هل أصبح لبنان عبئاً على العرب بسبب "حزب الله"؟

هل أصبح لبنان عبئاً على العرب بسبب "حزب الله"؟


09/12/2020

سابين عويس

منذ قررت المملكة العربية السعودية وقف المنحة المالية المقدمة للجيش اللبناني عبر فرنسا، وقيمتها ثلاثة مليارات دولار، في شباط (فبراير ) من العام 2016، ومنذ فرضت، ولحقت بها دول الخليج، حظراً على سفر رعاياها الى لبنان، بدا واضحاً أن التعاطي العربي بقيادة المملكة بدأ يسلك طريقاً شاقاً على لبنان، تتطلب إعادة تعبيده جهوداً لبنانية استثنائية أغفلها أهل السلطة وآثروا الاستمرار في سياسة التعامي عن حقيقة أن لبنان بدأ يخرج من محيطه ومن حاضنته الطبيعية ليتحول تدريجياً الى ما يشبه المحمية الإيرانية، بعدما نجح "حزب الله" تدريجياً في الإمساك بمكامن السلطة الثلاث في البلاد، التنفيذية والإجرائية كما التشريعية.

وما بدأت ملامحه ترتسم منذ عام 2016، ولا سيما بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً وتولي صهره ورئيس تياره السياسي إدارة السياسة الخارجية عبر ترؤس الدبلوماسية اللبنانية على مدى أعوام، اكتملت عناصره اليوم بسقوط لبنان الصيغة والنموذج تحت وطأة انهيار اقتصادي وإفلاس مالي كامل، باتا يهددان جدياً بانفجار البلاد اجتماعياً، خلال فترة قريبة جداً. فالدولة أصبحت عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من مقوّمات سيادتها وسلطتها على حدودها لمنع تهريب المواد الأساسية من طريق مواطنيها الى سوريا. أما السلطة فتتخبط في قرارات عشوائية في ظل عجزها عن اتخاذ القرارات الصحيحة والسليمة لأنها مرتهنة لحسابات المحاصصة من جهة، وللأجندات الخارجية، من جهة ثانية.

لم يعد خافياً على اللبنانيين أنهم باتوا يعيشون في عزلة عن محيطهم. يلمسون التراجع في معيشتهم مع فقدان عملتهم الوطنية أكثر من 80 في المئة من قيمتها أمام الدولار الأميركي. النمو الاقتصادي منكمش بنسبة 25 في المئة والبطالة ارتفعت الى أكثر من 35 في المئة، فيما تجاوز عدد الفقراء نسبة 55 في المئة، ما يعني عملياً أن أكثر من نصف الشعب أصبح فقيراً. وكل ذلك لأن اقتصاد لبنان يغذي اقتصادين، ويعتاش منه الاقتصاد السوري، لا سيما منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل تسعة أعوام.

بلغ لبنان هذه السنة، حدّه الأقصى في الصمود في وجه الأزمات، لكنه بلغ مع ذلك في المقابل، قعر الانهيار. تدرك سلطاته أن لا حل للخروج الى التعافي إلا باللجوء الى الدعم الخارجي. وتدرك كذلك أن الحصول على هذا الدعم يتطلب إعادة نظر جذرية في السياسة الخارجية، وهذا أمر غير وارد راهناً ما دام "حزب الله" مستمراً في رهاناته الإقليمية ومنخرطاً في نزاعات المنطقة، متخذاً طرفاً ودوراً كلاعب إقليمي، بغض النظر عن التداعيات الكارثية لهذا الدور وهذا الانخراط على الداخل اللبناني.

هذه السياسة التي ضربت عرض الحائط استراتيجية النأي بالنفس والابتعاد عن النزاع الإقليمي أخرجت دول الخليج من لبنان. والأشد خطورة في هذا الخروج أن لا عودة قريبة محتملة له، ما لم يعدّل لبنان سياسته. ما يعني عملياً أن لبنان مقبل على مشهد جديد لم يألفه سابقاً، خصوصاً بعدما دخل عدد من دول الخليج في اتفاقيات سلام مع إسرائيل.

يفقد لبنان دوره تدريجياً في محيطه، وهو الذي فقد مرفأه ومطاره ومصارفه وسياحته.

ثمة في الوسط السياسي المحلي من بدأ يفتقد التعاطف العربي مع لبنان ويشعر في المقابل أن البلد بات عبئاً على محيطه الذي قطع أشواطاً بعيدة على طريق التقدم، فيما تراجع لبنان أشواطاً كبيرة في انزلاقه نحو الانهيار.

ومع استمرار تعطل قيام حكومة جديدة في ظل الشروط والشروط التعطيلية المضادة، فإن الأمور تتجه الى الأسوأ، والأفق لا يبدو واعداً.

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية