مصالح الصين مع دول الخليج أكبر من علاقاتها مع إيران

مصالح الصين مع دول الخليج أكبر من علاقاتها مع إيران

مصالح الصين مع دول الخليج أكبر من علاقاتها مع إيران


21/12/2022

طارق عليان

قال جوناثان فولتون، باحث غير مقيم في المجلس الأطلسي في تحليل نشره مركز الأبحاث الأمريكي إن زيارة شي بينغ الأخيرة، هي الخامسة لرئيسٍ صيني للمملكة، وأسفرت جميعها عن توسيع التعاون بين البلدين، بدايةً من زيارة الرئيس جيانغ زيمين في 1999 الذي وقعَ اتفاقية للتعاون النفطي الاستراتيجية التي جعلت الصين أكبر بلد مُستهلك للنفط السعودي.

وارتقت الزيارة قبل الأخيرة في 2016 للملك سلمان إلى الصين والتي وقعَ فيها الطرفان اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة بمرتبة المملكة إلى أعلى المستويات الدبلوماسية لدى الصين.

وفي الزيارتين تطورت العلاقات بين البلدين فشملت شراكة أكثر تنوعاً على صعيد التجارة والاستثمار والتمويل والتعاون التقني والتعليم والأمن.

ومن ناحية أخرى، لم تسفر محاولات الرئيس الأمريكي جو بادين استعادة العلاقات مع السعودية بعد زيارته في يوليو(تموز) الماضي عن النتائج المرجوة، الأمر الذي عكسه قرار منظمة أوبك خفض إنتاج النفط الخام الذي عدّته واشنطن "ضربة لمساعي بايدن".

ومع ذلك، فإن الربط بين زيارة شي وزيارة بايدن يغفل جوانب كثيرة في اهتمام الصين والسعودية بتعزيز مكانتيهما لدى بعضهما. ورغم تأكيدات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مايك بومبيو، فإن تردي العلاقات الأمريكية السعودية ليس نتاج "السياسية الأمريكية العقيمة" ولا بسبب تحوط الرياض لإبرام صفقة أفضل مع واشنطن.

قوة عظمى شريكة
فالسعوديون، ودول مجلس التعاون الخليجي، يعدون الصين قوةً عظمى شريكة واعدة، تشغل مقعداً في مجلس الأمن، وتُعدّ سوقاً أساسية للطاقة، ومصدراً للدعم والاستثمار التقنيين يمكن أن يساعد على بناء اقتصادات متنوعة.

وكانت قمة الصين والدول العربية في 8 ديسمبر (كانون الأول) محل إشادة بها بوصفها تمهيداً لعصرٍ جديد من العلاقات.

وعَقدَ منتدى التعاون الصيني العربي اجتماعاً وزارياً مرةً كل عامين منذ 2004، بالتبادل ما بين الصين وعاصمة عربية كل مرة.

 وفي كل اجتماع منها، حدَّدت الصين والدول الأعضاء في الجامعة العربية الجوانب ذات الأولوية للتعاون على مدار العامين المواليين.

وكان من المُقرر أن تشهد 2022 منتدى التعاون بين الصين والدول العربية، لكن القمة عوضت المنتدى وخدمت الغرض ذاته تقريباً. ويبدو أن قمة الصين ودول مجلس التعاون الخليجي شكل جديد للحوار الإستراتيجي بين الصين ودول المجلس الذي عُقَدَ أول مرة في 2010.

وأوضح الباحث أن قمة الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، عنوان جديد للحوار بين الصين ودول المجلس.

تعاون عملي

وفي افتتاح قمة الصين والدول العربية في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رسمَ شي الخطوط العريضة لثمانية جوانب لـ "التعاون العملي" هي دعم التنمية، والأمن الغذائي، والصحة العامة، والابتكار المُراعي للبيئة، وأمن الطاقة، والحوار بين الحضارات، وتنمية الشباب، والأمن، والاستقرار.

أما القمة الصينية السعودية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فكانت أكثر إبهاراً، وفق التحليل. فالبيان الختامي للقمة يدلل على مدى التعاون الوثيق بين البلدين وطموحاتهما لمواصلة "التعاون في شتى المجالات".

وفي زيارة الرئيس الصيني للسعودية في 2016، شكَّلَ البلدان لجنة مشتركة رفيعة المستوى تتولى الآلية التوجيهية للتعاون الإسترايجي الشامل. وظلّ رؤساء اللجنة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من الجانب السعودي ونائبا رئيس الوزراء الصيني جانغ جو لي، وهان زهنغ من الجانب الصيني يلتقون بانتظام، ويجلبان الوفود لتوقيع مذكرات تفاهم تتحول إلى عقود في اجتماعات اللجنة المشتركة رفيعة المستوى.

وبعد هذه القمة، أعلنت السعودية توقيع 46 مذكرة تفاهم واتفاقية بنحو 50 مليار دولار.

حل سلمي للجزر الثلاثة

واشار الباحث إلى أن من النتائج السياسية اللافتة للنظر بعد القمة، دعوة الصين إلى حل سلمي لقضية الجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى. فبعد الانسحاب البريطاني من الخليج في 1971، استحوذت إيران عليها.

وكان من اللافت أن تضغط الصين في هذا الملف، وعدّت طهران تدخلها في القضية خيانة بعد عقد الجانبان أيضاً شراكة استراتيجية شاملة.

ورغم الإجماع العام على أن الصين وإيران شريكان طبيعيان، لا يجب أن يكون انحياز بكين إلى دول الخليج مفاجئاً أيضاً، حسب الباحث، فالمصالح الاقتصادية الصينية مع الشاطئ العربي للخليج تفوق بكثير ما لها من منافع مع إيران، ويُهدد سلوك طهران الذي يهدد المنطقة، الاستقرار الذي تُقدره بكين.

واختتم الباحث تحليله بالقول: "ليس على الولايات المتحدة أن تنتصر على الصين، لكنها في حاجة إلى الاستجابة الإيجابية لمكانة الشرق الأوسط في الإستراتيجية الأوسع نطاقاً، والتعاطي في آنٍ واحد مع مخاوف حلفاء وشركاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية