هل تبعث قمة السلام السعودية الأمل في أوكرانيا؟

هل تبعث قمة السلام السعودية الأمل في أوكرانيا؟

هل تبعث قمة السلام السعودية الأمل في أوكرانيا؟


16/08/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

تبدو النّظرة المستقبليّة لكييف قاتمة.

انتهى أجل اتّفاق الحبوب، ودمّرت الضّربات الرّوسيّة الموانئ الأوكرانيّة وأتلفت حوالي مائتي ألف طن من الحبوب الأوكرانيّة. هجوم كييف الرّبيعيّ المضادّ، الذي رُحّب به على نطاق واسع، بدأ متأخّراً، ثمّ كُلّل بالقليل من النّجاح: بعد شهرين، حقّق تقدّماً ضئيلاً.

وفوق كلّ ذلك، أقرّت روسيا مؤخّراً قوانين تُمكّن الكرملين من تجنيد ما يصل إلى ثلاثمائة ألف جنديّ إضافيّ بسرعة، ممّا يؤكّد تفوّق موارد موسكو البشريّة. من السّهل البدء في التّفكير في أنّ روسيا تحظى باليد العُليا، خاصةً إذا توقّف الهجوم الأوكرانيّ المضادّ، أو إذا أصبحت الحرب عملاً شاقّاً يستمرّ لأعوام، أو إذا فقد مؤيّدو كييف روحهم المعنويّة مع بدء حالة من الرّكود في الظّهور، أو إذا أعادت الانتخابات الرّئاسيّة الأمريكيّة المزمع انعقادها في أواخر عام 2024 دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

من المرجّح أن تؤدّي معظم سيناريوهات نهاية الحرب، التي تُطرح اليوم، إلى قبول كييف لشيء يُشبه الوضع الرّاهن باعتباره الشّكل الجديد لأوكرانيا. لكن نظرة فاحصة تُقدّم سبباً للأمل لأوكرانيا. دعونا نبدأ بقمّة السّلام التي عقدت في نهاية الأسبوع الماضي في المملكة العربيّة السّعوديّة.

دبلوماسيّون من أربعين دولة

اجتمع دبلوماسيّون من حوالي أربعين دولة، بما في ذلك العديد من الدّول التي لم تنحز إلى أيّ طرف، في جدّة لمناقشة رؤية أوكرانيا للسّلام من دون مشاركة روسيّة. أرسلت الصّين، والهند، وجنوب أفريقيا، وإندونيسيا ممثّلين، وكذلك فعلت الولايات المّتحدة. ربما لم يؤدّ الحدث إلى خطّة سلام كبرى، لكنّه أظهر استعداداً للانخراط من قِبل «الجنوب العالميّ»، بل وبعض حلفاء روسيا، ممّا يقوّض رواية موسكو القائلة بأنّ الدّول الغربيّة فقط هي المتعاطفة مع أوكرانيا.

يستعد الجنود الأوكرانيون لإطلاق النار على القوات الروسية في منطقة زابوريزهزيا في 13 يوليو / تموز

أيضاً، تُعدّ القمّة مجرّد بداية لحملة أوسع. فالرّئيس الأوكرانيّ، فولوديمير زيلينسكي، حثّ سفراءه ودبلوماسيّيه على الاستفادة من جميع الأدوات الممكنة وكلّ الجهود لإقناع الحلفاء وأولئك الذين يقفون على الحياد بأنّ هزيمة روسيا هي الطّريق الوحيدة لتحقيق سلام دائم.

ستقدّم الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة المزمع انعقادها في نيويورك الشّهر المقبل لأوكرانيا فرصةً أخرى لإقناع العالم، وسوف تُتبَع، في وقت لاحق في الخريف، بقمّة تستضيفها أوكرانيا لعرض خطّتها للسّلام المؤلّفة من عشر نقاط والحصول على مؤيّدين لها.

من المرجّح أن تؤدّي معظم سيناريوهات نهاية الحرب، التي تُطرح اليوم، إلى قبول كييف لشيء يُشبه الوضع الرّاهن باعتباره الشّكل الجديد لأوكرانيا

وفيما يبدو أنّ أوكرانيا تُعزّز دعمها الدّوليّ، تكاد تكون القيادة الرّوسيّة أكثر هشاشةً ممّا كانت عليه منذ عقود. مثّل تمرّد يفغيني بريغوجين، قائد قوّات فاغنر شبه العسكريّة، الذي استمرّ ليوم واحد، أوّل تحدّ عسكريّ محلّيّ كبير للرّئيس فلاديمير بوتين، وقد تركت نهاية التمرّد - من دون ردّ عسكريّ كبير - الكثيرين يتساءلون عن ولاء الجيش للكرملين.

تحدي بوتين

التّحدّي المباشر الذي تزعّمه بريغوجين، وهو قوميّ شديد الإخلاص كان حتّى وقت قريب صديقاً قديماً لبوتين، سُرعان ما أعقبه تحدٍ آخر، من وطني روسيّ عتيد آخر: قُبِضَ على إيغور جيركين، وهو قائد عسكريّ سابق قاد كتيبةً في دونيتسك في عام 2014، بعد أن وصف الرّئيس بـ«اللاشيء» على مدوّنته الشّعبيّة المؤيّدة للحرب.

مع وجود بريغوجين في المنفى وجيركين وغيره خلف القضبان، بدأ المدوّنون المؤيّدون للحرب في روسيا بالانقسام، حيث انتقد البعض الحكومة أكثر بينما تساءل آخرون عن الجانب الذي ينتمون إليه. عندما يتشاجر حتّى أقوى المؤيّدين، فأنت تعلم أنّ هناك مشكلة.

قد يفسّر هذا سبب قيام بوتين بجولة شبيهة بالحملة الانتخابيّة في الأسابيع الأخيرة، حيث زار أماكن مثل داغستان وكرونشتاد لالتقاط الصّور مع الأطفال والعائلات. ويُعدّ ذلك تغييراً جذريّاً إذا ما قورِنَ بعزلة الرّئيس خلال جائحة كوفيد والأيّام الأولى لحرب أوكرانيا.

أقرّت روسيا مؤخّراً قوانين تُمكّن الكرملين من تجنيد ما يصل إلى ثلاثمائة ألف جنديّ إضافيّ بسرعة، ممّا يؤكّد تفوّق موارد موسكو البشريّة

بعد أن وجّهت مشكلة بريغوجين ضربةً لصورة الوحدة الكاملة، أصبحت الرّسالة المقصودة واضحة: بوتين لا يزال محبوباً، ولا يزال مُتحكّماً. وفي غضون ذلك، تُصارِع روسيا، أيضاً، التّضخّم والمشكلات الاقتصاديّة، حيث فقد الرّوبل أكثر من أربعين في المائة من قيمته هذا العام.

في الوقت نفسه، وسّعت كييف في الأسابيع الأخيرة نطاق هجماتها بشكل كبير. مع غرق السّفينة الحربيّة الرّوسيّة موسكفا العام الماضي، دفعت أوكرانيا القوّات البحرّيّة الرّوسيّة بعيداً عن شواطئ البحر الأسود. لكن في الأسبوع الماضي، ذهبت كييف إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث استعرضت قدراتها وامتداداتها البحريّة من خلال هجوم بمركبة بحريّة مُسيّرة أدّى إلى تعطيل سفينة إنزال روسيّة في ميناء نوفوروسيسك المطلّ على البحر الأسود.

تُعدّ القمّة مجرّد بداية لحملة أوسع

في اليوم التّالي، ضربت طائرة مُسيّرة تابعة للبحريّة الأوكرانيّة ناقلة نفط روسيّة خاضعة لعقوبات أمريكيّة قبالة شبه جزيرة القرم. ووردت يوم الأحد تقارير عن طائرة مُسيّرة أخرى باتّجاه موسكو وضربات على جسرين في جنوب أوكرانيا بالقرب من شبه جزيرة القرم، جسر تشونهار وجسر في هينيشيسك.

هذه الضّربات، التي يبدو أنّها ردّ مباشر على الهجمات الرّوسيّة الأخيرة على الموانئ الأوكرانيّة ومنشآت الحبوب منذ تعليق اتّفاق الحبوب، سلّطت الضّوء على نقاط ضعف عمليّات التّصدير الرّوسيّة. والهجمات الأوكرانيّة المستمرّة لديها القدرة على كبح الشّحن الرّوسيّ في البحر الأسود، بل وإغلاق بعض الموانئ مؤقتاً، ممّا يزيد من إعاقة الاقتصاد الرّوسيّ.

مبادرة الحبوب

قد يؤدّي هذا القلق بالذّات إلى عودة موسكو إلى طاولة المفاوضات حول مبادرة الحبوب. ومن المتوقّع أن يزور بوتين تركيا هذا الشّهر للقاء الرّئيس رجب طيّب أردوغان. كانت تركيا بالطّبع القوّة الدّافعة وراء الاتّفاق الأوليّ، وقد قال وزير الخارجيّة الأوكرانيّ، دميترو كوليبا، مؤخّراً، إنّ أردوغان «هو الزّعيم الوحيد الذي يمكنه إعادة بوتين إلى الاتّفاق».

هل يتراجع الكرملين بشأن مسألة الحبوب حتّى مع استمرار قوّاته في التصدي لهجوم أوكرانيا المضادّ؟ إذا كان الأمر كذلك، فسيكون ذلك انتصاراً واضحاً لكييف خارج ساحة المعركة، وربما علامة مبكّرة على تحوّل ذي مغزى في حالة من الزّخم.

المصدر:

ديفيد ليبيسكا، ذي ناشونال، 8 آب (أغسطس) 2023

https://www.thenationalnews.com/opinion/comment/2023/08/08/ukraine-war-russia-zelenskyy-putin-grain-saudi-arabia-diplomacy/




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية