هل هيكلة جماعة الإخوان يعني تفتيتها أم تدجينها؟

هل هيكلة جماعة الإخوان يعني تفتيتها أم تدجينها؟


09/02/2022

رغم أنّ الصراع الإخواني – الإخواني يحمل في طياته النفوذ والمال والارتباطات الخارجية وبعض الرؤى الاستراتيجية للمرحلة السابقة، إلا أنّ مشروع الهيكلة وما يطلقون عليه (التطوير) هو البطل الرئيسي لما يدور الآن بين جبهة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير، وأمين الجماعة السابق محمود حسين.

ماذا يعني التطوير؟

من خلال رؤية جبهة محمود حسين فإنّ الهيكلة والتطوير تعني تدجين جبهة إخوانية تسلّم بالأمر الواقع وتتعامل مع النظام المصري الحالي، وحالة التخريب والتشظي ستساهم في الإسراع في الخطة، وهذا ما يفسر حجم التسريبات وارتباطها بالنزعة الشخصية والتشكيك في الذمم المالية وهو ما ينافي محاولات بناء سردية الطهرانية وفقدان حسن السمعة.

ووفق ما سربته مجموعة محمود حسين فإنّ ثلاثة مشاريع تحاول جبهة منير تمريرها على قدم وساق، وهي: فصل الفكرة عن التنظيم، والسياسي عن الدعوي، والداخل عن الخارج، وهذا سيتأتى عن طريق تشكيل خلية عمل لإدارة المرحلة تحيط بالنائب، وتكون بمثابة لجنة تحضيرية موازية لكل أعماله وقراراته، تضطلع بمهام مكتب الإرشاد ويكون من أولوياتها لمّ الشمل وإدارة الرابطة، وإنهاء التنظيم القديم كله بكافة تفاصيله (الحرس القديم)، والعمل على إنشاء مجلس شورى جديد، وهيئة جديدة تقوم مقام مكتب الإرشاد، ولجان فنية، ومؤسسات تنفصل عن إخوان الداخل، وبعدها الإعلان عن مرشد جديد.

وفق ما سرّبته مجموعة محمود حسين فإنّ ثلاثة مشاريع تحاول جبهة منير تمريرها على قدم وساق، وهي: فصل الفكرة عن التنظيم، والسياسي عن الدعوي، والداخل عن الخارج

على الجانب الآخر يرى منير والفريق المتجمع حوله أنّ السياسة التي تم اعتمادها عقب عام 2014 والتي كانت تعني اعتماد مبدأ المواجهة والنقاط المؤلمة للدولة المصرية يجب أن تتوقف عقب أن فشلت فشلاً ذريعاً، كما يجب البحث عن أية وسيلة تواصل مع النظام لتفعيل المصالحة وحل مشكلة المسجونين، وهذا كله لن يتأتى إلا بلمّ الشمل، وأن تعود الجماعة لسلميّتها، وأن يتنحى رجال الحرس القديم عن الواجهة.

دور أبو الفتوح في تدجين الجماعة

بحسب مصادر لصحيفة "SADA" المقربة من الجماعة فإنّ بعض أقطاب الجماعة المنشقين حاولوا صناعة جبهة إخوانية مدجنة وهادئة يمكن أن يقبلها النظام المصري، عبر التنسيق مع عبد المنعم أبو الفتوح، وتعددت زيارات سرية له، كان تتويجها بزيارته للندن عام 2018، لتفعيل هيكلة الجماعة، وذلك في اجتماع بتاريخ 8 شباط (فبراير) 2018 حضره كل من عضو التنظيم الدولي لطفي السيد علي، والفلسطيني عبد الرحمن محمد أبو دية، والقيادي حسام الدين عاطف الشاذلي، لوضع الخطوات التنفيذية وتحديد آليات التحرك، وتمكين أبو الفتوح من العودة للتنظيم، وزحزحة جيل 65 لتصبح الجماعة دعوية، تركز لمدة عشر سنوات في أمورها الفكرية الدعوية وتتوقف عن أي أنشطة سياسية أو "تحل".

أكدت الصحيفة المقربة من الجماعة أنّ المشروع قديم وطرحته قيادات التنظيم الدولي نهاية عام 2016، على القائم بأعمال مرشد الإخوان الدكتور محمود عزت (مقبوض عليه في آب/ أغسطس 2020)، فضلاً عن إبراهيم منير، ويوسف ندا، ومحمود حسين، وأنس التكريتي، بناءً على مجموعة من الدراسات البحثية التي تناولت إعادة تقييم المشروع الإخواني عامةً في ظل سقوطه المدوي، ومحاولة إعادة تصحيح موقف الجماعة، والسعي الى خلق تيار فكري، لكن تم تأجيل البت فيها لتعاد للواجهة من جديد.

اقرأ أيضاً: إحياء نشاط الإخوان في تركيا.. أين ذهبت وعود المصالحة؟

في نفس السياق نشر موقع "180 تحقيقات" المقرب من الإخوان مجموعة من الوثائق المسربة من مكتب إبراهيم منير، أهمها واحدة تتحدث عن استثمار الضغط المتواصل بالتشكيك في وجود القائم بالأعمال محمود عزت والدفع إلى التخلص منه باعتقاله لإتاحة الفرصة لآخر يحل محله، ثم فتح المجال لمرحلة تفاهمات جديدة وإجراء التغير المطلوب عن طريق مجموعة من الإجراءات أهمها: الضغط على النائب إبراهيم منير لإجراء انتخابات في تركيا، والاستفادة من حالة التشتيت التي يحدثها محمود حسين داخل المكتب في إعاقة الإنجاز، والعمل على تمكين محمد شرف، عضو المكتب الجديد، من العودة إلى المكتب لما له من تأثير في إخراج شعبة (بشاك) عن سيطرة مكتب تركيا.

اقرأ أيضاً: معلومات جديدة حول أكاديمية الإخوان في إسطنبول.. ما علاقة حماس؟

تحلل وثيقة أخرى بعض الشخصيات محل الخطة؛ حيث ذكرت أنّ محيي الدين الزايط، هو شخصية محورية في تنفيذ الخطة، فهو بمثابة الصندوق الأسود للنائب، ويحمل أهم ملفات المرحلة والاتصالات الدولية، وأما محمود حسين فهو مضغوط ببعض الملفات، وأهمها الملف المالي، وحلمي الجزار هو شخصية المرحلة، كما أنّ الجماعة تنقسم لفريق السمع والطاعة مثال (الحاج محمد البحيري)، فريق الشخصنة الذي له صدامات مع محمود حسين، فريق المواءمات الذي يخاف شبح الانشقاق، وأصحاب المواقف الشخصية مثل عصام تليمة، والمجمدون، والمستبعدون لأسباب مالية وأخلاقية.

في إحدى الوثائق أنّه لتنفيذ الخطة تم الاتفاق على تدشين قناة لهذا المشروع تحت اسم وجوه عربية "العربي حالياً"، وتم التوقيع بتاريخ 4/7/2013، وكان عناصر التنفيذ هم: جلال عبد السميع (صاحب شركة نيو ميديا ومؤسس موقع مصر العربية الإلكتروني)، إسلام لطفي، أحمد زين، ويعتبر عبد الرحمن محمد أبوديه مهندس الخطة، ورجل تمرير أموال الجماعة في أفريقيا.

المعركة حول التطوير تشتعل

عقب أن تم تسريب تلك الخطط تشظت الجماعة وأصبحت أربع فرق متصارعة أحدها يتبع محمود حسين، والآخر إبراهيم منير، والثالثة التابعون لمحمد كمال، والرابعة للذين اتخذوا موقفاً وسطاً أو انعزلوا عن الصراع الحالي.

اقرأ أيضاً: فصل مصطفى طلبة... ما مآلات قرار عزل مرشد إسطنبول؟

نشرت صفحة "الإخوان في تركيا" بموقع التواصل (تليجرام) أنّ هناك خطة للاستفادة من حالة التشتيت التي يحدثها (محمود حسين) داخل مكتب تركيا، والعمل على تمكين (جمال حشمت) من العودة إلي المكتب لما له من تأثير في إخراج شعبة باشاك عن سيطرة مكتب تركيا، والاستفادة من طبيعة مسؤول شعبة شيرين في تمكين مهندس أسامة سليمان، من إدارة الشعبة، وتفعيل توصيات الاجتماع الذي تم في منزل (محمود الإبياري).

الصراع الحالي داخل الجماعة لا يعني أنّ طرفاً حسمه لصالحه، ففريق الحرس القديم يرى أنّ بقاءه مرتبط ببقاء التنظيم، في المقابل يرى آخرون أنّ الهيكلة الجديدة يمكن أن تبعث الروح في الجماعة

نشر القيادي أحمد هلال في صفحته بموقع التواصل "فيسبوك" بعض بنود الاستراتيجية خلال الأيام المقبلة ومنها: اعتماد الإدارة بالإعلام عن طريق التسريب المستمر للخلافات، وبشأن القرارات التي يعتزم النائب إصدارها بهدف توجيه بوصلة اللجنة المعاونة للنائب وإعطاء الثقة، وإنشاء حسابات جديدة على السوشيال وتفعيل الحسابات، والترويج لتنظير(محيي الدين الزايط) بشأن فريق العنف وترويج بوستات يحيي موسى لمحاصرة القيادة القديمة بشأن الفشل السياسي للإخوان، ورسم صورة ذهنية جديدة للنائب كمصلح ومجدد، وتقديم (حلمي الجزار) كقائد للمرحلة.

المستقبل على المحك

بناء على ما سبق، فإنّ الصراع الحالي داخل الجماعة لا يعني أنّ طرفاً حسمه لصالحه، ففريق الحرس القديم يرى أنّ بقاءه مرتبط ببقاء التنظيم، وأنّ الأخير شيء مقدس لا يجب التفريط فيه، في المقابل آخرون يرون أنّ الهيكلة الجديدة، وتمكين جيل جديد من الشباب يمكن أن يبعث الروح في الجماعة، ويمكن أن يجعل ذلك النظام يقبل تدجينها الجديد، خاصة أنّ حالة التشظي أظهرتها بموقف الضعيف.

لذا فمن المتوقع وفق الرؤية التي كتبها القيادي الإخواني إبراهيم فودة، أولاً الضغط في اتجاه إقناع إبراهيم منير بالموافقة على مشروع التطوير كما هو مقدم إليه، وفي هذه الحالة الإبقاء عليه في موقعه كرمز تاريخي وتمرير المشروع تحت اسمه، وإن رفض فسيتم الإعلان عن حلمي الجزار كنائب لإبراهيم منير لفترة محدودة ثم إعلانه بعد ذلك كنائب للمرشد العام، مع إجراء بعض التعديلات على اللوائح والقوانين لنزع الصفة عن الداخل واستكمال هيكل مجلس الشورى العام ويكون جميع الأعضاء من الخارج، ثم الإعلان عن تشكيل حزب سياسي للجماعة وتعيين متحدث رسمي باسمه، وبعدها الإعلان عن الفصل الكلي بين الداخل والخارج واعتبار الإخوان في مصر تياراً شعبياً خدمياً يندمج في الحياة السياسية المصرية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية