ناشيونال إنترست: الفساد استراتيجية حزب الله لتمويل نشاطاته

زياد الأشقر

في يونيو(حزيران) 2021، جعل الرئيس الأمريكي جو بايدن مكافحة الفساد العالمي أولوية، ودعا مجلس الأمن القومي إلى مراجعة مشتركة بين الوكالات الحكومية لوضع استراتيجية مشتركة لمكافحة الفساد.  

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2021، نشر البيت الأبيض استراتيجيته لمكافحة الفساد العالمي، وللمرة الأولى باتت مكافحة الفساد العالمي "مصلحة جوهرية للأمن القومي للولايات المتحدة"، وهو ما قال عنه الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إيمانول أوتولينغي في "ناشيونال إنترست" الأمريكية، إنه أمر جدير بالثناء، لكنه سيكون أكثر فاعلية لو أعطيت أولوية للعلاقة بين الجريمة المنظمة والإرهاب والفساد. 

وفي 18 أبريل (نيسان) 2023، أدانت وزارة العدل الأمريكية ناظم سعيد أحمد و8 من مساعديه لدورهم في صفقة احتيال تتضمن أعمالاً فنية وسلعاً فاخرة، وأحجاراً ثمينة، اشتري العديد منها في الولايات المتحدة.

وبالتزامن، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على الشبكة الدولية لأحمد ووسعت تصنيفها له ولشركاته. وأكدت الوزارة أنه ممول لحزب الله ومساعد لممول حزب الله محمد بزي، الذي أدرجته على لوائحها السوداء في 2018، واعتقلت السلطات الرومانية بزي في بوخارست في فبراير (شباط) الماضي، وينتظر تسليمه للولايات المتحدة.  

نشاطات إجرامية

وتظهر هذه الإجراءات أن الامتدادات الدولية لحزب الله المنظمة الإرهابية، تمول بنشاطات إجرامية من قبل أعضائها، وشركائها والمتعاطفين معها. ولعل الأقل وضوحاً، وإن يكن ليس أقل أهمية، في كل هذه الحالات القاسم المشترك، أي  الفساد.  

 وجاء في قرار وزارة الخزانة أن شبكة أحمد تشكل رافعة "لنفوذ لحزب الله، لأنها تُدخل بضائعها عبر المرافئ اللبنانية دون دفع الرسوم الجمركية"، في إشارة إلى المسؤولين في أجهزة الهجرة والأمن والجمارك الذين يدفع لهم حزب الله في المقابل. أما بزي، فإنه وثق علاقته بيحيى جامع الرئيس السابق لغامبيا، بتعزيز الفساد المحلي مقابل إدارة أعمال غير مشروعة تؤدي في نهاية المطاف إلى تمويل حزب الله.
وخارج لبنان، يحصل الحزب على الحصانة من التدقيق والمقاضاة لشبكاته غير الشرعية، عبر الرشى والفساد على أعلى المستويات في الحكومات، والإدارات المحلية، والعامة.

وفي لبنان يبسط الحزب نفوذه وسلطاته السياسية لشراء الحصانة عبر الرشى، للذين يديرون الأعمال غير الشرعية. ويعزى هذا الفساد المستشري إلى تآكل الحكم الرشيد، وضعف المؤسسات الديموقراطية، وتقويض حكم القانون، وتمكين المسؤولين والسياسيين الفاسدين

أداة حاسمة

الفساد، هو الأداة الحاسمة في استراتيجية حزب الله لتمويل نفسه عبر نشاطات غير شرعية، سبق لوزارة الخزانة الأمريكية أن أشارت إليها، في غامبيا، وغينيا، وباراغوي. ولأنها أولوية للسياسة الخارجية للبيت الأبيض في عهد بايدن، على الرئيس أن يدرك أن الفساد هو عنصر أساسي في عمل حزب الله، وأن عليه تالياً استهداف طرفي معادلة الفساد. وعلى سبيل المثال لماذا لا يستهدف المسؤولين اللبنانيين الذين سهلوا عمل شبكة أحمد؟.  

ويواصل حزب الله انخراطه في نشاطات إجرامية، بما فيها تبييض الأموال نيابة عن العصابات الإجرامية الدولية. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد صنفت حزب الله منظمة إجرامية عابرة للحدود بسبب تورطه في نشاطات إجرامية دولية.   

 وتثبت الأدلة آنفة الذكر أن الولايات المتحدة على مر السنين نادراً ما كشفت الفساد المنظم للنخب السياسية التي تسهل الجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب.

إن قرار إدارة بايدن رفع مكافحة الفساد العالمي إلى مستوى الأولوية القومية، أمر يستحق الثناء، ويجب التركيز على الصلة التي تربط الفساد والجريمة المنظمة، وتمويل إرهاب حزب الله.

وبينما يُؤثر فرض عقوبات ضد المسؤولين الأجانب، فإن كشف المستفيدين النهائيين من فسادهم، والذين يتضح أنهم يدفعون الرشاوى، من شأنه أن يساهم في الجوانب المتعددة لأجندة الأمن القومي لإدارة الرئيس بايدن.

لا شك أن جعل الفساد العالمي أولوية للأمن القومي الأمريكي هو القرار الصحيح، وإدراك أن الاعتماد المنهجي لحزب الله على الفساد لتسهيل شبكاته للتمويل غير الشرعي، سيجعل استراتيجية البيت الأبيض، أكثر فاعلية.     

عن موقع "24"