هل ينبغي للعالم أن يتخلى عن "أطفال داعش"؟

هل ينبغي للعالم أن يتخلى عن "أطفال داعش"؟


01/12/2020

ترجمة: محمد الدخاخني

في تشرين الأوّل (أكتوبر)؛ قُتل صبيّ يبلغ من العمر 16 عاماً في روسيا برصاصةٍ قاتلةٍ، بعد أن أصاب شرطيّاً أثناء محاولته إضرام النّار في عددٍ من سيّارات الشّرطة، ولم يكن هذا أوّل صراعٍ تخوضه أسرته مع القانون؛ ففي عام 2001، أدين زوج أمّه بالسّجن 14 عاماً بتهمة الإرهاب بعد محاولته تفجير أنبوب غاز، وذلك على الأرجح ضمن مخطّطٍ لمنظّمة إسلامويّة.

ما الذي يجب فعله مع عشرات الآلاف من الأطفال المنتمين إلى تنظيم داعش الّذين ما يزالون في المعسكرات والسّجون في كلٍّ من العراق وسوريا؟

أضاف الحادث إلحاحاً جديداً لسؤال: ما الذي يجب فعله مع عشرات الآلاف من الأطفال المنتمين إلى تنظيم داعش الّذين ما يزالون في المعسكرات والسّجون في كلٍّ من العراق وسوريا، ورغم ذلك، ينشغل كلّ من ينخرط في قضايا إعادة السّجناء إلى أوطانهم، تقريباً، في استغلال الأطفال، الذين هم فعليّاً ضحايا العنف وعدم الاستقرار، للدّفع بأجندته الخاصّة قدماً.

من مخيم روج، حيث يأوي أفراد عائلات الأشخاص المتهمين بالانتماء لداعش، في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا

في تشرين الأوّل (أكتوبر)؛ أرسلت عدّة حكومات غربيّة، بما في ذلك السّويد وألمانيا، وفوداً إلى المعسكرات الموجودة في سوريا للتّحدث إلى رعاياها المسجونين حول ما إذا كانوا يريدون إعادة أطفالهم إلى أوطانهم، لكن لم توافق أيّة امرأة من النّساء الّلواتي تحدّثن إليهنّ، وعلى حساباتهنّ على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وفي قنواتٍ على تطبيق تلغرام، قالت كثيرات منهنّ إنّهنّ قد اتّخذن قراراتهنّ هذه من أجل رفاهية أطفالهنّ، حيث يجب أن يكون الأطفال على مقربةٍ من أمهاتهنّ، لكن في السرّ، عبّرن أيضاً عن قلقهن من أنّ السّماح للأطفال بالعودة إلى الأوطان يعني نسيان الحكومات للأمّهات أنفسهنّ وتركهنّ في المعسكرات، وهنّ لسن على خطأ في ذلك؛ ففي مقابلات معهم، أشار العديد من المسؤولين الحكوميّين الغربيّين إلى أنّ هدفهم الرّئيس هو إعادة الأطفال، فهم يعتقدون أنّه من الآمن القيام بذلك، والرّأي العام يؤيّد مثل هذه المبادرات، وكانوا أقلّ قلقاً بشأن ما سيحدث للنّساء بعد ذلك.

معسكرات اعتقال المنتسبات إلى داعش

وحتّى إن وافقت النّساء الّلاتي تحدّثت إليهنّ الوفود الحكوميّة على إعادة أطفالهنّ، فما يزال من غير المؤكّد حدوث ذلك، وتكمن السّياسة الرّسميّة لقوّات سوريا الدّيمقراطيّة، التي تُشرِف على العديد من معسكرات اعتقال المنتسبات إلى داعش، في أنّه يحقّ فقط للأيتام والحالات الطبيّة فقط (الأطفال المرضى بصُحبة أمهاتهم) العودة إلى أوطانهم، وتقرّ أمّهات بمحاولتهنّ التّظاهر بأنّ أطفالهن أيتام، لكن تمّ كشف بعضهنّ على الأقلّ، وفي مقابلة، قالت إحدى النّساء إنّه تمّ إخطار النّساء أنّهن إذا حاولن القيام بذلك مرّةً أخرى، فسيتمّ نقل أطفالهنّ إلى دورٍ للأيتام في سوريا عوضاً عن ذلك، وبالنّسبة إلى قوّات سوريا الدّيمقراطيّة؛ فإنّ السّيطرة على العديد من الأجانب، لا سيّما الأطفال، داخل المعسكرات من المحتمل أن تمنح القوّات مكانةً أقوى في المفاوضات مع الحكومات المحليّة للنّساء.

هؤلاء أطفال، ولا ينبغي للعالم أن يتخلّى عنهم، فهم معرّضون بالفعل لخطر أن يصبحوا الوجه الجديد لداعش

لكن، حتّى الأيتام الحقيقيّين لا تتمّ إعادتهم بسهولة، لقد استخدمت النّساء الأيتام لابتزاز أجدادهم في الوطن، قائلين إنّه إذا دفع الأجداد فدية، فإنّهم سوف يتمكّنون من إعادة أحفادهم إلى الوطن، وفي إحدى الحالات التي ذكرتها عدّة نساء في المعسكر تتعلّق بمنتسبةٍ شيشانيّةٍ لداعش تبلغ من العمر 56 عاماً، وتُعرف باسم خديجة، وهي مسجونة في مخيم الهول، أخفت، لعدّة أشهر، أربعة أيتام روس حتّى لا تتمّ إعادتهم إلى وطنهم، وصرّحت علناً بأنّها لا تريد أن يكبر الأطفال في دولةٍ غير مسلمة مع أجدادٍ تعتبرهم غير مسلمين، لكن في الوقت نفسه؛ ورد أنّها أخبرت أقارب كلّ يتيمٍ بأنّها ستعيد الأطفال إذا دفعوا مقابل تهريبها إلى تركيا، وتركت الأطفال يذهبون بعد أن طلب منها مقاتلو داعش ذلك، وبعد أن هدّدها أنصار الجماعة في الخارج بالتّوقّف عن إرسال الأموال الّتي كانوا يقدّمونها لرعايتها، ووفق أفراد الأسرة ومسؤولي المخيم الآخرين، لم تكن هذه الحالة فريدة من نوعها.

الطفل وأمه الداعشية

حتّى في الحالات النّادرة الّتي يُعاد فيها طفل مع أمّه المنتسبة إلى داعش، قد يظلّ الطفل قيد الاستغلال؛ ففي إحدى الحالات في آسيا الوسطى، زعمت أمّ أعيدت مع طفلها زوراً بأنّ والد الطفل كان رجلاً من عائلةٍ ثريّةٍ ومات في سوريا، وعلمت مخابرات بلادها أنّها تكذب؛ فقد كان الرّجل يقاتل في منطقةٍ مختلفةٍ قبل تسعة أشهر من ولادة الطفل، وكما قال مسؤول في مقابلة؛ فإنّهم قد ناقشوا على مدار عامٍ تقريباً ما إذا كان يجب قول الحقيقة لجدّ الطّفل المزعوم أم لا.

سؤال "ما الذي يجب القيام به مع أطفال مقاتلي داعش؟" مهمّ

إنّ سؤال "ما الذي يجب القيام به مع أطفال مقاتلي داعش؟" مهمّ، ليس فقط من منظورٍ إنسانيٍّ، لكن أيضاً من وجهة نظرٍ أمنيّة؛ ففي البلدان ذات التّاريخ الطّويل من التّمرّد، نجد أنّ حالات انضمام الأطفال إلى آبائهم وأمّهاتهم في القتال ليست نادرة، وبينما ما تزال غالبيّة البلدان تحاول إبقاء الأطفال مع أمّهاتهم المردكلات، فإنّ بعض البلدان تفعل العكس، على أمل درء توارث الأطفال للمعتقدات الرّاديكاليّة.

اقرأ أيضاً: أطفال داعش.. هل تمّ استثناؤهم من اتفاقية حقوق الطفل؟

 على سبيل المثال؛ في طاجيكستان، الّتي شهدت مؤخّراً حرباً أهليّة دامية، تمّ وضع الأطفال المنتمين إلى داعش والعائدين من العراق وسوريا في دورٍ للأيتام.

في الوقت نفسه، هؤلاء أطفال، ولا ينبغي للعالم أن يتخلّى عنهم، فهم معرّضون بالفعل لخطر أن يصبحوا الوجه الجديد لداعش، أو أيّة جماعة تتبعها، وكلّما تخلّى العالم عنهم، زاد احتمال شعورهم بأنّه ليس لديهم خيار آخر، وهذا هو السّبب في أنّ العودة إلى الوطن، مع الاهتمام الدّقيق بتفكيك الرّدكلة وإعادة الإدماج، تُعدّ شيئاً أسياسيّاً.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

فيار ميرونوفا، "فورين بوليسي"، 25 تشرين الثّاني (نوفمبر) 2020



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية