هل ينجح ميقاتي في إصلاح ما يفسده حزب الله في لبنان؟

هل ينجح ميقاتي في إصلاح ما يفسده حزب الله في لبنان؟


13/12/2021

المهمّة لا تبدو سهلة بالنسبة إلى رئيس الحكومة الجديد نجيب ميقاتي، منذ توليه الحكومة في عملية ولادة متعثرة في أيلول (سبتمبر) الماضي، لكنّ التجربة أثبتت أنّ الواقع أسوأ ممّا كان متخيلاً، في ظلّ أزمات متجددة يفجّرها حزب الله اللبناني في وجه ميقاتي، الذي لا يكاد يفكك واحدة حتى تظهر أخرى.

وكان ميقاتي قد أعلن صراحة تعويله على الخليج، ورغبته في إعادة لبنان إلى "الحضن العربي" عند توليه المسؤولية، وهو الأمر الذي لم يعجب إيران وذراعها في لبنان حزب الله، فلا يكفّ الأخير عن إثارة الأزمات مع الخليج، من السعودية إلى الكويت وأخيراً البحرين.

اقرأ أيضاً: حزب الله إذ يساعد ماكرون كي يصبح "بطل لبنان الخارق"

وقد تفجّرت مؤخراً أزمة بين البحرين ولبنان، إثر استضافة لبنان مؤتمر جمعية "الوفاق" البحرينية، ينتقد فيه حالة حقوق الإنسان في البحرين خلال الفترة من 2019 إلى منتصف العام 2021، وهو ما أثار استياء وغضب البحرين، وتوجّهت بخطاب شديد اللهجة إلى الحكومة اللبنانية، كما تقدّمت بمذكرة إلى جامعة الدول العربية.

من جانبه، سارع رئيس الحكومة اللبنانية بإصدار بيان يفتح فيه تحقيقاً في الواقعة، ويؤكد على العلاقات القوية مع البحرين. وقال ميقاتي: إنّه "تبلغ من معالي وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب مضمون الكتاب الذي وجهته وزارة الخارجية في مملكة البحرين، وتضمّن احتجاجاً رسمياً على عقد مؤتمر صحافي في بيروت تضمّن إساءات إلى مملكة البحرين".

اقرأ أيضاً: حزب الله وحلفاؤه في اختبار "مزعج" للشعبية... فهل يتجنبونه بعرقلة الانتخابات؟

وأضاف أنّه "أحال الكتاب بشكل عاجل إلى السلطات المختصة، طالباً التحقيق الفوري في ما حصل، ومنع تكراره، واتخاذ الإجراءات المناسبة وفق القوانين المرعية الإجراء"، بحسب ما نقله موقع "روسيا اليوم".

تفجّرت مؤخراً أزمة بين البحرين ولبنان، إثر استضافة لبنان مؤتمر لجمعية "الوفاق" البحرينية، ينتقد فيه حالة حقوق الإنسان في البحرين خلال الفترة من 2019 إلى منتصف العام 2021

وتابع أنّه "يشجب بقوة، ويدين التطاول على مملكة البحرين، قيادة وشعباً، ويرفض التدخل في شؤونها الداخلية، والإساءة إليها بأيّ شكل من الأشكال"، معرباً عن رفضه "استخدام لبنان منطلقاً للإساءة إلى مملكة البحرين والتطاول عليها، مثلما يرفض الإساءة إلى الدول العربية الشقيقة، ولا سيّما دول مجلس التعاون الخليجي".

وشدّد على "حرصه على العلاقات التاريخية الوطيدة بين لبنان ومملكة البحرين"، مؤكداً أنّ "ما يربط بينهما أعمق من تصرف خاطئ لا يعبّر عن رأي الشريحة الأكبر من الشعب اللبناني، التي تكنّ للبحرين كلّ المودة والمحبة والاحترام".

ومن غير المتوقع بالنسبة إلى المتتبع لسجل "التحقيقات اللبنانية" في الحوادث والوقائع المثيرة، أن تسفر عن أيّ نتيجة، وتتوجّه أصابع الاتهام مباشرة إلى حزب الله، في ظل العلاقة التي تربطه بجمعية الوفاق، إذ تُعدّ إحدى أبرز الأذرع الإيرانية في البحرين، وسبق أن شاركت الجمعية في حفل تنصيب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قبل شهور.

 

اقرأ أيضاً: بعد دول أوروبية وأمريكا... أستراليا تضيق الخناق على حزب الله

وقبل أسابيع، تسبب حزب الله أيضاً في توتر في العلاقة بين لبنان والكويت، بعد توقيف الأخيرة خلية مكوّنة من (8) أشخاص، قاموا بتحويل مبالغ مالية كبيرة إلى حزب الله، وبناءً عليه أوقفت الكويت تأشيرات اللبنانيين أو التحويلات إلى لبنان.

 

اقرأ أيضاً: الرئيس اللبناني ينحاز إلى حزب الله في أزمة الخليج

وتُضاف هاتان الأزمتان إلى الأزمة الكبرى التي كانت قد شهدت تحسناً نوعياً بتدخل فرنسا، أي الأزمة مع السعودية، التي لعب حزب الله دوراً في إذكائها على مدار أسابيع بالتصريحات المحرّضة من جهة، ومساندته لوزير الإعلام جورج قرداحي من جهة أخرى.

ويفترض أن يزور ميقاتي السعودية في الأيام المقبلة، غير أنّ الأزمة الأخيرة أثقلت حقيبته، وأضعفت موقفه في محاولة تصحيح الأوضاع مع الخليج، إذ تظهر حكومته في موقف الضعف، وعدم القدرة على تحجيم حزب الله ونفوذه، وإرباكه للمشهد اللبناني، علماً بأنّ الحكومة نفسها تفشل في عقد اجتماع لمناقشة أزمات لبنان الملحّة والمتزايدة؛ بسبب رفض حزب الله وحليفته حركة أمل حضور أي اجتماع، على خلفية أزمة المحقق في انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار.

في غضون ذلك، شنّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط هجوماً شديداً على حزب الله، وقال جنبلاط: "إنّ حزب الله، أو إيران من خلال حزب الله وحلفائها في الداخل، أخذوا لبنان إلى غير موقعه الطبيعي، والذي يناقض جوهر وجوده ومفهومه الأصيل، وللأسف فقد بات لبنان في جانب مناقض تماماً للعروبة، وفي غير فضائها، لكن هذا هو الواقع الإقليمي اليوم، وهو لن يدوم.

 

اقرأ أيضاً: العواصم تصنف حزب الله منظمة إرهابية وأمينه العام يحرره بالبلاغة

وأعرب جنبلاط، خلال تصريحات لصحيفة البلاد السعودية، عن خشيته من انزلاق البلد نحو المجهول، سواء أردنا تسميته الجحيم، أو ما شابه، والخوف من أن يذهب لبنان نحو مزيد من التدهور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والمعيشي، مشيراً إلى ضرورة الابتداء بالإصلاح وفق برنامج وجدول الأعمال الذي وضعته وتشرف عليه المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، ولا بدّ من الخطوة الأولى، وهي أن تجتمع الحكومة.

 

محلل سياسي: استضافة مؤتمر جمعية الوفاق البحرينية في لبنان يمثل إصراراً من قبل ميليشيات حزب الله على تحويل البلاد إلى ساحة صراعات تحارب فيها إيران دول الخليج، وتصفي حساباتها.

 

وفي سياق قدرة الحكومة الحالية على اتخاذ القرارات المنقذة للبلاد، وإن كان لها مستقبل تنفيذي على الأرض، قال جنبلاط: لكن لا بدّ لها أوّلاً أن تجتمع كي تضع البرنامج، وهو في الأصل موجود، والمشتمل على الإصلاح في قطاع الكهرباء، والمصارف وتوحيد الأسعار والخسائر، فهنالك (3) أرقام للعجز يجب توحيدها، ولدينا أيضاً موضوع البطاقة التموينية، وهي من البنود المهمّة، وبالتأكيد هي تستطيع، لكن هنالك من يمنع، ومن يعرقل.

 

اقرأ أيضاً: باسيل مدافعاً عن حزب الله والنظام الإيراني: لبنان ليس محتلاً

وحول قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها لناحية تطبيق القرارات الدولية، وما رشح عن القمة السعودية ـ الفرنسية، تساءل جنبلاط: "من منّا لا يحلم بدولة تكون إمرة السلاح فيها بيد الدولة والمؤسسات الشرعية فقط؟ ففي كلّ الدول الحضارية تكون إمرة السلاح فيها بيد الدولة، وليس بيد فئات أخرى، فالسلاح يجب أن يكون بيد الجيش والقوى الأمنية، إلّا في لبنان، وللأسف، في العراق، وهذا هو شواذ محور الممانعة".

من جانبه، يعتبر المحلل السياسي ميشال بوصعب أنّ استضافة مؤتمر جمعية الوفاق البحرينية في لبنان يمثل إصراراً من قبل ميليشيات حزب الله على تحويل البلاد إلى ساحة صراعات تحارب فيها إيران دول الخليج، وتصفي حساباتها على الأراضي اللبنانية، بغضّ النظر عن الظروف المأساوية التي يمرّ بها البلد، لافتاً إلى أنّ استقالة قرداحي كان من الممكن أن تساعد في تخفيف التوتر بين لبنان ودول الخليج، إلا أنّ هذا التصرف غير المسؤول سيعيد الأمور إلى أسوأ ممّا كانت عليه سابقاً.

 

اقرأ أيضاً: "حزب الله" يواجه مصير التنظيمات التي خنقتها قوّتها

وأضاف بوصعب، بحسب ما أورده "مرصد مينا"، أنّ حزب الله أراد إفشال زيارة رئيس الحكومة اللبنانية المقررة إلى السعودية خلال الأيام المقبلة، وذلك من خلال استضافة المعارضة البحرينية المدعومة إيرانياً، لافتاً إلى أنّ مثل هذا التصرف لا يمثل تهديداً للبحرين فحسب، وإنّما للأمن القومي الخليجي والعربي ككل.

 

اقرأ أيضاً: أستراليا تصنف حزب الله منظمة إرهابية... وهذه كواليس القرار

ويتساءل بوصعب عن أسباب إقامة المؤتمر في لبنان، وليس في إيران، وهي التي تمثل الراعي الرسمي لتلك المعارضة، معتبراً أنّ الهدف الأساسي من ذلك المؤتمر هو إفشال أيّ خطوات تقارب بين الحكومة اللبنانية ودول الخليج، على اعتبار أنّ ذلك سيحدّ من النفوذ الإيراني، ويساعد على تجاوز الأزمات الاقتصادية والسياسية الناجمة عن اختطاف حزب الله للبلاد، وزجّها في معارك طهران.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية