مراجعات الإخوان... هل تشفع لهم عند المصريين؟

مراجعات الإخوان... هل تشفع لهم عند المصريين؟

مراجعات الإخوان... هل تشفع لهم عند المصريين؟


27/09/2023

مجدداً عرضت جماعة الإخوان المصالحة على مصر، معلنة على لسان مسؤول مكتبها السياسي حلمي الجزار إجراء مراجعات فكرية شاملة للعقد الماضي، واعتزال العمل السياسي بمصر، والاكتفاء بالتفاوض حول مصير قادتها المحبوسين. 

ورغم أنّ هذا الطرح ليس جديداً، وسبق عرضه من جانب القائم بأعمال المرشد العام إبراهيم منير قبل وفاته في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعدة أشهر، إلّا أنّ ما قاله الجزار عكس تنازلات أوسع تستعد الجماعة لتقديمها من أجل عودة محدودة إلى العمل الدعوي والمجتمعي داخل مصر. 

وعموماً ترفض مصر بشكل قاطع كافة الدعوات الإخوانية من أجل التباحث أو المصالحة، وتعتبر السلطات الرسمية الجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب كياناَ إجرامياً وعدوّاً للدولة، كذلك لا يعتقد المراقبون أن تلقى دعوات الإخوان قبولاً، حتى في ضوء التنازلات التي تطرحها الجماعة، كذلك يرفض الشارع المصري أيّ نوع من التفاهمات مع الإخوان، بعد أعوام من الإرهاب الذي قتل عشرات الأبرياء، وعادة ما يقابل هذه الدعوات بردود فعل غاضبة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وحث الدولة على عدم الاستجابة لها. 

ماذا قال الجزار؟ 

في لقاء على قناة (الشرق) الإخوانية، وهو اللقاء الأول للجزار منذ (10) أعوام، قال مسؤول المكتب السياسي لجماعة الإخوان: إنّ "الجماعة قررت عدم الصراع على السلطة، وإنّ الأمر يُعدّ جزءاً أصيلاً في رؤيتنا الجديدة، وليس مناورة سياسية، لافتاً إلى أنّ ذلك ليس هو الشكل الوحيد لممارسة السياسة، فالعمل السياسي أوسع بكثير من الصراع أو التنافس على السلطة الذي يؤدي أحياناً إلى اضطراب مجتمعي". 

وأوضح الجزار أنّ "رؤية الجماعة هي في فتح صفحة جديدة للحوار مع الجميع، وطي صفحة الخلافات، واعتبار تسوية قضية المعتقلين وإنهاء معاناة أسرهم أولوية قصوى للعمل السياسي في هذه المرحلة"، على حدّ قوله.

أحمد سلطان: حلمي الجزار من خلال طرحه لم يقدّم أيّ جديد

وتابع: "العمل السياسي أوسع بكثير من الصراع أو التنافس على السلطة الذي يؤدي أحياناً إلى اضطراب مجتمعي، والاهتمام بالمجتمع وبناء شبكات الحماية الاجتماعية من أهم أولويات الإخوان المسلمين".

ودعا مسؤول المكتب السياسي للإخوان "جميع القوى السياسية لمراجعة مواقفها ونبذ الأنانية السياسية، مشيراً إلى أنّ الجماعة بدأت بمراجعة جادة لمسيرتها خلال الأعوام الـ (10) الماضية، داعياً إلى مصالحة مجتمعية شاملة تتجاوز جميع التحديات التي تمر بها مصر". 

كيف ترى مصر هذه الدعوات؟ 

ولم تصدر مصر تصريحات رسمية حتى الآن ردّاً على ما طرحه الجزار، لكنّ مصدراً مطلعاً أكد في تصريح لـ (حفريات) أنّ بلاده تتعامل مع الجماعة من منظور قانوني في المقام الأول، وقد سبق أن أصدر القضاء المصري حكمه بوضع التنظيم على قوائم الإرهاب؛ استناداً لمئات الدلائل التي أثبتت تورط الجماعة في ممارسة الإرهاب وقتل المصريين، لذلك لا سبيل للتفاوض أو التفاهم مع تنظيم إرهابي. 

 مصدر لـ (حفريات): لا تهتم مؤسسات الدولة المصرية بتحركات الإخوان بشكل عام، فالجماعة تحاول الضغط باستخدام أساليب مختلفة، سواء بتوظيف الملفات الداخلية مثل الاقتصاد، أو بمزاعم الحريات، أو من خلال الدعوات المستمرة للمصالحة ومحاولة المهادنة

وبحسب المصدر، لا تهتم مؤسسات الدولة المصرية بتحركات الإخوان بشكل عام، فالجماعة تحاول الضغط باستخدام أساليب مختلفة، سواء بتوظيف الملفات الداخلية مثل الاقتصاد، أو بمزاعم الحريات للضغط على الدولة، أو من خلال الدعوات المستمرة للمصالحة ومحاولة المهادنة، ومن الملاحظ أنّ الجماعة تسلك كافة الطرق في توقيت متزامن، لأنّها تتحرك من واقع أزمة خانقة، وتبحث عن موطئ قدم في المشهد السياسي المصري. 

أيضاً يرفض قادة السياسة في مصر أيّ مقترح للتصالح مع التنظيم، وخلال الأيام الماضية رفضت كافة القوى السياسية بمصر دعوة المرشح الرئاسي المحتمل أحمد طنطاوي للتصالح مع التنظيم وعودة قياداته الهاربين بالخارج. 

لماذا عاود التنظيم طرح المصالحة؟ 

يقول الباحث المصري المختص بشؤون الإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان لـ (حفريات): إنّ حلمي الجزار من خلال طرحه لم يقدّم أيّ جديد، ولكنّه أعاد الترويج لفكرة طرحها من قبل إبراهيم منير حين أعلن عزم الإخوان اعتزال العمل السياسي في مصر، ولم تلقَ قبولاً لدى عناصر التنظيم، وما زال هناك خلاف كبير عليها. 

وبحسب سلطان، لا تعدو المراجعات التي تحدث عنها الجزار، وأيضاً مقترح اعتزال العمل السياسي، لا تعدو كونها جزءاً من مشروع الإخوان لاختراق المشهد السياسي في مصر، والعودة تدريجياً إلى ممارسة العمل السياسي. 

ويرى الباحث المصري أنّ حلمي الجزار يحاول في هذا الوقت لعب دور من أجل فك الحصار المفروض على الجماعة، خاصة أنّ منهج العنف الذي أقرته الجماعة عقب خروجها من الحكم في مصر عام 2013 فشل تماماً في إعادة فرضهم على المجتمع المصري مرة جديدة، وبالعكس  فقد عزز حالة النبذ المجتمعي ضدهم، واليوم يلعب الجزار على ورقة المفاوضات والمراجعات الفكرية لمحاولة استمالة السلطات في مصر. 

أحمد سلطان: الأهم الذي لم يذكره الجزار هو عدم التوافق داخلياً على هذا المقترح، ورفضه على نطاق واسع داخل التنظيم، وإنّما هو مشروعه الخاص الذي أعده مع مجموعة محدودة داخل جبهة لندن، ولا توافق عليه قيادات إسطنبول

اليوم الجماعة تحاول قطع صلاتها بمرحلة العنف، وتسعى للعودة إلى مربع السياسة، وهو إجراء يشبه ما فعله التنظيم في مرحلة التأسيس الثاني إبّان تولي عمر التلمساني قيادة التنظيم، بحسب سلطان، لكنّ الأهم الذي لم يذكره الجزار هو عدم التوافق داخلياً على هذا المقترح، ورفضه على نطاق واسع داخل التنظيم، وإنّما هو مشروعه الخاص الذي أعده مع مجموعة محدودة داخل جبهة لندن، ولا توافق عليه قيادات إسطنبول. 

وبخصوص الردّ المصري، لا يتوقع سلطان أيّ استجابة من جانب القاهرة، لأنّها تعتبر التنظيم كياناً إرهابياً، وهذا أمر متفق عليه، ولم يحدث جديد على المستوى المحلي أو الإقليمي يؤدي إلى تغيير موقفها في هذا الصدد.

مواضيع ذات صلة:

هكذا وظف الإخوان الإعلام الرقمي لتنفيذ أجندة الجماعة

ما مدى تأثير الإعلام الرقمي في نشر ثقافة التسامح والتعايش؟

لماذا فشل رهان تنظيم الإخوان على الإعلام؟ وما بدائله المستقبلية؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية