هل تطيح العقوبات الأمريكية بأحلام باسيل الرئاسية؟

هل تطيح العقوبات الأمريكية بأحلام باسيل الرئاسية؟


09/11/2020

يعتبر جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، وصهر الرئيس اللبناني، ميشال عون، من أكثر الشخصيات جدلاً في لبنان، بصعوده السريع في المشهد السياسي، وتحكمه من وراء ستار عون في تشكيل الحكومة، وطموحاته الكبيرة لرئاسة لبنان، خلفاً لعون، والد زوجته.

اقرأ أيضاً: الحريري يمرر رؤيته حول الحكومة اللبنانية المصغرة... ما علاقة حزب الله؟

لكن الرياح أتت بما لا تشتهي سفن باسيل، فجاءت العقوبات الأمريكية لتحطم آماله، وتحرمه من التمثّيل الدولي والوزاري، وتحصره في دور رجل الظل.

وفرضت واشنطن عقوبات على باسيل، بسبب تورطه في قضايا فساد كبرى، منذ توليه منصبه الأول كوزير للاتصالات، عام 2008، ثم حقيبة الطاقة بين أعوام (2009 - 2014)، ثم وزارة الخارجية لمدة 6 أعوام، حتى استقالته بعد احتجاجات 17 تشرين الأول (أكتوبر).

العقوبات الأمريكية

أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، فرض عقوبات على جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، والنائب في البرلمان اللبناني، بموجب الأمر التنفيذي 13818 لدوره في الفساد في لبنان.

باسيل وعون ونصر الله

وجاء في بيان وزارة الخزانة، المنشور عبر موقعها الرسمي: "شغل باسيل مناصب رفيعة المستوى عدة في الحكومة اللبنانية، بما في ذلك منصب وزير الخارجية والمغتربين، ووزير الطاقة والمياه، ووزير الاتصالات. واشتهر طوال حياته الحكومية بالفساد، وارتبط بشراء النفوذ داخل الأوساط السياسية اللبنانية، وعندما كان وزيراً للطاقة، شارك في الموافقة على مشاريع عدة، كان من شأنها توجيه أموال الحكومة اللبنانية إلى أفراد مقربين منه، من خلال مجموعة من الشركات الواجهة".

اقرأ أيضاً: حزب الله يورّط لبنان".. لبنانيون يجدّدون رفضهم لحزب الله

وتأتي العقوبات وفق الأمر الأمر التنفيذي رقم 13818، لعام 2017، وفق قانون قانون ماغنيتسكي العالمي للمساءلة في مجال حقوق الإنسان، وبموجبه تفرض عقوبات حول انتشار انتهاكات حقوق الإنسان والفساد الذي يكون مصدره، كليًا أو جزئيًا، خارج الولايات المتحدة، إذا بلغ حدّاً من الخطورة يمكن أن يهدّد استقرار النظم السياسية والاقتصادية الدولية.

ديفيد شينكر قال في ردّه على سؤال حول سبب اختيار باسيل لفرض العقوبات عليه إنه ليس الوحيد ممن استفادوا من مناصبهم، لكنّه الأكثر فظاعة

وعلاوةً على ذلك؛ تم تطبيق المادة 7031 (س) من قانون اعتمادات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة، لعام 2020 على باسيل، بسبب تورطه في فساد كبير.

وقال باين وزارة الخزانة: "بموجب المادة 7031 (س)، وبمجرد تعيين وزير الخارجية مسؤولين في الحكومات الأجنبية لتورطهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في فساد كبير، يصبح هؤلاء الأفراد غير مؤهلين لدخول الولايات المتحدة".

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"؛ أفادت بأنّ الإدارة الأمريكية ستفرض العقوبات على المسؤول اللبناني السابق، جبران باسيل، في محاولة للحد من نفوذ حزب الله، المدعوم من إيران، على السلطة اللبنانية. وأشارت الصحيفة إلى موافقة وزير الخزانة، ستيفن منوتشن، ووزير الخارجية، مايك بومبيو على فرض العقوبات.

اقرأ أيضاً: تركيا و"حزب التحرير" اللبناني.. تقاطع مصالح أم دعم لأردوغان؟

وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكي، ديفيد شينكر في ردّه على سؤال حول سبب اختيار باسيل لفرض العقوبات عليه، فيما الطبقة السياسية في لبنان تعجّ بالفاسدين ومستغلي النفوذ: "جبران باسيل ليس الوحيد ممن استفادوا من مناصبهم، لكنّه الأكثر فظاعة بينهم". وشكك شينكر في قدرة باسيل على الطعن في العقوبات، مشيراً إلى أنّ هناك شخصيات أخرى ستطالها العقوبات قريباً.

اقرأ أيضاً: لبنان: هل يؤخّر التمثيل المسيحيّ الإعلان عن حكومة الحريري؟

ومن جانبه، رد باسيل على العقوبات بتغريدة عبر "تويتر"، قال فيها: "اعتدت الظلم وتعلّمت من تاريخنا: كُتب علينا في هذا الشرق أن نحمل صليبنا كل يوم ... لنبقى".

وفي تغريدة أخرى نشرها، الأحد، 11 من الشهر الجاري، قال باسيل: "بالخلاصة الأساسية، نحنا مختلفين مع اميركا على أمور عديدة غير حزب الله، وعقابنا على هالخلافات كان بأنّها استمرّت باتباع سياسة معاكسة لمصلحة لبنان، لا بل مدمّرة لكيانه ومزيلة لوجوده".

الحريري وباسيل

وطالب الرئيس اللبناني، ميشال عون، الإدارة الأمريكية بتقديم المستندات حول تهم الفساد بحقّ باسيل، وقال بيان رئاسة الجمهورية: "الرئيس عون طلب من وزير الخارجية الحصول على الأدلة والمستندات التي دفعت وزارة الخزانة الأميركية إلى توجيه اتهامات الى النائب جبران باسيل، وضرورة تسليم المستندات إلى القضاء اللبناني لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حال توافر أي معطيات".

وكانت واشنطن فرضت عقوبات من قبل على كلاً من؛ وزير الأشغال العامة في الحكومة اللبنانية السابقة، يوسف فنيانوس، المنتمي إلى تيار المردة، بزعامة سليمان فرنجية، ووزير المالية السابق، علي حسن خليل، المنتمي إلى حركة أمل، على خلفية قضايا فساد مالي، مرتبطة بدعم حزب الله، أثناء عملهما في الحكومة وبعد ذلك.

المحلل السياسي اللبناني شريف حجازي لـ"حفريات": الفساد هو سبب العقوبات على باسيل، وليس علاقته بحزب الله كما يحاول أنصاره الإيحاء، كي يكسبوا التعاطف

وبحسب بيانات أمريكية؛ تم وضع 90 شخصية مقربة من حزب الله على قائمة العقوبات منذ 2017.

وفي سياق متصل؛  ندد حزب الله بالعقوبات على باسيل، ووصفها بأنّها محاولة من واشنطن لفرض إملاءات على لبنان. وقال الحزب في بيان نشرته قناة "المنار": "يدين حزب الله القرار الذي اتخذته وزارة الخزانة الأمريكية، بحقّ رئيس التيار الوطني الحر معالي الوزير، جبران باسيل، ويعتبره قراراً سياسياً صرفاً، وتدخلاً سافراً وفظاً في الشؤون الداخلية للبنان".

أطماع باسيل الرئاسية

وتجمع جبران باسيل وحزب الله علاقة تحالف قوية، منذ توقيع اتفاق كنيسة مار مخايل في 2006، بين الحزب والتيار الوطني الحر، بزعامة ميشال عون، والذي على إثره وصل عون إلى سدّة الرئاسية في 2016.

اقرأ أيضاً: هذا ما جرى خلال الاجتماع اللبناني ـ الإسرائيلي لترسيم الحدود

ووفر هذا الاتفاق غطاءً مسيحياً لسلاح حزب الله، بجانب الغطاء الذي يقدمه تيار المردة. ويعتبر التيار الوطني الحرّ أكبر الكتل السياسية المسيحية.

وتمكن الثنائي من تحقيق منافع متبادلة، لكنّ نصيب حزب الله كان أكبر بكثير مما ناله التيار.

وحول تأثير العقوبات على باسيل على العلاقة بين الحليفين، يقول المحلل السياسي اللبناني، شريف حجازي: "الفساد هو سبب العقوبات على باسيل، وليس علاقته بحزب الله كما يحاول أنصاره الإيحاء، كي يكسبوا التعاطف عند جمهور حزب الله، ولابعاد تهمة الفساد عن جبران، وهو ما يحاول فعله أيضاً عبر الإنكار، والمطالبة بالمحاسبة".

ويردف حجازي، لـ"حفريات": "حزب الله قد يكون مرتاحا للعقوبات على باسيل، على عكس التضامن الظاهري، حيث تخلص من معضلة تنافس باسيل مع سليمان فرنجية على رئاسة الجمهورية، خلفاً لعون".

ويضيف حجازي: "حزب الله لا يريد جبران باسيل رئيساً للجمهورية، والدليل أنّه لم يعده بالمنصب كما وعد ميشال عون سابقاً، بعد اتفاق الدوحة، والحزب يريد سليمان فرنجية".

وبسبب العقوبات انعدمت حظوظ باسيل السياسية، سواء في الحصول على حقيبة وزارية، أو تمثّيل رسمي للدولة، وأما الطموح برئاسة البلاد فقد بات من المستحيلات.

تشكيل الحكومة

أما عن آثار العقوبات على حزب التيار الوطني الحرّ، فيرى حجازي؛ أنّ باسيل انتهى سياسياً بعد انتفاضة 17 تشرين الأول، التي استهدفته شخصياً أكثر من كلّ السياسيين، وجاءت العقوبات لتختم بالشمع الأحمر على مستقبله السياسي، بجانب كراهية الكوادر في التيار له.

أما عن التيار الوطني؛ فيؤكد حجازي؛ أنّ قوة التيار تأتي من ميشال عون، وليس باسيل، ولذلك لن يتأثر التيار إلا بوفاة عون.

وكانت وسائل إعلام وسياسيون تحدثوا عن فرض عقوبات على باسيل قبل عدّة أشهر، وعن سبب تأجيلها، يقول المحلل السياسي اللبناني: شريف حجازي: "طلبت فرنسا من واشنطن تأجيل صدور قرار العقوبات على باسيل، كي تضغط على عون لتسهيل تشكيل الحكومة، والتوقيع على مرسوم التشكيل، ولأنّ موافقة عون مرتبطة بموافقة باسيل، الذي يسعى إلى العودة إلى المشهد من خلال التحكم في حصة الوزراء المسيحيين".

اقرأ أيضاً: بنان يسير إلى الخلف نحو المستقبل

ولا يتوقع حجازي أنّ تؤثر العقوبات على تشكيلة الحكومة بشكل كبير، وربما تأجل الإعلان عنها لعدة أيام، أو تدفع باسيل للتصلب أكثر، لكن هناك ضغوط فرنسية تُمارس على عون.

وذكر مقال للكاتب ملاك عقيل، منشور في موقع "أساس ميديا"؛ أنّ قرار العقوبات على جبران باسيل قديماً؛ وسبب التوقيت الحالي هو أنّ باسيل زاد من تصعيده ضد تشكيل الحكومة، وهي رسالة أيضاً للرئيس عون باتخاذ مسافة من حليفه حزب الله.

ومع الإعلان شبه الرسمي عن فوز جو بايدن بالرئاسة الأمريكية، ستبقى إدارة ترامب في السلطة حتى 20 من كانون الثاني (يناير) المقبل، وستتابع سياستها بفرض عقوبات على الشخصيات المرتبطة بحزب الله في لبنان، ومن بينها الشخصيات القريبة من الرئيس ميشال عون.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات بموجب قانون ماغنيتسكي على دول؛ مولدوفا وبلغاريا ولاتفيا وكمبوديا وصربيا وفنزويلا وغواتيمالا، وأخيراً لبنان.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية