هل فقدت إيران تأثيرها في العراق؟

هل فقدت إيران تأثيرها في العراق؟


23/08/2022

شهدت الساحة العراقية في الآونة الأخيرة تراجعاً كبيراً في التأثير الإيراني، فقد فشلت طهران في إنهاء الأزمة السياسية على الرغم من أنّ الإطار التنسيقي والأحزاب والميليشيات المنضوية تحت لوائه تابع بشكل أو بآخر لطهران.

أمّا مقتدى الصدر، فلا يشترك مع إيران حالياً إلا بشيعيته، حيث ظهرت معارضته للجمهورية الإسلامية في الكثير من المواقف؛ أهمها أنّه رفض لقاء قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، الذي وصفته مصادر عراقية متعددة بأنّه شخصية ضعيفة، وليس قادراً على حل الصراع على السلطة هناك، وفقاً لتقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

"وول ستريت جورنال" الأمريكية: مقتدى الصدر رفض لقاء قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني

وبالخصوص، قال المسؤول الكبير في تيار الحكمة الوطنية فهد الجبوري، وهو جزء من الإطار التنسيقي، في تصريح صحفي للصحيفة ذاتها: إنّ "إيران تقدّم لنا النصيحة، لكنّنا لا نستمع إلى كل النصائح التي تصلنا من طهران"، وقد تجنّب السيد الصدر الارتباط بالإيرانيين.

من جهته، قال إبراهيم الجابري الذي يرأس مكتب السيد الصدر في بغداد: "لا يمكن لإيران أبداً السيطرة على السيد مقتدى الصدر".

فهد الجبوري: إيران تقدّم لنا النصيحة، لكنّنا لا نستمع إلى كل النصائح التي تصلنا من طهران

وبحسب التقرير، يعكس عدم الرغبة في الارتباط بإيران قلقاً واسعاً داخل طهران، وهو تهديد محتمل لإستراتيجيتها للحدّ من نفوذ الولايات المتحدة في العراق، واستخدام أراضي جارتها ومجالها الجوي لنقل الأسلحة والإمدادات الأخرى إلى سوريا ولبنان وأماكن أخرى.

وردد المتظاهرون شعارات مناهضة لإيران، ويلقي العديد من العراقيين باللوم على طهران في تمكين الميليشيات القوية من مفاصل الحكم، ويُنظر إليها الآن على أنّها أجنحة مسلحة للفصائل السياسية الشيعية الموالية لها، وبالنسبة إلى الكثير من العراقيين فهي من تدعم الوضع الراهن الفاسد.

إبراهيم رئيسي يدعو التيارات السياسية الرئيسية في العراق إلى ضرورة الاتفاق في ما بينها على مخرج من المشاكل السياسية القائمة عبر الحوار والتفاعل

من جانبها، صعّدت الميليشيات الموالية لإيران من الأزمة؛ ممّا يزيد من احتمالية أن يتحول الصراع السلمي إلى أعمال عنف، وستكون الاشتباكات المسلحة بين الفصائل الشيعية المسلحة في العراق واحدة من أسوأ النتائج المحتملة لطهران، لكنّ محللين يقولون إنّ أي جهد إيراني واضح للتوجه نحو معارضي الصدر قد يشعل المواجهة.

وفي أحد تصريحات طهران العلنية القليلة حول مشاكل العراق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني: "إنّنا نتابع التطورات في العراق عن كثب وبقلق، ونحاول تقريب وجهات النظر المختلفة للفصائل العراقية من بعضها البعض"، لكنّ طهران نشطة وراء الكواليس، ووصل الضابط الإيراني إسماعيل قاآني إلى العراق في وقت سابق من هذا الشهر لإجراء محادثات لحل المأزق بحسب عضو كبير في الميليشيات العراقية، لكنّه لم يتوصل إلى أيّ حلول.

محللون: طهران لا ترغب في أن تتحول المعركة السياسية لمواجهة مسلحة، وتدرك أنّ اندلاع صدام مسلح بين شيعة العراق سيؤثر سلباً على مصالحها

وفي مؤشر على التهديدات التي تحيط بالمصالح الإيرانية من قبل الميليشيات الشيعية المسلحة التي تلوح بالحرب والاقتتال، دعا الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي التيارات السياسية الرئيسية في العراق إلى ضرورة الاتفاق في ما بينها على مخرج من المشاكل السياسية القائمة عبر الحوار والتفاعل.

ودعوة رئيسي، وفقاً لوكالة تسنيم الإيرانية، جاءت في اتصال هاتفي مساء الإثنين مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

وقال محللون نقلت عنهم وكالة "فرانس برس": إنّ طهران لا ترغب في أن تتحول المعركة السياسية بين التيار الصدري والإطار التنسيقي إلى مواجهة مسلحة، وأنّها وجهت على الأرجح الأحزاب الموالية لها بالعمل على حل الخلاف مع الصدر من خلال الحوار.

وتدرك إيران أنّ اندلاع صدام مسلح بين شيعة العراق سيؤثر سلباً على مصالحها، وأنّها تعمل في الوقت ذاته على كبح ميليشيات منفلتة تصرفت في أكثر من مرة دون الرجوع إليها، ممّا وضعها في موقف محرج.

هذا، ويشهد العراق منذ (11) شهراً صراعاً سياسياً، تحول فيما بعد إلى حراك شعبي بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، يتعلق بالاختلاف حول شكل الحكومة والشخصيات التي ستتسلم زمام الأمور فيها.

 

الصفحة الرئيسية