هل يمكن وقف زحف إيران نحو النووي؟

هل يمكن وقف زحف إيران نحو النووي؟

هل يمكن وقف زحف إيران نحو النووي؟


21/06/2023

سلطت صحيفة "فاينانشال تايمز" الضوء على الدولة الإيرانية التي تسعى جاهدة إلى أن تصبح ضمن الدول المالكة للأسلحة النووية بأجهزة الطرد المركزي المتقدمة والمنشآت السرية التي غالباً ما تبقى عصية على مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متسائلة ما إذا كان من الممكن ردع مسيرة طهران نحو هذا الامتلاك الخطير.

إسرائيل حذرت من أنها ستفعل كل ما هو ضروري لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي

وقالت الصحيفة إنه "عندما انطلق مفتشان تابعان للأمم المتحدة إلى محطة فوردو النووية الإيرانية في يناير (كانون الثاني)، لم يعطوا نظرائهم الإيرانيين أي إشعار بالزيارة الوشيكة، وهذا ما تصفه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش الروتيني غير المقرر، والذي يهدف إلى منح الموظفين في واحدة من أكثر المنشآت سرية في طهران أقل وقت ممكن لإجراء أي تعديلات على المعدات".

وأضافت "بعد أن ارتدى المفتشون معاطف المختبر ونزلوا إلى فوردو، التي بنيت في أعماق جبل للحماية من القنابل الأمريكية أو الإسرائيلية، شعروا بقلق عميق، حيث ذكرت الوكالة أنه تم تكوين "سلسلتين" من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لتخصيب اليورانيوم بطريقة تختلف "بشكل كبير" عما أعلنته السلطات النووية الإيرانية للوكالة الدولية للطاقة الذرية".

تقدم برنامج إيران النووي

ولفترة وجيزة، دفع هذا الاكتشاف، إلى خلافات بين المفتشين والعلماء الإيرانيين، الذين أصروا على أن شيئاً لم يتغير، وعاد خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اليوم التالي، وارتدوا قفازات، وأمسكوا بمسحات وأكياس بلاستيكية، وأخذوا عينات من الغبار من المنطقة، والتي تم نقلها جواً إلى مقر الوكالة في فيينا، وفق "فايننشال تايمز".

وبعد أن فحص علماؤها الجسيمات، توصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى نتيجة من شأنها أن تصدم العالم الخارجي، حيث يتم تخصيب اليورانيوم الموجود في الغبار إلى درجة نقاء تصل إلى 83.7%، وهو أعلى مستوى تم اكتشافه في إيران. وتشير النتائج إلى أن طهران كانت أقرب من أي وقت مضى إلى امتلاك القدرة على إنتاج أسلحة نووية.

وكان هذا أحدث دليل على مدى تقدم البرنامج النووي الإيراني منذ انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب من جانب واحد من الاتفاق الذي وقعته طهران مع القوى العالمية، والمعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، في عام 2018.

وفي السنوات الخمس التي تلت ذلك، دخلت إيران في لعبة خطيرة من سياسة حافة الهاوية مع واشنطن، واليوم أصبحت إيران على وشك أن تصبح دولة نووية، بحسب التقرير.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، في جلسة استماع في مجلس الشيوخ في مارس (آذار) إن إيران "يمكن أن تنتج ما يكفي من المواد الانشطارية لسلاح نووي في حوالي 10-15 يوماً، ولن يستغرق الأمر سوى عدة أشهر لإنتاج سلاح نووي فعلي".

وبحسب الصحيفة، إنها أزمة جعلت الدبلوماسيين الغربيين يكافحون من أجل التوصل إلى خيارات قابلة للتطبيق لعكس أو على الأقل وقف التقدم، وسط مخاوف من أن المسار الحالي غير قابل للاستمرار والمخاطر التي تؤدي إلى اندلاع الصراع القادم في الشرق الأوسط.

إصلاح مؤقت

وفي الأشهر الأخيرة، استأنف المسؤولون في أوروبا والولايات المتحدة بهدوء المناقشات حول كيفية معالجة الأزمة.

كما التقى مسؤولون من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بالمفاوض النووي الإيراني علي باقري كاني، في أوسلو في مارس (آذار). ومن ناحية أخرى، قال باقري كاني إنه التقى بمسؤولين أيضاً هذا الشهر. 

وفي غضون ذلك، خرجت المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران من التوترات المتصاعدة في الربع الأول من العام، حيث قتل مقاول أمريكي على يد طائرة إيرانية من دون طيار في سوريا، وردت الولايات المتحدة بغارة جوية على منشأة يستخدمها الحرس الثوري الإيراني، ما أسفر عن مقتل مقاتلين موالين لإيران.

وبعد ذلك التبادل، تقول الصحيفة، حصلت الولايات المتحدة على مؤشرات من إيران بأنها مهتمة بالمناقشات لنزع فتيل التوترات، وأن الإيرانيين بدوا أكثر جدية، وفقاً لمصدر مطلع على الأمر.

وبعد محادثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عمان، والتي جرت في مايو (أيار)، أشارت إيران إلى استعدادها لاتخاذ خطوات نووية من شأنها أن تشير إلى أنها تتراجع إلى حد ما، كما يقول المصدر.

ولكن الولايات المتحدة أبلغت إيران بأنها ترى أي شيء يزيد عن 60% من التخصيب على أنه "مسيرة نحو التسلح"، كما يقول المصدر، مضيفا للصحيفة أن الولايات المتحدة أبلغت أن المضي في هذا الطريق سيؤدي إلى عواقب وخيمة.

قضية الأسرى

ويركز المسؤولون الأمريكيون في الوقت نفسه على تبادل محتمل للأسرى مع إيران، التي تحتجز 3 مواطنين أمريكيين مزدوجي الجنسية على الأقل، إذ التقى مبعوث الولايات المتحدة إلى إيران روب مالي، مرات عدة مع سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرافاني، لهذا الغرض.

ويقول دبلوماسي أجنبي كبير: "بالنسبة للأمريكيين، من المهم أن يحدث شيء ما بشأن السجناء والمسألة النووية في نفس الوقت تبادل الأسرى يمكن أن يساعد في إطلاق المفاوضات النووية".

ويعتقد عدد قليل من المسؤولين أنه لا يزال من الممكن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، التي وافقت إيران بموجبها على فرض قيود صارمة على نشاطها النووي ومراقبة صارمة للوكالة الدولية للطاقة الذرية مقابل تخفيف العقوبات.

وبدلًا من ذلك، فإن أفضل أمل كما يقول الدبلوماسيون، هو التوصل إلى اتفاق مؤقت لتخفيف بعض العقوبات مقابل خفض إيران لبعض أنشطتها النووية، ولكن دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس الأمريكي، أو إجراءات أخرى لخفض التصعيد.

ويقول هنري روما، وهو زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى للصحيفة، إن "الخطوات النووية الخطيرة للغاية" التي اتخذتها إيران ساعدت في توفير بعض الزخم لتجديد الدبلوماسية.

وأضاف أن اكتشاف الجسيمات المخصبة بنسبة 83.7% كان "دليلاً دراماتيكياً على المكان الذي يمكن أن تنتهي فيه الأشياء إذا لم يكن هناك بعض الجهد لخفض شرارة التوترات".

ولكن واقع المخزون الإيراني المتنامي من اليورانيوم عالي التخصيب يعني أن المخاطر تتزايد بشكل خطير، إذ يشعر مسؤولو البنتاغون بالقلق من التصعيد الذي يتسبب في تعثر الولايات المتحدة في صراع.

موقف إسرائيل

ومن جانبها، صعدت إسرائيل تحذيراتها من أنها ستفعل كل ما هو ضروري لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، ما أثار المخاوف بشأن ما إذا كانت ستخاطر بضرب إيران.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد إن بلاده "ستفعل كل ما نحتاج إليه للدفاع عن أنفسنا، بقواتنا، ضد أي تهديد".

ويقول مدير سياسة عدم الانتشار في جمعية الحد من التسلح كيلسي دافنبورت: "بالنظر إلى مدى تقدم برنامج إيران النووي، فإن طهران لديها مساحة صغيرة جداً للتصعيد من دون التعثر في الخطوط الحمراء الأمريكية والإسرائيلية"، مضيفاً "لا تزال هناك فرصة للحلول، لكن خطر سوء التقدير آخذ في الازدياد وسيستمر في النمو في غياب التحركات لخفض التصعيد".

ولكن ما الذي ستوافق عليه إيران، هو السؤال الذي كان يزعج الدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين بينما يجددون المناقشات حول القضية، حيث يقول مسؤول أوروبي: "نريد أن نعرف هل الإيرانيون على استعداد لفعل شيء لتهدئة الوضع؟ ماذا يريدون منا في المقابل؟ وهل نحن على استعداد لإعطائهم ما يريدون؟".

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك شكوك حول فرص التفاوض بنجاح على أي شيء أكثر من حل مؤقت في أحسن الأحوال، بالنظر إلى أولويات الرئيس الأمريكي جو بايدن، ومطالب إيران وعمق عدم الثقة بين الخصمين.

وقال حسين موسفيان، وهو مسؤول إيراني كبير سابق يعمل حالياً في جامعة برينستون، إنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فسيكون هناك تصعيد مع إيران بنسبة 90% من التخصيب، وسيؤدي بالغرب إلى فرض عقوبات جديدة وتعليق طهران عضويتها في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

ولكنه لا يزال يعتقد أن إيران مستعدة لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، أو التوصل إلى اتفاق "أقل مقابل أقل" تخفف فيه طهران التوترات وتغمض الولايات المتحدة أعينها عن صادرات النفط والبتروكيماويات.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية