مرضى بحزب الله وإيران.. وحماس أيضاً

مرضى بحزب الله وإيران.. وحماس أيضاً


كاتب ومترجم جزائري
18/10/2020

ترجمة وتحرير: مدني قصري

قال زعيم حركة "حماس" إسماعيل هنية، خلال زيارته لمخيم عين الحلوة: إنّ حماس المدعومة من إيران تمتلك صواريخ لتضرب تل أبيب وما وراء تل أبيب".

وأثار وجود هنية، في لبنان غضباً شديداً؛ فقد أعرب العديد من المواطنين والمسؤولين اللبنانيين عن مخاوفهم من أن يكون هذا الوجود مقدّمة لحرب جديدة مع إسرائيل، خوفٌ لا يخلو من مبرّر؛ إذ يعرف اللبنانيون الكوارث التي تسبّبها حماس للفلسطينيين في قطاع غزة في كلّ مرة تطلق الصواريخ على إسرائيل. واليوم؛ الرسالة التي يوجّهها اللبنانيون إلى حماس هي: "شنّوا هجمات على إسرائيل، إن شئتم، لكن لا تفعلوها من أراضينا، نحن نرفض دفع الثمن".

اقرأ أيضاً: أسرار "حزب الله" تنفجر إلى العلن ويتم التستر عليها مرة أخرى

يقاوم اللبنانيون بشكل خاص فكرة إعادة توطين الجماعات الفلسطينية المسلحة في لبنان؛ إنّهم يخشون من أن تُحوّل حماس، بتعليمات من إيران، لبنان إلى منصة إطلاق صواريخ ضدّ إسرائيل.

ماذا يتذكر اللبنانيون؟

يتذكر اللبنانيون السبعينيات والثمانينيات عندما سيطرت منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الفلسطينية المسلحة الأخرى على لبنان، واستخدمت أراضيها لشنّ هجمات ضدّ إسرائيل، جارتها الجنوبية.

وصل هنية، المقيم حالياً في قطر، إلى لبنان، لعقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين لبنانيين وفلسطينيين، كما التقى حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، المدعوم من إيران، وزار مخيم اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة؛ حيث رافقه عشرات المسلحين.

يقاوم اللبنانيون فكرة إعادة توطين الجماعات الفلسطينية المسلحة في لبنان ويخشون من أن تُحوّل حماس، بتعليمات من إيران، لبنان إلى منصة إطلاق صواريخ ضدّ إسرائيل

كما شارك هنية في اجتماع لقادة الفصائل الفلسطينية المختلفة، عُقد الاجتماعُ عبر الفيديو، وتحدّث هنية مع نظرائه من مكتب لسفارة السلطة الفلسطينية في بيروت، وحضر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، اللقاء أيضاً، وتمّ تصوير اللقاء من مكتبه في رام الله، العاصمة الفعلية للفلسطينيين في الضفة الغربية.

وقال هنية، خلال زيارته لمخيم عين الحلوة الفلسطيني؛ إنّ حركة حماس (المدعومة من إيران) التي تحكم غزة "لديها صواريخ لتضرب تل أبيب وما وراء تل أبيب".

"استقرار وقوة محور المقاومة"

وبعد لقاء هنية في بيروت بحسن نصر الله، أشادت حماس وحزب الله، في بيان مشترك عقب الاجتماع، بـ "استقرار وقوة محور المقاومة"، كما أوضحوا أيضاً أنّ "قوة العلاقة بين حزب الله وحماس تقوم على أساس الإيمان والأخوة والجهاد"، كما تعهّدت الحركتان بـ "تطوير آليات التنسيق".

اقرأ أيضاً: ثأر وقتل وسلاح متمرد.. ماذا يحدث داخل دولة حزب الله؟

وبعد أكثر من شهر على الزيارة، ينظر إليها باعتبارها قد جاءت في خضمّ واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخ لبنان، بعد أن دمّر انفجار ميناء بيروت، في 4 آب (أغسطس)، وبلغ غضب السكان حدّاً دفع الحكومة اللبنانية إلى الاستقالة، واستقالة الرئيس المكلف أيضاً مصطفى أديب.

وشعر لبنانيون كثيرون بالغضب؛ لأنّ حكومتهم سمحت لهنية بدخول البلاد، وفي هذا السياق، كتبت ريتا مقبل؛ وهي لبنانية تعيش في الإمارات على تويتر:

"من هو إسماعيل هنية هذا الذي يأتي ليتباهى بعضلاته في لبنان، ويتجوّل في مخيمات اللاجئين، محاطاً برجال مسلحين، ويعلن أنّه يريد تحرير فلسطين من عين الحلوة؟ لم يسأل أحد في حكومتنا عمّا كان يفعله هنا، أو مَن سمح له بالدخول إلى بلدنا".

اقرأ أيضاً: طريقة عمله وهيكليته ومخططاته.. ما لا تعرفه عن حزب الله العراقي

وكتب وئام وهّاب، وزير البيئة اللبناني الأسبق، أنّ هنية "غير مرحَّب به في لبنان"، وأضاف: "لقد دفعت سوريا ثمناً باهظاً لدفاعها عن حماس وحركات المقاومة الأخرى، وامتناناً لدعمها، تآمرت حركات المقاومة هذه على سوريا وشاركت في تدميرها، هذا ما يتمّ تدريسه في مدرسة الإخوان المسلمين ومدرسة الرئيس التركي أردوغان، تأتي هذه الزيارة في وقت سيئ، والضيف غير مرحَّب به".

الترويج لخصائص صواريخ حماس

يبدو أنّ الصحفي اللبناني، محمد نمر، لم يفهم سبب "مغادرة إسماعيل هنية لفلسطين، ولا سبب قدومه للترويج لخصائص صواريخ حماس في بيروت"، وأشار نمر إلى أنّ حزب الله لديه بالفعل صواريخ تستهدف إسرائيل، وأضاف مخاطباً حماس وحزب الله: "فلتشفق آثامكم على لبنان".

وأثارت زيارة هنية والتهديدات الموجهة لإسرائيل مخاوف النائب اللبناني السابق، فارس سعيد، من احتمال عودة الميليشيات الفلسطينية إلى لبنان، حيث قال:

"التهديد الذي أطلقه إسماعيل هنية ضدّ إسرائيل في بيروت يزيد من خطر عودة الفلسطينيين (ضدّ إسرائيل) إلى لبنان، للمرة الأولى منذ عام 1982، هذا الجيش الفلسطيني يهدّد جميع المناطق المأهولة؛ هل ستعمل حماس في لبنان تحت غطاء حزب الله؟".

اقرأ أيضاً: لماذا يرهن "حزب الله" تأليف الحكومة بتطورات الإقليم؟

وشكّك ريتشارد قيومجيان، وزير لبناني سابق آخر، في هُوية المسؤولين الذين سمحوا لهنية بتهديد إسرائيل من لبنان "مَن منحه الإذن والحقّ في ذلك؟"، وأضاف قيومجيان: "إذا أراد هنية أن يكون بطلاً فعليه أن يمثّل بطولته من غزة، وليس في لبنان".

ريتا مقبل: من هو هنية الذي يأتي ليتباهى بعضلاته في لبنان، ويتجوّل في مخيمات اللاجئين، محاطاً برجال مسلحين، ويعلن أنّه يريد تحرير فلسطين من عين الحلوة؟

وعلى تويتر، قال الجنرال اللبناني، أشرف ريفي؛ إنّ تهديدات هنية لإسرائيل تضرّ بالقضية الفلسطينية، وتنبىء بأنّ السلاح الإيراني سيؤدّي إلى تدمير لبنان.

وقال ريفي: "حوّلت إيران القضية الفلسطينية إلى ورقة مساومة، وعمّقت الانقسامات بين الفلسطينيين".

إنّ السماح لإيران بالسيطرة على الخريطة الفلسطينية خطأً كبير، وتزويد إيران بخريطة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين يعدّ خطأ أكبر، لبنان دولة مستقلة، وليس ملعباً لإيران والفلسطينيين".

اجتمع قادة الأحزاب السياسية اللبنانية لتقييم تداعيات زيارة هنية وتهديداته لإسرائيل.

الفصائل الفلسطينية في لبنان

وقد أعرب هؤلاء القادة أنفسهم علانية عن مخاوفهم "من رؤية الفصائل الفلسطينية تمارس مرة أخرى دوراً عسكرياً أو أمنياً في لبنان"، وذكّر اجتماع قادة الفصائل الفلسطينية رسمياً في لبنان، المسؤولين المنتخبين اللبنانيين بالوقت الذي كان فيه لبنان تحت السيطرة الفلسطينية: "أعاد اجتماع الفصائل الفلسطينية في لبنان إلى الذاكرة، عصر" أرض فتح"، الفترة التي كان فيه لبنان مجرد ميدان مناورة لمنظمة التحرير الفلسطينية. (فتح هي أكبر فصيل فلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية).

تقول مينا ميديا ​​مونيتور، وهي وسيط إعلامي عربي متخصص في تحليل قضايا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إنّ تهديدات هنية ضدّ إسرائيل وتحالف حماس وحزب الله "تشكّل خطراً قاتلاً للبنان"، وأضاف: "ممارسات حماس الإرهابية خربت قطاع غزة، وسيكون لها الأثر التخريبي نفسه على لبنان".

وتضيف مينا في تحليلها: "بالإضافة إلى احترافه في أعمال العنف وغسيل الأموال وتهريب المخدرات والاغتيالات المستهدفة، أصبح حزب الله خبيراً في إغلاق الأبواب أمام كلّ الحلول التي من شأنها منع انهيار لبنان".

اقرأ أيضاً: من هو عدو "حزب الله"؟

زيارة هنية إلى لبنان، وإعلانه من الأراضي اللبنانية أنّ حماس وحليفها حزب الله سيعملان على تصنيع صواريخ ذكية من لبنان، دعوة لتمزيق لبنان، هذا البلد الذي يحتاج اليوم، قبل كلّ شيء، إلى التضامن الدولي. إسماعيل هنية وحزب الله "سيقودان لبنان إلى الجحيم في حرب ستدمّر ما تبقى من البلاد".

بالنسبة إلى وليد شقير، الصحفي والكاتب اللبناني، يبدو أنّ حماس وحزب الله، بناءً على طلب إيران، يريدان استخدام لبنان كمنصة لإفشال اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.

المحللون السياسيون العرب يبدو أنّهم مقتنعون بأنّ إيران أرسلت هنية إلى لبنان للسيطرة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ويضيف المحللون أنفسهم؛ أنّ "إيران تستعدّ لاستخدام وكلائها، حماس وحزب الله، ضدّ الدول العربية التي أقامت، أو تسعى إلى إقامة، علاقات مع إسرائيل، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين".

اقرأ أيضاً: بدعم إيراني.. حزب الله يوسع شبكته الإرهابية في أوروبا

والمحللون أنفسهم يتوقعون أن يدفع كلّ من اللبنانيين والفلسطينيين ثمناً باهظاً إذا وقعت المخيمات في أيدي إيران.

إنّ اللبنانيين، وغيرهم من العرب، يبعثون برسالة واضحة مفادها: "نحن مرضى بحزب الله وإيران، إنّ السماح لحماس في لبنان لن يؤدي إلا إلى زيادة إضعاف الدولة، التي هي في حاجة حيوية لإعادة الإعمار".

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

fr.gatestoneinstitute.org



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية