هل يستفيد إخوان ليبيا من تعيين "الصلابي" أميناً عاماً لاتحاد علماء المسلمين؟

هل يستفيد إخوان ليبيا من تعيين "الصلابي" أميناً عاماً لاتحاد علماء المسلمين؟

هل يستفيد إخوان ليبيا من تعيين "الصلابي" أميناً عاماً لاتحاد علماء المسلمين؟


30/01/2024

مطلع شهر كانون الثاني (يناير) من العام الجاري تولت قيادات إدارية جديدة قيادة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، ومنهم القيادي الإخواني الليبي علي محمد الصلابي، في منصب الأمين العام للاتحاد، خلفاً لعلي القره داغي، الذي تولى منصب رئاسة الاتحاد.

وإلى جانب الصلابي، تولى الليبي ونيس المبروك منصب عضو في الأمانة العامة، ليصبح اثنان من الإخوان المسلمين في ليبيا عضوين في الاتحاد الذي يمثل علماء الإخوان في العالم، وهو الأمر الذي سينعكس على الإخوان في ليبيا، الذين ما يزال لهم نفوذ كبير في الحكم.

إخوان ليبيا

جاء اختيار الصلابي في منصبه وفقاً لقرارات الجمعية العامة للاتحاد، التي أدخلت تعديلات عديدة، قدمت العديد من الإخوان المسلمين من البلاد العربية في مناصب الاتحاد المهمة، بالتزامن مع الوقت الذي يشهد صحوة إخوانية على خلفية الحرب في غزة.

وفي اجتماع الأمانة الأول برئاسة الصلابي، أُجريت مراجعة شاملة للهيكلة التنظيمية السابقة، حيث تم التركيز على تحليل وتقييم الهيكل التنظيمي الحالي بهدف تحسين الفعالية وتحقيق الأهداف المرسومة. وتم التأكيد على ضرورة إعادة النظر في أماكن وأدوار اللجان المختلفة، بما في ذلك تحديد تخصصاتها وتطوير أدائها وفق أهدافها المرسومة وفقاً للتطورات والتحديات الحالية.

علي الصلابي بصحبة سيف الإسلام القذافي قبل 2011

لكنّ الصلابي الذي تمّ اختياره لهذه المهمة الكبيرة للاتحاد، يُتّهم أفراد من عائلته في ليبيا بالتربح من مناصبهم التي حازوا عليها، ومنهم علي سالم الصلابي أمين عام جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، التي تشكلت عام 1972 في ليبيا، ولديها استثمارات كبيرة من الأموال العامة التي خصصت لها.

كان لعلي محمد الصلابي دور كبير عقب سقوط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في العام 2011، فقد كان حلقة الوصل بين دولة خليجية ما تزال تقدّم الدعم وتستضيف قيادات الإخوان المسلمين، وبين مجموعات من المسلحين شكلوا ميليشيات استولت على السلطة في البلاد. 

 

جاء اختيار الصلابي في منصبه وفقاً لقرارات الجمعية العامة للاتحاد التي أدخلت تعديلات عديدة قدمت العديد من الإخوان المسلمين من البلاد العربية في مناصب الاتحاد المهمة

 

وبحسب ما نشره موقع (سكاي نيوز)، فإنّ الصلابي لعب دوراً كبيراً في ليبيا خلال الأعوام الماضية، وتردد منذ عام 2016 على مؤسسات بالخارج بهدف تدريب عناصر وقيادات إخوانية تم نقلهم فيما بعد إلى داخل ليبيا، علاوة على تسليحهم. وأوضح تقرير نشره موقع (نورديك مونيتور) الأوروبي المتخصص بدراسات الإرهاب والتحليلات العسكرية، مرفقاً بوثيقة مسربة من داخل تركيا، نشره الموقع، أنّ "الصلابي، أحد تلامذة يوسف القرضاوي، كان أحد الوسطاء الرئيسين الذين يوجهون الأسلحة والأموال إلى الجماعات المتشددة في ليبيا، وقد أدرجته بعض الدول العربية عام 2017 على قائمة تتبّع الإرهابيين".

وعمل إسماعيل شقيق علي الصلابي بالتعاون مع أخيه وقيادات الإخوان المسلمين والجماعة المقاتلة منذ العام 2011 للسيطرة على البلاد بالسلاح، ورفضوا في العام 2014 نتائج الانتخابات التشريعية التي خسر فيها التيار الإسلامي، وقاموا بالانقلاب على الديمقراطية، وإدخال البلاد في أزمة لم تخرج منها منذ ذلك الحين.

ويأتي اختيار الصلابي في منصبه الجديد في وقت تشهد فيه الأزمة في ليبيا انسداداً كبيراً، بعد مضي (3) أعوام من الإخفاق في الالتزام بموعد الانتخابات العامة الذي كان مقرراً في نهاية العام 2021. 

تزييف التاريخ

يقدّم الصلابي نفسه كمؤرخ مسلم، يعيد كتابة التاريخ بهدف إحياء مجد الأمة الإسلامية، وكشف الخداع والزيف الذي يملأ كتب التاريخ عن المسلمين، وسبيله في ذلك هو إصدارات تتناول كافة حقب تاريخ المسلمين، وفق وجهة نظر الإخوان المسلمين.

يُتهم الصلابي بلعب دور كبير في تأسيس الميليشيات في ليبيا

يُحصي أحد المواقع الإلكترونية لنشر الكتب (81) كتاباً، يمكن تحميلها إلكترونيّاً، للمؤلف علي محمد الصلابي، تتوزع ما بين التاريخ والعقيدة الإسلامية، وأغلبها في التاريخ الإسلامي. أمّا عن تحصيله العلمي، فقد حصل على درجة الليسانس من كليّة الدعوة وأصول الدين من جامعة المدينة المنورة عام 1993، ثم التحق بجامعة أم درمان الإسلامية في كليّة أصول الدين، قسم التفسير وعلوم القرآن، لينال منها درجتي الماجستير عام 1966 ثم الدكتوراه عام 1999، وهو من مواليد العام 1963 في مدينة بنغازي الليبية.

وخلال (20) عاماً ملأ الصلابي المكتبة العربية بعشرات المؤلفات في التاريخ الإسلامي، رغم أنّه لم يحصل على درجة علمية في تخصص التاريخ من إحدى الكليات المرموقة، بل كان تخصصه في العلوم الدينية، التي انطلق منها للتأليف في التاريخ. أمّا عن مؤلفاته، فإنّها لا تزيد عن كونها كتب وعظ، خالية من أيّ منهج علمي.

 

الباحث حسن حافظ لـ (حفريات): الصلابي لا يعتمد على منهج من مناهج الكتابة التاريخية، وهو صاحب أداة لتخريب وإفساد الكتابة التاريخية

 

كتب الباحث في التاريخ وليد فكري عن أحد كتب الصلابي التي تناول فيها سيرة محمد علي باشا، مؤسس الدولة الحديثة في مصر، بأنّ الصلابي يحاول القيام بمناورة تاريخية لربط محمد علي بالماسونية، فهو يقول إنّ نابليون كان ماسونياً، والدليل أنّه عندما غزا مصر خاطب المصريين بأنّه لا يرى فرقاً بين الناس إلا بالفضائل والعقل، ثم أُسِسَ المحفل الماسوني في عهد كليبر، وارتبط الفرنسيون بالشيخ حسن العطار الذي كان يزور المجمع العلمي، ثم في عهد محمد علي باشا ربطته علاقة قوية بالعطار. ويعلق فكري: "إذن فالنتيجة؛ محمد علي ماسوني! يا للعبقرية".

التلون والمصالح

يقول الباحث في التاريخ حسن حافظ: إنّ الصلابي لا يعتمد على منهج من مناهج الكتابة التاريخية، وهو صاحب أداة لتخريب وإفساد الكتابة التاريخية. وأوضح في حديثه لـ (حفريات) أنّ ما يفعله الصلابي هو مجموعة من الجرائم في حق الكتابة التاريخية والمنهج التاريخي وعلم التاريخ؛ كونه مشبعاً بأفكار جماعة الإخوان المسلمين التي تقوم على اختلاق تاريخ ليس له علاقة بما جرى على أرض الواقع من أحداث تاريخية. 

ولفت إلى أنّ الصلابي يختصر الأحداث التاريخية في رواية واحدة، بلا اشتباك أو محاولة لتحليل الأحداث السياسية والثقافية، ويعتمد على التفسير الديني من أجل تصوير الأشخاص المحسوبين على المذهب الرسمي للإسلام (مذهب السلطة) في صور مثالية، من وجهة نظر المدرسة الإخوانية في تشويه التاريخ، مقابل تشويه أيّ خصم تاريخي لهذه المنظومة الفكرية.

وبحسب الكاتب عمرو فاروق، فقد اتخذ علي الصلابي مواقف سياسية معارضة للنظام الليبي السابق بقيادة معمر القذافي؛ لكن سرعان ما تغير الأمر، إذ ارتبط بعلاقة وطيدة مع سيف الإسلام القذافي ضمن أعضاء مشروع "ليبيا الغد".

حسن حافظ: ما يفعله الصلابي هو مجموعة من الجرائم في حق الكتابة التاريخية

أصبح علي الصلابي حلقة الوصل بين نظام القذافي وبعض الجماعات المتطرفة، ممّا أدى إلى الإفراج عن أعضاء "الجماعة المقاتلة" من السجون الليبية، وعلى رأسهم القيادي الإرهابي عبد الحكيم بلحاج.
وتحول الصلابي بين ليلة وضحاها إلى ناشط في مؤسسة القذافي للتنمية، وأشرف عام 2009 على مسيرة الحوار مع "الجماعة الليبية المقاتلة"، الموالية لتنظيم القاعدة، للقيام بمراجعات فكرية داخل السجون، وخرج حينها الصلابي مع قادة الجماعة في مؤتمر صحفي، معلنين أنّ العقيد الراحل معمر القذافي "ولي أمر لا يجوز الخروج عليه، وإنّ الخروج على ولاة الأمر بالسلاح أمر محرّم شرعاً".
لكنّ علاقة الصلابي، التي توطدت مع النظام الليبي في فترة القذافي الأخيرة، وفتاواه بعدم الخروج على "ولاة الأمر"، سرعان ما تبخرت وتبدلت خلال اندلاع الاحتجاجات في ليبيا في شباط (فبراير) 2011، وكان من أوائل المنشقين عن نظام القذافي، والخارجين على فتاواه المذكورة، بحسب فاروق.

مواضيع ذات صلة:

ليبيا... هل يسعى باتيلي للتمديد لحكومة الدبيبة لمدة عامين؟

إخوان ليبيا وخطة العودة إلى نقطة الصفر بعد حل اللجنة المشتركة (6+6)




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية