هل بات الاستعداد لـ"تسونامي" ضرورة ملحة لدول المتوسط؟

هل بات الاستعداد لـ"تسونامي" ضرورة ملحة لدول المتوسط؟

هل بات الاستعداد لـ"تسونامي" ضرورة ملحة لدول المتوسط؟


09/02/2023

إنجي مجدي

في أعقاب وقوع #الزلزال الذي ضرب #تركيا و#سوريا وشعر به سكان دول عدة في الشرق الأوسط، فجر الإثنين الماضي، أطلقت السلطات الإيطالية تحذيراً من موجات مد بحري عاتية "#تسونامي"، وطلبت من السكان الابتعاد عن السواحل.

إيطاليا خفضت مستوى التحذير في وقت لاحق، لكن السلطات القبرصية أعلنت تسجيل "تسونامي صغير" قبالة سواحل فاماغوستا. ونقلت صحف قبرصية عن مدير المسح الجيولوجي في البلاد، كريستودولوس هادجيجورجيو، وقوع انهيار أرضي تحت الماء كان من الممكن أن يصبح كارثياً، لكنه لم يسبب أي ضرر.

أسطورة أتلانتس

مر ما يقرب من نحو قرن من الزمان على آخر أكبر تسونامي في أوروبا، بموجة ارتفاعها 13 متراً، ناتج عن زلزال قبالة سواحل صقلية عام 1908، وتسبب في مقتل ما لا يقل عن 2000 شخص. ويسجل التاريخ، واحداً من أكثر تسونامي البحر المتوسط تدميراً، ووقع منذ نحو 3500 عام نتيجة ثوران بركاني ضخم في جزيرة ثيرا (سانتوريني اليونانية حالياً) مما دمر حضارة بأكملها وهي حضارة مينوان، وهو الحدث الذي ربما يقف وراء أسطورة أتلانتس، بحسب أستاذ الجغرافيا والكوارث الطبيعية في جامعة كوفنتري بالمملكة المتحدة ماثيو بلاكيت،.

وأتلانتس بحسب رواية الفيلسوف اليوناني أفلاطون قبل 2300 عام، هي جزيرة نشأت عليها حضارة كبرى لكنها دمرت وغمرت تحت الماء جراء كارثة مفاجأة. ومن غير الواضح ما إذا كان اليونانيون في ذلك الوقت قد أخذوا رواية أفلاطون على أنها استعارة لسقوط المجتمعات الناجحة أو اعتقدوا أنها كانت سجلاً للتاريخ.

لكن ظلت الأسطورة موضع نقاش ساخن لعديد من العلماء والمؤرخين والفلاسفة. ومن بين النظريات التي تفسر ما حدث للعالم القديم، هناك اعتقاد أن الكوارث الطبيعية هي المسؤولة عن تدمير الجزيرة، ومن أبرزها الفيضانات الجماعية أو الزلازل أو الثوران البركاني، ومن بينها ثوران بركاني في جزيرة سانتوريني.

الإسكندرية في خطر

ومنذ أشهر عدة، أصدرت هيئات دولية تحذيرات من تسونامي قد يضرب قريباً مدناً رئيسة على البحر المتوسط أو بالقرب منه، بما في ذلك مرسيليا والإسكندرية وإسطنبول، مع احتمال أن يصل ارتفاع الموج إلى أكثر من متر خلال السنوات الـ30 المقبلة، وفق تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة الـ"يونيسكو" في يونيو (حزيران) الماضي. وتشمل المدن المعرضة للتهديد كان وتشيبيونا، وهي بلدة تقع على ساحل المحيط الأطلسي بإسبانيا بالقرب من قادس.

ومن المتوقع أن ترتفع مخاطر حدوث تسونامي في المجتمعات الساحلية للبحر المتوسط مع ارتفاع مستوى سطح البحر. فتشير دراسة أجريت عام 2018 عن نماذج تسونامي في ماكاو بالصين، إلى أن ارتفاع مستويات سطح البحر يضيف إلى مخاطر تسونامي، حيث يمكن لموجات البحر السفر لمسافات أبعد داخل المدن. ووجدت الدراسة، المنشورة بمجلة "ساينس ديلي" العلمية، أن وتيرة الفيضانات الناجمة عن تسونامي ارتفعت بمقدار 1.2 إلى 2.4 مرة لزيادة 45 سم في مستوى سطح البحر ومن 1.5 إلى 4.7 مرة لزيادة 90 سم.

وتشير دراسة نشرها موقع "نتشور" العلمي، في مارس (آذار) الماضي، إلى أن زلزالاً معتدلاً في شرق البحر المتوسط يمكن أن يتسبب في حدوث تسونامي مع إمكانية التأثير على نسبة كبيرة من 130 مليون شخص يعيشون على سواحلها. ويقول بلاكيت، إنه منذ مطلع القرن جرى تسجيل 177 تسونامي بالفعل، أربعة منها حدثت في حوض البحر المتوسط، لكنها كانت ضعيفة نسبياً ولم يتضرر أحد، لكن التاريخ وعلم الزلازل يشيران إلى أن الموجات الأكثر تدميراً لا مفر منها.

الاستعداد لتسونامي

يعد برنامج "الاستعداد لتسونامي" جزءاً من جهود الـ"يونيسكو" الأوسع، التي جرى إطلاقها قبل مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات في لشبونة العام الماضي، لضمان أن تعرف جميع المجتمعات المعرضة للخطر ما يجب فعله في حالة حدوث تسونامي بحلول عام 2030. وقال خبير تسونامي في الـ"يونيسكو" برناردو ألياجا "كانت كارثة تسونامي عامي 2004 و2011 بمثابة جرس إنذار. لقد قطعنا شوطاً طويلاً منذ عام 2004. نحن اليوم أكثر أماناً، لكن هناك فجوات في التأهب، ونحن بحاجة إلى تحسين جاهزيتنا، نحن بحاجة إلى التأكد من فهم التحذيرات من قبل الزائرين والمجتمعات".

وقتل تسونامي المحيط الهندي عام 2004، وهو الأكثر دموية في التاريخ، ما يقدر بنحو 230 ألف شخص في 14 دولة، في حين أدى الزلزال الذي بلغت قوته 9.1 درجة ريختر وتسونامي الذي وصل ارتفاعه إلى 40 متراً عام 2011، إلى مقتل 18 ألف شخص في اليابان. وقال ألياجا، إن السلطات في الإسكندرية وإسطنبول ومرسيليا وكان وتشيبيونا تعمل على الاستعداد "لتسونامي"، بما في ذلك علامات وإجراءات الإخلاء وخطط لتحذير السياح، مشيراً إلى أن برنامج "الاستعداد لتسونامي" يهدف لضمان أن تكون المجتمعات جاهزة للاستجابة لأي خطر محتمل بحلول عام 2030.

وفق البرنامج فإن التنبيهات الخاصة بموجات تسونامي يتم إطلاقها بعد نحو 10 دقائق من وقوع الزلزال، ويمكن أن تأخذ شكل أي شيء من مكبرات الصوت إلى رسائل واتساب. ويقول ألياجا "إذا كان تسونامي محلياً، فلديك 20 دقيقة كحد أقصى قبل أن تضرب الموجة الأولى. الموجة الثانية أكبر وتأتي بعد الموجة الأولى بـ40 دقيقة. لا يزال لديك إمكانية الهرب".

عن "اندبندنت عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية