات التنظيم المستميتة للوصول إلى السلطة بتوظيف أدوات غير مشروعة، في مقدمتها العنف والإرهاب، من أجل الضغط على الأنظمة الحاكمة في الدول.

حمادة إمام: المصالحة مع التنظيم ظلت مستحيلة لجملة من الأسباب؛ أهمها سوء تصرف قيادات التنظيم على مدار التاريخ، والنظر إلى كافة القضايا من جانب واحد يخدم مصالح التنظيم فضلاً عن تعارض أجندته مع أهداف الدولة الوطنية

 

ويؤكد إمام أنّ جماعة الإخوان ليست سوى أداة بأيدي عدد من أجهزة المخابرات الغربية التي تستهدف استقرار الدول العربية، وفي القلب منها مصر، وتاريخ الجماعة حافل بالدلائل على تلك العمالة، فقد قدّم التنظيم مصالحه المرتبطة أصلاً بأجندات عدد من الأجهزة الاستخباراتية دائماً على مصلحة الوطن.

 لغز سيارة رئيس الجمهورية أمام منزل قيادي إخواني

أورد الكتاب أنّه في نهاية عام 1969 فوجئ اللواء إبراهيم حليم، مفتش مباحث أمن الدولة‏  آنذاك، أثناء زيارته لأحد أصدقائه بمحافظة الغربية، بوجود سيارة رئيس الجمهورية‏ أمام أحد المنازل، فاندهش، وزاد اندهاشه عندما علم أنّها تقف أمام منزل مملوك للقيادي الإخواني الدكتور محمود جامع.

ويضيف: "على الفور كلّف مفتش مباحث أمن الدولة بمعرفة ما يدور بداخله، ‏ بعد أن عرف أنّ السادات يجتمع عنده كل ليلة‏ وبعدد من الرموز والقوى السياسية‏، ذهب إبراهيم حليم‏،‏ وأخبر اللواء شعراوي جمعة‏، وزير الداخلية في ذلك الوقت، الذي غضب كثيراً‏،‏ وقال: كيف أنّه وزير داخلية، ولا يعرف تحركات، ولا خط سير رئيس الجمهورية بالإنابة، متابعاً:‏ كانت تعليماته رصد عن بُعد وتحديد أسماء كل العناصر التي تحضر الاجتماعات".

جماعة الإخوان ليست سوى أداة بأيدي عدد من أجهزة المخابرات الغربية التي تستهدف استقرار الدول العربية، وفي القلب منها مصر، وتاريخ الجماعة حافل بالدلائل على تلك العمالة

 

 وبحسب الكاتب، كان السؤال وقتها هو: هل نائب رئيس الجمهورية على اتصال بعناصر إخوانية دون علم رئيس الجمهورية؟ لكنّ هذه الاتصالات السرّية ما زالت لغزاً غامضاً حتى الآن، رغم أنّ من صنعوها وشاركوا فيها ما زال بعضهم على قيد الحياة، ولكنّهم يرفضون الحديث عنها أو كشف أسرارها،‏ ويؤثرون السلامة‏.‏

 مصالحة انتهت باغتيال السادات

 يقول الكاتب: إنّ المشهد ذاته عاد ليتكرر للمرة الثانية بعد رحيل عبد الناصر، في صيف 1971 عندما نجح الملك فيصل في أن يرتب اجتماعاً بين السادات ومجموعة من قيادات الإخوان المسلمين المقيمين بالخارج.

 انطلق الطرفان السادات والإخوان في تنفيذ شروط الاتفاق، حتى وقع المحظور، واستشعر كل طرف من طرفي الصفقة أنّ وجوده مرتبط بالقضاء على الطرف الآخر، فكانت اعتقالات أيلول (سبتمبر) 1981، ثم اغتيال السادات في 6 تشرين الأول (أكتوبر) 1981.

 أغرب مفاوضات في تاريخ التنظيم

وفي عهد الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، وتحديداً في كانون الأول (ديسمبر) 1981، تكرر المشهد للمرة الثالثة عندما جرت أغرب مفاوضات في تاريخ مصر بين نظام حاكم وتنظيم محظور، مضمونها ضمان عدم خروج التنظيم المحظور في مظاهرات عدائية أثناء زيارة الرئيس لإحدى العواصم الأوروبية.

 الرئيس المصري الراحل أنور السادات

 ويتابع: "كان أمام المفاوض المصري مهمة واحدة وأساسية لا تخرج عن الحصول على ضمانات من المرشد الخفي بعدم تنظيم مظاهرات ضد الرئيس مبارك أثناء زيارته إلى ألمانيا، في أول زيارة خارجية يقوم بها بعد توليه منصب الرئاسة خلفاً للسادات".

 ويضيف: "المفاوضات بين وفد مباحث أمن الدولة والمرشد نجحت، لكنّ المقابل الذي حصلت عليه جماعة الإخوان المسلمين يظل حتى الآن سرّاً، وإن كانت مذكرات الإخوان وبعض المسؤولين السابقين الذين عاشوا عن قرب تكشف أنّ الإخوان حصلوا على مقابل".

 محاولة فاشلة للتفاوض بعد 2011

بحسب الكاتب، لم تكن الصفقة مع مبارك هي آخر صفقات الإخوان، فبمجرد تنحيّه تكرر الأمر للمرة الرابعة، ولكن هذه المرة مع المشير حسين طنطاوي، وتحديداً في 8 شباط (فبراير) عام 2012، عندما كشف خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان في ذلك الوقت عبر قناة الجزيرة عن لقاء بين قيادة جماعة الإخوان والمشير طنطاوي، انتهى بالفشل بعد أن قال المشير طنطاوي للوفد الإخواني: يبدو أنّكم تأثرتم بلقاء "جون ماكين" نائب الرئيس الأمريكي، والآن تبحثون عن رضا أمريكا، وفضّ الاجتماع، وكانت المحصلة صفراً.

ولما وصل الإخوان إلى الحكم في 2012، كان أول قراراتهم التخلص من المشير طنطاوي،  إلا أنّهم لم يستمروا في الحكم إلا (374) يوماً، وجاءت نهاية مشروعهم في 30 حزيران (يونيو) 2013.

مواضيع ذات صلة:

إخوان مصر المنقسمون ونقاط الخلاف الأساسية والفرعية

مخطط إخواني جديد لضرب السياحة في مصر... لماذا الآن؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية