ما قصة "طفل المرور" في مصر؟ وكيف تعاملت النيابة العامة مع الحادثة؟

ما قصة "طفل المرور" في مصر؟ وكيف تعاملت النيابة العامة مع الحادثة؟


03/11/2020

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مقاطع فيديو تُظهر طفلاً صغيراً يقود سيارة ويعتدي لفظياً على شرطي مرور حاول توقيفه، الأمر الذي أثار موجة من الجدل في مصر، سيما وأنّ والد الطفل يعمل قاضياً.

 وتعود بداية القصة إلى تاريخ 26 تشرين الثاني (أكتوبر) الماضي، حين تقدّم أحد المارة بشكوى لأمين الشرطة يبلغه فيها بقيادة أحد الأشخاص سيارة فارهة برعونة، ليقوم الشرطي بدوره بإيقاف السيارة ويكتشف أنّ السائق طفل يرافقه آخرون من نفس عمره.

 

يُظهر أحد الفيديوهات المتداولة الشرطي وهو يسأل الطفل عن رخصة القيادة، حيث تفاجأ بكيل من الشتائم تنهال عليه قبل أن يصدم الطفل الشرطي بالسيارة ويفر هارباً

 

 وتُظهر إحدى الفيديوهات المتداولة، والتي صوّرها أحد الأطفال الموجودين داخل السيارة وشاركها على مواقع التواصل الاجتماعي، الشرطي وهو يسأل الطفل عن رخصة القيادة؛ فصُدم بكيل من الشتائم تنهال عليه وبسخرية الأطفال منه وتوعّدهم بإيذائه، قبل أن يصدم الطفل الشرطي ويفر هارباً.

وبمجرد انتشار الفيديو عبر مواقع التواصل، أعلنت النيابة العامة، في بيان نشرته على صفحتها في موقع فيسبوك، فتح تحقيق في الواقعة واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الطفل.

 تفاصيل الحادثة

 باشرت الشرطة المصرية بإيعاز من النيابة العامة تحرياتها حول المقطع المتداول، لتتمكن من تحدّيد الشرطي المُعتدَى عليه والطفل المعتدِي، ومالك السيارة التي كان يستقلها بعد الكشف عن بيانات لوحاتها المعدنية.

 وعند استجواب النيابة العامة للشرطي، قال إنّه أُخطر من مواطنين بقيادة طفل سيارة برعونة في منطقة زهراء المعادي في القاهرة؛ فاستوقف السيارة وتبيّن أنّ طفلاً يقودها بصحبة آخرين من ذات عمره.

وأشار بيان للنيابة المصرية، إلى أنّ الشرطي عندما سأل الطفل عن تراخيص السيارة والقيادة، فوجئ بتعدي الطفل ومَن معه عليه بالقول، وحين توجّه لمقدمة السيارة لتدوين رقم لوحاتها المعدنية وتحرير مخالفة بالواقعة، فوجئ بتحرك الطفل بالسيارة ممّا أخل بتوازنه واصطدمت قدمه بباب السيارة، فدوّن رقم لوحتها وحرّر مخالفة بها، ثم جاءه الطفل قائد السيارة ومن معه لاحقاً للاعتذار إليه؛ فقبل اعتذارهم نافياً إصابته من الواقعة، وفق ما أورد موقع "اليوم السابع".

 

قالت النيابة العامة إنّها رأت عدم التزام والديّ الطفل المُتهم بتقويم سلوكه وحسن رعايته بعد تسليمه إليهما، ما استوجب إيداعه لدار ملاحظة لمدة أسبوع

 

واستكملت النيابة تحرياتها باستجواب الطفل قائد السيارة، وعمره 13 عاماً، والذي قال إنّ السيارة التي كان يقودها خلال الواقعة مملوكة لصديق والده الذي اشتراها من الأخير، وإنّه (الطفل) قام يوم الواقعة وخلال تواجده بمسكن صديق والده باختلاس مفاتيح السيارة للتنزّه بها من غير علم مالكها.

وأوضح أنّه انطلق بالسيارة خشيةَ تحرير مخالفة ضد مالكها، وفُوجِئ آنذاك باصطدام قدم الشرطي بباب السيارة، فعاد إليه لاحقاً مقدماً اعتذاره.

وقرّرت النيابة العامة مساء الأحد إطلاق سراح الطفل استناداً إلى أحكام المادة (١١٩) من قانون الطفل، والتي تُلزم بعدم الحبس الاحتياطيّ للطفل الذي لم يتجاوز الـ 15 عاماً، وفي ضوء ما أوصى به الاختصاصي الاجتماعي من تسليم الطفل المتهم إلى ولي أمره مع أخذ التعهد بالمحافظة عليه وحسن رعايته وإخضاعه للتأهيل وجلسات تعديل السلوك.

كما قرّرت إخلاء سبيل مالك السيارة إذا ما سدّد ضماناً ماليّاً قدره 10 آلاف جنيه، أي ما يعادل 600 دولار أمريكي.

إلقاء القبض على الطفل مجدداً

لم تنتهِ الواقعة عند هذا الحد؛ فقد ظهر الطفل مساء الأحد وعقب مغادرته سرايا النيابة عبر خاصية "البث المباشر" في موقع إنستغرام وبرفقته 4 أطفال آخرين من أصدقائه يمارسون العنف اللفظي والتنمّر على المتابعين قائلين "مش احنا اللي نتحبس".

كما ظهر الطفل ذاته بعد بضع ساعات فقط من إخلاء سبيله ومعه أصدقاؤه، في مقطع فيديو يُظهرهم أثناء التنمّر على رجل مرور في منطقة المعادي، الأمر الذي فجّر موجة من الغضب بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي مطالبين بحبسه وتحميل والده المسؤولية كاملة عمّا يحصل.

وبناءً على التطوّرات الجديدة في القضية، أمر النائب العام حمادة الصاوي مساء أمس الإثنين، بإيداع الطفل المُتعدِي على شرطي المرور إحدى دور الملاحظة، وحبس من كانوا في صحبته احتياطياً على ذمة التحقيقات.

 

تساءل مغرّدون على موقع تويتر إذا ما كانت النيابة ستتخذ إجراءً قانونياً بحق الطفل بعد تنمّره على الناس في مواقع التواصل الاجتماعي

 

وذكرت النيابة العامة، في بيان رسمي يوم أمس، أنّها رأت عدم التزام والديّ الطفل المتهم بتقويم سلوكه وحسن رعايته بعد تسليمه إليهما، ما استوجب إيداعه لـ "دار ملاحظة" لمدة أسبوع وطلب مذكرة من والده المستشار. كما قرّرت حبس أصدقائه 4 أيام وعرضهم على الطب الشرعي لإجراء تحليل المخدرات لهم.

غضب على مواقع التواصل

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مع القضية على نطاق واسع، ودشّنوا عدة وسوم منها "#ابن القاضي وشرطي المرور"، الذي واكب عليه المغردون تطورات القضية بدءاً من مرحلة استجواب الطفل والإفراج عنه وحتى إعادة توقيفه وإيداعه لدار رعاية في وقت لاحق.

واستنكر مجموعة من المغردين على موقع تويتر ما أقدم عليه الطفل من إهانة لأمين الشرطة؛ إذ غرّد الناشط "مصطفى بكر" قائلاً: "ده فيديو تانى للطفل ابن القاضي اللي اتقبض عليه امبارح.. حط نفسك مكان أمين الشرطة وأعتبره والدك أو أخوك !!".

 وتساءل مغرّدون آخرون إذا ما كانت النيابة ستتخذ إجراءً قانونياً بحق الطفل بعد تنمّره على الناس في مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث غرّد الناشط "محمود بدر" قائلاً: للأسف واقعة مشينة هتتسبب في مزايدات رخيصة من الناس الرخيصة، النيابة العامة تصرفت في الواقعة الأولى التي تخص #امين_الشرطة في حدود القانون، فهل تتصرف في واقعة اهانة ابن المستشار وسبه للناس بالفاظ نابية عبر صفحته على إنستغرام مثلما فعلتها في السابق مع آخرين؟!!".

 كما طالب آخرون بمعاقبة والد الطفل بسبب عدم قدرته على تربية ابنه الذي استغل سلطة والده بالتمادي على الناس؛ فقد غرّدت الناشطة "أنيسة حسونة"، قائلة: "رأيي الشخصي في مسألة الطفل التي استفزتنا جميعاً أن أضعف الإيمان هو إحالة والده المستشار إلي الصلاحية لأننا لن نثق في قدرته علي تنفيذ العدالة في أحكامه إذا كان قد فشل في تربية ابنه البلطجي، أعتذر عن انفعالي ولكن سطوة أطفال تجاوزوا الحدود اعتماداً على نفوذ أهلهم شيء لا يغتفر".

 كما أشادت مجموعة أخرى من المغردين بالإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة بإلقاء القبض على الطفل وأصدقائه؛ إذ نشر الناشط "محمد" صورة لبيان النيابة العامة وعلّق عليه قائلاً: "بيان واضح ومحترم من النيابة".

 

الصفحة الرئيسية