لماذا تربط إسرائيل التهدئة وإعمار غزة بإعادة أسراها؟

لماذا تربط إسرائيل التهدئة وإعمار غزة بإعادة أسراها؟


09/06/2021

تبذل القاهرة حراكاً نشطاً لبحث تثبيت التهدئة الهشّة بين حركة حماس وإسرائيل، وكذلك للتوصل إلى اتفاق حول عدد من الملفات الرئيسة، كإعادة إعمار قطاع غزة، والأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، الذين يصرّ الاحتلال الصهيوني على أن تفرج حركة حماس عنهم مقابل إعادة إعمار القطاع، بعد حرب دامية استمرت 11 يوماً، وهو ما ترفضه الحركة، جملةً وتفصيلاً، بعد مطالبتها بمقابل أكبر لإطلاق سراحهم.

اقرأ أيضاً: الإمارات تساند أهل غزة لتجاوز تداعيات العدوان الإسرائيلي

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي، قد زار القاهرة في 30 أيار (مايو)، في إطار المساعي التي يجريها الجانب المصري لتثبيت وقف إطلاق النار غير المشروط بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي بدأ سريانه في 21 أيار (مايو) الماضي، أي بعد 11 يوماً من العدوان الإسرائيلي على غزة.

وقال أشكنازي، خلال لقائه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إنّ إسرائيل تشترط لإعادة إعمار غزة استعادتها لجثتي جنديَّين إسرائيليَّين قُتلا أثناء العدوان على غزة عام 2014، ومواطنَين إسرائيليَّين دخلا القطاع طواعية .

 وزير الخارجية الإسرائيلي أشكنازي خلال لقائه وزير الخارجية المصري سامح شكري

كما نقلت قناة "العربية" عن مصادر قولها، في 31 أيار (مايو) الماضي: إنّ "مصر لا تريد ربط صفقة الأسرى بملف إعادة إعمار غزة، وتصرّ على ربط الملف بالسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة، كما تتحفظ مصر على إنشاء هيئة مستقلة لإعادة إعمار غزة".

وأفادت القناة بأنّ "التوقعات تشير إلى حسم ملف صفقة الأسرى بين إسرائيل وحماس خلال أسابيع، وسط ضغوط مصرية على إسرائيل للقبول بأسماء الأسرى المقترح إطلاقهم، على أن تنفذ صفقة الأسرى بين حماس وإسرائيل على عدة مراحل".

اقرأ أيضاً: تركيا تكشف موعد تطبيع العلاقات مع إسرائيل

ووفق قناة "كان" العبرية الرسمية؛ تشترط تل أبيب إعادة 4 جنود إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة قبل انطلاق أيّة خطوة لإعادة إعمار القطاع، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني وتحاصره إسرائيل منذ صيف 2006.

وجدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في 31  أيار (مايو)، المطالبة الإسرائيلية باستعادة الجنود والمدنيين المحتجزين في قطاع غزة في أقرب وقت، بحسب ما نشر عبر حسابه على تويتر.

على مصر تقديم كافة التسهيلات لإدخال مواد الإعمار عبر معبر رفح البري، بالإضافة إلى وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته للضغط على الاحتلال الإسرائيلي

وتحتفظ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بـ 4 إسرائيليين، بينهم جنديان أُسِرا خلال الحرب على غزة صيف عام 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي)، أما الآخران فدخلا غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.

بينما ترفض حركة حماس الربط بين الإعمار وتبادل الأسرى، وتصرّ على إجراء صفقة تبادل أسرى وفق شروطها المتمثلة بتحرير عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين.

اقرأ أيضاً: هل تشهد إسرائيل أحداث عنف شديدة؟.. رئيس الشاباك يجيب

وقال عضو المكتب السياسي للحركة، موسى أبو مرزوق، في تغريدة على تويتر، في 31 أيار (مايو) 2021م؛ "من غير المقبول أن يربط نتنياهو ملف إعادة إعمار غزة بملف جنوده المفقودين".

وكان مدير المخابرات المصرية، عباس كامل، قد وصل، قبل عدة أيام إلى القطاع، في زيارة استغرقت ساعات، بحث خلالها 3 ملفات رئيسة مع قيادة حماس، هي: تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وملف إعادة الإعمار، وقضية تبادل الأسرى".

جدّد نتنياهو المطالبة الإسرائيلية باستعادة الجنود والمدنيين المحتجزين في قطاع غزة في أقرب وقت

وتفجّرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية جراء اعتداءات وحشية إسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، خاصة في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، في محاولة لإخلاء 12 منزلاً فلسطينياً وتسليمها لمستوطنين، ثم انتقل التوتر إلى الضفة الغربية، وتحول إلى مواجهة عسكرية في قطاع غزة.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي بدأ في 13 أبريل (نيسان) الماضي، عن سقوط 289 شهيداً، بينهم 69 طفلاً، و40 سيدة، و17 مسناً، فضلاً عن أكثر من 8900 مصاب، بينهم 90 إصابتهم "شديدة الخطورة".

الضغط على المقاومة

بدوره، يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، طلال أبو ظريفة، خلال حديثه لـ "حفريات": إنّ "الاحتلال الإسرائيلي يحاول ربط ملف التهدئة وإعادة إعمار قطاع غزة بالإفراج عن أسراه للتغطية على حالة الفشل الذريع الذي منيت به إسرائيل في عدوانها الأخير على القطاع، والذي أصاب الرأي العام الصهيوني بحالة من الإرباك والانفعال، على المستويين الرسمي والشعبي، لذلك لجأ الاحتلال للضغط على المقاومة بعدم تثبيت وقف إطلاق النار إلا بإعادة جنودها لدى المقاومة، وهو الأمر الذي ترفضه المقاومة باعتبار أنّ إعادة إعمار غزة والتهدئة، والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، هما مساران مختلفان لا رابط بينهما".

اقرأ أيضاً: الحفاظ على الفلكلور الشعبي يزجّ بفلسطيني في أقبية السجون الإسرائيلية

ولفت إلى أنّ "موقف الجانب المصري يساند الموقف الفلسطيني، ومتمسك به مع تيقن المصريين بأنّ العدو الإسرائيلي يحاول استغلال كافة الظروف الحالية لخلق المزيد من التعقيدات التي من شأنها إعاقة إعادة الإعمار والوصول إلى تهدئة شاملة، بعد المأزق الذي وقع فيه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إثر عدوانه على القطاع، والذي بات على أعتاب إنهاء مستقبله السياسي، بعد حصول خصومه على فرصة لتشكيل حكومة جديدة"، موضحاً أنّ "المقاومة واضحة بخصوص شروط  تثبيت التهدئة، وهي: إنهاء عدوان الاحتلال على المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وسلوان وغيرها، والعمل على إدخال مواد الاعمار دون أية قيود أو شروط مسبقة".

تهدئة شاملة

وتابع أبو ظريفة: "فصائل المقاومة تسعى لربط غزة والقدس بموضوع التهدئة الشاملة، باعتبار القدس وكافة الأراضي الفلسطينية جزءاً أصيلاً من الكل الوطني الفلسطيني، على الرغم من إجراءات الاحتلال التي تقوم على الفصل بين المناطق الفلسطينية، إلا أن تلك الإجراءات ليست واردة لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، التي على استعداد لمواجهة الاحتلال مجدداً في حال واصل عدوانه بحق المسجد الأقصى ومدينة القدس".

عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، طلال أبو ظريفة

وقلّل القيادي الفلسطيني من إمكانية أن "يشكّل قرار مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، التحقيق مع الاحتلال في جرائم الحرب التي ارتكبها في قطاع غزة والقدس؛ ضغطاً منه على الكيان للاستجابة للتحركات الدبلوماسية وشروط المقاومة, بسبب رفض دولة الكيان التعاطي مع قرار المجلس"، مشيراً إلى أنّ "المطلوب من المجلس هو الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، لوقف جرائمه بحق الفلسطينيين، وتعميق عزلة دولة الكيان، وتعزيز قوة القضية الفلسطينية في مختلف المحافل الدولية".

ابتزاز المقاومة الفلسطينية

ويرى عضو المجلس الثوري لحركة فتح ديمتري دلياني؛ أنّ "ربط ملفات التهدئة وإعادة إعمار غزة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، هي محاولة إسرائيلية تأتي لابتزاز فصائل المقاومة الفلسطينية، وهي معادلة غير مقبولة وسابقة خطيرة جداً تحاول إسرائيل فرضها على الفلسطينيين للقبول بشروطها بعد عدم تحقيقها أية انجازات عسكرية خلال عدوانها الأخير على القطاع".

عضو المجلس الثوري لحركة فتح ديمتري دلياني لـ"حفريات": ربط ملفات التهدئة وإعادة إعمار غزة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، ابتزاز لفصائل المقاومة الفلسطينية

ويضيف دلياني، خلال حديثه لـ "حفريات": "الحالة السياسية الحالية في إسرائيل لن تكون عائقاً أو سبباً في فشل التقدم في تحقيق تهدئة، أو إعادة إعمار غزة، على الرغم من الوضع السياسي المتأزم لرئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، الذي بات محاصراً من خصومه، تحديداً في ظلّ تشكيل حكومة جديدة يتقاسمها لبيد وبينت، الذي يعد أكثر يمينياً وتطرفاً، من خلال تشجيعه على المشاريع الاستيطانية والتهويدية في القدس والضفة الغربية المحتلة".

اقرأ أيضاً: واشنطن تتكبد خسائر من دعمها لإسرائيل. إلى متى؟

ولفت إلى أنّ "الاحتلال متعطش للدماء والقتل والتدمير، وبذلك فإنّ قيادته السياسية ليست في حاجة إلى الهروب من التجاذبات السياسية الحاصلة نحو تنفيذ الاستحقاقات الفلسطينية المطلوبة"، موضحاً أنّه "بإمكان القاهرة تجاهل كافة الضغوطات الصهيونية عبر تسهيل دخول المواد اللازمة لإعادة إعمار القطاع، وهي خطوة سبق أن اتخذتها مصر، وأثبتت من خلالها أنّها لن تخضع يوماً للإملاءات الإسرائيلية".

جهود دبلوماسية مكثفة

وتابع دلياني: "الإدارة الأمريكية لم تكن مهتمة على الإطلاق بالقضية الفلسطينية ما قبل العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، في أيار (مايو) الماضي، وكان جلّ اهتمامات الرئيس بايدن على الأمور الداخلية المتعلقة بمكافحة وباء كورونا وإجراء بعض الإصلاحات الاقتصادية الداخلية، لكن بعد أن شكل العدوان الأخير خطراً على حياة الإسرائيليين بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية، شهدنا جهوداً دبلوماسية أمريكية مكثفة، بالإضافة إلى التحركات الإقليمية والأوروبية لوقف إطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جديد".

عضو المجلس الثوري لحركة فتح ديمتري دلياني

 وبسؤال دلياني عما هو المطلوب فلسطينياً في حال استمر التعنت الإسرائيلي برفض إعادة إعمار قطاع غزة دون الافراج عن الأسرى الإسرائيليين، بيّن أنّ "على مصر تقديم كافة التسهيلات لإدخال مواد الاعمار عبر معبر رفح البري، بالإضافة الى وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته للضغط على الاحتلال لإعادة إعمار ما دمره من بيوت ومنازل للآمنين، في ظلّ وجود سلطتين، في رام الله وغزة غير قادرتين على توفير الأموال أو الضغط سياسياً على الاحتلال لتنفيذ المطالب الفلسطينية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية