هل تحاصر دول أخرى قريباً الإخوان كما فعلت باراغواي؟ باحث في الحركات الإسلامية يجيب

باحث في الحركات الإسلامية: الإخوان في باراغواي أسسوا مركزاً إسلامياً بدعم من أئمة من سوريا ولبنان

هل تحاصر دول أخرى قريباً الإخوان كما فعلت باراغواي؟ باحث في الحركات الإسلامية يجيب


28/02/2023

وصلت جماعة الإخوان المسلمين، التي اعتبرتها المفوضية الدائمة لكونغرس باراغواي جماعة "إرهابية تهدد الأمن والاستقرار الدوليين، وتشكّل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة"، وصلت إلى باراغواي فعلياً عام 1987 عن طريق (الندوة العالمية للشباب الإسلامي) التي ابتعثت إلى هذه الدولة النائية بعض الدعاة لكنّهم كانوا ينتمون للإخوان.

وبحسب ما أكده الباحث في الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي، فإنّ جماعة الإخوان أسست مركزاً إسلامياً، بدعم (30) داعية وتعيينهم في الباراغواي ليكونوا أئمة للمركز، أغلبهم من سوريا ولبنان، منهم الشيخ أمين الكرم (سوري) والشيخ أحمد المحايري (سوري) والشيخ محمد حسان عجاج (سوري)، إمام المركز، والذي تمّ تعيين الفلسطيني الشيخ فادي بن أحمد الجعفراوي الإخواني السروري مكانه، من قبل مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي في البرازيل التي يترأسها الإخواني الشيخ علي عبدوني (لبناني)، ومديرها الإخواني الشيخ جهاد حمادة (سوري).

جماعة الإخوان أسست مركزاً إسلامياً بدعم (30) داعية، وتعيينهم في الباراغواي ليكونوا أئمة للمركز، أغلبهم من سوريا ولبنان

ورغم أنّ المسلمين كانوا في ذلك الوقت لا يتجاوزون (10) آلاف نسمة، إلا أنّهم الآن أصبحوا أضعاف هذا العدد، ويقيمون في المدن الرئيسية، وعلى رأسها العاصمة أسونسيون، التي تأسس فيها بدعم من سليمان الراجحي مسجد صغير في مدينة (ثيوداد ديل ايستي)، وكان ذلك نهاية عام 1987، ثم المركز الخيري الثقافي الإسلامي في العاصمة عام 1990.

الجماعة، وفقاً لفرغلي، أنشأت مؤسسات مدعومة من التنظيم الدولي، منها مؤسسة "ضياء"، يستقطبون من خلالها الأئمة، والعناصر الهاربة، وإعلام باراغواي بداية.

وبحسب قراءة فرغلي، فإنّ الإخوان يعملون وفق واجهات ولافتات لا ترفع الشعار أو الاسم مطلقاً؛ بل عن طريق مؤسسات دعوية ومالية واجتماعية وثقافية، ويشاركون في مؤتمرات للدول العربية بهذه الواجهات، مستغلين قوانين دول أمريكا اللاتينية التي سمحت لهم بمزيد من الحرية والتحرك.

المسلمون كانوا في ذلك الوقت لا يتجاوزون (10) آلاف نسمة، إلا أنّهم الآن أصبحوا أضعاف هذا العدد، ويقيمون في المدن الرئيسية

ووفق مصادر الباحث في الجماعات الإسلامية، فإنّ الجامعة الإسلامية الأمريكية "بمنيسوتا" في أمريكا اللاتينية هي التي تساهم في نشر فكر الجماعة في باراغواي والبرازيل والأرجنتين ودول القارة، وتحوي جميع أطياف الإسلام السياسي؛ من سلفية سرورية وإخوان مسلمين وسلفية جهادية تكفيرية.

وهي جامعة افتراضية أسست من أجل إصدار شهادات علمية، لتعزيز المستوى العلمي لأتباعها، لإظهارهم كمؤهلين للعمل بمختلف الأماكن العلمية في العالم، وبهدف نشر فكر وأهداف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ويقودها الآن المصري عبد الحميد متولي، ويعاونه اللبناني محمد البقاعي، والمصري السلفي الحركي حمادة غازي، وحامد الإدريسي الإخواني السروري المكفول من الداعية نبيل العوضي، ومن مؤسسة عيد القطرية، صاحب العلاقة القوية بالشيخ محمد صالح المنجد، الإخواني السروري صاحب قناة وأكاديمية "زاد"، الذي سُجِن عام 2017 بتهمة التستر على رموز الإخوان والتعاون معهم، وما يزال في السجن إلى حدّ الآن في المملكة العربية السعودية.

ويُعدّ الشقيقان ياسر ومحمود الحاج، اللذان انتقلا إلى فنزويلا في جزيرة مارغريتا، من أهم الشخصيات الإخوانية في باراغواي، وهما من لبنان من أصول فلسطينية، ومنذ عام سافرا إلى كندا، وكذلك محمد أحمد أبو عرابي، ونائبه السيد الحاج يحيى جمعة، الذي يقوم بأعمال المركز الإسلامي.

بالمقابل، لفت الباحث إلى وجود حالة من الوعي الجديد، أو الاهتمام بأمريكا الجنوبية، أدت إلى تطور ملموس في التواصل الرسمي بين مسلمي القارة وعدد من دول العالم الإسلامي، ومنها مصر والإمارات والسعودية، التي أقامت مراكز إسلامية كبيرة كمركز الملك فهد الثقافي الإسلامي في بيونس آيرس في الأرجنتين، ومسجد الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز البراهيم في كاراكاس في فنزويلا، أو المنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية، التي تتفاعل الآن بشكل كبير.

الإخوان يعملون وفق واجهات ولافتات لا ترفع الشعار أو الاسم مطلقاً، بل عن طريق مؤسسات دعوية ومالية واجتماعية وثقافية

إنّ المنظمات الإخوانية الرئيسة التي تجاوزت جمود وتقوقع مساجد الجالية إلى أنواع كثيرة من العمل الحركي، أصبحت غارقة في مهمات استهلاكية مثل تجارة الحلال، للحصول على أموال كثيرة.

وتابع أنّ الركود التنظيمي العميق الذي أصاب الجماعة في أقطارها الرئيسية انسحب بالتالي على أمريكا اللاتينية، فضلاً عن التنافس الحاد ما بين المنظمات الإيرانية وأذرعها مثل حزب الله، الذي انسحب على المؤسسات الإخوانية، التي انشغلت في معارك استقطابية.

الكاتب والباحث المصري توقع خلال قراءته لإخوان الباراغواي أنّ الإخوان في أمريكا اللاتينية سيستمرون في خطتهم القديمة، بطريقة العمل نفسها، لكن بصورة جديدة، وهي اللجوء إلى التخلي عن مشروع الجماعة العالمي ظاهرياً، مع الاحتفاظ بعلاقات داخلية سرّية مع التنظيم، والتحلل من الخطاب الديني القديم للجماعة، ومحاولة خلق مؤسسات جديدة، إلا أنّ الانتباه الحالي لخطورة الجماعة والتموضع الكبير سيكون من نتيجته حصار التنظيم، كما حصل في الباراغواي، وسيحصل في دول أخرى قريباً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية