هل يسعى إخوان الجزائر إلى زج الجيش في الصراعات السياسية؟

هل يسعى إخوان الجزائر إلى زج الجيش في الصراعات السياسية؟


01/08/2018

على وقع التخبط الذي تعيشه جماعة الإخوان المسلمين في العالم، صارت ازدواجية الأحكام لديهم ظاهرة، فبعد أن قاموا لسنوات طويلة بمهاجمة المؤسسة العسكرية، وناهضوا فكرة “تدخل الجيش بالسياسة”، غرّد إخوان الجزائر -حركة مجتمع السلم، المعروفة اختصارًا بـ”حسم”- هذه المرة خارج السرب الإخواني، حين طالب رئيس حركة “حسم” عبد العزيز مقري، الجيش الجزائري بالتدخل من أجل ما أسماه بـ”الانتقال الآمن” للجزائر سياسيًا واقتصاديًا.

دعوة مقري لاقت الكثير من الرفض الحاسم من قبل سياسيين جزائريين، بمن فيهم رئيس أركان الجيش، مما استدعى في النهاية نفيًا من حسم على لسان مقري، على الرغم من أن طلبه للجيش بالتدخل كان متلفزًا!

وكان ردّ نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، هو الأعنف، الذي اعتبر دعوة مقري بمثابة محاولة لزج الجيش بمتاهات حزبية وسياسية، وفي صراعات من أجل تحقيق مصالح شخصية ضيقة.

وأكد الفريق صالح أن “الجزائر بين أيد أمينة – أيادي ستتصدى بكل قوة وصرامة، لمن يسمح لنفسه بتعريض وطن الشهداء للفوضى، ولمكر الماكرين ولعب اللاعبين”، وقال: “الجزائر ليست حلبة صراع وسباق لمن هب ودب من أجل صيد الغنائم واقتناص المصالح الشخصية والذاتية الضيقة”.

دعوة عبد العزيز مقري فسرّها مسؤولون في الحزب الحاكم على أنها دعوة صريحة للجيش للتخلي عن مهامه الدستورية، التي تنص على عدم تدخله في الشأن السياسي، واعتبروها بأنها بمثابة تحريض للانقلاب على رئيس الجمهورية، خصوصًا أن مقري -في دعوته- حاول بث الشقاق بين رئيس الجمهورية وقادة الجيش عندما قال: “الوضع زاد تعقيدًا وغموضًا من خلال التغييرات الجذرية والإقالات والترقيات بالمؤسسة العسكرية والتحليلات التي رافقتها”.

واعتبر مراقبون تلك التصريحات خروجًا عن المألوف سياسيًا، عبر تحريض الجيش على رئاسة الجمهورية، من خلال ادعائه لوجود “ترقيات وإقالات” داخل الجيش مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة.

التناقض بين المدنية والعسكرية

دعوة مسؤول “حسم” عبد العزيز مقري، جعلت المهتمين بشؤون جماعات الإسلام السياسي يعقدون مقارنات بين إخوان الجزائر وإخوان مصر، حين حاولوا استخدام الجيش للوصول إلى السلطة، وعندما أدخلوا الجيش المصري في أتون الصراع الدائر في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، ثم تحالفوا مع المجلس العسكري، وصعدوا إلى سدة الحكم من خلاله، وفي الوقت ذاته حاولوا الزج بالجيش لقمع المعارضين، كما حدث في شارع محمد محمود، عندما بارك الإخوان تدخل الجيش ضد المتظاهرين، مما أدى للوقيعة بين المؤسسة العسكرية والشعب.

وعلى الرغم من دعوة الإخوان الدائمة “للمدنية”، ومناهضتهم للحكم العسكري، إلّا أن دعوتهم للجيش الجزائري بالتدخل في السياسة يأتي –بحسب مراقبين- لإحداث وقيعة مشابهة للتي حدثت في مصر.

إلّا أن الإخوان والإسلاميين في مصر - كما في أي دولة عربية من ليبيا إلى سوريا ومصر- الذين يعادون المؤسسة العسكرية والجيش الوطني، ويطلقون عليهم صفات مثل “حماة الطواغيت” و”الخونة”، وأطلقوا فتاوى الجهاد ضد تلك الجيوش، سرعان ما تدخلوا لدعم المرشح الرئاسي السابق “سامي عنان”، عندما قدم أوراق ترشحه، بعد صفقة اعترف فيها الإخوان بأنه تشاور معهم، على الرغم من خلفية عنان العسكرية، وعلى الرغم من كونه مرشحًا عسكريًا وليس مدنيًا!

فمحاولات زج الجيش في الصراعات السياسية، وتناقضاتهم المستمرة حول طبيعة دور الجيش في السياسة، يصفه مراقبون بأنه ضرب لعصفورين بحجر واحد؛ أولًا: بالتسلّق على الجيش من أجل الوصول للحكم كما حدث في مصر، وثانيًا: بعد فشل الوصول للحكم، يكون هدفهم إحداث فوضى وتصادم بين الجيش والمدنيين أو انقسام الجيش نفسه.


عن "كيوبوست"

الصفحة الرئيسية