هل تنجح واشنطن وحلفاؤها في وقف عسكرة مياه الخليج؟

هل تنجح واشنطن وحلفاؤها في وقف عسكرة مياه الخليج؟


21/04/2022

في ظلّ التهديدات المتواصلة التي تشكّلها طهران في مياه الخليج، وتأثيرات النشاط العسكري الحوثي باليمن على ممرات الملاحة الدولية، أعلنت البحرية الأمريكية، مؤخراً، تشكيل "قوة عسكرية بحرية جديدة متعددة الجنسيات" بهدف ملاحقة عمليات تهريب الأسلحة في المياه المحيطة باليمن، وكذا تهريب المخدرات والاتّجار بالبشر.

ما مهام القوة الأمريكية الجديدة؟

ووفق نائب قائد الأسطول الأمريكي الخامس، براد كوبر، فإنّ القوة العسكرية الجديدة التي بدأت مهامها، مطلع الأسبوع، تتمركز في باب المندب وخليج عدن، وتتولى ملاحقة سائر الأنشطة غير المشروعة، ومنها تهريب المخدرات والسلاح، مؤكداً أنّ "قوة المهام المشتركة 153" تقوم على "تعزيز التعاون بين الشركاء البحريين الإقليميين لتعزيز الأمن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن". وتابع: "المنطقة شاسعة للغاية، لدرجة أنّه لا يمكننا القيام بذلك بمفردنا".

كما أعرب الناطق بلسان البحرية الأمريكية، تيم هوكينز عن اعتقاده بأنّ "قوة المهام الجديدة ستعزز الأمن والاستقرار في المنطقة عبر تحسين التنسيق مع شركائنا الإقليميين".

ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء، عن قائد الأسطول الأمريكي الخامس، قوله: "هذه مياه مهمة من الناحية الإستراتيجية تستدعي اهتمامنا، وستتألف القوة مما يتراوح بين سفينتين وثماني سفن، وهي جزء من القوات البحرية المشتركة المكونة من 34 دولة، التي يقودها كوبر أيضاً، ولديها ثلاث فرق عمل أخرى في مياه قريبة تستهدف أنشطة التهريب والقرصنة".

المفكر اليمني عبده سالم: الصراع الإيراني الإسرائيلي "وهمي" هدفه تقاسم "الكعكة العربية" بين الطرفين

وفيما يتصل بالهجوم الحوثي على الإمارات والسعودية باستخدام الطائرات المسيّرة، قال كوبر: "سنكون قادرين على القيام بذلك (أي التصدي العسكري الحاسم للهجمات الحوثية) بشكل حيوي ومباشر أكثر مما نفعله اليوم".

وكانت الأمم المتحدة، قد وثّقت، منذ نهاية عام 2020، خمسة اعتداءات حوثية ضدّ سفن الشحن، إضافة إلى اختطاف سفينة الشحن روابي مطلع العام.

تهديد الملاحة الدولية

في 25 تموز (يوليو) عام 2018، هاجم الحوثيون ناقلة نفط مدنية في البحر الأحمر، غرب ميناء الحديدة، حسبما يوضح معهد واشنطن، وكانت السفينة (ناقلة نفط كبيرة جداً مزدوجة الهيكل ترفع العلم السعودي، وتحمل اسم "أرسان")، قد غادرت ميناء رأس تنورة، محملة بنحو مليوني برميل من النفط إلى مصر. ومنذ الهجوم، علّقت السعودية حركة ناقلات النفط عبر مضيق باب المندب، وسوف تستمر مثل هذه الإخلالات في تدفقات الطاقة العالمية إلى أن تغادر القوات الحوثية محافظة الحديدة الساحلية.

وعقّب وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، وقتذاك، على الحادث؛ بأنّ "السعودية ستعلّق جميع شحنات النفط الخام التي تمر عبر مضيق باب المندب... إلى أن يزداد الأمر وضوحاً، وتصبح الملاحة عن طريق باب المندب آمنة".

وثقت الأمم المتحدة، منذ نهاية عام 2020، خمسة اعتداءات حوثية ضدّ سفن الشحن، إضافة إلى اختطاف سفينة الشحن روابي مطلع العام الجاري

وبحسب المعهد الأمريكي، فإنّه بمقدور "الرياض استخدام خط الأنابيب السعودي "بترولاين" (الذي يتمتع بقدرة على نقل 5 ملايين برميل في اليوم) لتجنّب عبور المضيق وتسليم كمية الخام المتضررة، المتراوح عددها بين 500 و700 ألف برميل في اليوم، إلى الجهة الشمالية من مرافئ التصدير على البحر الأحمر في ينبع، لكن يبقى الواقع أنّ الهجمات التي شنها المسلحون الحوثيون المدعومون من إيران، ما تزال تعرقل حركة المرور في ثالث أهم مضيق للشحن في العالم بعد هرمز وملقا، في الوقت الذي حذرت فيه طهران من أنّ أيّة عقوبات تفرضها الولايات المتحدة على صادراتها النفطية ستدفع بها إلى وقف جميع صادرات النفط من الخليج العربي".

وفي حديثه لـ "حفريات"، يقول المفكر اليمني، الدكتور عبده سالم، إنّه في ظلّ الوضع الأمني والإقليمي الراهن، فالولايات المتحدة تستعد، بمشاركة حلفائها الإقليميين، لإطلاق أهم عملية أمنية إستراتيجية في العمق اليمني الآسيو-أفريقي، بينما تهدف هذه العملية، وفق الروايات المتداولة، مواجهة إيران والإرهاب، أي مواجهة إيران كدولة، والإرهاب كخلايا وجماعات.

ما بعد نووي إيران

كما تهدف العملية إلى الحيلولة دون حدوث ثمة اختراقات أمنية إيرانية لهذه المنطقة الحيوية، وفق سالم، وبما يضمن عدم تسرب أيّ أسلحة إيرانية لهذه المنطقة، سواء الأسلحة التي تصل إلى الميليشيات الحوثية في صنعاء، أو عمليات التهريب التي تستخدم اليمن ومضيق باب المندب كمنطقة عبور لإيصال الأسلحة الإيرانية إلى مناطق أخرى ذات صلة بالصراع الإيراني الإسرائيلي، وهو "صراع وهمي" عموماً،  بينما هدفه الأساسي تقاسم "الكعكة العربية" بين الطرفين.

ويؤكد سالم: "ستكون السواحل اليمنية ومضيق باب المندب وخليج عدن مناطق ارتكاز لهذه العملية، لا سيما أنّ أهمية موقع اليمن في باب المندب وخليج عدن بالنسبة لإيران تبدو كبيرة ومؤثرة، كونه يمثل خطّ الالتفاف البحري الممتد من السواحل الإيرانية المتاخمة لبحر عمان حتى خليج السويس وصحراء سيناء، حيث الجبهة الخلفية للصراع الذي تروج له إيران مع إسرائيل، وباعتبارها، كذلك، الجبهة البديلة للصراع مع الأخيرة في حال فقدت طهران الاعتماد على حزب الله في جنوب لبنان".

خط الأنابيب السعودي "بترولاين" يتمتع بقدرة على نقل 5 ملايين برميل في اليوم

وفي ظلّ هذا الوضع المعقّد والصعب، تصبح ميليشيات الحوثي كـ "طليعة مسلحة ومدربة" في اليمن، لجهة تنفيذ الأهداف الأمنية والسياسية والإقليمية لطهران، بحسب المفكر اليمني؛ إذ تستغل البنية التحتية العسكرية والأمنية في اليمن، والتي بإمكانها أن تمدّ هذه الجبهة المدعومة من إيران بالبشر والسلاح عبر البحر، مع الوضع في الاعتبار أنّ الحوثي لا يقلّ أهمية وفاعلية عن حزب الله في لبنان بالنسبة لنظام الملالي.

ومن ثم، فإنّ كلّ المؤشرات تفيد بأنّ ميزانية القوة البحرية العسكرية الأمريكية الجديدة، سوف تكون ميزانية ضخمة جداً، سواء في التسليح ونشر القوات، أو في مصاريف النقل، وفق المصدر ذاته، كما أنّ السلاح المستخدم سيكون السلاح الأمريكي، والقوات الأمنية الفاعلة هي قوات أمريكية، بالإضافة إلى قوى أمنية أخرى متعددة الجنسيات من دول حليفة.

المفكر اليمني عبده سالم لـ "حفريات": في ظلّ الوضع الأمني والإقليمي، تستعد الولايات المتحدة، بمشاركة حلفائها الإقليميين، لإطلاق أهم عملية أمنية إستراتيجية في العمق اليمني الآسيو-أفريقي

ومن جانبه، يقول مدير تحرير مجلة دراسات إيرانية الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانة)، الدكتور محمود حمدي أبو القاسم، إنّ إدارة بايدن تعمل على بلورة "صيغة أمنية" لطمأنة دول الخليج المنزعجة من عودة الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، ومشيراً إلى أنّ واشنطن تريد "استرضاء دول الخليج بعد مواقفهم غير الودية تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا، وعدم استجابتهم لرفع أسعار الطاقة".

ويتابع أبو القاسم حديثه لـ "حفريات": "تعالج هذه المبادرة أحد جوانب الخلل التي لم تنجح المفاوضات النووية إيجاد مقاربة سليمة له، أو إدراجه في محادثات فيينا، والمتمثل في سلوك إيران الإقليمي؛ إذ رفضت إيران مناقشة أيّة قضايا أخرى بخلاف الأمور الخاصة بالمشروع النووي، ومن ثم، أخذت الولايات المتحدة على عاتقها العمل على التصرف حيال سلوك إيران الخارجي، ودعمها للأنشطة المسلحة والتنظيمات العسكرية التابعة لها في المنطقة، بالإضافة إلى تهديدها للأمن الإقليمي، من خلال إيجاد صيغة فعالة للردع الحاسم والمباشر".

 ويرجّح أبو القاسم أن تكون تلك المبادرة التي أعلنت عنها البحرية الأمريكية، "بمثابة مؤشر على اقتراب موعد إعلان العودة للاتفاق النووي".

مواضيع ذات صلة:

إرهاب الحوثي ضد منشآت نفط السعودية.. رسائل إيرانية للغرب

متى تدرك واشنطن مغزى هجمات الحوثيين على السعودية؟

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية