هل تتحول سوريا إلى أرض المواجهة بين القوى العظمى؟

هل تتحول سوريا إلى أرض المواجهة بين القوى العظمى؟

هل تتحول سوريا إلى أرض المواجهة بين القوى العظمى؟


24/06/2023

محمد طارق

تحت عنوان "تعزيز موقف الأسد في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى صراع بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا"، نشر المحلل الإسرائيلي، تسيفي بارئيل، تحليلاً قال فيه إن الحملة الموسعة ضد تنظيم داعش الإرهابي، تمنح الولايات المتحدة شرعية دولية لإبقاء قواتها في البلاد، إلا أن موسكو تحاول طردها.

وأضاف بارئيل في التحليل الذي نشره بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن هناك نحو 900 جندي أمريكي في معسكرات عسكرية في سوريا، وهي قوة ليست كبيرة، لكنهم نجحوا جنباً إلى جنب مع القوات الكردية في كبح تمدد أنشطة داعش، لافتاً إلى ترسيخ الوجود العسكري الأمريكي في سوريا يقوض تصور أن الولايات المتحدة قد تخلت عن الشرق الأوسط.

الانسحاب الأمريكي

وقال إنه في ديسمبر (كانون الأول) 2018، بعد 6 أشهر من الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، توجّه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في حديثه إلى العالم، قائلاً: "لقد انتصرنا في الحرب ضد داعش"، وفي مقطع فيديو نُشر على حسابه على موقع التغريدات القصيرة تويتر، قال: "أبناؤنا شبابنا النساء، رجالنا، يعودون إلى الوطن، الجميع يعود".

ووصف بارئيل تصريح ترامب بأنه كان متسرعاً وخطيراً، ونموذجاً لعملية صنع القرار لدى ترامب، لافتاً إلى الضغط الهائل من الكونغرس والجهود المقنعة للدول الأوروبية جعلته يتراجع عن نيته بـ"الانسحاب الكامل"، تاركاً "جبهة صغيرة في سوريا" إرثاً لخليفته جو بايدن.

توسع داعش

وقال إنه على مدى عامين ماضيين، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الحملة ضد داعش الإرهابي في سوريا لا تنتهي فحسب، بل إنها تتوسع، وبحسب معطيات نشرها البنتاغون، نفذت الولايات المتحدة هذا العام 44 عملية هجومية كبرى ضد قواعد داعش، أي بزيادة 15٪ عن العام الماضي، مستطرداً: "صحيح أنه في مناطق سيطرة القوات الكردية في سوريا وشمال العراق كانت هناك أحداث دراماتيكية، وتراجع في عدد هجمات التنظيم، لكن في مناطق سيطرة الأسد، أي حوالي 60٪ من البلاد، نجح داعش في بناء المزيد من القواعد، وزيادة قواته في مدن حمص وحماة والرقة ودير الزور، واستطاع هزيمة القوات السورية التي تعمل بجانب القوات الروسية، فضلاً عن السيطرة على مناطق، كما فعل عام 2014 عندما بدأ حملته.

وتابع: "الأمر لا يتعلق فقط بالآلاف من عناصر التنظيم المسلحين الذين يمتلكون أسلحة ثقيلة وينشطون في سوريا، بل يتعلق أيضاً بالسجون المؤقتة التي أنشأها الأكراد في سوريا، حيث تم سجن حوالي 10 آلاف رجل و50 ألف امرأة وطفل آخرين كانوا على صلة بعناصر تنظيم داعش الإرهابي"، مشيراً إلى أن هذه الأرقام ستكون لها عواقب وخيمة إذا انتقلت إلى أراضي شمال شرق سوريا بعد انسحاب القوات الأمريكية، وهو الأمر الذي قد يتسبب في تحريرهم.

تجاهل أمريكي

لفت الكاتب الإسرائيلي إلى أنه قبل نحو شهرين، في جلسة استماع للجنة الفرعية للشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، حذر الخبراء من انسحاب آخر للقوات الأمريكية، ووجهوا سهامهم نحو عدم وجود سياسة أمريكية وعدم مبالاة تجاه ما يحدث في سوريا، ومؤخراً تجاه "التجاهل الأمريكي" لعودة العلاقات بين سوريا والدول العربية.

وقال بارئيل إنه في بداية مايو (آيار) الماضي، قبل نحو أسبوعين من انعقاد قمة الجامعة العربية التي ناقشت عودة سوريا إلى الجامعة التي علقت عضويتها في عام 2011، اجتمع وزراء خارجية الدول الأعضاء في عمان لصياغة القرار الذي من شأنه أن إلغاء تعليق سوريا، وبعد الاجتماع، قال عضو بارز في مجلس الأمن القومي الأمريكي إنه "عندما يتعلق الأمر بأي اتصالات مع النظام السوري، أكدنا لشركائنا أن الخطوات ذات المصداقية لتحسين الوضع الإنساني والأمني ​​للمواطنين السوريين في طليعة أي نقاش من هذا القبيل".

ضوء أخضر

وأضاف الكاتب: "في سوريا والدول العربية، فُسِّر هذا الإعلان على أنه يعطي الضوء الأخضر الأمريكي للمضي قدماً في عملية عودة العلاقات مع سوريا"، لافتاً إلى أن المتحدثون باسم البيت الأبيض وبايدن حاولوا لاحقاً التأكيد على أنهم يعارضون مثل هذا التقارب، وأن القرار 2254، الذي أقره مجلس الأمن في عام 2015، والذي يدعو بشكل أساسي إلى انتخابات تمثيلية ونزيهة حتى يتمكن الشعب السوري من اتخاذ قرار بشأن مستقبل نظامهم هو الأساس الوحيد لأية مفاوضات بخصوص سوريا.

فشل دبلوماسي

رأى الكاتب أن تلك الأحداث من وجهة نظر واشنطن ليست مجرد فشل دبلوماسي أعطى إيران وروسيا مكاسب كبيرة، ولكن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية تعطي الأسد دفعة كبيرة لاستكمال سيطرته على جميع أراضي البلاد، وإخراج القوات الأجنبية (التركية والأمريكية).

وأضاف أن الانسحاب التركي من سوريا، إذا حدث، يهدد واشنطن أيضاً، حيث ستضطر القوات الكردية التي تقاتل إلى جانبها، والتي تعتبر القوة البرية الأكثر فاعلية ضد داعش، إلى التوصل إلى اتفاقات مع الأسد بشأن حقوقها السياسية وتقاسم الإيرادات من حقول النفط التي يتواجد معظمها في المحافظات الكردية، وخاصة عند الانفصال عن الكفالة الأمريكية.

مواجهة أمريكية روسية

بحسب الكاتب، بدون الأكراد، ستضطر واشنطن إلى اتخاذ قرار بشأن زيادة ترتيب قواتها في سوريا أو سحب جميع مقاتليها والاكتفاء بالعمليات الجوية ضد داعش، ليس فقط في شمال سوريا، ولكن أيضاً في جنوب شرق البلاد وفي المناطق الحددية مع العراق، حيث تقع قاعدة التنف الاستراتيجية، مستطرداً: "هنا يكمن احتمال نشوب صراع آخر، هذه المرة بين الولايات المتحدة وروسيا، فالحملة ضد داعش تعطي بالفعل شرعية دولية للولايات المتحدة لاستمرار وجودها ونشاطها في سوريا، لكن هذه الشرعية لا تثير إعجاب موسكو، التي بدأت مؤخراً في التطور إلى صراع غير عنيف في الوقت الحالي".

استفزاز روسي ورد أمريكي

أشار بارئيل إلى أنه في مارس (أذار) الماضي، أبلغ قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، أعضاء مجلس الشيوخ أن طائرات روسية مسلحة تحلق فوق القواعد الأمريكية التي يوجد بشأنها اتفاق لحظر الطيران بهدف الاستفزاز، وقال قائد القوات المشتركة، الجنرال مارك ميلي: "نشهد مؤخرًا نمط عمل أكثر عدوانية من جانب الروس، لم ننتهي بعد من تحليلنا للتوصل إلى نتيجة لماذا يفعلون ذلك".

ووفقاً للكاتب، أكد قائد القوات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط، الجنرال أليكسوس غرينكيفيتش، أن الولايات المتحدة سترسل مقاتلاتF-22  لأول مرة من أجل "ردع الروس عن النشاط غير المهني والاستفزازي".

وعلّق الكاتب: "من غير الواضح ما إذا كان الروس يزيدون من نشاطهم كرسالة إلى الأمريكيين لوقف المساعدات التي يقدمونها لأوكرانيا أم أنهم قرروا زيادة جهودهم لإخراج الولايات المتحدة من سوريا خوفاً من أن تتطور الحرب ضد داعش إلى مواجهة قوى عظمى، في منطقة ليس لها أهمية استراتيجية".

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية