مشروع وادي السيلكون: إسرائيل تهوّد القدس والسلطة الفلسطينية تتفرّج

مشروع وادي السيلكون: إسرائيل تهوّد القدس والسلطة الفلسطينية تتفرّج


29/09/2020

في محاولة إسرائيلية يائسة لتزييف الحقائق وفرض وقائع جديدة لتهويد المدينة المقدسة وتمرير المشاريع الاستيطانية، وأمام أنظار السلطة الوطنية الفلسطينية، أعلنت السلطات الإسرائيلية نيّتها إطلاق مشروع للإنشاءات في القدس الشرقية، وصف بأنّه الأضخم من نوعه منذ الاحتلال، عام 1967، في حي وادي الجوز الواقع شمال شرق أسوار القدس، الذي أسمته بلدية القدس "مشروع وادي السيلكون".

...

 ومنذ إعلان الإدارة الأمريكية القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، في 6 كانون الأول (ديسمبر) 2017، تسارعت آلة الاستيطان في مدينة القدس سعياً لتقليص أعدادهم؛ حيث تبقى في المدينة اليوم نحو 350 ألف مقدسي، مقابل أكثر من 700 ألف مستوطن.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعلن في 25 أيار (مايو) الماضي، تخصيص مبلغ 200 مليون شيكل لما قال عنه "تطوير وتعزيز القدس لدى الشعب اليهودي".

الهدف الرئيس للمخطط الإسرائيلي هو سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية، كما حصل سابقاً من سرقة إسرائيلية لأراضي كرم المفتي في حي الشيخ جراح بالقدس، قبل خمسة أعوام

ويقع حي وادي الجوز إلى الشمال الشرقي من البلدة القديمة لمدينة القدس على مقربة من جبل الزيتون ووادي قدرون، وتبلغ مساحته 1149دونم، ويسكنه حوالي 13 ألف فلسطيني، ووقع الواد تحت نفوذ بلدية الاحتلال في القدس، بعد احتلال الجزء الشرقي من المدينة وضمّه، عام 1967، حيث يعد وادي الجوز مركزاً صناعياً واقتصادياً داعماً لأحياء مدينة القدس؛ كونه يضمّ عدة صناعات محلية، إلى جانب عدد كبير من المحلات التجارية والمطاعم، التي تمثل اقتصاداً مهمّاً لأهالي الحي والأحياء المجاورة.

اقرأ أيضاً: أساليب شيطانية تلجأ إليها إسرائيل لسرقة أراضي الفلسطينيين

ويعاني حيّ وادي الجوز، كسائر الأحياء الفلسطينية المجاورة للبلدة القديمة، من عدة صعوبات، خاصة بعد إقرار الخطّة الهيكلية للقدس عام 2009، وفي ظلّ التوسع الاستيطاني الواضح في المنطقة.

...

وبحسب ما أوردته هيئة البثّ الإسرائيلية "كان": "تتضمّن الخطة مشروعاً ضخماً لإنشاء وادي السيلكون (السيلكون فالي)، وهو عبارة عن خطة إستراتيجية ضخمة، بموجبها سيتم توسيع مساحات قطاع المال والأعمال والمحال التجارية والغرف الفندقية بحجم كبير في الشطر الشرقي من القدس".

وفي إطار هذه الخطة، سيتمّ خلال أعوام قليلة معدودة بناء 200 ألف متر مربع للمصالح التجارية ومراكز تشغيل في الصناعات التقنية الراقية "هايتيك"، إضافة إلى 50 ألف متر مربع لمحلات تجارية، إلى جانب 50 ألف متر مربع للفنادق.

الأكاديمي جمال عمرو لـ"حفريات": بمشروع وادي السيلكون لن يتبقى للفلسطينيين أيّ شيء، بعد أن يتمّ ربط المستوطنات ببعضها، ويتمّ تهويدها بشكل كبير جداً، بهدف إفقار المجتمع الفلسطيني وتفكيكه

ويشمل المخطط إقامة بنايات ضخمة ستستخدم في قطاع التكنولوجيا، كذلك إقامة حدائق ومكاتب ومبان حكومية، وأظهرت تقارير صحفية إسرائيلية؛ أنّ المنطقة المهوّدة ستصبح مقراً لشركات تكنولوجيا المعلومات الاحتلالية بشكل يشبه "وادي السيلكون" التكنولوجي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

وأمهلت بلدية الاحتلال أصحاب المحال والورش في المنطقة الصناعية الوحيدة في القدس الشرقية، ستة أشهر من أجل الإخلاء الكامل والنهائي للكراجات ومحال البناء والمطاعم وغيرها، التي قدّرت الغرفة التجارية الصناعية بالقدس عددها بـ 200 محلّ تجاري.

اقرأ أيضاً: فلويد الفلسطيني لـ"حفريات": نجوت بأعجوبة من موت محقق

ويحذّر فلسطينيون من تداعيات المشروع ويصفونه بأنّه "مخطط استيطاني من شأنه تغيير الميزان الديمغرافي في المدينة".

تهويد مدينة القدس

منسّق اللجنة الوطنية لمقاومة التهويد في مدينة القدس المحتلة، خضر سلامة يقول لـ "حفريات": إنّ "المشروع الاستيطاني في وادي الجوز هو مخطط قديم بدأت معالمه تتّضح خلال العام 1988؛ عندما قام الاحتلال بعرض المشروع على مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، المرحوم فيصل الحسيني"، مبيناً أنّ "المخطط كان يشمل نقل سكان مخيم شعفاط إلي منطقة وادي الجوز والعكس، الأمر الذي شهد معارضة قاطبة من قبل سكان المخيم الوحيد بمدينة القدس، وعدّه تمهيداً لتصفية المدينة المقدسة وتهويدها وتجريدها من سكانها المقدسيين".

...

ولفت إلى أنّ "بلدية القدس الإسرائيلية كانت تهدف إلى إلغاء وجود اللاجئين الفلسطينيين في المدينة المقدسة، باعتبارها عاصمة موحدة للشعب اليهودي، ولا يجب أن تضمّ المدينة وبلداتها أيّ لاجئ فلسطيني، وكان مخيم شعفاط العقبة الرئيسة لنقل المنطقة الصناعية من وادي الجوز، إلى أن أعاد الاحتلال الإسرائيلي طرح الموضوع مجدداً؛ بحجة أنّ المنطقة الصناعية في الواد تؤثر على الناحية الجمالية لمدينة القدس".

كارثة اقتصادية كبيرة

وتابع خضر: "الحجج الإسرائيلية لا أساس لها من الصحة، والهدف الرئيس للمخطط الإسرائيلي هو سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية، كما حصل سابقاً من سرقة إسرائيلية لأراضي كرم المفتي في حي الشيخ جراح بالقدس، قبل خمسة أعوام"، مشيراً إلى أنّ "منطقة وادي الجوز تضمّ أراضي شاسعة، ويسعى الاحتلال لإقامة أبنية استيطانية اقتصادية لشركات أجنبية وإسرائيلية وغرسها داخل مدينة القدس ووسطها".

اقرأ أيضاً: الاحتلال الإسرائيلي يحرم طلبة 40 قرية في النقب من التعليم

وحول تبعات ومخاطر المخطط الإسرائيلي على مدينة القدس يقول خضر: إنّ "الاحتلال الإسرائيلي يفتقر للمؤسسات الاستيطانية في القدس الشرقية، وبالمشروع الاستيطاني الجديد سيكون للكيان الصهيوني عشرات المؤسسات الصناعية الأجنبية والإسرائيلية في هذه المنطقة لتهويد القدس الشرقية وإحداث تغيير ديمغرافي كبير عليها".

...

وتابع: "المخطط الإسرائيلي سيتسبب بإحداث كارثة اقتصادية كبيرة للسكان المقدسيين في وادي الجوز، الذي يضمّ المئات من المحال التجارية المتخصصة ببيع قطع غيار المركبات ومستلزماتها، والذين سيصبحون بلا عمل وستعمل سلطات الاحتلال على نقلهم إلى مناطق نائية، ليصعب على الراغبين في الحصول على مستلزمات السيارات الوصول إليهم ودفعهم للذهاب إلى المنطقة الصناعية في تل بيوت في القدس الغربية، التي تختص ببيع قطع غيار السيارات داخل دولة الاحتلال".

التوجه للقانون الدولي والإسرائيلي

ويرى خضر أنّ "القانون الدولي يمنع الاحتلال الإسرائيلي من تغيير معالم مدينة القدس؛ لكنّ إسرائيل تضرب بعرض الحائط القوانين والقرارات الدولية من خلال استمرارها في تغيير معالم المدينة، لتهويدها ثقافياً وجغرافياً وتاريخياً؛ لإثبات حقّها التاريخي المزيف في المدينة المقدسة"، مؤكداً أنّ ما يجرى من تهويد مستمر يتحمّل مسؤوليته المجتمع الدولي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية".

اقرأ أيضاً: مساجد فلسطينية حوّلتها إسرائيل إلى معابد وخمارات وحظائر

وعمّا هو المطلوب فلسطينياً لمواجهة المخططات الإسرائيلية، بيّن خضر أنّ "على السلطة الوطنية الفلسطينية والأحزاب الفلسطينية والسكان المقدسيين وأصحاب الأراضي في وادي الجوز التوجه إلى القانون الدولي والإسرائيلي لمنع تنفيذ المخطط الصهيوني الذي يهدف إلى سرقة أراضيهم وتحويلها إلى مؤسسات إسرائيلية".

موقع إستراتيجي مميز

من جهته، أوضح الأكاديمي والباحث في شؤون مدينة القدس، جمال عمرو؛ أنّ "المخطط الإسرائيلي من المشاريع التهويدية، الهائلة وغير المسبوقة، التي تطال مدينة القدس لتغيير معالم المدينة المعمارية والعمرانية والتاريخية"، مبيناً أنّ "اختيار وادي الجوز لا يقدر بأيّ ثمن من قبل الاحتلال الإسرائيلي؛ نظراً إلى الموقع الإستراتيجي الذي تتميز به المنطقة، لوقوعها بين المسجد الأقصى المبارك والجامعة العبرية ومستشفى هداسا في القدس الغربية".

...

وبيّن عمرو خلال حديثه لـ "حفريات": أنّ "أعمال الهدم التي تطال الحي وإحلال ما يسمّى "وادي السيلكون" مكانه، وهي تسمية شيطانية صهيونية للتغطية على كارثة بكلّ المقاييس، تسعى إسرائيل من خلالها لتدمير الاقتصاد الفلسطيني، باعتبار المنطقة رافداً اقتصادياً مهماً، وكذلك تغيير معالم المدينة والطرق المؤدية إلى باب الأسباط والأبواب المؤدية إلى المسجد الأقصى المبارك، التي تكتظ بزائري المسجد".

فرض ضرائب باهظة على المقدسيين

 وتابع: "مدينة القدس أمام كارثة محققة لإغراقها بالبؤر الاستيطانية العملاقة"، مشيراً إلى أنّ "البداية الأولى للمخطط الصهيوني كانت إقامة مستوطنة التلة الفرنسية في الجهة الشمالية من المدينة، والجامعة العبرية في الجهة الشرقية، وبمشروع وادي السيلكون لن يتبقى للفلسطينيين أيّ شيء، بعد أن يتمّ ربط المستوطنات ببعضها، ويتمّ تهويدها بشكل كبير جداً، بهدف إفقار المجتمع الفلسطيني وتفكيكه وإغراقه بالمخدرات، لرفض الجانب الإسرائيلي المطلق للوجود الفلسطيني بالقدس المحتلة".

اقرأ أيضاً: ياسر عبد ربه لـ "حفريات": خطة الضم الإسرائيلية ستهجّر الفلسطينيين

ولفت عمرو إلى أنّ "السلطات الإسرائيلية وبلدية القدس تفرض أكثر من 16 ضريبة مختلفة على السكان المقدسيين؛ لدفعهم للهجرة من المدينة المقدسة تحت وطأة الديون إلى مناطق سيطرة السلطة الفلسطينية، بالتالي يضع الاحتلال يده على كامل مدينة القدس".

وللتصدي للمخطط الصهيوني على المستوى الرسمي الفلسطيني، يقول عمرو: "على السلطة الفلسطينية، إن أرادت خدمة الشعب الفلسطيني وحماية السكان المقدسيين، التنصّل من اتفاقية أوسلو نهائياً، والتي تسببت بكارثة أشدّ وطأة من نكبة عام 1948 ونكسة عام 1967، وكذلك سحب الاعتراف بدولة الاحتلال".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية