نصرالله بعد "خطاب السعال": هل حياة رجل إيران القوي في خطر؟

نصرالله بعد "خطاب السعال": هل حياة رجل إيران القوي في خطر؟


07/06/2021

في صحته كما في سقمه، ما زال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، يثير التساؤلات والزاوبع، ويشغل الناس في لبنان وخارجه، بعد أن بدا عليه الإعياء الشديد لدى آخر إطلالة تلفزيونية له في 25 أيار (مايو) الماضي، في ذكرى خروج الجيش الإسرائيلي من لبنان.

كان نصر الله متعباً كثيراً، حين كثر سعاله وتحدث بصوتٍ خافت بشكل ملحوظ، ليس هو المعتاد له. وهذا ما حوّل الاهتمام إلى حالته الصحية.

ومن كثرة ما سعل أثناء الخطاب، سمي خطاب بـ "خطاب الكحة" أو "خطاب السعال"، فضلاً عن أنّ تلك الإطلالة فتحت الباب، كما كتب الصحفي اللبناني سامي خليفة، أمام سيلٍ من التسريبات والتحليلات والإشاعات حول الحالة الصحية لأمين عام حزب الله، سرعان ما نفاها الحزب بإعلانه أنّ نصر الله سيلقي الأسبوع المقبل كلمة جديدة، وسط المزاعم عن تدهور حالته الصحية جراء إصابته بفيروس كورونا.

هل كان حسن نصرالله ملزماً بالخروج التلفزيوني ما دام لا يقوى على التعبير، لاسيما وأنّ مناسبات عديدة مرت في روزنامة الحزب، ولم يخرج خلالها الأمين العام على الناس؟

ومن الأسئلة التي يثيرها الخروج المريض للأمين العام لحزب الله، أنه تضمّن، على ما يقتضي التحليل السياسي، إشارة إلى شيء ما، حيث لم يكن نصرالله ملزماً بالخروج ما دام لا يقوى على التعبير، لاسيما وأنّ مناسبات عديدة مرت في روزنامة الحزب، ولم يخرج خلالها الأمين العام على الناس. وذكرت تقارير أنّ الفترات السابقة من زعامة الأمين العام لحزب الله، شهدت انقطاعات دام بعضها عامين لم يخرج في أثنائهما على أجهزة الإعلام.

لماذا كان هذا الظهور بهذا الشكل؟

إذاً، لماذا كان هذا الظهور بهذا الشكل، وهل كان الحزب راغباً في أن يظهر أمينه العام بهذا الوضع المريض، وما الغاية من وراء ذلك، مع العلم أنّ حزب الله يقدّر، بكل تأكيد، تبعات أن يظهر أمينه العام بهذا الوضع المقلق. فهل كان الحزب يتقصد ذلك، ومن أجل ماذا؟

التحليلات لم تنقطع منذ "خطاب السعال". وكان أكثر المشغولين بوضع حسن نصرالله الصحي وخلافته، الكيان الصهيوني، حيث اعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أنّ رجالاً مثل نصرالله هم مفتاح دور إيران في المنطقة؛ فهو كان إلى جانب عماد مغنية، القائد العسكري للحزب الذي قُتل عام 2008، وإلى جانب أبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، الذي اغتيل بدوره عام 2020، من العوامل الرئيسية في هيمنة إيران على المنطقة.

اقرأ أيضاً: تقرير استخباراتي: زيادة أعضاء وأنصار حزب الله في ألمانيا

وحتى وهو متوارٍ عن الأنظار في مخبئه، يمثل نصرالله، حسب الصحيفة، التي نقل عنها موقع "المدن" رمزاً مهماً يجسد دور حزب الله الكبير في نظرة إيران للعالم. فالحزب يمتلك اليوم حوالى 150 ألف صاروخ. ولديه شبكات من غرب أفريقيا إلى أمريكا الجنوبية، ومن لبنان إلى إيران وما وراءهما. كما أنه يلعب دوراً في سوريا والعراق، ويدعم ويدرّب الحوثيين في اليمن.

وبينما يؤكد مناصرو حزب الله أنّ نصر الله مصاب بنزلة برد أو ربما التهاب رئوي. تنقل الصحيفة الإسرائيلية عن البروفيسور إيال زيسر، المحاضر في جامعة "تل أبيب" وأبرز المستشرقين الإسرائيليين، قوله لصحيفة "إسرائيل هيوم"، أنّ خطاب نصر الله الأخير أصبح يُعرف بـ"خطاب الكحة". وبدلاً من التركيز على تهديداته وتصريحاته المنمقة، تصدرت حالته الصحية معظم العناوين الرئيسية.

ديكتاتور شرق أوسطي نموذجي

يطرح زيسر نقطة مهمة من وجهة نظر الدولة العبرية، إذ يقول: "على عكس حركة حماس التي غيّرت قادتها مرات عديدة، ليس أقلها بسبب الاغتيالات المنسوبة إلى إسرائيل، كان نصر الله الزعيم الوحيد المهيمن لحزب الله لما يقرب من ثلاثة عقود حتى يومنا هذا. وكما هي الحال مع أي ديكتاتور شرق أوسطي نموذجي، حرص نصرالله على عدم ظهور خليفة محتمل ".

اقرأ أيضاً: خسائر تقدر بـ 20 مليار دولار.. التهريب من لبنان إلى سوريا عبر شرايين حزب الله

وتشدد الصحيفة الإسرائيلية على أنّ التساؤلات المتصلة بخلافة حسن نصرالله مشروعة، بسبب المكانة التي بلغها الحزب تحت قيادته؛ إذ أصبح الحزب منظمة قوية بشكل استثنائي، فضلاً عن أنه ساعد في إنقاذ النظام السوري خلال الحرب الأهلية السورية.

كل ذلك يجعل من نصرالله من نواحٍ كثيرة أحد آخر أعضاء المحور الإيراني الرئيسيين في المنطقة. وبالنسبة إلى الصحيفة، فإنّ رحيل عماد مغنية ومحمد حجازي وقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، جعل من نصر الله آخر القادة العظام.

اقرأ أيضاً: لماذا لم ينضم حزب الله للمقاومة خلال العدوان على غزّة؟

وتنقل الصحيفة ما جاء في بعض وسائل الإعلام بأنّ أمين عام الحزب خضع لفحص مباشر من قبل طبيب متخصص، ولم تكن هناك حاجة لدخوله المستشفى. وحسب المعلومات، يواصل نصرالله العمل ومواكبة الملفات المعنية، بوتيرة محسوبة عبر الهاتف الداخلي، ويتواصل كلما دعت الحاجة مع مسؤولي الحزب الموجودين في الدائرة الضيقة من حوله.

وتشّبه "جيروزاليم بوست" هذه المعلومات، بما كانت تسربه أجهزة الاتحاد السوفياتي عن صحة القائد الثاني للاتحاد جوزيف ستالين، عندما كان عاجزاً. وتختم بالقول إنّ منطقة الشرق الأوسط تنتظر، لتتبين إذا ما كان ينقله إعلام حزب الله بأنّ نصرالله يعاني من بعض الحساسية صحيحاً أم لا.

حزب الله ينفي الإشاعات

وكان مسؤول في حزب الله، كشف الأربعاء الماضي، عن التطورات الصحية للأمين العام للحزب، حسن نصر الله؛ حيث نقلت "وكالة تسنيم"، عن المسؤول الثقافي لـ"حزب الله" في منطقة البقاع، فيصل شكر، أنّ صحة حسن نصر الله بخير، وهو يتعافى من التحسس الربيعي الذي ألمّ به مؤخراً، ولا صحة للإشاعات التي يروجها البعض عن إصابته بفيروس كورونا، وغيرها من الأمراض.

اقرأ أيضاً: استراتيجية "حزب الله" لمواجهة العقوبات التي تستهدفه

وأفاد فيصل شكر أنّ "ما حصل هو محاولة استثمار من العدو الصهيوني في صحة السيد حسن، عبر حرب معنوية تستهدف جمهور المقاومة وقيادتها، والهدف كما يعلمه القاصي والداني هو تحقيق أي مكسب ولاسيما في الحرب الإعلامية، التي شكل فيها السيد حسن رأس حربة ضد العدو ومشاريعه".

وقال المسؤول الثقافي لحزب الله في منطقة البقاع، كما نقلت وكالة "سبوتنيك" إنّ "كل محاولات العدو للتشويش والإدعاء لن تنال من عزيمة وقدرات المقاومة، فما حصل كان شفافاً وأمام كل الشاشات، وبالتالي لا داعي للقلق، واتباع هذه الأكاذيب التي لطالما دأب العدو الصهيوني على بثها".

مصدر في حزب الله ينفي ما أسماه بـ"الفبركات الإعلامية" التي تتحدث عن نصرالله في الغيبوبة، وأنّ قيادة الحزب في حالة بحث مستمر عن شخصية بديلة

ونفى فيصل شكر ما أسماه بـ"الفبركات الإعلامية" التي تتحدث عن دخول الأمين العام لحزب الله اللبناني في الغيبوبة، وأنّ قيادة الحزب في حالة بحث مستمر عن شخصية بديلة من بين أسماء مطروحة، مؤكداً أنّ حسن نصر الله "سيطل قريباً على جمهوره ومحبيه فور تعافيه التام، مباشرة"، وأنّ ما أصابه هو "عبارة عن زكام حاد وتحسس في الرئتين، عادة ما يتعرض له سماحته في بداية فصل الربيع في كل عام، ولكن هذا العام كانت متزامنة مع مناسبات أيام شهر رمضان ويوم القدس، وأخيراً ذكرى التحرير 2000، وفي هذه المناسبات آثر السيد الظهور ومخاطبة جمهوره، على الرغم من تحذيرات الكادر الطبي الخاص به، وقد كانت وجهة نظره تقول أن عدم خروجه سيضع جمهوره في حيرة".

وقال نصرالله في كلمته "أعتذر عن عدم ظهوري منذ يوم القدس وحتى اليوم لأنني كنت أعني من سعال شديد وكان يصعب علي أن أتكلم أو أخطب".

وكان من المقرر أن يعرض فيديو من إنتاج قناة "المنار" الناطقة باسم حزب الله ويظهر فيه نصر الله وهو يقود السيارة في الضاحية الجنوبية لبيروت، منطقة نفوذ الحزب، وكأنه يمارس حياته الطبيعية ويتحدث مع الناس، على وقع أنشودة "يا أطيب الناس" من تأليف نجله جواد نصر الله، ولكن تأجل عرض الفيديو منذ سنتين بسبب مشاكل تقنية كما قيل، ولم يعرض إلى اليوم.

"عبوات مياه وربطات خبز على نية شفاء السيد"

وشهدت مناطق نفوذ حزب الله، في الأيام الأخيرة التي أعقبت "خطاب السعال" انتشاراً للبسطات التي توزع المياه على نية شفاء نصر الله كذلك في المحال التجارية والبقالات، حيث كتب عليها "عبوات مياه وربطات خبز على نية شفاء السيد" وضعها المقربون من الحزب في إطار ما يسمى بـ"الاستحباب الديني"، على وقع الأناشيد الحزبية وتلك التي تبجل نصر الله.

وانتشر هاشتاغ "#سلامة-قلبك" على موقع تويتر وقام مناصرو حزب الله بالتغريد متمنين الشفاء لزعيمهم بعبارات التودد والدعوات والتضرع، فيما كان الجمهور المعارض للحزب وزعيمه يعبرون عن عدم مبالاتهم بما سيحصل، وبعضهم لم يخف فرحه إذا ما حل مكروه به.

وتستند تقارير كثيرة إلى معلومات بأنّ نصر الله يقضي الكثير من الوقت تحت الأرض وهذا ما يعني أنه "لا يتعرض كثيراً لأشعة الشمس وبشكل متواصل"  لذلك من المحتمل أنه يعاني من نقص فيتامين "D"، الذي يزيد من أمراض الجهاز التنفسي.

اقرأ أيضاً: لماذا وُصف شربل وهبة بـ"وزير خارجية حزب الله"؟

يذكر أنّ حسن عبد الكريم نصر الله هو الأمين العام الثالث والحالي لحزب الله منذ 16 شباط (فبراير) 1992، وقد تولى المنصب خلفاً لعباس الموسوي الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي.

ولد حسن نصر الله 31 آب (أغسطس) 1960، في برج حمود، وتعود أصوله إلى بلدة البازورية، حيث اضطر والده للنزوح إلى بيروت بحثاً عن فرصة للعمل.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية