ما سرّ الولع القطري بدعم الجماعات المتطرفة؟

ما سرّ الولع القطري بدعم الجماعات المتطرفة؟


12/12/2020

وصفت واشنطن، في تصريح لها عام 2014، دولة قطر؛ بأنّها بيئة تسمح بتمويل الجماعات المتطرفة، وأوضحت واشنطن، في تصريحها المنشور عبر منصّة معهد واشنطن الإلكترونية؛ أنّ الأفراد في قطر يساعدون في تمويل داعش وغيره من التنظيمات المسلحة.

 وللتأثير في سياسات قطر؛ استخدمت الولايات المتحدة سياسة العصا والجزرة؛ إذ تثني تارة على الإمارة الخليجية الصغيرة، بتطويرها آليات لمكافحة تمويل الإرهاب، لكنّها لا تتوانى عن توبيخها علانية في بعض الأحيان، على تمويلها للمنظمات الإرهابية المسلحة.

لكن، ما السرّ وراء ولع قطر بتمويل الجماعات المسلحة، رغم الهجوم العالمي على ممارساتها غير الشرعية؟

استغلال الأوراق السياسية

تهدف الإستراتيجية الأمنية لقطر إلى تقديم الدعم لمجموعة واسعة من المجموعات الإقليمية والدولية، من أجل تعزيز مكانتها في الداخل والخارج، وتضمّنت هذه الإستراتيجية تقديم دعم سخي للمنظمات الإسلامية، بما في ذلك المنظمات المسلحة، مثل حماس وطالبان، ويشكّل السماح بجمع الأموال المحلية الخاصة للجماعات الإسلامية في الخارج جزءاً من هذا النهج؛ إذ إنّ إغلاق قنوات الدعم للإسلاميين المتشددين، سيكون معادياً لنهج قطر الأساسي تجاه أمنها.

 وكشف الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي، عمرو فاروق، أنّ سعي قطر لتمويل الجماعات المتطرفة على مدار التاريخ المعاصر، يعود لعدة أسباب، منها: أنّ النظام القطري يستغل ويستخدم مختلف الأرواق السياسية في محاولة بسط نفوذه، سواء داخل المنطقة العربية، أو الشرق الأوسط، أو في الداخل الأوروبي.

اقرأ أيضاً: %30 زيادة في رواتب المرتزقة في ليبيا.. ما علاقة قطر وتركيا؟‎

وأوضح فاروق، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "الدوحة عملت منذ فترات بعيدة على استقطاب مختلف العناصر والتنظيمات التكفيرية، لاستخدامها كأوراق ضغط ضدّ النظم الحاكمة، والحصول من خلالها على مكاسب سياسية ودبلوماسية، فضلاً عن أنّها وضعت نفسها كدولة مؤثرة في المشهد، من خلال الجماعات التي تحركها وتأتمر بأمرها، وتنفذ مشروعها ضدّ خصومها والمعارضيين أو المتجاهلين لسياساتها؛ إذ إنّ الدوحة وظفت مختلف المؤسسات الإسلامية وتوسعت في تكوينها وتمويلها، بهدف الهيمنة وبسط النفوذ على الأقليات العربية والإسلامية، في أوروبا والولايات المتحدة، وهناك عشرات الوثائق والتقارير السيادية التي حذّرت من اختراق قطر للداخل الغربي لتنفيذ مشروعها من خلال القوة الناعمة".

البحث عمرو فارق لـ"حفريات": عندما نتحدث عن قطر فنحن نتحدث عن الإخوان والتنظيم الدولي، وتوظيف العنف لإقامة الدولة الإسلامية المنشودة، التي رسم حدودها حسن البنا، وسيد قطب

هناك سبب مهم في احتواء الدوحة للجماعات المتطرفة، مثل القاعدة وداعش والإخوان وبوكو حرام وجبهة النصرة، وحركة شباب المجاهدين، فضلاً عن تمويلها ودعمها للجماعات المسلحة في مصر، مثل الجماعة الإسلامية وتنظيمات الجهاد، بشكل غير مباشر، عن طريق أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، خلال فترة تواجدهما في السودان، وتكوين ما يسمى "تحالف قوى المجاهدين"، وتمويل عملياته المسلحة ضدّ رموز النظام المصري في تسعينيات القرن الماضي.

اقرأ أيضاً: لماذا تجر تركيا قطر معها إلى ليبيا؟

ويعتقد فاروق بـ "توحّد النظام السياسي القطري مع مشروع جماعة الإخوان وأفكاره وأدبياته، فضلاً عن تبني تنفيذ مخططهم في المنطقة بالكامل، ونتج عن ذلك الإعلان، تفكيك التنظيم الإخواني داخل قطر، عام 1990، نظراً لتوحد الفكرة والمشروع بينهما، ومن ثم لا حاجة إلى تكوين روافد تنظيمية تمثّل عبئاً على الدوحة، (وفق تصريحات شخصيات إخوانية حينها)، ما يعني أنّ كلامهما وظّف الآخر لتحقيق المكاسب السياسية".

دمية تنظيم الإخوان

في نيسان (أبريل) 2017؛ دفعت قطر فدية تصل إلى مليار دولار،  لفرع سابق للقاعدة في سوريا ولمسؤولين أمنيين إيرانيين، كجزء من صفقة أسفرت عن إطلاق سراح 26 من أفراد العائلة المالكة، الذين تمّ أسرهم على يد الجماعة المسلحة، وفي العام نفسه؛ تمّ إعلان المقاطعة الخليجية المصرية ضدّ قطر، التي تستمر، حتى الآن، في دعم جماعة الإخوان المسلمين، وتوطيد علاقاتها مع إيران وتنظيم القاعدة وحركة طالبان، وهو ما علّق عليه فاروق قائلاً: "الدوحة كانت الأداة التي استخدمها التنظيم الدولي للإخوان، الذي تمّ تأسيسه على يد مصطفى مشهور، المرشد الخامس للإخوان، وتمّ الإعلان عن لائحته الداخلية، عام 1982".


ما تقدّم ما يعني أنّ مختلف التحركات والتوجهات التي ترعاها قطر هي معبّر حقيقي عن مساعي التنظيم الدولي، فضلاً عن أنّ هناك آراء كثيرة تفيد بأنّ تنظيم القاعدة، كان مجرد فكرة إخوانية وحصلت على دعم مباشر بالتنفيذ والتحرك من قبل مصطفى مشهور، وعبر وسطاء مثل عبد الله عياد، زوج استشهاد، ابنة حسن البنا، فضلاً عن أنّ الدعم المالي كان مصدره الدوحة بشكل مباشر، التي يتهمها بعضهم بأنها "الممثل الشرعي والسياسي لجماعة الإخوان في المنطقة العربية في تلك المرحلة".

اقرأ أيضاً: ما هي أهداف زيارة وزيري الدفاع القطري والتركي ليبيا؟

وأكّد فاروق؛ أنّه لا يمكن لعاقل أن يتغافل عن حجم التمويلات التي دفعت لرجال أسامة بن لادن، فضلاً عن الترحيب بهم داخل قطر والتقائهم لفترات طويلة بعناصر من الحكومة القطرية، مثل خالد شيخ محمد،  لا سيما المرحلة التي سبقت تنفيذ تفجيرات 11 سبتمبر، وتفجيرات السفارات الأمريكية، في دار السلام ونيروبي في ونيروبي، في آب (أغسطس ) 1998.

حلم الدولة الإسلامية

تبرز قطر نفسها باعتبارها الدولة الأكثر مشاركة في جهود الوساطة، التي تصفها بأنّها (التزام أخلاقي ووسيلة لاكتساب مزايا إستراتيجية أوسع)،  من وجهة النظر القطرية؛ فإنّ تقديم المساعدة في حلّ النزاع المسلح يعكس الرغبة في دعم عملية السلام والاستقرار في مناطق النزاع، وذلك من منطلق العقيدة الدينية التي تلتزم بها قطر، وهي محض دعاية تبرّر بها الإمارة الصغيرة تدخلاتها ودعمها للجماعات المسلحة، الذي يتخذ شكلاً من أشكال الأعمال الخيرية، كما تفعل من خلال الهلال الأحمر القطري، وتتخذ قطر من المساعدات الإنسانية وسيلتها للسيطرة على أماكن النزاع في عدة مناطق مختلفة من العالم، كما فعلت مع سوريا عام 2013.

تُبرز الدوحة نفسها باعتبارها الدولة الأكثر مشاركة في جهود الوساطة، التي تصفها بأنّها التزام أخلاقي ووسيلة لاكتساب مزايا إستراتيجية أوسع،  من وجهة النظر القطرية

 لكنّ قطر لم تجرؤ، حتّى الآن، على الإعلان عن دعمها للجماعات المتطرفة المسلحة، والمتولدة جميعها من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وذلك خوفاً من المزيد من العقوبات الدولية، التي بدأتها منطقة الخليج بالمقاطعة القطرية التي أضّرت بها كثيراً، لكنّها لم تتراجع عن دعمها السخي لجماعة الإخوان، التي تصنفها بعض الدول باعتبارها جماعة إرهابية.

ويوضح فاروق: "عندما نتحدث عن قطر فنحن نتحدث عن الإخوان والتنظيم الدولي، وتوظيف العنف المسلح لإقامة الدولة الإسلامية المنشودة، التي رسم حدودها حسن البنا، وسيد قطب، ومصطفى مشهور، وغيرهم من دعاة التطرف والتشدّد، فضلاً عن أنّ جماعة الإخوان هي الراعي الرسمي لمختلف الجماعات الإرهابية التي تولدت من رحم أفكار الحاكمية وجاهلية المجتمع، التي سُطرت بين صفحات كتب مثل: "معالم في الطريق"، و"في ظلال القرآن"، لسيد قطب".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية